القنّاص/ عيناي حجرا رحى..
*عباس علي موسى
مر المصوّر في الأسفل يستلّ كاميرته موثّقا آثار القتال وهرج المقاتلين، وأنا الوحيد الذي تجاوزني دون أن يراني، كنتُ سأناديه، سأقول له (ها قنّاصتي، ها عينيّ كحجرتي رحى، ها أصابعي القلقة، ها أنا بكلّ تبجّحي، أنا القنّاص الذي دعاك تمرّ بسلام ولم يندهك بأزيز رصاصته).
ألبوم لآلاف الصور، فيها جزء من استكانتي، خنوعي، انكسار عينيّ، وطفولتي التي أكل القط لسانها، جمعت صوره، ورصفتها أمام الجدار، ووضعتها صوب دريئتي، واخترق الرصاص الصور عميقاً، ولم ترفّ لي عين.
مشهد
أجمع مئات الشمسيات الملوّنة وأفرّقها على أطفال المدينة، وأعطي أجملها لطفلي: (إن أمطرت رصاصاً فلتحملوها)، وكلّما أرعدت السماء أراهم يجوبون الشوارع بشمسياتهم الملوّنة من غير سوء.
رصاصات طائشة
في الركن الذي أعتليه في بناية، خرج صديقي من الباب واعداً إياي بالعودة في ساعات، ولم يعد!
إلى هذه اللحظة كلّما وضعت أحدهم في دريئتي، ينتابني ارتعاشُ خوف أن يكون هو/ صديقي، الذي ذهب صوبهم ولم يعد.
/
من ألهم الضحيّة المضيّ إلى حتفها؟!
ريحٌ باردة هبّت هذا المساء، تنشر معها الموت، فماذا عساي ألملم من القلق الذي يغشي عينيّ؟!
/
مضى القنّاص في الشارع، بعد أنّ ودّع البيت بخائنة عينيه، غارزاً في درفتي الباب رصاصتين.
/
مرّ الشحاذ من أمامي، وحثَّ الخطى ليتجاوزني مرتعداً، كانت عيناي تتقدان وكأنّما رصاصتان طائشتان.
.
.
.