العلم نعتٌ آخر للجهل
*نارت عبد الكريم
ممَّ يشتقّ الإنسان إحساسه بالوجود؟ ومن أيّ مادّةٍ يشكّل هويّته ويحصل على تعريفه لنفسه؟ هل من اسمه أمْ من جسمه؟ فما الاسم وما الجسم؟ أليس الاسم مجرّداً افتراض مكتسب، يلصقه الأب بابنه، والجسم أليس مجرّدَ شكلٍ آيلٍ إلى الزوال ولو بعد حين؟ أمْ ماذا؟ ثم أليس الثلج والضباب والسحاب صورٌ مؤقّتةٌ لها أصل، أي الماء، وهل يغادر الماء كوكبنا، على سبيل المثال، إذا ما ذاب الثلج؟ ولِمَ لا يكون الجسد كذلك صورةً مؤقّتة لشيء ما هو بمثابة الأصل؟.
يرى المؤمنون بالعلم، وما أكثرهم هذه الأيام، أنَّ الأصل لا وجودَ له أساساً، فكلّ ما هنالك هو الجسم الحيّ بوظائفه المتعدّدة، أمَّا المؤمنون بالإله، وهم كثر كذلك، فيقرّون بوجود الأصل ولا جدال في ذلك، ولكنهم، في واقع الأمر، غير معنيّين بمعرفته أو إدراك كُنْهِه ولا حتى العناية به. ووفقاً لما تقدّم فإنَّ كل الأفعال التي يقوم بها الإنسان، في عصرنا هذا، تقود إلى إهانة الروح وخنقها، لأنَّ التجاهل والإهمال والإنكار هي السمات السائدة في سلوكنا تجاه الأصل. ومع ذلك يستمرّ الإنسان بالتشكّي والأنين من المرض والظلم والاكتئاب، فيلقي تارة اللوم على أنواع جديدة من الفيروسات، وتارة على القدر وأخرى على نظام جائر أو حظٍّ عاثر، فمتى يلقي الإنسان لومه على نفسه؟ وقبل ذلك وذاك، ومن حيث المبدأ هل الروح في الجسد أمْ الجسد في الروح كما الموجة في المحيط؟.
.
.