info@suwar-magazine.org

فصول من التيه السوري: طردٌ من البر وغرقٌ في البحر

فصول من التيه السوري: طردٌ من البر وغرقٌ في البحر
Whatsapp
Facebook Share

 

فادي.أ. سعد

 

لم تقتصر مأساة السوريين على الحرب المريعة التي تدور رحاها في بلادهم، منذ ما يقرب السنوات الأربع، فما يجري في سورية هو الجزء المعروف من معاناتهم فحسب، وإن كان هو الجزء الأعنف والأفدح في نتائجه, لكن معاناة السوريين لا تتوقف بعد هروبهم من الحرب والاقتتال الأهلي داخل بلادهم، إنما تستمر في كل أرض يصلونها، وفي أي مكان يحلّون فيه، أو يعزمون على الإقامة بين أهله. 

 

يأتي لبنان في درجة متقدمة من قائمة اضطهاد السوريين السوداء، حيث يتم اعتقال سوريين من قبل أجهزة مخابرات حزب الله، التي أجبرت سابقاً مئات من السوريين على المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزيفة التي جرت مؤخراً في السفارة السورية في بيروت.

 

 

إضافة لهذا رفضت السلطات اللبنانية إقامة مخيمات للسوريين، وظهرت العديد من التعبيرات والأقاويل العنصرية بحق السوريين، وكان أخطر ما في هذه الجائحة العنصرية، ما صرّح به أحد مسؤولي تيار الثامن من آذار عن كون السوريين يشكلون خطراً وجودياً على لبنان، ودعوته لطردهم من البلاد وإعادتهم إلى سوريا، لأسباب إضافية منها الازمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان!  

كما أن محاولات عدة لطرد السوريين تمت في قرى وبلدات جنوب لبنان، إثر مقتل عناصر من حزب الله في سورية.

 

وفي الأردن التي لوّح ملكها بطرد السوريين - يوم كانوا 600 ألف لاجئ - في حال لم يصله الدعم، شهد مخيم الزعتري عدداً من الاشتباكات بين عناصر الشرطة الأردنية ولاجئين سوريين، راح ضحيتها عدد من اللاجئين الذين تظاهروا داخل المخيم احتجاجاً على سوء الأوضاع المعاشية والإنسانية فيه.

 

 

 وفي الشهر الماضي أطلقت مجموعة من المواطنين بمحافظة أربد, هتافات منددة بسلوك اللاجئين السوريين في الأردن باستخدام مكبرات الصوت, وطالبوا بطرد اللاجئين السوريين من المملكة. واشتكى البعض في إربد مما يقولون أنه سلوك اللاجئين السوريين, وارتفاع معدل الجريمة بينهم, إضافة إلى انتشار ظاهرة "القمار" في أوساطهم. وكان نائب أردني قد دعا الحكومة لـلإبقاء على اللاجئين داخل المخيمات، وعدم السماح لهم بالانخراط في المجتمع الأردني.

 

ومن المعروف أن الأردن مثل معظم البلاد العربية يعاني عجزاً مالياً بلغ 26 مليار دولار، ويشكو الأردنيون من 160 ألف عامل سوري بأجر متدنٍ، دخلوا سوق العمل في البلاد.

 

 

وفي الجزائر برزت أزمة اللاجئين السوريين بداية هذا العام على الحدود الجزائرية المغربية، بعدما قامت السلطات الجزائرية بطرد عدد منهم وترحيلهم نحو المغرب، وبحسب مصادر جزائرية وسورية فإن أزمة اللاجئين السوريين بدأت مع وصول الدفعات الأولى من اللاجئين، حيث تمت معاملتهم من قبل الأجهزة الأمنية الجزائرية بشكل سيء ولا إنساني، وتُرك العديد منهم عرضة للمبيت بالعراء، والتشرد في ساحات الجزائر وشوارعها دون أي دعم أو مساندة.

 

وفي الإمارات قامت السلطات أوائل سنة 2012 بإلغاء تصاريح إقامة عشرات السوريين ممن شاركوا في احتجاجات سلمية في دبي ضد نظام بشار الأسد. وقام مسؤولون أمنيون إماراتيون باستدعاء مئات المواطنين السوريين لاستجوابهم بعد الاشتباه في مشاركتهم في مظاهرة غير مرخص لها. وعلى إثر ذلك قامت الحكومة الإماراتية بسحب تصاريح إقامة ما يقارب الخمسين سورياً، اتهمت العديد منهم بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، أو تلقيهم تعليمات من مرشد الإخوان.

 

وفي العراق دعا محافظ الأنبار أوائل حزيران من العام الفائت لطرد اللاجئين السوريين، لكن ناشطين عراقيين قالوا إن السوريين لم يطردوا وإنما أعيدوا إلى المخيمات، لأن اغلب من خرج منها إلى المدينة هم من المتسولين الذين عكسوا صورة سيئة عن السوريين الموجودين في الأراضي العراقية.

 

أما في مصر، فعلى الرغم من أن الحكومة المصرية استقبلت سنة 2012 السوريين المبعدين من الإمارات. إلا أن وسائل الإعلام المصرية أخذت في أواخر أيام مرسي بتهييج المصريين ضد إخوانهم السوريين، وروّجت أجهزة الأمن مع الشهور الأولى لسقوط مرسي شائعات ضد السوريين، تزعم قيامهم بإطلاق النار على المظاهرات الشعبية الداعية إلى تنحي الرئيس مرسي، ومشاركتهم في اعتصام رابعة العدوية الذي أقامه الأخوان في مدينة نصر بالقاهرة.

 

مدينة (6 اكتوبر) الواقعة جنوب العاصمة القاهرة، والتي تعتبر التجمع الأكبر للسوريين، شهدت حالات اعتداءات وخطف وسرقة راح ضحيتها سوريون نازحون، وقد قامت السلطات المصرية في حالات عديدة بترحيل السوريين بالرغم من حصولهم على إقامة سياحية، وكانت الحجج التي قدمتها لتبرير هذا الإجراء تتراوح بين مشاركة المرحلين في تظاهرات موالية لمرسي، أو التظاهر مع حركات ثورية كما جماعة الاشتراكيين الثوريين و6 إبريل، فضلاً عن اتهام بعضهم بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين.

 

وفي السعودية وجّه سوريون موقوفون في السجون السعودية بسبب خلافات مع كفلائهم أو انتهاء مدد إقامتهم، رسالة إلى أحمد الجربا، رئيس الائتلاف السوري المعارض، واصفين وضعهم بأنه "مأساة حقيقية"، ومشيرين إلى "الأوضاع الحالية التي يعيشها أبناء الجالية السورية في المملكة العربية السعودية، ممن صدرت بحقهم قرارت ترحيل إلى بلادهم، وكأن العالم لا يعلم ما يجري في بلادهم من تصفية". وبعد انقضاء موسم الحج العام الجاري، تُصر الحكومة السعودية على طرد 400 حاج سوري حاولوا الاحتماء بالمملكة بعد انتهاء الحج.

 

وفي ليبيا يتعرض السوريون لحوادث القتل والاضطهاد ولاسيما في طرابلس العاصمة، ونذكر هنا بالخصوص حادثة إطلاق مليشيا ليبية النار على مركب يقل لاجئين سوريين وفلسطينيين أثناء مروره بالقرب من الشواطئ الليبية، من أجل إغراقه عمداً، ما أدى لمقتل العشرات من اللاجئين، نصفهم من الأطفال.

 

وفي المغرب تعتقل السلطات المغربية السوريين الذين يعبرون الحدود قادمين من الجزائر في مدينة السعدية على شاطئ البحر، وقالت ممثلة المفوضية العليا للاجئين في المغرب إن خمسة عشر شخصاً من أصل مجموعة من واحد وعشرين شخصاً بينهم عشرة أطفال، تم إرسالهم بواسطة طائرة إلى اسطنبول. وأكدت المفوضية العليا أنها أوقفت إحصاء اللاجئين السوريين في المغرب، بعدما أعلنت السلطات هناك قرب اعتمادها نظاماً لقوننة وجود السوريين، ووعدها بعدم طردهم إلى حين تطبيق هذا النظام.

 

لم يقتصر طرد السوريين أو الدعوة لطردهم على البلدان العربية، فلقد كان لبعض البلدان المحسوبة على أوروبا باع في اضطهاد السوريين، وصل حد رميهم في البحر حرفياً، حيث قامت مجموعة ملثمة تابعة للجيش اليوناني باقتياد مجموعة من الأسر السورية، كانت قد وصلت للتو إلى اليونان من تركيا، وأجبرتها على ركوب زورق قادها إلى عرض البحر، وهناك أرغموا اللاجئين على إلقاء أنفسهم في الماء بعد ضربهم وتهديدهم بالقتل، ما أدى إلى مقتل عدد منهم، بينهم امرأة وثلاثة أطفال، قبل أن تنقذ البحرية التركية بقية الغارقين.

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard