info@suwar-magazine.org

لهذا.. ورثنا أبو بكر البغدادي

لهذا.. ورثنا أبو بكر البغدادي
Whatsapp
Facebook Share

 

*نبيل الملحم

 

 

 

 

 

 

أعرف سرّ "الكبوة" قبل أن أسقط.. أستحقها (أعرف ذلك)، ليس السقوط إلى هاوية التراب، لا.. إنه السقوط في هاوية التاريخ. ولم أكن أعرف أن موسى بن نصير باع طارق بن زياد، ثم بيع هو، وكلاهما فاتحان لأندلسٍ ليست لهما، فتاهَ الأول حتى ليس في وسع أحدٍ أن يقول:

 

- أعرف قبر طارق بن زياد، لأبلّل ترابه بالسؤال، لا بالدموع.. لن أبكي غازياً.

 

أعرف أن موسى بن نصير، وقد باع طارق بن زياد، انتهى متسوّلاً على عتبة الجامع الأموي.

 

- تلك حقيقة الوقت الهاوية.

 

أيّ وقتٍ هذا؟ أبطاله يقتلون أبطاله، ليقتات الموتى بالموتى، وبعدهما بمئات السنين نكون أحفاداً لأبطالٍ يتسوّلون اللقمة بعد أن نخرت سبايا الفتوحات فتوحاتهم؟

 

بشرٌ اقتتلنا على الغنائم، فبتنا الغنيمة.

 

نحن غنيمة الحرب، هكذا كنّا. وبين الغنيمة والغنمة حرفٌ واحدٌ هو، في الترتيب، آخر حروف لغتنا؟ ولا بدّ أن قروناً أطول من أن نقيسها بأجسادنا، هي زمننا الغارق في "اللازمن".. نحن الزمن التائه، الضائع، العابر، المتسوّل.

 

- نحن آلهة الكوميديا، وقد بتنا كوميديا الآلهة.

 

بشرٌ نتجوّل بين مطلبين: "المرتديلا" الفاسدة حيناً، والحوريات النزقات حيناً آخر.

 

ثم: نأكل الهواء في كلّ الأحيان.

 

هو ذا نحن، وكان علينا أن نُصدّق أننا في الهاوية. وإذا قيل غير ذلك فلا بأس أن نعود لنلعب باللغة، فالهاوية هوايتنا، حرفتنا، مصيرنا وقد رسمناه بالساطور ونحن نطلق ثغاءنا "الله أكبر".

نقول ثغاءنا، هو الحال كذلك، إذا ما اتفقنا أن روح الغنيمة تحيلنا إلى أغنام، وكنا كذلك.

 

- أيّ ربيعٍ ذاهبون إليه؟

 

يا لخيال الصحراء، ما الذي رسمه لنا!

 

تينٌ وزيتونٌ وأنهار عسل.. نساءٌ مضطجعاتٌ أردافهنّ تنام في مخادعنا.

 

ما بين وقتين تهنا.. خديعة المَخَادع، وزمنٌ آخر ما كان في وسع خيال الصحراء أن يقودنا إليه، أو يسكننا فيه، لنبيت في الوقت، ليكون الوقت مسكننا.

 

- نحن الساعات السائلة وقد رسمَنا سلفادور دالي دون أن يعنينا، لأننا لا نعني أحداً.

 

- أيّ سورياليةٍ نحن؟

 

ها نحن (نتساكن) مع الزمن، هو الأمر كذلك. ما بيننا وبين الزمن ما بين قوافل بول البعير والثورة التقنية السادسة، قل السابعة، لا.. بل قل:

 

- متواليةٌ هندسيةٌ من انفجارات الاستكشاف التي لا تنتهي.. استكشافاتٌ ليس أولها النعجة "دولي"، وليس آخرها هذا الفضاء الأزرق وقد بتنا فيه مجرد كائناتٍ افتراضية، يرسمنا من لا نعرفه، ويأخذنا إلى حيث لا ندري.

 

لا ربيع عندنا، وقد لا يأتينا ربيعٌ أبداً. فبعد ستّ سنواتٍ من الهتاف، من التيه، من البنادق وألعاب الأحزمة الناسفة، بتنا منقسمين إلى:

 

سكّان سجون، سكّان مقابر، غارقين في بحار التهجير القسريّ و(أحياناً) الطوعيّ، متسوّلي سفارات، ولاعبين يبيعوننا للمؤتمرات لنكون على هاوية المائدة.

 

- من يقول لأولئك الذين يصرخون:

 

- باسم الله والشعب، إنك لا تُمثلنا؟ من يقول لهم:

 

- إنك تبيعنا؟

 

ما بين زمنين نحن.. زمن المرتديلا الفاسدة، وزمن المرتديلا الفاسدة، بعد أن سقط زمن الحوريات في وحل خيالنا.

 

ما بين فسادين، ومن أجل جلالة الأول نُقتَلْ، ومن أجل جلالة الثاني نُقتَلْ، وها نحن نقتتل من أجل أن ترث السفالة السفالة.

 

كان هذا بعد 1400 سنةٍ من خدعة "الوحي"، وقد قال لنا: اقرأ.

 

زمنٌ باهتٌ يقوده رجالٌ باهتون. ولا بد أن نسأل لنقرأ:

 

- إلى أيّ درجةٍ نحن كائناتٌ اصطلاحية، دولٌ اصطلاحية، قومياتٌ اصطلاحية، إثنياتٌ اصطلاحية، ومذاهب لا تذهب سوى إلى حيث تأكل نفسها؟

 

لهذا كان على أبي بكر البغدادي أن يعدنا أنه وريث الله بيننا.

.

.

اقرأ المزيد للكاتب .. 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
آخر المقالات
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard