فيلم جنتي حكاية مدينة ومخرج مهاجر
*يوسف برو
عاد المخرج أكرم حيدو عام 2014 إلى مسقط رأسه مدينة سري كانيه ( رأس العين ) التي تقع في شمال شرقي سوريا على الحدود التركية ، ليعرض فيلمه " حلبجة – الأطفال المفقودين" لأبناء مدينته.
الفيلم يسلط الضوء على ضحايا القصف الكيماوي لمدينة حلبجة في إقليم كردستان العراق، حاز على عدة جوائز عالمية كجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان دبي السينمائي 2011، وجائزتيْ أفضل فيلم طويل وأفضل إخراج في مهرجان الخليج السينمائي بالإضافة إلى جائزة أفضل فيلم في مهرجان يلماز كوني السينمائي بمدينة باتمان التركية، بالمقابل كان لديه مشروع آخر حينها وهو صناعة فيلم عن مدينته بعد تغييبه عنها لعشرين عاماً.
عاد حيدو مجدداً إلى مدينته حاملاً في جعبته هذه المرة فيلم عن مدينته باسم my paradise (جنتي) قادماً من أقليم كوردستان العراق بعد حصوله على جائزة السلام للسينما في مهرجان دهوك السينمائي عن الفيلم المذكور، وبدأ التحضير لعرض الفيلم في معظم مدن الكوردية أولها مدينته سري كانيه، حيث تم عرض الفيلم بتاريخ 1-10-2016 في مركز واشوكاني للثقافة والفن بحضور العديد من الأشخاص الموجودين في الفيلم، وتلاها عرض الفيلم في معظم مدن الكردية في الجزيرة.
تدور حكاية الفيلم حول عدد من أبناء مدينة سري كانييه ( رأس العين ) ألتقطوا فيها صورة تعود لعام 1989 في ثانوية ابن خلدون للبنين كانوا مجموعة أصدقاء المخرج من جميع أطياف المدينة من "كورد و عرب وشيشان ومسيحيبن".
ويوازن المخرج بين شخصيات فلمه سابقاً وما آلت إليه أوضاعهم بعد الثورة السورية، بالإضافة إلى شخصية "آرا كشيشيان " التي تأثر بها المخرج وهو أرمني، يعتبر أول من أدخل الكاميرا لمدينة سري كانييه، وقام بتصور الحفلات والأعراس فيها، حيث يقول المخرج حيدو في مقدمة الفيلم " كان آرا أول من لفت انتباهي إلى صناعة الأفلام ".
يتناول المخرج في فلمه مزرعة " أرا كيشيشان " التي هجرها قسراً بعد تهديده من قبل الكتائب الإسلامية التي دخلت المدينة في نهاية 2012 ويركز على الديكور والفن المعماري الذي قام بها " أرا " نفسه ومنه يتوجه إلى " أرا المهاجر" لأرمينية حيث يعيش، ويقوم بملاحقة شخصيات الفيلم من خلال الصورة الملتقطة والتي بقيت محفورة في ذاكرته.
يلاحقهم من خلال أحلامه التي رسمها في جنته ... من كان معه تلميذاً أصبح مدرساً في ذات المكان " حسين شيخو" ، ومن بقي في المدينة يتحدى الواقع الصعب للبقاء في مدينته " عماد عبيد ومظهر استرخان" لا زالت تربطهم علاقات جميلة منذ الطفولة على رغم من إنهم من قوميتن مختلفتين ، ومن توجه للسياسة فدفع ثمنها روحاً أصبحت لتلك الروح قدسية فيلاحق كاميرة المخرج أطفاله وزوجته وحياتهم اليومية " عابد خليل ".
ومن تأثر بالسلاح فأصبحا الصديقان على طرفي نقيض أحدهما مع الكتائب الإسلامية خرج معها ولم يعد للمدينة بقي في تركيا " عز الدين الفراتي " وآخر قام بالانضمام إلى وحدات الحماية الشعبية " سيامند عصمان " تقاتل الصديقان رغم أنهما لما يقاتلا بشكل مباشر ولكن من خلال القوى التي انضما إليها.
من خلال تلك الشخصيات يقوم المخرج بربط" المكان بالذاكرة "و"الأحلام بالواقع " يقرأها.. يتكلم معها من خلال الصور ويتألم لما آلت إليه الصداقة في الوقت الحالي كلهم كانوا في صورة تبعثرت إلى أجزاء تبكي واقعها الأليم.