info@suwar-magazine.org

السوريون في مهب مناهضة لجوئهم لتركيا

السوريون في مهب مناهضة لجوئهم لتركيا
Whatsapp
Facebook Share

                              

رضوان بيزار

 

شهدت عدة مدن تركية في الآونة الأخيرة عدة مظاهرات مناهضة لوجود اللاجئين السوريين في تلك المدن، الاحتجاجات تلك انطلقت شراراتها الأولى من مدينة غازي عنتاب بدعوة من عدد من الشبان الأتراك عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى التظاهر على خلفية اعتداء أحد السوريين على طفل تركي في 29 حزيران الماضي، ثم انطلقت بعدها مظاهرة في ولاية مرعش، فتلاها أخرى في عنتاب أفشلها والي غازي عنتاب بعدم منحه الترخيص في 20 تموز المنصرم ، في حين شهدت مدينة قزل تبه الحدودية ذات الغالبية الكردية آخرها يومي الخميس والجمعة الماضيين. المظاهرات تلك التي هاجم فيه المتظاهرون اللاجئين السوريين واعتدوا على ممتلكاتهم وحطموا المحال التجارية والسيارات التي تحمل ارقام السورية.

 

 

عاش خلالها السوريين المقميين في تركيا حالة من القلق والخوف على مصيرهم ومصير ابنائهم حيث باتوا مهددين بالطرد من سكنهم  والاعتداء عليهم في الاماكن العامة  مما دفع بالكثيرين الى مراجعة حسابتهم في مسالة الاستقرار في تركيا ومحاولة البحث عن خيارات اخرى في حال تأزم الامور اكثر مما عليه.

 

كانت تعتبر تركيا احدى افضل الدول من حيث معاملتها للاجيئن السوريين اذا ما تم مقارنتها بمصر او لبنان او الاردن  كما انها تستضيف بحدود مليون لاجئ سوري وفق لتصريح الرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في كلمته الاسبوعية امام البرلمان التركي وهي تعتبر الاكبر من حيث الكتلة العددية للاجيئن في دول الجوار التي استقبلت السوريين منذ اندلاع الازمة في سوريا  واستقر أغلبية اللاجئين في حوالي 20 مخيماً أنشئت في مناطق قريبة من الحدود في جنوب تركيا وجنوب شرقها وفي المدن والمحافظات الحدودية التركية بالاضافة إلى استنبول.

 

 

ما سباب الاحتقان والمظاهرات ضد السوريين ؟

 

  عزا المراقبون السبب الرئيسي الذي يكمن خلف تلك مظاهرات مناهضة  للسوريين إلى "التجاذبات السياسية التركية، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية ومحاولة من معارضي  زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا رجب طيب اردوغان إثارة الفتنة". مصطفى باقر سكرتير اتحاد الشباب التركي في تصريح لـ "مجلة الصور " أكد بأن "سبب الاحتقان الموجود في الشارع التركي تجاه السوريين هو الانتخابات الرئاسية المقبلة"، متهماً بذلك أحزاب المعارضة التركية والمخابرات السورية بـ «اثارة الفتنة»، قائلاً «إن المخابرات السورية زرعت في المدن التركية أشخاص مهمتهم إثارة المشاكل لخلق بلبلة واثارة الفتنة بين السوريين والأتراك".

 

 

أما المخرج السوري دحام السطام رئيس مجلس إدارة منتدى الخابور المدني في أورفا عزا في لقائه بـ "صور " سبب الاحتقان إلى عدة نقاط "الضغط النفسي الذي يتعرض له السوريين وذلك نتيجة لظروف الهجرة والنزوح والخسائر الكبيرة الذي تتعرض لها جراء الحرب الدائرة في البلاد. والحاجة الاقتصادية الكبيرة وظروف المعيشية القاسية وغياب المنظمات الدولية والمحلية لإغاثة بالشكل الصحيح". كذلك أضاف السطام أساب أخرى منها "كثرة الاحتقان ما بين السوريين أنفسهم نتيجة صراع القيادات في المعارضة السورية على مناصب وتهميشها ونسيانها لهؤلاء الذين يبحثون عن إمكانية العيش فقط بعيد عن هذه الخلافات عن السوريين، كثرة المتسولين من السوريين في شوارع المدن التركية وحدائقها وساحاتها وحلالات التشرد وبعض الحالات اللاأخلاقية، كما إن مشكلة اللغة والترجمة السيئة بين السوريين والاتراك في التواصل، وعدم معرفة السوريين بعادات وتقاليد وقانون التركي. تضرر الطبقة الفقيرة والمتوسطة التركية من خلال اعمال السوريين وارتفاع ايجارات البيوت وغيرها. بالإضافة إلى التجاذبات السياسية في تركيا والتلاعب على ورقة السوريين، وهذا الجانب مهم ويجب أن نعيه جيداً". بينما ذهب محمد صبحي وهو مدير مركز ميثرا الاجتماعي السوري في لقائه مع "الصور "إن الاحتقان المحتمل والحاصل الذي ظهر بعض الاندفاعات له في المدن التركية التي يقطنها السوريون (الضيوف) كما يحب أن يسميهم الأخوة الأتراك، تعود أسبابه المباشرة إلى طول فترة الضيافة، فممن الطبيعي أن تظهر هذه المشكلات وتطفو على سطح العلاقة وهي حالات فردية قد تتوسع بين جماعات يغذيها الفعل وردود الفعل بين الأتراك والسوريين كما كان في عنتاب". الصبحي أضاف تعليقا على ما جاء في تصريح مصطفى باقر والسطام بأن "بعض المحللين يذهبون إلى ربط هذه المشكلة بأسباب غير مباشرة تعود إلى استثمارها من قبل أوساط المعارضة التركية ومن ثم البناء عليها لإحراج الحكومة التركية سياسياً أمام الرأي العام".

 

إجراءات قبل انفجار الوضع

 

وتخفيفا لتلك الاحتقانات عمل نشطاء السوريين وعدد من المنظمات المدنية والحكومية عدة نشاطات من شأنها أن تزيل التوتر الحاصل، فأطلقوا حملة "شكرا تركيا" في شهر رمضان شملت عدد من المدن التركية شارك فيها الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف  الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ورابطة الدفاع عن اللاجئين السورين، بالإضافة إلى عدة مؤسسات مدنية وشبابية سورية وتركية. ففي مدينة اورفا شارك في الحملة بيت الرقة لكل السوريين، بالإضافة إلى قيام منتدى الخابور بعقد عدة لقاءات مع منظمات التركية منها مركز الثقافي والاجتماعي التركي في ولاية اورفا وتجمع الشباب التركي، بالإضافة إلى عقد لقاء تشاوري مع المنظمات المدنية السورية للعمل المشترك في تخفيف الاحتقان وحسب السطام "إن منتدى الخابور المدني ومركز ميثرا الاجتماعي ومنتدى تل ابيض للمجتمع المدني وبيت الرقة اتفقوا على العمل عدة نشاطات لتخفيف الاحتقان". السطام أضاف هنا "علينا جميعا أن نعمل لتخفيف وإزالة هذه الاحتقانات وذلك من خلال نشرات ندوات التوعوية بين السوريين، الحملات التي يجب أن نقوم بها بين اوساط الاتراك وايصال الرسالة بالشكل الإيجابي بأن السوريين هم ضيوفكم واخوتكم وهو شعب منكوب وبأي لحظة تتوقف بها الحرب سيعودون إلى بلادهم". كذلك ذهب محمد صبحي إلى أن الحل يكمن في "تطويق هذه المشكلة بتوعية السوريين عبر الندوات والنشاطات التي تسلط الضوء على المشكلة في مسألة عدم المخالفة القوانين وشؤون الحياة العامة، فإن وعي السوريين لواجباتهم وحقوقهم كضيوف يمكن أن ينزع أسباب الاحتقان"، منوهاً إلى أن هذا الدور يجب تنظيمه عبر منظمات المجتمع المدني وأن يلعب الائتلاف والحكومة المؤقتة دوراً هاماً على المستوى الرسمي بالتواصل مع الحكومة التركية وتحديد سياسات قادرة على هضم هذه المشكلة وتبديدها بمحاسبة الأفراد المسيئين من الطرفين ".  

 

يقول محمد انور المجني مستشار وزير العدل في الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف  الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية " لا نستطيع ان نغفل دور السلطات التركية في استضافة اللاجيئن السوريين وتقديم الكثير من التسهيلات لهم ونحن في حالة نقاش دائم مع الحكومة التركية من اجل تسهيل امور السوريين في كافة النواحي وهي متجاوبة معنا لكن لديهم هنا في تركيا بعض الخلافات الداخلية واحيانا يكون الملف السوري ضاغط بالنسبة لهم  ونحن في استضافة الدولة التركية واذا ما تقدم احد المواطنين السوريين بانتهاك وقع عليه لوزارة العدل في الحكومة السورية الموقتة فاننا نعدهم باننا سوف نناقشها مع الجانب التركي ".

 

 

شهادات السوريين حول الاحتجاجات على وجودهم في تركيا

 

أحمد حسين شاب سوري يقيم في مدينة كليس التركية تحدث لـ "صور" قبل أشهر كنت أقيم في مدينة تركية أخرى (نصيبين)، هناك كان عملي يقتضي أن اختلط وأتعامل مع الشعب التركي، إذ كنت أعمل في ورشة صيانة الأدوات المنزلية الكهربائية، لم اتعرض إلى أي غبن من رب العمل الذي كان عادلاً معي بل كان مساعداً ومقدراً لجهودي. حسين يضيف "الذين كنا نتعامل معهم في المدينة كانوا مختلفين في نظرتهم إلينا نحن السوريين، البعض كان يبدي تعاطفه مع آل إليه أوضاع السوريين عموماً، والبعض بم يكن يرتاح إلى وجود السوريين في المدينة، متحدثين عن استحواذ السوريين لفرص عمل القليلة اصلاً في مدينتهم الحدودية ذات الطابع الريفي". إسماعيل جمعة أحد السوريين القادمين من ريف حلب يقيم الآن في مدينة غازي عنتاب، تحدث لـ "صور" عن ليلة حدوث اشتباكات في المدينة بين الأتراك والسوريين، موضحاً "بعد مرعش اندلعت الاشتباكات في حيَنا بعنتاب، بداية كان الهتاف المضاد للسوريين، رغم إننا لم نكن نفهم كل ما نسمع، إلا إننا فسرنا بعض الجمل، الأصوات تحول من هتاف إلى أصوات تكسير لبعض لوحات المحلات وزجاج عدد من السيارات. "رغم تدخل البوليس التركي وإطلاق الرصاص في الهواء لم يتراجع الشباب التركي، اقتحموا عدة محلات للسوريين، كسروا الواجهات الزجاجية لمحالات أيضاً يعود استثمارها للسوريين" يضيف جمعة.

 

أحمد حسين وافق جمعة فيما ذهب إليه في خشيته "نحن السوريون هربنا من بلادنا تحت وطأة النار أو التهديد بالقتل، إلا إننا لم نترك عقليتنا وثقافتنا وعادتنا في بلادنا، تلك التي قد تتعارض مع ثقافة المستضيف التركي، لذلك أخشى أن نكون ضحية أنفسنا إذا لم نتعلم ونراعي عادت المستضيف". الكثير من السوريين يتحدثون بأن همهم الأمان والعيش الكريم بعيداً عن تجاذبات السياسيين سواء الأتراك أو السوريين، مؤكدين "نحن بشر لنا حق العيش بعيداً عن الموالاة والمعارضة"، كما تحدث مصطفى عمر أحد السوريين النازحين من حلب لـ "الصور "، ومضيفاً "المسيء يجب أن يحاسب ممن كان، لا أن نُحمل أخطاء الآخرين فنضرب أو يتعدى على أرزاقنا".

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard