هدنةٌ هشّةٌ وآمالٌ خجولة
*فريق صور
الاتفاق الذي توصّل إليه الأميركيّون والروس حول وقف الأعمال العدائية في سوريا ستكون له نتائج إيجابيةٌ على المدنيين وعلى سير المفاوضات لإيجاد حلٍّ سياسيٍّ لحالة الحرب والصراع في سوريا.
بعد أن دخل اتفاق الهدنة حيّز التنفيذ شهدت بعض المناطق خروقاتٍ من النظام ومن المعارضة على السّواء. وعلى الرغم من ذلك كان الهدوء النسبيّ سيّد الموقف في جبهات القتال، وتوقف قصف الطيران. ومن الواضح أن الاستمرار في الهدنة كفيلٌ بعودة الناس إلى حياتهم الطبيعية وأعمالهم، وبالبدء بمحاولة إعادة بناء ما دمّرته آلة الحرب، كما أن الهدنة ستفتح الطريق أمام عودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم وقراهم.
ومع إدراكنا أن طريق المفاوضات طويلٌ وشاقٌّ لإيجاد حلٍّ لكلّ العقد والأزمات المستعصية التي تعيشها سوريا، وما راكمته سنوات الحرب من مشاكل، وأن الوصول إلى حلٍّ سياسيٍٍّ يحتاج إلى شجاعةٍ أكبر بكثيرٍ مما تحتاج إليه الحرب والقتال؛ فإن على من يؤمن بالحلّ السياسيّ أن يمضي في طريق المفاوضات من أجل الحفاظ على هذا الكيان الذي اسمه سوريا من التمزّق.
لا يمكننا كسوريين إلا أن نكون مع وقف العنف والأعمال العدائية بعد ما حصل خلال السنوات الخمس الماضية من تدميرٍ وقتلٍ وتشريدٍ وتمزيقٍ للجغرافية السورية، فضلاً عن الانقسامات العميقة التي أصابت السوريين. نحن في أمسّ الحاجة إلى هذه الخطوة التي تحقن دماء السوريين، وتنقل حالة الصراع إلى طاولة المفاوضات، بدلاً من القتال في ساحات وشوارع المدن المدمّرة والمحاصرة. فهي الخطوة الكفيلة برأب الصدع بين مكوّنات مجتمعنا المتنوّع الذي، رغم كلّ ما أصاب نسيجه الاجتماعيّ من تفكك، لا يزال يملك روابط قابلةً للترميم، وهذا لن يكون إلا بإعادة الاعتبار للمعنى الحقيقيّ للشراكة الوطنية.
وقد يكون إعلان بعض الأطراف السياسية في سوريا خطواتٍ أحاديةً بخصوص وحدة الأرض السورية أمراً صادماً للبعض ومقبولاً للبعض الآخر، ولكن، في كلّ الأحوال فإن ردود الفعل الانفعالية والتهديد بالعنف ليسا السبيل الأمثل لمعالجة الوضع، ولا بدّ من التواصل مع كلّ الأطراف للتفاهم حول السبل الأنجع لتسيير الأمور دون سفك المزيد من الدماء وإنتاج المزيد من العداوات. فما يهمّ سوريا المستقبل هو سلمها الأهليّ وإعادة إعمارها وليس شكل النظام السياسيّ، فيدرالياً أكان هذا الشكل أم مركزياً.