محادثات آستانة: فرصة للسلام أم فصل جديد من فصول الأزمة؟
*فريق صور
بعد ما حدث في حلب من اتفاق بين الروس والأتراك أدى للتهجير القسري لسكان حلب الشرقية، بحجة إخراج المسلحين من الفصائل الإسلامية، الأمر الذي يتنافى مع كل المواثيق الدولية في التعامل مع المدنيين أثناء الحروب والأزمات، يترقب السوريون اليوم بدء محادثات السلام في أستانة (عاصمة كازاخستان) المزمع عقدها بين أطراف المعارضة والنظام لإيجاد حل للازمة بإشراف روسي - تركي،على اثر اتفاق وقف إطلاق نار شامل بين جميع فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام.
وبغض النظر عن الجهات التي تقف خلف هذا الاتفاق، فإن وقف إطلاق النار يعني وقف التدمير الممنهج للمدن السورية، وتجميد قتل المزيد من المدنيين الأبرياء وتهجيرهم من مدنهم وقراهم، ما يساهم في تخفيف عذابات ملايين السوريين المشردين والمهجرين في أصقاع العالم، ويعطي بصيص أمل للسوريين الرافضين لهذه الحرب العبثية.
في المقابل، فإن فشل الهدنة المعلنة سيعني عودة الحرب ومضاعفة الدمار وجنون الإرهاب، وعودة النظام إلى تكرار سيناريو حصار حلب في كل المناطق الخارجة عن سيطرته، وهو ما يعتبره انتصاراً سياسياً وعسكرياً وفق منظومته الأخلاقية القائمة على تركيع وتجويع المدنيين.
وعلى الرغم من الهشاشة المحتملة لهذا الاتفاق، بسبب اقتصاره على توافق المصالح الإقليمية التركية الروسية الإيرانية، مع غياب أطراف دولية وازنة، فإنه يبقى الصيغة الوحيدة المتوفرة، وأفضل الخيارات الممكنة في ظل التوازنات الدولية الراهنة، خاصة مع تقوقع الولايات المتحدة الأمريكية على ذاتها، وهو الأمر الذي من المرجح استمراره في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. فضلاً عن غرق الاتحاد الأوروبي في مشاكله الداخلية، وتزايد المخاوف من تفككه مع تصاعد النجاحات الانتخابية لليمين الشعبوي.
وبناء على هذا يجب على القوى الديموقراطية السورية أن تتعامل مع السياسة بوصفها فن الممكن، وأن تحاول استغلال الفرصة المتاحة مهما بدت ضبابية وضعيفة وغير عادلة، فالدخول في محادثات قد تؤدي إلى تخفيف معاناة السوريين أكثر حكمة من الاستمرار في صراع عبثي بدفع ثمنه المدنيون أولاً وأخيراً، ومسؤولية نجاح المفاوضات تقع في جزء منها على عاتق الأطراف السورية المتصارعة، وليس فقط على القوى الدولية والإقليمية الراعية للمفاوضات.
فهل يحسن السوريون التعامل مع شروط واقعهم الصعب، واستغلاله لتحقيق الحد الأدنى من مصالحهم ومصالح البلاد، أم ستكون للحرب السورية فصول جديدة، قد تكون أقسى وأشد مرارة من كل ما عرفناه حتى الآن؟
إنها دعوة لكل المؤمنين بالسلام لجعل هذه الفرصة منعطفاً تاريخياً لإنهاء الصراع الدامي المستمر منذ ست سنوات، ما سيؤدي لفتح بوابة الاستحقاقات السياسية والاقتصادية ويحقق الانتقال السياسي في سوريا.