وسط تخوّفاتٍ من تكرار أحداث سنجار في سوريا
مجزرة جديدة في المبعوجة
محمد همام زيادة
تكرّرت اعتداءات تنظيم داعش مؤخراً على منطقة ريف حماة الشرقيّ بشكلٍ عامٍّ، وعلى منطقة سلَمية على وجه الخصوص، كان آخرها المجزرة المروّعة في قرية المبعوجة، والتي قتل فيها عشرات المدنيين العزّل، وسط حالة قلقٍ عامةٍ نتيجة عدم وجود أية قوّةٍ فعالةٍ تحقّق الأمان والحماية للمدنيّين في وجه هذه الهجمات
المجزرة بلسان أقارب الضحايا
تواصلت مجلة "صوَر" مع عددٍ من أهالي المنطقة ومع ذوي الضحايا، والذين أجمعوا على أنّ "بداية الحكاية كانت عندما هاجم عناصر من التنظيم الإرهابيّ حاجزاً للدفاع الوطنيّ التابع للنظام ليلاً، قُتل فيه عددٌ من عناصر الحاجز وفرَّ الباقون، إضافةً إلى مهاجمة حواجز أخرى فرَّ عناصرها وتركوا أهالي القرية يواجهون مصيرهم".
يقول أشرف، قريب أحد الضحايا: "سمعت من بعض الناجين كيف أن عناصر داعش تلقوا أوامر بقتل أيّ مواطنٍ يظهر في طريقهم من أية طائفةٍ كان. حصيلة المجزرة أكثر من 10 حالات خطفٍ لمدنيين بينهم نساء، إضافةً إلى مقتل 47 شخصاً موثقين بالاسم، منهم عائلاتٌ كاملةٌ تمّ إحراقها، بينهم أطفالٌ ونساء."
ويضيف أشرف: "ما زال المعتقلون موجودين لدى داعش، ولم تفلح جميع الاتصالات في إطلاق سراحهم. هناك تخوّفاتٌ من تحوّل المنطقة إلى سنجار سوريا، باعتبار أن المنطقة خاصرةٌ رخوةٌ بإمكان داعش السيطرة عليها، مع تواطؤ أو تخاذل النظام."
اعتداءات متكرّرة
لم يكن هذا الهجوم هو الأوّل من نوعه، فقد قام التنظيم بمهاجمة القرى في المنطقة أكثر من مرّة، وهي قرىً فقيرةٌ أغلب سكانها من المزارعين. كما يواصل التنظيم استهداف المدنيين بالقصف العشوائيّ، وقد تسبّب صاروخان سقطا في وسط سلَمية مؤخراً في مقتل ما يزيد عن 6 مدنيين وجرح العشرات.
وتسود حالة خوفٍ عامّةٌ عند الأهالي، خصوصاً في مدينة سلَمية، من هجومٍ كبيرٍ يؤدي إلى سيطرة التنظيم عليها، وتهجير سكانها، كما حصل في منطقة سنجار بالعراق.
تقول أم أحمد لمجلة "صوَر": "أصبحت حياتنا صعبةً، ننام على الشائعات ونستيقظ عليها، ولا أحد يعرف الحقيقة. نفكر جدياً في بيع بيتنا والانتقال إلى دمشق أو إلى مدينة حماة، لعلها أكثر أمناً من داعش والشائعات بقرب هجومها علينا."
كما يعاني الكثير من شباب سلَمية من حصارٍ خانق، فالعديد منهم ملاحقٌ من قبل النظام وفي حال انتقاله إلى الأرياف المجاورة تعتقله داعش.
يتحدّث الناشط خالد السلموني عن الوضع قائلاً: "لا يستطيع الشباب التنقل بين القرى خوفاً من الخطف أو القتل على يد تنظيم داعش. وهناك المئات من شباب المدينة، من المتخلفين والمطلوبين للخدمة العسكرية، غير قادرين على السفر والتنقل حتى إلى مدينة حماة المجاورة، خوفاً من اعتقالهم على يد حواجز النظام."
ويضيف: "لا يعرف الكثير من الشباب ماذا سوف يفعلون، النظام يريد جرّهم إلى الخدمة الإلزامية، وداعش ستقتلهم. كلّ ذلك في ظلّ حالة بطالةٍ كبيرة، وارتفاعٍ جنونيٍّ في الأسعار".
قوّات النظام غير قادرةٍ على حماية المدنيين
إضافةً إلى الفروع الأمنية، تنتشر في سلَمية وريفها ميليشيا الشبّيحة وجيش الدفاع الوطنيّ من أبناء المنطقة، وأغلبهم كانوا عاطلين عن العمل وجنّدتهم قوّات النظام في بداية الثورة لقمع المظاهرات السلمية.
يصف خالد السلمونيّ هؤلاء العناصر بأنهم "غير قادرين على استخدام السلاح لحماية المدنيين، وغير مدرّبين، جُنّدوا لقمع الناس والاعتداء عليهم في المظاهرات. وقد أثبتت التجربة صحّة هذا الكلام، فكلما اقترب داعش من قريةٍ ما يكون جيش الدفاع الوطنيّ أوّل الهاربين."
فيما يتهم السلمونيّ النظام بالتخاذل عن الدفاع عن المدنيين، فيقول لـ"صوَر": "في العام الماضي توجّه وفدٌ من المنطقة، مؤلّفٌ من مسؤولين سابقين ومؤيّدين للنظام، قابلوا اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الدفاع الوطنيّ، وأحد أعمدة النظام الرئيسيين، وطلبوا منه إرسال قطعاتٍ عسكريةٍ لحماية المدنيين، فقال لهم بالحرف: أرسلوا أبناءكم إلى الجيش وجيش الدفاع الوطنيّ. كل ولاد الوطن عم يضحّوا، وما حدا أغلى من حدا".
ويبدي السلمونيّ تخوّفاتٍ كبيرةً من المستقبل، إذ يقول: "المنطقة خاصرةٌ رخوةٌ، والجيش الحرّ غير قادرٍ على حمايتنا، والنظام متخاذلٌ، وداعش دائماً تنتهز الفرص وتقتحم المناطق الضعيفة. أتمنى ألا يكون مصير سلَمية كمصير سنجار في العراق."
تغطية إعلامية مرتبكة
شهدت التغطية الإعلامية لأحداث قرية المبعوجة حالة ارتباكٍ وتخبّطٍ، وخصوصاً في البداية. وانتقد كثيرٌ من النشطاء تغطية وسائل الإعلام الثورية للمجزرة، والتي اتهمت أغلب الضحايا بأنهم من الشبّيحة وميليشيا جيش الدفاع الوطنيّ.
فقد نشرت قناة أورينت نيوز في خبرها العاجل الأوّل: "مقتل 50 عنصراً للنظام بعد سيطرة تنظيم الدولة على قرية المبعوجة في ريف حماة الشرقيّ."
كما ذكر حسين العمر، المراسل في مركز حماة الإخباريّ، في تصريحٍ له على قناة الأورينت، أن المعلومات التي وصلت إليهم من مصادرهم تفيد بأن القتلى هم من الشبّيحة.
وكان عنوان الخبر الأوّل لموقع كلنا شركاء عن الحادثة: "داعش يسيطر على أكبر قلاع النظام في ريف سلَمية"، معتمداً على "وكالة الاتحاد للأنباء المحلية"، والتي يديرها عددٌ من الناشطين، قبل أن يتبعها بمادّةٍ تكشف ما حدث في القرية نقلاً عن شهود عيان.