info@suwar-magazine.org

واشنطن.. ميركل.. أردوغان

واشنطن.. ميركل.. أردوغان
Whatsapp
Facebook Share

 


 

سيكون اللعب على المكشوف

 

 

 عندما سئل الرئيس البوليفي إيفو مورالس، ماهي الدولة التي لايمكن أن تشهد انقلاباً أجاب:

 

-إنها الولايات المتحدة.

 

وعندما سئل: ولماذا؟

 

أجاب:

 

-لأن ليس فيها سفارة أمريكية.

 

والآن، يحدث الانقلاب في تركيا، وعلى من؟

 

على الرئيس أردوغان، حليف الولايات المتحدة، وهو حليفها مرّة بوصف بلاده عضواً في حلف الناتو، وثانية بوصفه شخصياً أحد الرجال الأساسيين في اللعبة الأمريكية في الشرق الأوسط والتي لم نكن نعرف أنها انتهت في شوطها الأول، ومرة ثالثة كانت السفارة الأمريكية في تركيا هي ثاني أكبر سفاراتها في العالم قاطبة ما بعد سفارتها في بغداد، فـ "غرفة العمليات شاسعة".

 

كلامنا هذا يقول بأن الأصابع الأمريكية كانت وراء ماحدث في تركيا؟

 

نعم يقول ذلك، وبملء الثقة، وما علينا سوى تقديم البرهان على مانقول مادمنا نقول و :"بملء الثقة".

 

ليس مصادفة أن يأتي الانقلاب ما بعد التصريحات المتواترة لرئيس الوزراء التركي عن العودة إلى تصفير المشاكل التركية مع جاراتها وخصومها، وعملياً كانت خطوات التصفير إياها قد ابتدات مع الإيراني، وانتقلت إلى تصفيرها مع الروسي، وكانت التلميحات قد بدأت تنضج باتجاه تصفيرها مع السوري (نظاماً)، أما عن سياسة تصفير المشاكل، وقد عادت إلى خطاب أردوغان، فهي لم تكن سوى ناتج إدراكه للورطة التي وضعته فيها كل من الولايات المتحدة، وألمانيا معاً،  فقد أسقطت قواته طائرة روسية، وامتدت خصومته في النزاع مع الروس وصولاً إلى سرير سائح،  وحين باتت المواجهة مع موسكو قاب قوسين، طلب أردوغان من الأمريكان تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الناتو التي تقضي بالدفاع عن أيّ من أعضائه حين تعرضه لمواجهة عسكرية، وكان الرد الأمريكي سحب بطاريات صواريخ باتريوت من الأراضي التركية، ما يعني أنهم تركوه في عرائه، ومن عرائه أعاد قراءة جنرال الفلسفة الأمريكية المعاصرة دانيال بايبس "دعو الذئاب تأكل بعضها"، وليس ثمة من مثل أكثر إيضاحاً على الذئاب من الروسي والتركي في العقل الأمريكي، ولا بد أن ثمة من همس لأردوغان بأنه في ورطة، وثمة من أعلمنا أن حواراً جرى مابين أردوغان وشخصيات خليجية كانت قد ذكّرت الرجل بأن لا يستغرق في أوحال اللعبة أكثر، وأن مثال غلاسبي – صدّام حسين، مثال صارخ على كفاءة الأمريكان في الزج بزعامات شرق أوسطية في وحول لا اغتسال من وحلها، والوحل كان هذه المرة قد تمثّل بالنسبة لأردوغان في اللعبة السورية، بشقها العسكري حيث المواجهة مع الإيراني والروسي، وبشقها الإنساني وقد أغرق أردوغان بالمهاجرين السوريين من جهة، كما أغرقت بلاده في الفصائل الرديكالية المتطرفة، ولا بدّ أن داعش من بينها، بما جعل تركيا مجمّعاً للكارثة، وقد احتفظ بحق إعادة تصديرها.

 

ما يظهر من سطح الصورة أن أردوغان أدرك اللعبة، وإن تأخر على تفويتها، وما يظهر في عمق الصورة أن الأمريكان ومعهم الألمان بدوا مستعجلين على إزاحته لحساب زعيم حلف الاحتياط الإخواني "فتح الله غولن" الذي يملك بمفرده مايزيد عن 2800 مدرسة إسلامية تُصدّر العقيدة والمال والأحزمة الناسفة ومازال الرجل في العباءة الأمريكية، وله حصة في الجيش تمكّنه من استكمال الحماقة التي  تراجع عنها أردوغان، غير أن الحسابات الأمريكية لم تكن بمنجاة من أخطاء الحساب، فكان جمهور "أردوغان" أقوى من عسكر "غولن"، وكانت النتيجة سقوط الانقلاب لا سقوط أردوغان، وإن كانت النتائج النهائية مازلت في كنف المجهول، فالمجاهيل التركية أكثر من المعلوم فيها، سواء في الجيش أو مؤسسات المال، أو تلك الصراعات التي لابد وتلقي بنيرانها متدحرجة من شمال شرق الأناضول.

 

ابحثوا عن السفارة الأمريكية.. كلام لابد وأن نصغي إليه، ولكن:


ما الذي يدفع النظام في سوريا بإعلامة ومؤيديه إلى الرقص على أنباء سقوط أردوغان؟


كذلك ليس مصادفة أن تقوم واحدة من كبريات المحطات الأمريكية بمقابلة الرئيس السوري قبل أحداث الإنقلاب بساعات، وهي مقابلة لابد وترويجية في الكثير ملامحها، وكان على من يشاهدها القول:

 

المياه السورية في المجاري الأمريكية.


ومتى؟

 

حين ارتفع كلام الهمس ليغدو في مساحات السمع.. كل السمع:

 

الروس يعدّون لحليف سوري جديد.. الروس يهيئون رجالهم من خارج الصف الحالي للسلطة السورية.

 

إذن فليذهب السوري إلى الحضن الامريكي.


كله ليس صدفة، فالصدفة في السياسة هي ما نصنعه المبالغة في أفعال العمد، ولذلك لن يكون صدفة أن يفتح أردغان كل أبواب المعركة فيما سيأتي من أيام.. حرباً على الأمريكان وتعبيرتها ستكون في حقيقة وجوده في الناتو، في هزّ القاعدة، وثانية مع الألمان، وليست داعش بعيدة عن أردوغان، فصمّاماتها ما زالت بيده، وغرفة عملياتها ماتزال في أنقرة، والأوامر قد تكون:

 

فجّروا في بون، أو فرانكفورت أو برلين.


الحافلات الألمانية لا تحتمل التفجيرات.


 سيكون الحال في هذه الحال أكبر من انقلاب على رجل.. ستكون اللعبة الكبرى وقد ابتدأت مع فصل جديد قد ينسينا فصولها السابقة.

.

.

اقرأ المزيد للكاتب .. 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard