القاتل الطليق، والدم الملغوم
فريق صور
مضت سنتان، والقاتل مازال مستمراً في إجرامه ضد الشعب السوري، دون حسابٍ أو عقاب، بعد ارتكابه المجزرة المروعة التي وقعت في الغوطة الشرقية في 21 آب 2013، والتي راح ضحيتها المئات من سكان الغوطة، بسبب استنشاقهم لغازات سامةٍ، ناتجة عن هجومٍ بغاز الأعصاب المحرم دولياً.
وفي الوقت الذي كان أهالي الضحايا ينتظرون فيه أن تتحقق العدالة بموجب القرارات الدولية التي تحظر استخدام هذه الأنواع من الأسلحة، ومن ثم تحويل الجناة إلى محكمة الجنايات الدولية، من أجل الاقتصاص منهم لما ارتكبوه من مجازر بحق المدنيين العزل في الغوطتين، تفاجئوا بصمتٍ سياسيٍ دوليٍ مطبق، خاصةً بعد تسليم النظام السوري سلاحهَ الكيماوي، حيث لم نعد نسمع أصوات دولية تطالب بالكشف عن الجناة ومحاسبتهم أو حتى إدانتهم، كما لم يعد مشهد الدم السوري في الساحات والشوارع يلفت الانتباه أو يغري وسائل الإعلام، وباتت المجازر أمراً واقعاً، ومفردةً من مفردات حياة السوريين القابعين تحت رحمة البراميل التي تودي بحياة العشرات والمئات من المدنيين، وبشكلٍ شبه يومي.
الصمت الدولي، جعل هذا النظام يتغول في الإجرام، ويستمر في ارتكاب المجزرة تلو الأخرى، ويكرر استخدام الكيماوي عشرات المرات، بعد أن تيقن من أن أحداً لا يريد ردعه، كما أن طائراته ما تزال تقصف براميل الموت على رؤوس المدنيين العزل، في ريف دمشق وغيرها من المناطق والمدن السورية التي خرجت عن سيطرته؛
فقبل عدة أسابيع، حوّل أحد الأسواق الشعبية في دوما، إلى مقبرةٍ للفقراء من أبنائها، كما أنه يراهن على إجبار أبناء مدينة الزبداني على التخلي عن مدينتهم، من خلال الحرب الشعواء التي يشنها ضدهم منذ شهور، بالاشتراك مع عناصر من حزب الله اللبناني.
الاستهانة الدولية بدماء السوريين، وتغليب القوى الكبرى لمصالحها وتوازناتها الآنية على حساب المبادئ الأساسية للقانون الدولي والضمير الإنساني، سيكون له عواقب وخيمة ليس على سوريا والسوريين فحسب، بل على العالم بأسره، بعد أن أصبحت الأزمة السورية قضيةً دولية، أغرقت دول الجوار القريب بفيض من المشاكل والأزمات العالقة، التي تمس استقرار المنطقة بأسرها، ووصلت آثارها إلى دول أوروبا البعيدة، مع تدفق آلاف اللاجئين عبر البحر والبر، ليضيفوا المزيد من الأعباء للقارة العجوز.
الدم السوري ليس مجانياً كما يظن الكثيرون، بل هو دمٌ ملغوم، كلما سمح العالم بإراقته أكثر، سيتفجر طوفاناً من الأزمات والمشاكل العصية على الحل.
إيقاف شلال الدم السوري، ومحاسبة المسؤولين عن استمراره من كل الأطراف، وإيجاد حلٍ سياسي يكفل الأمن والاستقرار والانتقال الديموقراطي للبلاد، هو الضمان الوحيد كي لا تستفحل هذه الأزمة ذات الأبعاد الدولية بشكل أكبر، وهو الاعتذار المتأخر الذي يمكن لهذا العالم أن يقدمه لآلام السوريين ودمائهم. قبل أن نشهد كوارث محليةً وعالمية لا سابق لها.