انهيارُ إنتاج القطن: خسارة جديدة للاقتصاد السوريّ
*ليليا نحاس
ذكرت وسائل إعلام مقربّة من حكومة النظام السوري، إن إنتاج القطن قد شهد تراجعاً ملحوظاً هذا العام، ووصل إلى خمسة آلاف طنّ، من أصل 400 ألف طنّ، وهو الرقم الذي وعدت وزارة الزراعة بإنتاجه، ولقي هذا التراجع انتقادات واسعة في مجلس الشعب، ومن وسائل إعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي الموالية.
وبالتزامن مع ذلك، صرّح المدير العام للمؤسّسة العامة لحلج وتسويق الأقطان (زاهر العتال)، إنّ الكمّيات المشتراة من محصول القطن حتى اليوم وصلت لـ 650 طنّاً، من أصل الكمّية الإجمالية المخطّط إنتاجها، ونوّه إلى أنه رقم صغير جداً مقارنة مع الخطط الموضوعة.
وقال (العتال) في حديث لجريدة الوطن الحكوميّة: "إننا أعلمنا وزير الزراعة قبل بداية موسم التسويق، أن كمية الإنتاج لن تتجاوز 50 ألف طنّ، ونتيجة هذه الأوضاع تعاقدت المؤسسة مع مورّدين بموجب مناقصة أُجريَت لتوريد الأقطان الداخلية من الحسكة والرقة، حيث يقوم المورِّد بشراء الأقطان من المحافظة وشحنها إلى المنطقة الوسطى، لكن لم يتمّ توريد أيّ كمّية من الحسكة".
يقول الاقتصادي (محمد الحسين) لصُوَر: "تصريح (زاهر العتال) بعدم وصول المحصول من الحسكة فقط، فيه إشارة واضحة إلى وصوله من الرقة، الأمر الذي يشكّل اعترافاً بحصول صفقات توريد للقطن من الرقة، وبالتالي هناك تعاملات تجارية مع تنظيم داعش الإرهابي، سواء أكانت الصفقات تتمّ بشكل مباشر أو عن طريق وسطاء، وهذا أمر محرّم دولياً، خصوصاً أن مجلس الأمن الدوليّ قد أصدر قراراً بحظر التعامل مع التنظيم، فمحافظة الرقة تقع تحت سيطرته ولا يمكن خروج أيّ شيء منها إلا بموافقة كبار قادة التنظيم وبتسهيل منهم".
وتُعَدُّ محافظة الحسكة أكبر المنتجين السابقين للقطن في سوريا، وشهدتِ الزراعة انخفاضاً كبيراً فيها هذا الموسم، بسبب الظروف الأمنيّة السائدة، نتيجة وجود حالة صراع بين الفصائل الكرديّة المسلّحة وداعش وقوات النظام للسيطرة على المحافظة، الأمر الدي جعل المزارعين بحالة عدم استقرار، لا تسمح لهم بمواصلة عملهم.
يقول (عبد الله)، وهو مزارع سابق من منطقة الشدادي لمجلة صُور: "لم يعد بمقدورنا زراعة القطن، لأننا لا نعرف مَن سيسيطر على منطقتنا في النهاية، قد نبدأ بالزراعة ونحضّر الأرض، ونتعب فيها لعدة شهور، وفي النهاية نضطر للنزوح بسبب المعارك".
أمّا محافظتي الرقة ودير الزور ثاني وثالث المنتجين في سوريا، فيعاني المزارعون فيهما من مخاوفَ كبيرة بسبب القصف المتكرّر من طيران قوات التحالف الدولي، إضافة لصعوبة جني المحصول، وارتفاع تكاليف صيانة الآليات الزراعية وقلّة قطع الغيار.
فيما تشكّل هجرة الشباب، وارتفاع أسعار البذار والمبيدات الحشرية، وقلّة المياه اللازمة للري بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، عوامل إضافية سبّبت تراجع الزراعة في عموم سوريا.
ونتيجة لتراجع الزراعة، يتوقّع خبراء تراجع صناعة الغزل والنسيج بشكل كبير هذا العام مقارنة مع العام الماضي، الذي انخفض فيه الإنتاج من 200 ألف طنّ إلى 15 ألف، بسبب دمار الكثير من محالج القطن في عموم سوريا، وهجرة المئات من معامل النسيج من محافظة حلب إلى خارج القطر، الأمر الذي أدّى لخسارة سوريا ثاني أكبر مصدر للقطع الأجنبي بعد النفط.
وخلّف تراجع المساحات المزروعة، حرمان الآلاف من السوريين من فرص العمل، إذ كانت الصناعات النسيجية تشكّل 30 بالمئة من الصناعات المحلّية، وتشغّل قرابة 20 بالمئة من اليد العاملة في سوريا.
ويُذكر أن مركز دمشق للأبحاث والدراسات المقرّب من النظام، كان قد أشار في أحدث تقاريره إلى أن خسائر القطاع الزراعي تُقدَّر بحوالي 400 مليار ليرة، بما نسبته 9.8بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي، في حين أن خسائر القطاع الصناعي وصلت لألفي مليار ليرة، أي ما يعادل أربعة أضعاف الناتج المحلّي للقطاع عام 2010.
.
.