المرأة في المشهد السوري.. بعد ست سنوات
*فريق صور
يشي المشهد السوري بعد ست سنوات من الحرب الدامية التي عصفت بسوريا على إثر اندلاع الاحتجاجات السلمية التي طالبت بالحرية، بتغيرات بنويّة عميقة طالت جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتركت آثاراً بالغةَ العمق في حياة السوريين ومفاهيمهم ومعتقداتهم ورؤيتهم إلى أنفسهم وحقوقهم وحدود حريتهم، وتجلّى هذا الأثر بشكل واضح على نظرة المجتمع السوري إلى حقوق المرأة وحريتها وحضورها في الشأن العام ومشاركتها وقدرتها على القيادة .
هذه الاحتجاجات التي لم تغب عنها المرأة تهتف للحرية وتتوق إليها من أجل البرهنة على قدرة المرأة وفاعليتها، وفرصة للتخلص من القيود والنظام الاجتماعي الذي فرض عليها.
المرأة السورية خلال سنوات الحرب تعرّضت إلى انتكاسات كبرى طالت دورها وحقوقها ومساحة الحرية التي كانت تتطلّع إليها عبر مشاركتها في الاحتجاجات، كما طالت جسدها نتيجة تغيّر المسار السلمي لهذه الاحتجاجات وتحوله إلى حرب مدمرة للعباد والبلاد، كانت النساء الضحية الأكبر فيها، حيث تُركّنَ فرائسَ للهمجية والتوحّش في المعتقلات تُنْتَهك أجسادهن وكرامتهن.. وفي مناطق النزوح وبلاد اللجوء أصبحن عرضةً للابتزاز الجنسي والنفسي.
غياب الرجل ضاعف من مسؤوليات وأعباء المرأة في ظل ظروف اقتصادية معيشية بالغة السوء تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة لتكون المرأة بمفردها في مواجهة صعوبات الحياة ومسؤولة عن تأمين معيشة أسرتها.
ومن جانب آخر تمّ تهميش دور المرأة في المجالات السياسية والمجتمعية في تشكيلات وتكوينات كانت تحمل مفاهيم وقيم الثورة بعد صعود التيارات الإسلامية والعسكرة بشكل خاص في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وبات حضور المرأة محدوداً لا يتعدى كونه شكليّاً بعيداً بالتمام عن مراكز صنع القرار.
على الرغم من ارتفاع أصوات مطالبة بحرية المرأة وحقوقها ودورها بمشاركة حقيقية في الحياة السياسية والمجتمعية من قبل الحركات والمنظمات النسويّة والحقوقيّة ومناهضة التمييز وعدم المساوة بين الرجل والمرأة، إلا أنها تبقى مجرد صيحات لم تجد بعد انعكاسها وتأثيرها على أرض الواقع في سوريا.
تحاول مجلة صور في هذا العدد أن تكون مساحة مفتوحة لمناقشة قضايا المرأة ومشاكلها وتسلّط الضوء على بعض من الممارسات التي فرضت بحقها والتراجع الذي طال دورها في ظلّ التوجّه نحو العسكرة والأسلمة في سوريا .