ثلاث سورياتٍ يتحدّثن عن واقعهنّ في الحرب
فريق صوَر
ليست الحروب مجرّد قصة صراعٍ مسلحٍ بين الأطراف، الكلّ يريد فيها الانتصار، بل هي مجموعة قصصٍ يفرضها واقع الصراع بحيث تصبح لكلّ أسرةٍ قصّتها مع الحرب، ولكل امرأةٍ قصّتها. قصصٌ تسرد الخيبات والانكسارات، قصص الألم والضياع والتشرّد، قصص التحدّي والمواجهة والبطولات، قصص النجاح. لكن ليس الكلّ قادرين على سرد قصصهم.
ننقل هنا حكاياتٍ لثلاث سورياتٍ قرّرن التحدّث عن قصصهنّ وتجاربهنّ مع تحدّي الواقع في الحرب واللجوء.
تخبرنا السيدة ريم (الاسم مستعار)، 37 سنةً، من منطقةٍ يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كيف أنها استطاعت أن ترسل تواقيع سيداتٍ شاركن في حملة التضامن مع نساء الزبداني بقولها: "وصلتني الصورة عبر (الواتس أب)، الطريقة الوحيدة للتواصل في منطقتي. وفي ظلّ ضعف الشبكة صعدت إلى سطح البيت فجراً حتى أتمكّن من تحميل الصورة، بمشقةٍ وبحركاتٍ مدروسةٍ بعناية".
بعد أن جمعت ريم التواقيع من عددٍ من النساء في منطقتها كان عليها الانتقال إلى منطقةٍ تتوافر فيها شبكة الإنترنت لكي تتمكن من إرسالها. تقول: "كان عليّ انتظار أحد رجال الأسرة ليرافقني، لأني لا أستطيع السفر دون محرم، كما كان عليّ أن أخبّئ الصورة. وقد نجحتُ في إيصال التواقيع".
وفي شمال سوريا، حيث تشي الحرب بتفكيك الجغرافية السورية بين النظام والمعارضة، هناك من النساء من تحاول كسر الحواجز بين مناطق السيطرة.
تعيش سارة (الاسم مستعار)، 42 سنةً، في إحدى مدن الشمال السوريّ الخاضع لسيطرة المعارضة. وهي تكافح لعلاج طفلها المريض بالسرطان، وتضطرّ إلى السفر الى دمشق وحدها ليتلقى ابنها الجرعات في مشافيها. تقول سارة: "أسافر وحدي لأن زوجي مطلوبٌ لجهاتٍ أمنيةٍ في النظام ولا يستطيع أن يرافقني".
كانت سارة تستعين بأخيها محمد في سفرها، غير أنه اعتقل مرّةً على أحد الحواجز. خشية سارة من اعتقال رجال الأسرة دفعتها إلى منعهم من مرافقتها: "شعرت بالذنب كثيراً بعد اعتقال أخي. كان اعتقاله رسالةً لي أني يجب أن أعتمد على نفسي".
وفي دول اللجوء تعيش السوريات قصص معاناةٍ من نوعٍ آخر، وإن كنّ بعيداتٍ عن القصف والحصار. تروي جليلة (الاسم مستعار)، 40 سنةً، معاناتها بعد قدومها مع أسرتها إلى تركيا: "الحياة قاسيةٌ جداً هنا، ومن لا يعمل لا يأكل".
بدأت جليلة وزوجها بالبحث عن عمل، ولكنهما لم يتمكنا من العثور عليه. وبات إيجار البيت ومصروف المعيشة يثقلان كاهلهما.
فكرت جليلة كثيراً في إرسال ابنها إلى إحدى الدول الأوربية، كبقية الأسر التي تفعل ذلك، من أجل ضمان مستقبلهم ولمّ شمل الأسرة. تكشف جليلة حالة الحيرة التي انتابتها بقولها: "وقع صراعٌ قويٌّ في داخلي؛ هل أرمي به إلى البحر واحتمال النجاة والغرق متساويان؟ أم أبقيه إلى جانبي ويخسر مستقبله؟ لم أفلح في حزم أمري إلى أن استيقظت صباح يومٍ على صوته يقول: ماما أنا مسافر، ادعيلي. لقد اتخذ قراره بالتشاور مع والده".