"صوَر" تحاور الناشطة النسويّة الصحافيّة رولا أسد عن واقع المرأة السوريّة
رولا أسد: الصورة النمطيّة للمرأة لم تتغيّر... مشاركة المرأة في الجانب السياسيّ شكلية
*حاورها: سردار ملا درويش
رولا أسد صحافيةٌ سوريةٌ من مواليد دمشق 1983. تحمل إجازةً في الصحافة من جامعة دمشق. بدأت العمل في الصحافة الثقافية والرياضية بعد التخرّج مباشرةً. عملت في المكتب الصحافيّ التابع لمجلس الشعب السوريّ لمدة عام، ثم مديرة المكتب الصحافيّ لمهرجان مساحات شرقية، قبل أن تنتقل إلى ألمانيا عام 2011 بمنحةٍ تدريبيةٍ في مجال العمل الصحافيّ وتعمل في منظمةٍ لحقوق النساء. عملت أيضاً مع مؤسسة "دويتشه فيلله" الألمانية وصحافيةً مستقلةً مع "راديو هولندا الدولية". بعد ذلك أسّست مع زميلاتٍ لها "شبكة الصحافيات السوريات"، وتشغل حالياً منصب المدير التنفيذيّ فيها.
"ثقافة "العَيب" في مجتمعنا حدّدت مساحة تحرّك الفتاة منذ الصغر
أحد خيارات الاهتمام بالجندر أن عمل النساء في الصحافة لم يكن محبّباً في سوريا
شبكة الصحافيات عملت على مشاركة الجنسين للتشارك في فهم العمل الجندريّ
طالما أن الصراع قائمٌ لا نستطيع الحديث عن بيئة تحرّر المرأة.. أنا راضيةٌ عن نسبة الكوتا المحدّدة بـ30%"
دعينا نبدأ من عملك كصحافيةٍ وناشطةٍ حقوقيةٍ في مجال المرأة مع المنظمات والمؤسّسات المحلية والدولية؛ ماذا حققتِ حتى الآن؟
ما استطعت تحقيقه إلى حدٍّ ما هو توضيح أو كسر نمطية التعامل مع النساء أو المرأة السورية في المنابر الدولية التي دُعيت إليها. يعود ذلك إلى العمل والخبرة المكتسبة، وأيضاً أفادني أنني امرأةٌ سوريةٌ متفهمةٌ لواقع ولثقافة ولتجربة المرأة السورية.
أما أهم الإنجازات فأستطيع اختصارها بمشاركةٍ لي في مهمةٍ استقصائيةٍ مع "الفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان" عام 2013، خلال دراسةٍ عن أوضاع السوريات اللاجئات في الأردن، ضمن المخيمات وخارجها، مع فريق عملٍ من جنسياتٍ مختلفة، وكنت السورية الوحيدة، لذا كان وجودي مهماً بحكم معرفتي للواقع والثقافة السوريين. الإنجاز الآخر هو اقترابنا من إنهاء بحثٍ عن صورة المرأة في الإعلام السوريّ الناشئ، والخروج بورقةٍ وتجربةٍ بحثيةٍ في فريق "شبكة الصحافيات السوريات" عن سلوك ودور الإعلام.
كي لا نستبق الأفكار.. فكرة العمل في "الجندر" (المساواة بين الجنسين) من أين جاءتك؟
التفكير بالعمل الجندريّ، أو المساواة بين الرجال والنساء، بدأ من عملي في الصحافة في سوريا، فالعمل الصحافيّ كان تحت جناح الدولة. ومن خلال معايشتي للتجربتين؛ تجربة عمل الدولة والعمل في مرحلة الثورة، أدركت أن خيارات العمل الصحافيّ محدودة، وأن الأمر يتطلب إبداعاً، خاصةً وأن العمل الصحافيّ في سوريا ليس محبباً للنساء كثيراً، فالمرأة تصبح محطَّ الأنظار وعليها خطرٌ وربما خوفٌ من الاعتقال والانتهاك. تشكل كلّ هذه الأمور نمطيةً في صورة وجود المرأة في الجانب الإعلاميّ. فأذكر، خلال تجربتي في الصحافة الرياضية، أن الأنظار كانت غريبة. وجود امرأةٍ في ملعب كرة قدمٍ، مثلاً، بين الصحافيين الشباب ليس محبباً (..)! شكلت هذه التجارب مخزوناً لديّ عند وصولي إلى ألمانيا، وكان انعكاس التجربة حاضراً. في أحد مؤتمرات "رابطة الصحافيات الألمانيات" في مدينة ميونخ عام 2012 اكتشفت أن هناك شكوى لصحافياتٍ ألمانياتٍ من عدم تمثيلهنّ بشكلٍ كافٍ وواسعٍ في الصحافة الألمانية. كانت هذه نقطة تحولٍ ودافعاً للعمل بجهدٍ لتوكيد دور المرأة في مجال الإعلام، كانت تجربةً محفزةً ومنحتني طاقةً إيجابية.
(يقول نصر حامد أبو زيد، بما معناه: "إذا أردت قياس تقدّم مجتمعٍ يجب أن ترى إلى أيّ مدىً تحرّر النساء فيه").
أنتِ من مؤسّسي شبكة الصحافيات السوريات، وكان هدفكم خلق مساحةٍ لتواصل النساء بين الداخل والخارج؛ اليوم أين ترون تأثيركم ودوركم؟
كان تأسيس شبكة الصحافيات السوريات إنجازاً في إنشاء منبرٍ نسائيٍّ سوريٍّ متخصّصٍ في المجال الإعلاميّ، وقد مرّ بمراحل عدّةٍ حتى تطور. كانت الفكرة في البداية أن تكون الشبكة ممثلةً بالنساء فقط، لكننا رأينا ضرورة مشاركة الرجل كي يكون هناك عملٌ جماعيٌّ أكثر، ولنشر التوعية بقضية الجندر من خلال كافة الزملاء. غالبية عملنا على شكل دوراتٍ وورشٍ تدريبيةٍ تصل بين الموجودين في الداخل السوريّ والخارج، لتعزيز دور الأفراد بين بعضهم، وخلق التشاركية وتبادل الخبرات بين الطرفين، أي الداخل والخارج.
الشبكة وفريقها يعملون ضمن مجموعةٍ لتبادل الأفكار والمساعدة والمساهمة في جمع المعلومات وتبادلها بينهم.
كيف تقيّمين صورة المرأة السورية في الإعلام المحليّ والإقليميّ والعالميّ؟
سؤالٌ مهمٌّ في الحقيقة... وفرصةٌ أستطيع خلالها الحديث عن أننا بصدد الانتهاء قريباً من بحثٍ عن صورة المرأة في الإعلام السوريّ الناشئ.
لنبدأ من الإعلام المحليّ. إن إحدى ركائز الثورة السورية هي حرية التعبير، وقد انعكس ذلك عبر وسائل الإعلام الجديدة وعبر ظاهرة "المواطن الصحافيّ". في عام 2013 كانت هناك أكثر من 300 مؤسّسةٍ مطبوعةٍ ومسموعة، عدا آلاف المواقع الإلكترونية. حالياً تقلص عدد تلك الوسائل وأفرز الواقع منها نحو 100 وسيلةٍ لها إيجابياتها وسلبياتها. تمثلت الإيجابيات في كسر الكثير من الخطوط الحمراء والتابوهات المصطنعة، فعملها من الخارج في ظلّ الثورة السورية سمح لها بمساحاتٍ أكثر حرّيةً دون رقابة. كانت النساء موجوداتٍ في تلك الوسائل، ولكن ليس بالطريقة المثلى، فالجميع حاول مناصرة قضية المرأة لكن بذهنيةٍ "أبويةٍ" عبر التسلط وإظهار أن النساء دوماً لاجئاتٌ ضعيفات، رغم تبيان عظمتهن. لكن ما الفائدة إذا كانت المرأة تظهر دوماً كضحيةٍ للصراع، ممثلةً بغياب الزوج أو أرملةً ضمن صورةٍ نمطية (النتيجة سلبيةٌ حتى لو كان المنطلق حسن النيّة).
مع بداية الثورة حاول الجميع تبيان صورة المرأة الناشطة والقيادية والفنانة والحرّة.. إلخ. مع مرحلة التسليح بدأ النزوح، وهنا بدأ تصوير المرأة على أنها نازحةٌ وتابعةٌ للرجل. حتى أن المرأة المناضلة هي تلك اللاجئة دون الكفّ عن إظهار ضعفها!
بالنسبة إلى الإعلام الغربيّ كان الأمر أبعد من ذلك، فهو يصوّر المرأة دوماً بنظرةٍ استشراقيةٍ على أنها شرقية، مما يعطي نمطيةً سلبيةً أكثر من أن تكون إيجابية. وفي الواقع يقع على الإعلام الإقليميّ والمحليّ الدور الأكبر بحكم فوارق الخبرة بينهما وبين الإعلام السوريّ الناشئ.
بحكم عملك في الإعلام الغربيّ والتخصّص في مجال المرأة السورية، ماذا رأيت في الإعلام الغربيّ ولم ترَيه في الإعلام العربيّ؟
رأيت أمرين: أحدهما إيجابيٌّ والآخر سلبيّ؛ كان الإيجابيّ في مناصرة قضايا النساء والتركيز على نجاح المرأة، وتمثل السلبيّ في إظهار المرأة بصورةٍ نمطيةٍ على أنها ضعيفةٌ وفقيرةٌ ولاجئةٌ وحزينة، دون إظهار الإيجاب وما يبعث الأمل في الحياة.
ما هو تقييم رولا للعمل النسويّ السوريّ بشكلٍ عامٍّ ونحن في عام 2016؟ وهل خلق الواقع السوريّ نساءً قياديات؟ (أتستطيعين ذكر إحداهنّ وصلت بجهدها)؟
يُقسم العمل النسويّ إلى ثلاثة مستويات؛ المستوى الثالث منها يسمّى "القاعدة"، والقاعدة هي النساء المواطنات داخل سوريا وخارجها، وفي الداخل تُرجم عمل تلك النساء في المؤسّسات مثل "المجالس المحلية". ففي القاعدة يكون هناك -دوماً- اهتمامٌ شكليٌّ في البداية، وبعده يتمّ التجاهل ولا تأخذ المرأة حقها في الاستمرارية. أما المستوى الثاني، والذي يمثل ناشطات المجتمع المدنيّ والفاعلات اللاتي يوجدن في منظمات المجتمع المدنيّ، فهو مستوىً نشيط، فمن بين 100 مؤسّسةٍ مثلاً هناك 40-50% من القيادات النسائية. أما المستوى الأول فهو ضعيفٌ لا على الصعيد السوريّ فقط بل على الصعيد العالميّ، لأنه مستوىً يوصل المرأة إلى سلم القيادات، ويحتاج إلى مناصرةٍ وتأثيرٍ ودورٍ كبيرٍ في مضمار السياسة والمفاوضات.
في الحالة السورية تُرجِم وجود النساء على المستوى الأول بدايةً بمبادرة "نساء من أجل السلام والديمقراطية"، ومؤخراً بـ"المجلس الاستشاري"، وهو مجلسٌ صريحٌ لمشاركة النساء السوريات. لكن، من وجهة نظري، ورغم أنها مبادرةٌ جيدةٌ من مناصري حقوق المرأة الدوليين، فهي غير كافيةٍ وغير ممثلةٍ للحراك النسويّ السوريّ وماذا يريد! يتألف المجلس الاستشاريّ من 12 امرأةً سوريةً لديهنّ خبراتٌ في حقوق النساء والمساواة بين الجنسين، لكن، بحكم أنه تمّ اختيارهنّ من قبل الأمم المتحدة، فهن موظفاتٌ لتقديم الاستشارة بحكم فهمهنّ للواقع السوريّ. ولكن الفخّ الذي وقعن فيه، ويرِدن إيقاع الحراك النسويّ السوريّ فيه أيضاً، أنهن يردن تمثيل الحراك النسويّ السوريّ دون اختيارهنّ من الحراك النسويّ في القاعدة كممثلاتٍ عن النساء السوريات. لذا فالحراك النسويّ السوريّ ينشط في المستوى الثاني، بينما في المستوى الأول نستطيع أن نقول إنه ربما كان وجود النساء بعيداً عن طاولة المفاوضات يُحدث ضجةً، ولكنه غير كافٍ لتضمين النساء بشكلٍ حقيقيٍّ في المفاوضات.
العمل مع القاعدة هو الأهم لأنه يؤسّس لحراكٍ نسائيٍّ أوسع، ويسهم في وصول النساء إلى مستوياتٍ عاليةٍ في صنع القرار. ولكن يتمّ تجاهل القاعدة لحساب بعض النجاحات الصغيرة والمؤقتة على المستوى الأول. وبالتالي يبقى المستوى الثاني، فضاء المجتمع المدنيّ المتمثل بالمنظمات المدنية، ينشط في الواقع السوريّ، أما الأول فهو خارج إرادة الحراك النسويّ السوريّ ولا يمثلهن.
حقيقةً خلق الواقع السوريّ قياداتٍ سوريةً نسائية. علينا دوماً أخذ الجانبين الإيجابيّ والسلبيّ في الاعتبار؛ فالإيجابيّ جاء مع خلق الفرصة التي قدمتها الثورة بالانفتاح لتأسيس مجتمعٍ مدنيٍ أكثر فعاليةً ونشاطاً مقارنةً بمرحلة ما قبل 2011. فنساء أمثال "علا رمضان" مديرة مؤسسة بدائل، و"هيفين قاقو" المديرة التنفيذية في مؤسسة بهار، و"مارسيل شحوارو"، و"ميليا عيدموني"؛ جميعهن قيادياتٌ شاباتٌ يقمن بجهدٍ أكبر من طاقاتهنّ الإنسانية، فكلاً منهنّ تدير مجموعةً ومؤسّسةً، وقد استطعن خلق أثرٍ في المجموعات العاملة.
هل تستطيعين القول إن المرأة السورية باتت تشقُّ طريقها بشكلٍ مغايرٍ عن الطابع المجتمعيّ السابق (في حال وصفنا السابق بالسلبيّ تجاه حقوق المرأة وحريتها)؟
سؤالٌ صعبٌ بحكم أن التجربة قائمة. طالما أن الصراع حيٌّ فمن الصعب الحكم الآن، المقارنة بين ما قبل 2011 واليوم تحتاج إلى وقت! لكنني أستطيع القول إن هناك إشاراتٍ لا بأس بها إلى تبدل الأدوار الجندرية وظهور مبادراتٍ تقودها النساء.
رأينا المرأة السورية بصورٍ متعدّدة، من سحلٍ في الشوارع من قبل النظام، ومُجبَرةً على ارتداء لباسٍ معينٍ من قبل فصائل معارضة، ومقاتلةً في صفوف القوات الكردية... وسبقت كلّ تلك المشاهد رؤية فتياتٍ بلباس العرائس في ساحات دمشق في فترة السلمية؛ كيف تصفين هذه الصور المتعدّدة التي مرّت على المرأة السورية؟
هي صورٌ متعدّدةٌ بسبب تعدّد النساء السوريات، وجميعها جزءٌ من الحقيقة والواقع. المرأة التي سُحلت تمّ ذلك لأنها إما ناشطةٌ أو والدة أو زوجة أو امرأة ناشط، وذلك من مبدأ المحاسبة الجماعية. بينما فرض الإسلاميون والمتشددون واقعاً على النساء السوريات لم يكن واقعهن. بالنسبة إلى المقاتلة الكردية أريد التعليق هنا أن الأمر بدا أسطورياً للوهلة الأولى، لكنه ليس كذلك في حال عدنا إلى أن النساء الكرديات مقاتلاتٌ من قبل، وليس الأمر غريباً عليهنّ، لكن الصحافة الغربية صورتهنّ بصورةٍ أسطورية، بينما ذكر مقالٌ واحدٌ -أعتقد أنه نشر في صحيفة "الغارديان"- أنهن مقاتلاتٌ استشهدن في صورٍ نمطية، فمنهنّ من تبيّن أنهن عاطفياتٌ في اتخاذ القرار بالانضمام إلى القوات العسكرية وخوض القتال، وأنهن غير منطقيات، فمنهنّ من استشهدن لقلة الخبرة العسكرية ومهارة استخدام السلاح. من هنا نستطيع القول إن لكل شيءٍ وجهان يشملان المرأة والرجل، ففي المناطق الكردية نرى المرأة الكردية مقاتلةً نعم، لكن أيضاً هناك امرأةٌ كرديةٌ -مثل قريناتها العربيات في سوريا- محرومةٌ من حقوقها المدنية وتعاني من قانون الحضانة والطلاق والإرث. هذا الأمر انعكاسٌ لواقعٍ لا نستطيع التركيز على جانبٍ منه دون الآخر.
رغم إفساح المجال لمشاركة المرأة في جميع الأدوار، لماذا يعتقد البعض أن "الكوتا" النسائية كانت حالةً شكليةً أكثر من أن تكون جوهريةً أو أن (تمثل المرأة المناسبة في المكان المناسب)؟ أيضاً هل نستطيع القول إن استلام امرأةٍ لقيادة مجلس الشعب السوريّ اليوم ووجود نساءٍ مثل بثينة شعبان في مراكز قياديةٍ يمثل المساواة والجندر في الحالة السياسية السورية أم (..)؟
الكوتا نسبتها 30% كما هو معترفٌ عليه دولياً. أحياناً يتمّ البحث في أسباب تحديد النسبة، وبرغم أنه لكسب ودّ الرجال في مجالات العمل لكنه في النهاية أمرٌ منطقيّ، فُرض بعد جهودٍ نسائيةٍ على مستوى العالم. وهو، إن لم يكن فاعلاً، يبقى أفضل من استفراد الرجل بكلّ شيء. إلا أن الأنظمة الدكتاتورية، مثلاً، استخدمت هذا الأمر لتبيض وجهها. فمثلاً نظام بشار الأسد كان يعي بأن يكون هناك دورٌ للنساء في كلّ مكانٍ داخل الحكومة والمؤسّسات، فشاهدنا نساءً وزيراتٍ ومستشاراتٍ وقضاة، لكنهنّ مجرد ديكورٍ ورقم. وهذا الأمر موجودٌ في كلّ الدول التي لا تؤمن بفعالية دور المرأة في المجتمع.
عادةً يكون هناك نقاشٌ لدى التجمع النسائيّ أو الحراك النسائيّ العالميّ حول: "هل نرضى بنسبة 30%؟"، وكذلك بخصوص موضوع "الشخص المناسب في المكان المناسب". من وجهة نظري لا بدّ من عدم الاستغناء عن الاثنين، فلو تحدثنا عن الواقع السوريّ نحن في حاجةٍ إلى دور المرأة بنسبة 30% في كلّ مفصلٍ حتى في أصغر قريةٍ ومدينة، ليكون هذا نشاطاً معتاداً للمجتمع على مشاركة المرأة، مما يساعد في زيادة النساء المؤهَّلات. أما بالنسبة إلى المناسب فحقيقةً دوماً نتساءل: هل هذا الرجل المناسب في المكان المناسب؟ ينطبق الجواب نفسه على المرأة.
تمثيل المرأة في رئاسة مجلس الشعب السوريّ، أو وجود أمثال بثينة شعبان في مكانٍ قياديٍّ في سلم الدولة، هو أمرٌ شكليٌّ أكثر من أن يمثل المساواة بين الجنسين "الجندر" وتكافؤ الفرص. هنّ واجهةٌ شكليةٌ لنظامٍ دكتاتوريٍّ يحاول تسويق نفسه على أنه نظامٌ علمانيٌّ متحرّرٌ يناصر قضايا النساء، بينما في النهاية وجود المرأة في ذاك المكان لا يؤثر على شرعية أو سحب شرعية النظام مثلاً، ولكن يبقى له تأثيرٌ مستقبليٌّ بأن التاريخ سيكتب بأن امرأةً في هذه الحقبة استلمت رئاسة مجلس الشعب.
لنتختم حوارنا رولا بسؤال.. ماذا تعني ثقافة "العيب" في المجتمع السوريّ بالنسبة إليك كامرأة؟
تبدأ ثقافة العيب مع الفتاة منذ الطفولة، عندما يُعتبر لعبها بكرة القدم وهي ترتدي "التنورة" (عيب)، بينما يلعب الطفل بـ"الشورت" وهذا أمرٌ عاديّ. عندما يبكي الطفل يقولون له (عيب)؛ أنت رجلٌ يجب أن لا تبكي، بينما الفتاة لا بأس. إذا ضحكت الفتاة بصوتٍ عالٍ (عيب)، بينما الطفل لا بأس. هذه ثقافةٌ تبيّن الاختلاف والتفرقة منذ الصغر. والـ(عيب) حقيقةً هو تحديد مساحة الحرية والتحرّر منذ الصغر، سواء للفتيات وأيضاً المساحة التي يستطيع الطفل أو الصبيّ أن يعبّر عن مشاعره فيها.
.
.