مجلة صُوَر تحاور الشاعر والمترجم عبدالله فاضل
عبد الله فاضل .. داخل اللحظة وخارج الضجيج
مع الشعب دون أن يكون شعبويّاً
*حاوره : سناء إبراهيم
كنت أرغب أن أنتزع منه أكثر من اعتراف وأن أسرق منه كلاماً عن أشياء قد لا يكون مُلزَماً بالتصريح عنها أو حتى تكليف نفسه عناء الردّ أو الإجابة عليها، وكنت أرغب أن أجلس بمواجهته، أوجّه الاتّهامات، أدينه، أسأله سؤالاً سخيفاً ربّما، فيرفع من قيمة سؤالي دون أن يتعالى أو يدير وجهه أو يشيح بنظره عني كما يفعل المثقّفون. كل ذلك لم يحدث، فرغم تواجدنا في دمشق، كان حوارنا إلكترونيّاً، ورغم ذلك، كانت هناك مساحة واسعة للبوح، وكان لديّ كل الوقت لأعيد قراءة حواري معه فأجده نقيّاً، متواضعاً، بعيداً عن الادّعاء والاستعراض، داخل اللحظة وخارج الضجيج.
عرف نقاط ضعفه وتعرّف إلى نقاط قوّته، أدرك مخاوفه تماماً كما أدرك أوهامه ، فأعطى لنفسه فسحة للتأمل في أحلام البشر، هو الذي تكسّرت أحلامه في سجنه الأول (1992)، فكان سجنه الثاني (2016) بداية انكساره هو. نال السجن الثاني من صاحبه إلى حدّ يخاف معه التعبير عمّا يدور في خلده من أفكار، وإلى الحدّ الذي لم تنجح فيه القصيدة في ترميم جروح الشاعر وقد استعان بها في سنوات العتمة، وإلى الحدّ الذي يخاطر فيه بالقول: لقد ضاع عبد الله القديم. استطاع الجلّاد أن يكثّف الزمن ويصفع الذاكرة، لكنّ الشاعر نجا.
في هذا الحوار مع المترجم والشاعر السوري عبد الله فاضل، نسأله كيف يواصل العيش في بلدٍ أتقنت دفن من يُصغي لتُتقن لاحقاً دفن الموتى؟ ننبش المخبّأ فيه، نخرجه من الظل، كي نتعلم منه كيف نصغي، كيف نسرق من التواضع تعاليه وقيمه، نتعلم منه كيف نمنح البلد قيمته من قيمة من نحب، فلا نغادره لأن فيه أحبابنا، ونبقى فيه لأن مصيرنا مرتبط بمصير من نحب.
عبد الله فاضل : داخل اللحظة وخارج الضجيج
كل هذا الضجيج من حولك وأنت غارق في الصمت ... لماذا؟
أنا بالتأكيد لست في خانة الضجيج، ولكن لا أظن أنني غارق في الصمت. المشكلة هي أن يكون لديك ما تقولينه، وكيف تقولينه، ومتى، ولمن، وما الجدوى. أنا شخصياً أميل إلى الهدوء، أكره الأصوات العالية، وأجد نفسي مرتاحاً في حديث عقلاني هادئ يضم شخصين أو ثلاثة، بينما أنفر من النقاشات الحامية الحادة التي يحاول كل شخص فيها أن يثبت صحة وجهة نظره وخطأ وجهة نظر الآخر. لدى كثير من الأشخاص الذين أعرفهم قدرة هائلة على إثارة الخلافات؛ قليلون يتقنون فن الإصغاء والبحث عمّا هو مشترك.
كيف توصّف ما يجري الآن في سوريا؟... لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟
وصفت ذلك سابقاً بأنه صراع ضوارٍ، ونحن، البشر العاديين، ضحاياه. يرى البعض أنه صار كذلك، أي أن الأمر لم يبدأ على ذلك النحو، وأنا موافق. أنا أتحدث عن المآلات. أمّا لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه فهذا سؤال كبير، ربما أكبر من قدرتي على الإجابة، ومع ذلك أقول ربما يجب علينا البحث في مصالح القوى المتصارعة والمصالح الكبرى لمن يقف وراءها، وهؤلاء لا يهمّهم الشعب ولا تطلّعاته في شيء. أما الأخطاء العابرة ومواقف هذا الشخص أو ذاك، فلا أظن أنها كانت ستغيّر في الأمر كثيراً، مع أني لا أبرّئ أحداً من المسؤولية عمّا فعل.
ماذا تسمّي ما نشهده اليوم في سوريا؟ ثورة أم انتفاضة أم أزمة؟.. ما هو موقفك منها في البداية وفي هذه اللحظة؟
بغضّ النظر عن التسمية، تعالي ننظر إلى الجوهر: كتلة شعبية هائلة نزلت إلى الشارع، وهتفت: الشعب يريد. هذا أمر جوهري "الشعب يريد". أنا لست شعبويّاً ، ولكني مع "الشعب يريد". ومع قناعتي بأن أخطاء كبيرة قد تُرتكب تحت شعار "الشعب يريد"، لا يمكنني إلا أن أكون معه دون أن أتبعه، أبقى ناقداً لما أراه من أخطاء، ولما أراه من انحرافات. الشعب يريد وفي مسيرة التجربة والخطأ والتعلم من الخطأ يتعلم الشعب، كما يتعلم الفرد. لكن هذا الشعار أخاف كثيرين. إذ ليس من حق الشعب أن يريد، وهؤلاء الذين تدخّلوا تحت اسم "أصدقاء الشعب السوري" أو "أصدقاء سورية" كانوا بالضبط ضد "الشعب يريد"، وما فعلوه فعلاً هو: نحن نريد، والشعب أداة بأيدينا.
بعد كل هذا الخراب والدمار والموت.. هل ما زالت تعنيك الأسئلة؟.. وأي سؤال يؤرّقك الآن؟
بلى، تعنيني الأسئلة. والسؤال الذي يؤرّقني: متى تنتهي هذه المَقتلة؟
عمرك الآن 50 سنة... ماذا أخذت منك الحياة، ماذا أخذ منك السجن، ما الذي أخذته الحرب منك منذ خمس سنوات.. وما الذي تبقّى لك...؟
الحياة لم تأخذ مني شيئاً، الحياة علمتني. لم تكن الحياة التي عشتها سهلة ولا مفروشة بالورود. كانت حياة شاقة بكل معنى الكلمة، ومليئة بالآلام والمصاعب، على المستوى الشخصي والعائلي وعلى المستوى العام. وربما لهذا علمتني الكثير. السجن الأول علمني أيضًا. عرفت نفسي والآخرين على نحو أفضل. جعلني أعرف نقاط ضعفي ومخاوفي وأوهامي وربما نقاط قوّتي أيضاً، ومنحني فرصة التأمّل في البشر والمصائر والتحولات والانكسارات والخيبات والأحلام. كانت عندي أحلام، ورأيتها تتكسر، ولم أشعر أنني أنكسر معها، شعرت أنني أتعلم. صرت أجرأ في مواجهة نفسي وفي التعبير عمّا بداخلي. السجن الثاني كسرني على الرغم من قصر المدة الكبير بالمقارنة مع الأول؛ كسرني إلى حدّ أخاف معه من التعبير عمّا يدور في خلدي من أفكار.
هل تشعر أنك غريب.. بأخلاقك، بمبادئك، بصبرك، بتواضعك.. باحترامك لنفسك.. وسط هذا المحيط الذي ينحدر؟
أنا فعلاً أشعر أنني غريب. كثير ممّا يشغل بال الناس لا يشغل بالي، والعكس صحيح. في رواية ترجمتها لجورج أورويل ، يقول بطل الرواية: أنا من ذلك النوع من الأشخاص الذين يستطيعون أن يتدبّروا أمورهم في مختلف الظروف. أنا على العكس من ذلك. يصعب عليّ تدبّر أموري في أي ظرف. إذا وجدت ازدحاماً على الفرن، فالأرجح أن أعود بلا خبز. وإذا وجدت تدافعاً من أجل ركوب الباص، فالأرجح أن يمضي الباص بدوني. أمشي أحياناً مسافات كبيرة لأتفادى التدافع أو التزاحم من أجل ركوب وسيلة النقل. أكثر ما يغيظني أن يقول لي أحدهم: عسكري دبّر راسك.
لماذا لم تغادر البلد رغم أنك أول من دفع الثمن وما زال؟ ما الذي يبقيك هنا؟ وما الذي سيدفعك للسفر فيما لو قرّرت ذلك؟
لستُ أول من دفع الثمن ولا آخرهم. ولا أنظر إلى الموضوع من هذه الزاوية. أنتِ تختارين خيارات في الحياة، وبعض الخيارات صعب وبعضها سهل. وأحياناً أنتِ لا تختارين ما يحدث لك ومع ذلك يكون هو الأكثر تأثيراً في حياتك ونفسيّتك ومستقبلك. أنت لم تختاري عائلتك، ولا مكان ولادتك ولا تاريخها، ولا اسمك، ولا مكان إقامتك، ولا أصدقاء طفولتك. أنت لم تختاري أن تعيشي في أسرة مكوّنة من عشرة أشخاص أو أن تكوني وحيدة. أنت لم تختاري أن يكون لك أب متسلّط أو أب عطوف. أنت لم تختاري أن تعيشي في أسرة مترابطة أو في أسرة مفكّكة. يمكن أن أسرد لك قائمة طويلة من الأشياء التي لم تختاريها ومع ذلك صاغت حياتك على نحو لا فكاك منه. الخيارات التي تأتي لاحقاً مهمة ولكن شخصيتك تكون، على نحو ما، قد تحدّدت. ما يبقيني هنا هو الإيمان بأن مصيري مرتبط بمصائر أشخاص أحبهم، وهم باقون هنا.
لماذا تكتب الشعر ... لتشرد .. أم لتتشرّد ... ؟
أكتب الشعر لأن فكرة ما أو صورة ما تبقى تلحّ علي حتى تجد طريقها شعراً إلى الحياة. لست شاعراً، ولكن في لحظات معيّنة يكون الشعر الوسيلة الوحيدة للتعبير عمّا يضطرب في داخلك من أفكار أو أحلام أو رغبات أو هواجس أو خيبات أو آلام، إلخ. في مرحلة ما من العمر، كنت غاضباً من كل شيء، وكنت أظن أن الشعر هو أن تكتبي غضبك وأن تملئي ورقتك بكلمات من مثل الثورة والغضب والتمرّد والصمود، ولا بأس بأن تحشري بعض الشتائم والكلمات الغاضبة. بعد ذلك بدأت الأمور تتغيّر، صرت أكتب عن الحياة والحبّ والحرّية والجمال. ثم صرت أكثر انكشافاً على ذاتي. صرت أكتب كيف تتفاعل الأشياء في داخلي. ما يجري أمامك أو معك يجد طريقه إليك ويؤثّر فيك، وأحد أشكال التفاعل معه هو الشعر.
في سجنه الأول .. كتب عبد الله فاضل :
يقفُ القلبُ على نقطةِ ضوءٍ
حينَ يشتدّ النزيف
وعلى نقطةِ ضوءٍ
"تتعكّزُ" هذي الروحُ إنْ مالَ الهواء.
- ... -
طربٌ كدوريٍّ
بيتيَ العشبُ
وأحلامي الفضاء
أقطعُ الوقتَ
على صهوة روحي
وأغني
كلما سكنت
رئتي السماء.
وكتب مؤخّراً :
- ذات صبح-
ذات صبح
سأقطف الماء عن خصرها
وأرشف أسماءها
ثم أتلو
على حلمتي صدرها
بعض تفاح أسئلتي
وأتلو نبيذ القصائد
على شفة من كرز.
في الترجمة : لا أسمح لنفسي بالتدخّل في النصّ على الإطلاق.
هل الترجمة عمل آليّ يقوم به المترجم أم أنه يغوص في عمق النصّ ؟
بالتأكيد ليست الترجمة عملاً آليّاً يقوم به المترجم، هي جهد لنقل نص مكتوب بلغة أخرى إلى اللغة التي تترجمين إليها، ولهذا يجب أن يكون المترجم في خدمة النص كما هو، لا يزيد عليه، ولا ينتقص منه، ولا يحرّف فيه، ولا يجمّله، ولا يضفي عليه أي شيء من الإثارة الإضافية أو الإحساس. هذه وجهة نظري، وكثير من المترجمين لا يفعلون ذلك.
هل على الترجمة أن تكون حياديّة ؟ وأنت عندما تترجم .. هل أنت حياديّ أم انك تتدخّل في النصّ وإلى أيّ درجة يكون تدخّلك؟
أنا أسعى لأن أقدّم النص كما هو، وأقصى تدخُّل أفعله هو أن أشرح في هامش بعض ما أظن أن من الضروري شرحه. لا بدّ من تأخذي في الحسبان أنك حين تترجمين نصّاً أنه قد أُنتج في ثقافة مختلفة عن ثقافتك، ومن ثم قد تجدين نفسك مضطرّة إلى القيام بما يشبه تحقيق الكتاب وليس فقط ترجمته. هذا ما فعلته مع بعض الكتب التي ترجمتها أو شاركت في ترجمتها. أنا من أنصار أن تكون الترجمة حيادية. وأنا، عندما أترجم، حيادي تماماً، لا أسمح لنفسي بالتدخل في النص على الإطلاق، فهذا ليس من حقّ المترجم. أقصى تدخل لي هو وضع هامش يوضح فكرة ما أو اسماً ما أو يعرّف بحادثة ما، وذلك عندما تكون لدى المترجم شكوك بأن الفهم الصحيح لفكرة المؤلف تقتضي هامشاً توضيحيّاً ما. حتى الهوامش التي أضيفها إلى كتاب ما عند الترجمة هي هوامش توضيحية، وليس لها أي علاقة بتقييم أو نقد أو الإعجاب بفكرة ما. إذا كانت لديك ملاحظة ما أو رغبة في مناقشة فكرة ما في الكتاب، فيجب أن تقومي بذلك في مكان آخر.
أين تجد الصعوبة تحديداً ؟ في ترجمة الكلمات أم في ترجمة عقلية وروح الكاتب وإحساسه ومحاولة نقل جوّه؟
تكمن الصعوبة الأساسية في فهم النص وروحه وأسلوبه ومعانيه المباشرة والضمنية والثقافة التي كتب فيها. وأحياناً تجدين صعوبة في ترجمة الكلمات، لأن للكلمات دلالات متنوّعة ومتطوّرة، أحيانًا تُستخدم كلمة ما بمعنى مختلف عما كانت عليه قبل مائة سنة مثلاً. كذلك تجدين للكلمات دلالة مختلفة من بلد إلى آخر. وأحياناً تمرّين بكلمة تجدين أن جميع معانيها القاموسية لا تلبّي الغاية، ولا تجعلك تشعرين بالرضا، وهنا قد تكون بعض الجرأة ضرورية لاستخدام معنى ما حتى لو لم يرد في القاموس.
ما هي المهلة المحدّدة التي تلزمك لترجمة كتاب.. وكيف تختار كتاباً لِتترجمه.. حسب موضوع الكتاب أم حسب أسماء الكتّاب؟
لا يمكن في ترجمة الكتب أن تتحدثي عن مهلة زمنية، فذلك يتوقّف على حجم الكتاب وموضوعه وأسلوب المؤلف ومقدار البحث لذي لا بد من القيام به لتدقيق الأسماء وأسماء الأماكن والوقائع التاريخية وغير ذلك. الكتاب الوحيد الذي اخترت ترجمته هو رواية جورج أورويل "الخروج إلى الهواء الطلق". ترجمتها لشدة إعجابي بها، وكانت تلك محاولتي الأولى في الترجمة. أما بقية الكتب فقد ترجمتها ـ أو شاركت في ترجمتها- بناء على طلب دار النشر. لكنني كنت محظوظاً بأن ترجمت كتباً رائعة، كتباً أحببتها، وأمتعتني ترجمةً وقراءةً.
هل تعيش جوّ الكاتب نفسه عندما تترجم.. هل تعيش حالة المؤلف؟
لا أظنّ. ربما من المستحيل أن تعيشي جو الكاتب نفسه. أنت تحاولين أن تفهميه أفضل فهم وأن تعبّري عنه أفضل تعبير في اللغة الجديدة. المترجم وسيط، أما المؤلف فهو الأصل. وفوق ذلك قد تترجمين كتاباً يعود لزمن آخر وبلد لا تعرفين عنه شيئاً، فيكون من الصعب أن تعيشي جوّ المؤلف.
هل يمكن لمترجم أن يرفع نصّاً أو ينزله، بمعنى أن يكون هناك نصّ ضعيف فيجعل منه المترجم نصًا عظيماً بحسن ترجمته وبالإضافات عليه .. والعكس صحيح؟
نعم يمكن. قد لا يكون من الممكن تحويل نصّ ضعيف إلى نصّ عظيم، ولكن يمكن تحويله إلى نصّ جيد. كذلك يمكن تحويل نص جيد أو عظيم إلى نص رديء نتيجة سوء الترجمة. وهذه إشكالية. أنا لست مع أن يقوم المترجم بتحويل نص رديء إلى جيد أو جيد إلى رديء، بل مع أن يترجمه كما هو. ليس من حق المترجم أن يفعل ذلك. ولكن في الحياة العملية تواجهك نصوص تضطرّين إلى تحسينها، وإلا ظنّ القارئ أن العيب في الترجمة. أكبر صعوبة واجهتني في ذلك هي في الترجمة من العربية إلى الإنكليزية، ذلك أن كثيراً من كتّاب العربية، ولا سيما من يكتبون في الصحافة، لا يهتمّون كثيراً بلغتهم، فتجدين نفسك مضطرّة لتحسين نصهم ليصبح مقبولاً.
عندما أقرأ كتاباً معيّناً .. كيف أستدلّ على اسم المترجم دون أن أراه؟ ما الذي يجعل أسلوب مترجم مختلف عن مترجم آخر..؟
لا جواب لدي عن ذلك. ولكن يمكنني القول أن لدي، أو بالأصح أنني طورت مجموعة من المبادئ التي ألتزم بها في أثناء الترجمة في سعيي لأن أقدم ترجمة جيدة أمينة للنص الأصلي وسهلة الوصول بالعربية، هذه المبادئ يمكن أن تشكّل مع الزمن والتكرار واكتساب الخبرة سمة مميّزة لعملك .
لماذا لا يكون هناك تواصل ما بين المؤلف والمترجم إذا كان ذلك ممكناَ؟
هذه فكرة ممتازة للقيام بترجمة جيدة. وأنا فعلت ذلك أكثر من مرة في ترجمة الكتب. أحياناً تستعصي عليّ فكرة ما، فأبحث عن اسم المؤلف على الإنترنت، وإذا وجدت له عنواناً، راسلته، وسألته عمّا استعصى عليّ. وفي جميع المرات التي حصل فيها مثل ذلك التواصل كانت النتيجة رائعة. في أحد الكتب التي ترجمتها، اشترطت المؤلفة أن تعرض الترجمة على أحد من طرفها ليقوم بتقييم الترجمة قبل أن تجيز لنا نشرها، وهذه أًيضاً كانت تجربة رائعة. المشكلة أنك قد تترجمين كتاباً لمؤلف متوفٍ، أو قد تترجمين عن لغة وسيطة، فكيف تتواصلين مع المؤلف؟
لماذا لا يتمتّع المترجم بحقوق المؤلف، لماذا هو دائماً بَطَل الظلّ؟
وهل للمؤلف نفسه حقوق؟ ومع ذلك يبقى السؤال وجيهاً. أتمنّى أن نصل إلى يوم يكون للمترجم فيه حقوق شبيهة بحقوق المؤلف، وأن يكون أيضاً مسؤولاً عن ترجمته. هناك كم هائل من الترجمات الرديئة التي لا يُسأل أصحابها عن فعلهم.
.
.