info@suwar-magazine.org

بونجور مدام.. أورس بو

بونجور مدام.. أورس بو
Whatsapp
Facebook Share

 

*نبيل الملحم

 

 

 

حروب قنّاصين، واختبارات سلاح.. تسوياتٌ ومصالحات، تقسيمٌ وإعادة رسم جغرافيات، هوياتٌ جديدةٌ من الهاوية إلى الهاوية، و"الثورة" سـ"تنتصر"، وما زال رافعو شعاراتها على بوابة الحجيج وقد انتهى موسم الحجّ لحساباتٍ ليست على صلةٍ بالله، ولم تتعرّف طعم الأوثان.. وتغيّرت الوقائع ولم يتغيّر الكلام.

 

هذا العالم لا تكفيه الكآبة، هو كذلك، ولأنه قد بات على هذه الدرجة من السأم والإملال كان عليه أن يغيرّ شروطه أو يغيّرنا، و:

 

- نعاهده بأن نتغيّر.

 

نعم، سنطرق أكفنا على صدورنا، فوق القلب بإصبعٍ أو إصبعين، لا، بل على بوابة القلب ونقول:

 

لمَ لا نتغيّر، ألم يقل الكاتب الفذّ ياسوناري كاواباتا وهو يمدّ يده ليحصد جائزة نوبل: "لكي نقهر الكآبة علينا أن نقهر التاريخ؟".

 

- التاريخ.

 

نحن لم نقرأه. ولو كنا فعلنا ذلك، كما المصابين بلعنة الحاضر، لعرفنا أننا دولٌ قامت بالسيف، وها هي تتفكك بالسيوف، بعد أن رسمت بالقلم والممحاة، ونخاف التقسيم.

 

- متى لم نكن مُقسّمين؟

 

لصاقاتٌ من البشر، مرصوفين كما أحجار الدامة، ما إن تهتز الرقعة حتى نتبعثر فوقها وعلى أطرافها، ولم يكن لنا من خياراتنا خيار.

 

- يدٌ ممتدةٌ إلى الفرنسيّ، ويدٌ ممدودةٌ إلى الإنكليزيّ، ويدٌ تتسول الأمريكانيّ، ويدٌ يقطعها العثمانيّ، واليوم "يدٌ إلى الروسيّ" وبعدها إلى الإيرانيّ. وها هي اللعنة السورية تقولها، وبالفم الملآن:

 

- أيها السوريّ (إن بقيت سوريا).

 

ولن تبقى، وخذوها مني:

 

ذات يومٍ لعنّا خالد بكداش حين قال إن إسرائيل "أمة في طريق التكوين"، وكان علينا أن نلعن من يقول إننا "أمّة"، أمّة ما.. أيّ أمّة.. أمّة لصوص.. فاقدي الأمل، مرميين على القارعة، نأكل بعضنا بعد أن فقدنا كل ما نشتهيه.

 

هي الأمم تتشكل على واحدٍ من طريقين:

 

- طريق التراكم، ولم نراكم، فاللاحق يلعن السابق.

 

- وطريق خيارات الناس، ولم يكن للناس لا صندوق اقتراعٍ ولا جامع يجمعهم سوى القبضة والبسطار.. حتى البازار لم يجمعنا كما حال السوق وقد أنتج الأمة في ما اخترع من منتجات.

 

جمعنا البسطار، ومن جمعنا هو من يفرّقنا، والجمع القسريّ لا بدّ أن ينتهي بالتفكيك القسريّ. كان هذا واقع الحال، وكانت هذه وقائع الحياة، وما دام الأمر كذلك فلا بد أن نخرج من كآبة التاريخ.. نخرج منه دون أن نسأل إلى أين؟ ما عمق الحفرة اللاحقة بعد كل الغرق في الحفر السابقة؟ وخذوا خياراتنا التي كتبتها الأيام السابقة من حفنة تاريخ بلد:

 

- تعيش تحت وابل الإلغاء.. إلغاء حتى "اللغة"، أو الرقصة أو اسم الوليد.

 

أو، تذهب إلى الطلاق، فالطلاق الودّي أرفع شرفاً من زيجات الاغتصاب، ولكن لنتأمل في القادم من الأيام:

 

سنكون كمشات بشر، دولاً ملصقةً بدول، متآكلةً متناحرة.. هذا ما تقوله كل الاحتمالات، ولكن:

 

- لن تكون لنا هولندا، وهي بحجم زقاقٍ من دمشق، ولها من الأبقار ما يجعلها تسابق دول السلاح.

 

سنكون زواريب دول، زواريب تقتتل بعد أن كنا أوتوسترادات تقتتل أيضاً.. فالصيغة الصومالية لا بد وأن تكون إنجيلنا، ولم لا تكون ما دامت خياراتنا السابقة قد اختزلت بين السيف والبسطار؟

 

- سيف داعش، أو بساطير الثكنات؟

 

"واحد.. واحد.. واحد" أيّ واحدٍ ذاك.. وأيّ وليمةٍ كان؟

 

سنتغير، سيكون الحال كذلك، ولن يكون أسوأ حالاً مما كان عليه الحال.

 

هي الخرائط الجديدة.. دولٌ تتناسل من دول، ومع كل دولةٍ جديدةٍ سيّاحٌ جدد، يلتقطون الصور التذكارية مع دليلٍ سياحيٍّ يقود حماراً مزيّناً بالأعلام.

 

سيكون الحال كذلك، وسنحكي بكل اللغات:

 

- بونجور مدام.. سي سينيور.. هاللو سير. وحين يكون الوقت للعثمانيّ لن نعرف من اللغات سوى:

 

- أورص بو.

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard