info@suwar-magazine.org

حماية المدنيين في سوريا بين قانون سيزر وإتفاقيات جنيف

حماية المدنيين في سوريا بين قانون سيزر وإتفاقيات جنيف
Whatsapp
Facebook Share

 

*عاصم الزعبي

 

 

خمس سنوات مرت منذ إندلاع الثورة في سوريا، قتل خلالها مئات الآلاف من السوريين على يد النظام السوري وحلفائه، والميليشيات المتحالفة معه، دون أن تتمكن الأمم المتحدة بكافة أجهزتها من وقف هذه المذبحة الجماعية، على الرغم من وجود إتفاقيات جنيف التي تنص على حماية المدنيين أثناء النزاعات، وإمكانية المطالبة بتطبيقها وإصدار القرارات اللازمة لذلك، حتى دول كالولايات المتحدة كان بإستطاعتها فعل ذلك بشكل منفرد في عالم يحكمه القطب الأمريكي الأوحد، لكن السياسة غيبت الدور الإنساني للمنظمة الدولية والدول المنادية بالحريات وحقوق الإنسان .

 

المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف

 

تشمل هذه المادة حالات النزاع المسلح غير الدولية، كالحروب الأهلية التقليدية، والنزاعات الداخلية التي تتدخل فيها قوات دولة أخرى، أو قوات متعددة الجنسيات إلى جانب الحكومة كما يجري في سوريا منذ خمس سنوات.

 

وتنص هذه المادة على القواعد الأساسية التي يجب العمل بها بشكل كامل، مما جعلها تبدو كإتفاقية مصغرة ضمن إتفاقيات جنيف، وتضم القواعد الأساسية لهذه الإتفاقيات من أجل تطبيقها على النزاعات غير الدولية.

 

كما تطالب هذه المادة بمعاملة إنسانية لجميع المعتقلين، دون تمييز، ودون تعريضهم للاذى، وتحرم كل أنواع الإنتهاكات من تعذيب، وتشويه، وقتل، وغير ذلك من جرائم أخرى.

 

حتى الآن لم تتمكن الأمم المتحدة من تطبيق هذه المادة، والتي تعتبر كفيلة بحماية المدنيين في سوريا من الإنتهاكات التي يتعرضون لها من قبل مختلف الأطراف المتصارعة وعلى رأسها النظام السوري.

فالجرائم التي يتم ارتكابها وصلت حد الإعتداءات الممنهجة على الأشخاص والمنظمات غير المشاركة في الحرب، ومنها عمال الصحة والإغاثة، والمنشآت الصحية والخدمية على حد سواء .

 

قانون سيزر

 

تمت صياغة هذا القانون من قبل كل من النائب الديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميريكي ( إليوت آنجل )، ونظيره الجمهوري في نفس اللجنة ( إيد رويس ) .

 

واستند هذا القانون إلى 55 ألف صورة لما يقارب 11 ألف معتقل، قتلوا تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، تم تسريبها عن طريق الضابط الذي كان يقوم بتصوير جثث المعتقلين ، والذي عرف لاحقًا باسم ( سيزر أو القيصر ).

 

ينص القانون على الأمور التالية :

 

1: فرض عقوبات على كل من يدعم النظام السوري ، ومن خلال العنوان الواسع لهذا البند فإنه من الممكن أن تطال هذه العقوبات لبنان بسبب دعم حزب الله إضافة لروسيا وإيران .

 

2: الدفع لإجراء تحقيقات تهدف إلى تنشيط المحاكمات ضد جرائم الحرب في سوريا .

 

3: فرض عقوبات على النظام و أجهزته الأمنية و أشخاص في النظام.

 

ولاول مرة يتم الحديث في الكونغرس الأمريكي عن أن النظام قتل 400 ألف سوري ، وتسبب بتشريد ونزوح ولجوء ملايين السوريين.

 

كما يمنح القانون الرئيس الأمريكي 90 يومًا لإقتراح آلية لإنشاء منطقة حظر جوي فوق سوريا ، ووجوب خروج قوات روسيا وحزب الله من سوريا.

 

تساؤلات حول القانون وتوقيت تمريره

 

في شهر أيلول من العام الحالي، حمل الرئيس الأميريكي باراك أوباما عن طريق الضغط على النواب الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميريكي على عرقلة إقرار قانون سيزر، وبالفعل سحب النواب الديمقراطيين دعمهم للقانون .

 

ويرجح أن يكون أوباما لم يرد أن يتم فرض عقوبات بموجب هذا القانون على إيران، بعد أن قامت إدارته برفع العقوبات عنها بعد الإتفاق النووي الذي تم توقيعه، والذي اعتبره أوباما إنجازاً لإدارته بإيقاف طموحات إيران النووية بامتلاك قنبلة نووية دون أن يضطر لشن حرب عليها.

 

إضافة لتوقيت تمرير القانون في هذا الوقت ، بعد الإنتخابات الرئاسية وفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب ، حيث ان هناك بعض الأراء أن يكون القانون سياسياً أكثر منه قانونياً.

 

هل يعتبر قانون سيزر نافذاً ؟

 

حسب القانون المتبع في مجلس الشيوخ الأميريكي، فإن صدور أي قانون أو تشريع من أحد المجلسين ، مجلس النواب أو مجلس الشيوخ ، فإنه يحتاج للإحالة إلى المجلس الآخر والتصويت عليه، لذلك فإن قانون سيزر يجب أن تتم إحالته إلى مجلس الشيوخ ليتم التصويت عليه والموافقة عليه ، وبعد ذلك يجب أن يتم إقرار القانون من الرئيس الأميريكي ليصبح نافذاً.

 

لا يوجد علاقة بين قانون سيزر والجنايات الدولية

 

في الأحوال العادية لكي يتم إحالة أي ملف أو قضية لمحكمة الجنايات الدولية هناك طريقين :

 

الأول : لا بد ان تكون الدولة التي يتم إحالة ملف الإنتهاكات فيها أو لأفراد منها موقعة على ميثاق روما الناظم للمحكمة ومصادقة عليه، ففي هذه الحالة تستطيع المحكمة رفع دعاوى قانونية على هذه الجهة.

 

الثاني : صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بإحالة ملف انتهاكات ما للمحكمة وهذا ما لم يتم بالنسبة لسورية، بسبب استخدام الفيتو من قبل روسيا والصين.

 

أما بالنسبة لقانون سيزر فهو قانون أميريكي فيما لو أصبح نافذاً يتيح للولايات المتحدة التحرك بشكل منفرد ، وتستطيع فرض عقوبات على النظام السوري وحلفائه والجهات التي تدعمه وتقوم بتمويله، ويمكن للمحاكم الأميريكية تلقي دعاوى من ضحايا سوريين تعرضوا لإنتهاكات من قبل النظام ، إذا أرادت الولايات المتحدة الاستناد على هذا القانون لتحويل الملف السوري للجنائية الدولية، فلا بد من تقديم مشروع قانون بالاعتماد على قانون سيزر ويجب أن يتم إقراره من أعضاء مجلس الأمن وبشكل خاص الدول دائمة العضوية ، وبعد ذلك يمكن إحالة الملف السوري للمحكمة.

 

يبدو أن قانون سيزر في هذا التوقيت هو أداة سياسية أكثر من كونه أداة قانونية ، فهو لا ينص على إنشاء محاكم خاصة بالانتهاكات في سوريا ، ويبقى الأنتظار لمعرفة إذا ما كان سيتم إقرار القانون من قبل مجلس الشيوخ والرئيس ليصبح نافذاً ، أم أنه سيبقى مجرد حبر على ورق.  

.

.

اقرأ المزيد للكاتب ..

 

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard