تجسيد الإعلام لوظائفه الأساسية وفق الدور المنوط به مهنياً
حسين خليل
يجري تحديد وظائف الإعلام أكاديمياً وتاريخياً على أنه منطوٍ على وظيفتين أساسيتين هما الإعلام أي الأخبار وتقديم المعلومات الصحيحة، والتفسير أي تحليل المعلومات التي تنطوي على غموض أو تحتاج إلى تفسير إضافي، بما يعني أيضاً الحق في طرح الآراء والمواقف، والاتجاهات للتأكيد في قناعات الأفراد والجماعات.
إن نقل المعلومات بصورة مغلوطة أو التلاعب بها والتستر على بعض جوانبها يشكل انتهاكاً لحرية المواطن في التعرف على حقوقه ومنها حق الوصول للمعلومات الصحيحة.
كما يضفي الأداء الديمقراطي السليم على أداء الصحفي والمؤسسة لهاتين الوظيفتين بعداً رقابياً إيجابياً، فالكشف عن الحقائق والأخطاء والسلبيات التي يعتري عمل وأداء المؤسسات المعنية بحماية المواطن وتقديم الخدمة له، وتلبية حقوقه، تؤدي إلى تصحيح هذه الأخطاء قبل استفحالها، وإلى تصويب الأداء، وأيضاً إلى تشكيل رأي عام فاعل في التعامل معها في حال تجاهلت السلطات حقوق المواطنين وحرياتهم.
إن قيام الإعلام بوظيفته الرقابية يساعد الحكومة لتحقيق فهم أفضل لقضايا ومشاكل المجتمع وحاجاته، بما يؤدي إلى تطوير وتحسين الأداء السياسي والإداري، ومعالجة الظواهر المرضية، وربما كان هذا الدور هو الذي يفسر اعتبار الإعلام سلطة رابعة.
وبما أن الإعلام الديمقراطي، يعكس حاجات وتطلعات المجتمع بكل طبقاته وفئاته الاجتماعية ويسعى لتحقيقها، فإن عليه أن يفهم طبيعة المجتمع، وأن يلتزم البحث عن آليات تجعله وسيلة هامة وأساسية في الدفاع عن حقوق الناس وحرياتهم، وتطوير الإبداعات، والظواهر الإيجابية في المجتمع.
ويشكل الإعلام الديمقراطي أيضاً، انعكاساً لحالة التعددية السياسية والثقافية والاجتماعية، وميداناً أساسياً للحوار الديمقراطي، والتنوع، ونشر مفاهيم حق الاختلاف والتسامح، وكيفية استخراج الحقيقة من خلال عرض نقيضها، والتعريف بالحقوق والواجبات.
إن الإعلام الديمقراطي ومستوى الحرية الممارسة فيه، يجسد بصورة واضحة وملموسة المستوى الذي وصلته حرية الرأي والتعبير في المجتمع، ومدى تقدم آليات ومعايير وقيم الديمقراطية فيه، بحيث يمكن اعتبار ذلك مقياساً لتقييم مستوى التحولات الديمقراطية في المجتمع المعين، فضلاً عن كونه يستهدف التأثير في قناعات الناس، وإقناعهم بتغيير سلوكهم، وتصويب وتطوير اتجاهات الرأي العام، والتأثير في السياسات وصناعة القرار. ومن المهم أن يحافظ الإعلام على استقلاليته كي لا يفقد موضوعيته وتوازنه، وأن لا يفقد مصداقيته كي لا يجازف بفقدان ثقة الجمهور والقدرة على التأثير الإيجابي، وهذا ينعكس بدوره على مدى نجاح المؤسسة الإعلامية.
احتلت وسائل الإعلام مكانةً متميزة انطلاقاً من طبيعة وظائفها وتأثيرها على الإنسان، حيث أصبحت دول العالم في العصر الحاضر تقوم على ثلاث أركان رئيسة في بناءها هي: السياسة، الاقتصاد والإعلام. ومما ضاعف تأثير وسائل الإعلام على بناء شخصية الإنسان هو تداخل وظائفها مع جميع طبقات المجتمع لما تقدمه من معلومات عبر مساحات إعلامية كبيرة وعلى مدار الساعة من خلال مختلف وسائلها المرئية والمسموعة والمكتوبة والتي تساهم في بناء القناعات والاتجاهات والمعتقدات لدى الفرد وكذلك التأثير على التنشئة الاجتماعية والفكرية.
ويعد الإعلام حجر الزاوية في تهيئة الأجواء اللازمة والضرورية لحركة التنمية الشاملة في المجتمع، حيث يعمل على توفير البيانات والمعلومات اللازمة وكل ما يتعلق بحركة الاستثمار والمجالات الحيوية المختلفة، والحقيقة أن مشروعات التنمية لا يمكن أن تنجح إلا بمشاركة المواطن، وهو أمر لا يتحقق إلا بمساعدة الإعلام.
ولكي يقوم الإعلام بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه باعتباره يعبّر عن أمال وتطلعات الشعب فإن الإعلام يجب أن يكون حراً ونزيهاً وأن يتوخى الموضوعية والحقيقة في أدائه. ولما كان الإعلام بهذه الأهمية فلابد للإدارات الإعلامية من مراجعة كاملة لهذا الشريان الحيوي، من خلال رسم استراتيجية إعلامية حقيقية والعمل على تطوير محتوى المادة الإعلامية وإطلاق العنان لحرية التعبير والصحافة.