التعليم في تركيا: تسرّبٌ وتراجعٌ في المستوى، ومنظماتٌ دوليةٌ تدقّ ناقوس الخطر !
جيش الفتح يفصل الذكور عن الإناث بجامعة إدلب
والطلاب يحتجّون
(1)
*سامي الحلبي
بعد سيطرة جيش الفتح على مدينة إدلب، في آذار الماضي، قامت قيادته بتشكيل إدارةٍ مدنيةٍ لتنظم الأمور الحياتية والمدنية فيها، وسمحت بعمل بعض جمعيات المجتمع المدنيّ والمنظمات الإنسانية بعد حصولها على موافقاتٍ من الإدارة المدنية ومجلس الشورى بجيش الفتح.
وفي شهر آب أصدرت الإدارة المدنية قراراً يقضي بتأسيس جامعة إدلب، والتي تضمّ كليات الزراعة والعلوم الإدارية والتربية والعلوم والآداب، ومعاهد الطب البيطريّ والتقانيّ للعلوم المالية والإدارية وتقنيات الحاسوب.
اتخذت الجامعة من مباني جامعة إدلب أيام النظام مقرّاتٍ لها. وعملت إدارتها على التعاقد مع عددٍ من الأساتذة الذين كانوا يعملون في جامعتي حلب وإدلب، الذين انشقوا عن النظام وما زالوا يقيمون في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وأثار قرار تأسيس الجامعة استغراب الكثير من سكان المنطقة، نتيجة الحالة الأمنية المتردية والقصف المتواصل لطيران النظام، والذي يحول دون إرسال الأهالي أولادهم للدراسة، وخصوصاً الإناث.
كما تعرّضت الجامعة لحملة انتقاداتٍ واسعةٍ نتيجة ارتفاع رسوم التسجيل فيها، والتي تصل إلى 150 دولاراً سنوياً للطلاب النظاميين، وحوالي 400 دولارٍ لطلاب التعليم الموازي، ما اعتبره الكثيرون شرطاً تعجيزياً بسبب انتشار الفقر بين سكان المناطق المحرّرة بحلب وإدلب. بالمقابل تبرّر إدارة الجامعة هذه الرسوم بأنها أقساطٌ رمزيةٌ بالمقارنة مع تكاليف الدراسة في تركيا، وأنها فُرضت نتيجة ضعف موارد الجامعة.
وتواجه الجامعة عدّة مشاكل أبرزها غياب الاعتراف الدوليّ، في حين تقول إدارتها إنها افتتحت لخدمة الداخل السوريّ، ولسدّ حاجة مؤسّسات المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى جيلٍ متعلمٍ قادرٍ على إدارتها. وكرّرت الجامعة، في عدّة مناسباتٍ، أنها بصدد الحصول على اعترافٍ من عددٍ من المؤسّسات التعليمية الدولية.
ويعاني الطلاب من انقطاع متكرّرٍ للدوام، إضافةً إلى غياب السكن الجامعيّ، وقلة الأساتذة والتجهيزات، فضلاً عن تدخلاتٍ من جيش الفتح في الدراسة. إذ أصدرت الجامعة، منذ عدّة أيامٍ، قراراً بفصل الطلاب الذكور عن الإناث، فخصّصت أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس للذكور، والسبت والأحد والاثنين للإناث. وذكرت مصادر مطلعةٌ لمجلة صوَر أن هذا القرار جاء بناءً على أوامر ما يعرف بغرفة جيش الفتح، وهو مجلسٌ ينبثق عن هذا الجيش. وأضاف المصدر أنّ: "كوادر الجامعة غير موافقةٍ على القرار، لكن سلطة الأمر الواقع تفرض نفسها".
كما لقي القرار رفضاً كبيراً من الطلاب، إذ تقول طالبةٌ بكلية إدارة الأعمال، رفضت ذكر اسمها: "هذه القرارات اعتباطية، ولا أحد يتفق معها. نريد حياةً جامعيةً مثل التي كنا نعيشها في السابق، مع مستوىً تعليميٍّ أفضل. لا أفهم غاية هذا القرار، هل الهدف منه الحفاظ على الأخلاق العامة وتطبيق الشرع؟!".
فيما يقول عبد القادر، وهو طالبٌ في كلية الهندسة: "أنا نادمٌ على دفع 150 دولاراً، رسوم التسجيل. عملت طوال الصيف لجمعها. في كلّ يومٍ قرارٌ جديدٌ ولا اعتراف بالشهادة حتى الآن. المستقبل ضبابي"، أما عمار، الطالب السابق بكلية الاقتصاد بجامعة حلب، فيقول لصوَر: "تركت دراستي وكنت في سنة التخرّج. التحقت بالجيش الحرّ. وعندما افتتحت الجامعة تحمّست كثيراً لأني سأعود إلى الدراسة. لكن، للأسف، تبدّد الحلم بين تدخلات جيش الفتح غير المبرّرة وتدمير النظام المتواصل لأيّ مشروعٍ جميلٍ يتطوّر في المناطق المحرّرة".
***
التعليم في تركيا: تسرّبٌ وتراجعٌ في المستوى، ومنظماتٌ دوليةٌ تدقّ ناقوس الخطر
(2)
*جورج.ك.ميالة
لم يعد يخفى على أحدٍ يتجوّل في شوارع مدينة اسطنبول أو غازي عينتاب أو أورفا، وغيرها من المدن التركية، مشاكل التعليم التي تواجه الأطفال السوريين. فالأعداد الكبيرة للأطفال الذين تحوّلوا إلى باعةٍ جوّالين تعكس الحجم الضخم للمتسرّبين من المدارس. تتعدّد أسباب هذه الظاهرة اللافتة، لكن لعلّ الحاجة المادية وغياب المعيل والجهل وصعوبة الاندماج هي الأهمّ.
تحدّثت مجلة صوَر مع أحد الأطفال الذين يبيعون المناديل الورقية بمنطقة أكسراي وسط اسطنبول، وسألته عن سبب عدم ذهابه إلى المدرسة، فقال: "نحن 5 أخوةٍ وأبي وأمي. راتب أبي الشهريّ 1200 ليرة، ولا يكفي لسداد مصاريفنا، فقرّرت ترك المدرسة والعمل لمساعدة أبي. أنا قادرٌ على القراءة والكتابة، وهذا يكفيني الآن".
أما زياد، وهو طفلٌ يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً، فيتحدّث للمجلة: "التحقتُ العام الماضي بالمدرسة لمدّة أربعة أشهر. لم أكن أفهم اللغة التركية، فقرّرت ترك الدراسة والعمل في فرن. خلال عملي تعلمت التركية جيداً. ربما سأحاول في العام القادم الدخول مجدّداً إلى مدرسةٍ تركيةٍ ومتابعة تعليمي إن تمّ قبولي".
وتشكل صعوبة تعلم اللغة التركية حاجزاً يمنع الكثير من الأطفال من متابعة تعليمهم، خصوصاً في المدن التركية الكبرى، حيث تصبح المسافات بعيدةً بين المدارس السورية وأماكن سكنهم. تقول يارا، وهي طالبةٌ في الصف العاشر، تقيم في القسم الآسيويّ من اسطنبول: "المدرسة السورية بعيدةٌ عن سكني. سجّلت في مدرسةٍ تركية، وداومت فيها لشهرين. لم أفهم شيئاً، فاللغة صعبة جداً. ولا نملك المال الكافي لتسجيل دورات لغة، فليس لديّ سوي أمي التي تعمل لإعالتنا وتأمين متطلبات حياتنا الأساسية بعد وفاة والدي".
تراجعٌ في المستوى
تنتشر المدارس السورية في غالبية المدن التركية. وتعمل فيها كوادر سوريةٌ لجأت إلى تركيا. وتتلقى هذه المدارس تمويلها من الحكومة التركية ومن منظماتٍ سوريةٍ وأجنبية، إضافةً إلى تبرّعاتٍ فرديةٍ من مغتربين سوريين وعربٍ من دول الخليج.
معاذ الدمشقي، أبٌ لطفلين مقيمٌ بمدينة غازي عينتاب، يشتكي من تراجع سوية التعليم ويقول: "سجلت أولادي في إحدى المدارس المجانية التي تشرف عليها إحدى الجمعيات السورية التركية. لاحظت غياب اهتمام الكادر التدريسيّ، واكتشفت مؤخراً أن الكثير من المعلمين السوريين لا يهمهم سوى استلام راتبهم كلّ شهر، دون أدنى اهتمامٍ بمصلحة التلميذ وجودة التعليم".
ويتابع الدمشقي: "اجتمعت صدفةً، خلال لقاءٍ عامٍّ، مع إدارة الجمعية المسؤولة عن مدرسة ولديّ، واقترحت عليهم إقامة دوراتٍ مكثفةٍ للغة التركية لمدة 6 أشهر، ثم تدريس المنهاج باللغة التركية مع الطلاب الأتراك، علّه يرفع من سوية التعليم ويدفع حوالي 45 ألف طالبٍ سوريٍّ في غازي عينتاب إلى العودة إلى المدارس، فكان ردّ الجمعية قطعياً بأن هذا الإجراء سوف يهدّد الأطفال السوريين بضياع هويتهم".
ويضيف: "لا أعلم ما الأهمّ هنا؛ أن ينشأ جيلٌ أميٌّ، أم أن نحافظ على هويته التي لا يمكن أن يفقدها لأنه يتكلم العربية ويعيش في بيتٍ سوريّ؟!".
أما زوجة معاذ فتتحدّث للمجلة حول الموضوع: "هناك ضعفٌ شديدٌ في تدريس المواد الأساسية، كاللغتين التركية والإنكليزية والرياضيات، ما يجعلني أبذل جهداً مضاعفاً في المنزل لردم الهوّة، على حساب عملي وأوقات راحتي".
على الجانب الآخر تحدّثت المجلة مع "هيئة علم"، وهي إحدى الجهات الرئيسية المسؤولة عن قطاع تعليم السوريين بتركيا، وتأخذ على عاتقها طباعة وتنقيح والإشراف على المناهج السورية، إضافةً إلى دعم وتمويل عددٍ من المدارس، فقال مدير مكتبها الإعلاميّ، عبد الكريم بيسال: "يؤسفنا القول إن المدارس التي لا تتقاضى رسوماً من الطلاب ينحدر مستواها التعليميّ، لأنها لا تحصل على دعمٍ حقيقيٍّ يسدّ حاجة العاملين فيها، فالكثير من المعلمين يعملون كمتطوّعين. بعض هذه المدارس لا تهتمّ بالكفاءة نظراً لأن الكفاءة قد ترفع أجورها، وتضطرّ إلى الاستعانة بمن لا يملكون الخبرة الكافية والحقيقية لأن أجورهم أقلّ".
في حين ترى المعلمة هالة، المتابعة لشؤون تعليم السوريين بتركيا، أنّ "غياب الرقابة، وتعدّد الجهات المسؤولة عن التعليم، وضعف التنسيق بين وزارة التربية في الحكومة المؤقتة وهيئة علم ومنظمات المجتمع المدنيّ السورية، إضافةً إلى قلة الدعم الدوليّ النوعيّ، وتراجع دعم الأمم المتحدة؛ هي من أهمّ أسباب تراجع مستوى التعليم".
المعاهد الخاصّة
تمتلئ صفحات مواقع التواصل الاجتماعيّ السورية في تركيا بإعلانات المدارس الخاصّة ودورات التقوية. ورغم منعها من الحكومة التركية وملاحقتها وإغلاق أيّ مدرسةٍ يتمّ الإعلان عنها، يقوم الكثيرون باستئجار بيوتٍ خاصّةٍ وتحويلها إلى قاعاتٍ دراسيةٍ في الخفاء. وتلجأ الكثير من الأسر السورية إلى تسجيل أولادها فيها رغم ارتفاع تكاليفها التي تصل حدّ ألف دولارٍ سنوياً.
نور، سيدةٌ لجأت إلى تسجيل ابنتها ذات السبعة أعوامٍ في إحدى هذه المدارس، تقول لصوَر: "كانت تجربة المدرسة العامة سيئة، فسجّلت ابنتي في مدرسةٍ خاصّة. سوية التعليم أفضل والاهتمام أكبر. لا يوجد اعترافٌ قانونيٌّ بالمدرسة، ولكنني لا أفكر في الموضوع كثيراً. كل ما أريده الآن أن تتلقى ابنتي تعليماً جيداً هذا العام، وفي السنوات القادمة نبحث عن حلولٍ أفضل".
وتضيف نور: "السوريّ المحظوظ هو من يستطيع تأمين مدرسةٍ لأولاده هذا العام، لم نعد نفكر بالمستقبل كثيراً".
تعليمٌ موجّه
تشتكي الكثير من الأسر السورية من قيام الكثير من إدارات المدارس السورية بمحاولة فرض أساليب معينةٍ في التدريس على الأطفال، لم يعتادوا عليها من قبل.
تتحدّث السيدة نبال لمجلة صوَر: "بعد حوالي 5 أشهرٍ من تسجيل ابنتي في مدرسةٍ بمدينة أورفا تأتي لتقول لي إنها تريد أن ترتدي الحجاب، رغم أنّ عمرها تسع سنوات". وتتابع: "فوجئت كثيراً، لأنها طفلةٌ ولا تدرك ما تقول. تحرّيت عن الموضوع فاكتشفت أن معلمتها في الصفّ قد أعطتهم عدّة دروسٍ حول أهمية الحجاب". وتضيف: "لا أعرف ماذا أفعل، فإن أخرجتها من المدرسة سوف تخسر التعليم، وإن استمرّت ستكون عرضةً لأفكارٍ غريبةٍ عنا. لست ضد تعليم الدين، ولكن يجب أن يكون بشكلٍ مدروسٍ بعيدٍ عن التلقين والتلاعب بعقول الأطفال".
استفسرت المجلة من "هيئة علم" عن هذه الظاهرة فأجابت، عبر مكتبها الإعلاميّ، أنها صحيحةٌ وموجودة. وأضاف مدير المكتب الإعلاميّ: "يتحكّم مالكو بعض المدارس في مصير المدرسة والطلاب وكلّ العاملين فيها، دون الالتفات إلى المصلحة العامة للطلاب".
ويتابع الأستاذ عبد الكريم كلامه: "تتبع كثيرٌ من المدارس لرغبة الداعم والمموّل وأجنداته والأفكار التي يريد نشرها، ما يفسد العملية التربوية التعليمية، ويضيّع الهدف الحقيقيّ لارتياد الطالب مدرسته".
يحذّر الأستاذ تميم علوان من هذه السلوكيات قائلاً: "هذه التصرّفات في غاية الخطورة على الأطفال، لأن الطفل يلتقط أيّ فكرة، وعندما ينشأ عليها يصعب تغييرها. فالتلاعب بعقولهم، ومحاولة تعبئتها بأفكارٍ بعيدةٍ عن التعليم الصحيح، يهدّد مستقبلهم، ويجعلهم عبَدةً لأفكارٍ تلقوها في الصغر دون أدنى فهمٍ لها".
أرقامٌ صادمة
لم تنتظر منظمة هيومان رايتس ووتش كثيراً، وهي إحدى أهمّ المنظمات الحقوقية في العالم، كي تقرع ناقوس الخطر، فأصدرت أوّل تقاريرها حول تعليم اللاجئين السوريين في تركيا بعنوان: "عندما أتخيّل مستقبلي لا أرى شيئاً".
وقالت المنظمة في التقرير إنّ معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية بسوريا قبل بدء عام 2011 كان حوالي 99%، وبالإعدادية حوالي 82%، مع ارتفاع مستويات التكافؤ بين الجنسين، أما اليوم فهناك قرابة 3 مليون طفلٍ داخل وخارج سوريا محرومون من المدارس، حسب أرقام منظمة يونيسف. الأمر الذي يدمّر الإنجاز السوريّ المتمثل في حصول الجميع على التعليم.
وأشارت المنظمة إلى أن 90% من الأطفال السوريين الذين هم في عمر المدرسة ينتظمون في مدارس المخيّمات الخمسة والعشرين التي تديرها الحكومة التركية. ورغم هذا فإن هؤلاء الأطفال لا يشكلون سوى 13% من أعداد اللاجئين السوريين في عمر المدرسة، إذ إن غالبية الأطفال يقيمون في مدنٍ صغيرةٍ وبلداتٍ تتدنى فيها معدّلات ارتيادهم للمدارس، والتي وصلت خلال العام الدراسيّ 2014-2015 إلى 25% فقط من مجموعهم.
ورأت المنظمة أن الحكومة التركية اتخذت عدداً من الخطوات الإيجابية في التعليم، كإلغاء العوائق القانونية التي تحول دون حصول الأطفال السوريين إلى التعليم النظاميّ. إذ رفعت، في عام 2014، القيود التي تلزم السوريين بإبراز تصريح إقامةٍ تركيٍّ لإلحاق أطفالهم بالمدارس العامة، وسمحت بالتحاق الأطفال ممن يحملون البطاقة التركية الممنوحة للاجئين السوريين "كمليك".
كما قامت باعتماد نظامٍ موازٍ جديدٍ عبر "مراكز التعليم المؤقتة" التي تقدّم المناهج العربية المعترف بها من وزارة التعليم في الحكومة السورية المؤقتة.
وأشارت المنظمة إلى أنه رغم كلّ الجهود المبذولة من تركيا، ورغم إنفاقها ما يزيد على 6 مليار دولارٍ، مع دعمٍ محدودٍ من المجتمع الدوليّ؛ لم تنجح حتى الآن في إتاحة التعليم لمعظم أطفال اللاجئين السوريين في تركيا، وخاصّةً للمقيمين خارج المخيّمات. ولذلك يجب أن يُعتبر التقدّم الجدير بالثناء، الذي تحقق حتى الآن، مجرّد مقدّمةٍ لجهود زيادة معدّلات الالتحاق بالمدارس.
وأضافت المنظمة أن ما يقلّ عن ثلث الأطفال السوريين في سنّ الدراسة، البالغ عددهم 700 ألف طفلٍ، يتوجّه إلى المدارس، ما يعني أن نحو 485 ألفاً منهم ما زالوا عاجزين عن الوصول إلى التعليم.
***
الرحلات الجوية: المنفذ الوحيد لطلاب الحسكة والقامشلي
(3)
ليليا نحاس
تعدّ الرحلات الجوية المنفذ الوحيد للسفر من محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا إلى بقية المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، منذ إحكام تنظيم داعش سيطرته على المحافظات المحيطة كالرقة ودير الزور، ما تسبّب في عزل مدن الجزيرة السورية، وتعطّل الرحلات البرّية بسبب اعتراض داعش للباصات والمسافرين في مناطق سيطرتها وقيامها بعمليات خطفٍ واعتقال.
وتسيّر الخطوط الجوية السورية عدّة رحلاتٍ أسبوعيةٍ بين مطاري القامشلي ودمشق الدوليّ. ودفع الطلب الكبير على هذه الرحلات شركة طيرانٍ سوريةً خاصّةً إلى الإعلان عن زيادة عدد رحلاتها إلى مطار القامشلي إلى ثلاث رحلاتٍ يوميةٍ غير مبرمجة. وقالت الشركة إنها تهدف إلى حلّ مشكلة الازدحام الذي تشهده هذه الرحلات مؤخراً. وحدّدت سعر بطاقة الرحلة بـ10 آلاف ليرةٍ سورية.
يقول عبد الله، وهو طالبٌ جامعيٌّ من القامشلي: "إن الأسعار المعلن عنها وهمية. لا يستطيع أيٌّ كان حجز مقعدٍ في هذه الرحلات. يجب أن يستعين الشخص بوساطةٍ أمنية، أو أن يدفع أضعاف سعر البطاقة للسماسرة".
ويتابع: "دفع العددُ الكبير من الراغبين في السفر من وإلى القامشلي والحسكة موظفي هذه الشركات إلى استغلال حاجة الناس؛ فحين تذهب لتحجز بشكلٍ نظاميٍّ يقول الموظف إنه لا يوجد مكانٌ إلا في رحلاتٍ بعد شهر، فتضطرّ إلى اللجوء إلى السماسرة الذين يتعاملون مع الموظفين وتدفع مبالغ إضافية".
فيما تقول نجاة، من سكان مدينة القامشلي، إن "معظم المسافرين من الطلاب الذي يدرسون في إحدى الجامعات، كدمشق واللاذقية وحلب، ويزداد الطلب على هذه الرحلات بشكلٍ كبيرٍ أيام الامتحانات. تخضع الرحلات لتدقيقٍ أمنيٍّ كبير، ولا يستطيع السفر فيها كلّ من لديه شكوكٌ أو مشاكل مع الأمن السوريّ أو مطلوبٍ للخدمة العسكرية. في كلّ رحلةٍ تعطى الأولوية لمن يأتي من طرف الأفرع الأمنية. في الواقع ليس هناك أيّ طريق آمنٍ تماماً للخروج من الحسكة".
يذكر أن السلطات السورية عمدت إلى استعمال طائرات "اليوشن" المخصّصة لنقل العتاد العسكريّ في العديد من الرحلات السابقة لنقل المدنيين والطلاب بين دمشق والقامشلي، وأشرفت القوّات الأمنية بشكلٍ مباشرٍ على هذه الرحلات.
بالتزامن مع الضغط المتزايد على رحلات الطيران، أعلنت شركة "فلاي داماس" الخاصّة، المفتتحة حديثاً، عن بدء رحلاتها من مطار دمشق الدوليّ إلى أربع محطاتٍ، ابتداءً من 29/11. وتأتي مدينة القامشلي على رأس وجهاتها، إضافةً إلى مدنٍ كبيروت وبغداد والنجف، عبر طائرة بوينج 737. ويرى مراقبون أن تخصيص توجّه الطائرات بهذه المدن يثير توجّس السوريين من أنها ستقوم بنقل عراقيين يقاتلون ضمن ميليشيات النظام. ويترأس مجلس إدارة الشركة عمار القادري، الذي يعدّ من أكثر داعمي الأسد، والذي كان ينظّم ويموّل المسيرات المؤيدة للنظام بدمشق خلال عامي 2012 و2013.
والجدير ذكره أن "فلاي داماس" هي شركة الطيران الخاصّة الثانية في سوريا بعد شركة "أجنحة الشام" التي بدأت عملها العام الماضي، والتي تعود ملكيتها لرامي مخلوف ابن خال رأس النظام السوريّ بشار الأسد، وتقوم بتسيير رحلاتٍ إلى عدّة دولٍ عربيةٍ كالعراق والكويت وسلطنة عمان والسودان والإمارات وتركيا.
مواد مشابهة
ــ استمرار عجلة التعليم في إدلب رغم كلّ المعوقات