info@suwar-magazine.org

دفاعاً عن "داعش"

دفاعاً عن "داعش"
Whatsapp
Facebook Share

 

 

 

*نبيل الملحم

 

 

لن أستخدم تسمية "داعش" بعد اليوم، سأستخدم تسمية "تنظيم الدولة"، ولي مبرراتي، ولها مبرراتها، أما مبرراتي فهي أن "الدولة" لا تعني بالنسبة لي، كدلالة، وتاريخ، وتراكم، سوى العنف، وتنظيم العنف، وفلسفة العنف، وكذلك نشيد العنف، غير أنها وأعني "دولة الذاكرة"، لم تكن سوى هجين العنف، فالشعار من حرير والقبضة من فولاذ، فهو العنف "المخصي"، هي كذلك، ويجدر بها أن ترتقي لمستوى آخر من العنف، هو على وجه الضبط والتحديد عنف "تنظيم الدولة".. العنف المُصان بالعقيدة، والخطاب، والوسيلة، وفي "إدارة التوحش"، البيان الأول والأخير، لتنظيم لا يعوزه بيان ثان، ففي الأول اكتمل، ومنه انطلق، وعلى مفازاته بات شرق المتوسط تحت قبضته، فيما أصابعه تمتد وصولاً للسنغال والنيجر (وليس بعيداً عن قبضته مبنى الكابيتول ولا كنيسة نوتردام).. البيان مكتمل الوضوح، وليس بوسع فيلسوف أو دعيّ فلسفة تأويله أو تلوينه أو تزيينه، أو حتى تسفيهه.

 

هذا عن مبرراتي، أما مبرراته، فهي انتصارات لم تكتمل، ولكنها انتصارات:

 

  • *انتصارات الغرائز على العقل.
  •  
  • *الخيال على الوقائع.
  •  
  • *الساطور على الصاروخ.
  •  
  • *وبهجة الوعد على حطام الواقع.
  •  

وهاهو يضع كلتا يديه: واحدة على النفط وثانية على الماء.

 

ويكفيه الأول، لم لا، مادام طول نصل السكين، هو الحد الفصل ما بين الرذيلة والفضيلة، العدالة أو الجور، المناعة أم الانهيار؟

 

  • لم لا؟
  •  

هو "تنظيم الدولة"، تلك التي تسير في طريق التكوين، فيما الدول التي ورثت "الدولة"، بـ "علم، نشيد، مجلس وزراء، سيادة الرئيس، جلالة الملك، والقادة المفدون"، انهارت إلى ما وراء الزقاق، الحارة، الضيعة، القبيلة، البطن، الفخذ، ولولا العار.. لنزلت إلى ما دون السرّة، إلى حُفر الأمهات.

 

  • لم لا؟
  •  

أنا أسأل، ولست بريئاً في سؤالي على أية حال، وهو "وأعني تنظيم الدولة"، لا يطلب البراءة ولا ينشد لها، هو يقولها وبملء الفم:

 

  • *جئناكم بالذبح.
  •  

ثم يعدنا بحوريات بين أفخاذهن مفاتيح الجنّة.

 

ولكن من ذا الذي جاءنا بغير الذبح؟

 

هل نحكي عن مشانق ستالين؟ عن دولة الفوهرر؟ عن حرب التحرير الأمريكية؟ عن آكلي لحوم الناس في أفريقيا عيدي أمين؟ عن سيوف الإسلام في أول دولة للإسلام، يوم نهش أمير المؤمنين الجثث ليجلدها بالعصي وهي تحت الأقدام والسجّاد، فكانت دولة الأموي؟

 

هل نحكي عن "الدولة القومية بدءاً من بعث العراق وصولاً لبعث الشام، مروراً بدولة الرئيس الأسمر في مصر؟

 

هل نحكي عن الدولة الوهابية في الربع الخالي حيث الرمال تأكل الرجال؟ أم عن دولة الولي الفقيه يوم تناثرت آلاف جثث الأطفال في حرب الأنفال لتتحول مع الولي الفقيه إلى كاسحات ألغام؟

 

هل نحكي عن دولة آبل، ودولة نصف التفاحة وقد سلبت البشرية العقل والمال؟

 

 

هل نحكي عن دويلات:"النفط، السلاح، الكريدت كارت، المخدرات، البغاء".

 

والحال كذلك لم لا لتنظيم الدولة، ما دام العنف هو شرط الدولة، أيّة دولة، بمن فيها دولة الصحابي العظيم، أو دولة الرفيق العظيم، ليكون تنظيم الدولة هو :"ذروة الدولة"، مادامت الدولة هي العنف بدءاً من التأسيس حتى المآل؟

 

يا إلهي، ما الذي أريد أن أقوله؟

 

كل ما أريد قوله أن هستيريا العنف، هي التي تجتاح كوكبنا، والفارق، كل الفارق ما بين "داعش" والبنك الدولي، ليس أكثر من الفارق ما بين التراكتور البدائي وسيارة جاكوار.

 

كل الفارق يكمن في قوّة المحرك، ورفاهية غرفة السائق.. في أناقة القتل لا في لون الدم.

 

لا فرق، كل الفارق في حجم الحفرة، غير أن القبر هو القبر.. والغرق في شبر ماء، ليس أقل قسوة من الغرق في الطوفان.. كله غرق، وعلى إيقاعات عبد الحليم:

 

  • إني أغرق، أغرق، أغرق.

 

دعونا من حكاية التنفس تحت الماء. 

.

.

اقرأ المزيد للكاتب..

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard