info@suwar-magazine.org

أن تكون سوريّا

أن تكون سوريّا
Whatsapp
Facebook Share

أن تكون سورياً، يعني أن تراقص الجمر، أنت هكذا، هكذا في الخريطة، لم لا؟ هل رأيتم خريطة بخط مستقيم، يحدها من الشرق إلى الشمال، سوى الخارطة السورية؟

أن تكون سورياً، يعني أن تكون في الزلزال، وأن تسمع أو تصغي إلى الزلزال، ومن الصعب.. من الحرام، من وابل اللعنة أن تكون أنت الزلزال.

وأن تكون سورياً، فكل ما عليك، أن تحمل الحقيبة، وكل مالك: أن تكون حقيبتك فارغة سوى من ذكريات صغيرة، كتلك التي تكتب فوق سبورة الدرس، ثم تاخذها الممحاة.

أن تكون سوريّاً، يعني أن تكون أمريكياً، أو تركياً، روسيّاً أو إيرانياً، وحين تذهب بك الإبل إلى البعيد، ستكون قطرياً، وعلى ظهرك سنام بعيرك، لتكون أنت البعير.. وأن تكون سوريّاً، فما عليك سوى أن تكون المؤقت في لعبة الوقت، وليس من معنى لساعات اليد، بدءاً من ساعة بيغ بن، وصولاً لتلك الساعة التي تلعنها لأنك ولدت.

أن تكون سوريّاً، يعني ان تحدّق من بوابات البنفسج الممنوع، ثم تسقط سهواً بالرصاص الصديق.. الرصاص العدو.. الرصاص اللاهي، المهم ان تسقط بالرصاص.

وأن تكون سوريّاً، فكل ماعليك أن لا تتعب من الغبار، وأن لا تملّ الرحيل، وأن تنسى حدود القلب، من أقصى القلب إلى أقصى القلب.

وأن تكون سوريّاً، غادرها، تلك البلاد التي تسقط الحرائق من ثدييها، كما لو كانت جنون عاشقة، ثم ترتديها كما لو كانت لحافك في الصقيع.

أن تكون، أو لا تكون، لم يعد سؤالاً شكسبيرياً، يرحل في اللغة، هو:»لقمة الخبز، جبال التسلق للتدحرج ثم التسلق للتدحرج، ثم إعادتهما إلى حيث لا سيزيف وصخرته.. إلى حيث أنت وصخرتك، فأنت مخلوق من سيزيف، وهو قطعة من تيه زمانك، لأنك السوري».

ان تكون سوريّاً، لا تكن أنيقاً كثوب سهرة، ولامترفاً كما عصير البرتقالة، كل ما عليك، أن تكون مستعداً للرحيل، بأسمالك الراحلة فوق كتفيك.

أن تكون سوريّاً، كن خارج الخريطة، فلا خريطة لك أصلاً، سيّان إن كنت ابن الكهف، أو ابن النهايات الحزينة، ولتكون سوريّاً كن أكثر فأكثر.. اصغي إلى كوهين بنديت:»أنت ابن الأزمنة البائدة».

لا الثورات تنتصر، ولا الدول تبقى.. هذا كي تكون سوريّاً، سعيداً مثل الصمت.

ولتكون كن: عباءة مفخخة بالله ورسله، وبصحابة رسله، وقاضمي خبزه.. حزام ناسف إن شئت.. فتيل مطفأ (يُفضَل أن تكون ذلك الفتيل).

كُن: تشكيلاً في الحيّ الباريسي، تائهاً كما خشبة في نهر الكسندر بلاتس البرليني، متسول في شارع الحمراء في لبنان، أو عازف وراء ظلال حاو في شارع الهرم القاهري.

ولتكون سوريّاً، عليك أن تنسى محمد الماغوط.. سليمان عوّاد.. لؤي كيالي.. نذير نبعة.. فواز الساجر، وأن تشدّ الرحال صوب هيفاء وهبي، لتسقط من بين نهديها سهواً، ثم تصغي إلى ديوانها الفريد.. ديوان ترقيص الحنجرة وانحباس الصوت.

ولتكون، عليك أن لا تكون انت.. فأنت، ابن الحميدية، ضريح بلال، شارع اسكندرون، أرواد، تدمر، وتلك المرأة التي مع كل ذكراها صهيل الجواد.

لتكون سوريّاً، لا تكن انت، تفاح الزبداني، زبيب السويداء، معاصر زيتون عفرين، لا تكن مشمش الغوطة، وجوزها.

ولتكون، لا تكن عاشقاً، يخدش نصل السكين، ثم يضرم في قلبه الحريق.

لتكون سوريّاً، لا تكن، فتى التسكع في النشيد، في صراخ أنثى هي الوقت كل الوقت.

لتكون سوريّاً يكفيك:

حطام المعنى..

وكان لصوتها..

نعم كان.

كل ماعليك ترديد ذلك الفعل.. الفعل المشتق من كان.. او اخواتها.. لا فرق.

-كان.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard