ٲطفال الٳيزيدييّن...ٲلغام «داعش» المَوقُوتَة !!

مَا ٳنْ تدخُل الحُدودَ الٳداريَّةَ لجبال «سنجار» في العراق (120 كم غرب الموصل) حتى تَرى قَواسمَ الألم قدْ رَسمتْ لوحاتها الدّاميةَ على ملامحِ مدينةِ «سُنوني» ٲسفلَ الجبلِ وٲكوام الرُّكام الرّاقدةِ على مأساةِ شعبٍ حفَر الدَّمُ مجراهُ عميقاً في ذاكرة كلّ ٳيزيديّ تُصادِفهُ في طريقكَ ليُحدّثكَ عن المجزرةِ (الرابعة والسبعين) التي ارتُكبتْ بحقّهم، لكنَّ هَوْلَ الإبادةِ التي ارتَكبها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في الثالث من آب /اغسطس /2014/ وقتله المئات من الٳيزيدييّن وسبيهِ النّســــاء وخطفهِ للأطفال، كانت الأعنفَ دمويةً في تلكَ الرُّقعةِ المُبعثرةِ على جُغرافيا تَشبّثتْ بوجودِها من المَهدِ إلى الّلحدِ يبقى صَداها قاسياً يُلمْلمُ جراحــــاته المفتوحةِ، ويعلو صوتُهُ مع وُصولكَ سُفوح جبل ”شَنْگال“ كما يُفضّل الٳيزيديّون تَسميتها .
في نقطةٍ وسطَ الجبلِ المُطلّ على الوادي أشارَ «حسن سنجاري» مقاتل في (وحدات حماية شنكال الـــYBṢ) إلى أسفل الجبل مُتنهّداً :
"هنا حاصر داعش /16/ فتيات ٳيزيديّاتٍ أَلقينَ بِأنفسهنَّ في قاعِ الوادي وفَضَّلنَ الموت على الوقوعِ في يد التنظيم".
«حسن» هو عَمٌّ لطفلينِ اختطفهُما التنظيم مع حوالي (5383) مُختطفاً وُفقَ الإحصائيّة التي صَرَّحَ بها «خيري بوزاني» مدير عام الشُّؤون الإيزيدية في وزارة الأوقاف بحكومة إقليم كُردستان على الموقع الرسمي للوزارة .
يقول حسن لمجلّة " صُوَر " إنَّ تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» قتل أخاهُ وخطفَ طفليه ( ماهر وريناس) اللذينِ تراوحتْ ٲعمارُهم بين الرّابعة والسّادسة من قرية "كوﭼـو" جنوبي مدينة «سنجار»، لكنَّ الأُم بقيتْ مع طفلتِها في مُخيم الجبل مُتأمّلةً عودة طفليها مُحرَّرينِ مع الأطفال القَلائل الذينَ يتمُّ تحريرُهم بين الفَيْنة والفَيْنة في «الموصل» مركز التنظيم في العراق ، أو من مدينة «الرَّقـــة» السورية، لكنَّ القَدرَ سَخَا بكراماتِه على خمسة أطفالٍ حُرّروا على «يد قوات سورية الديمقراطية» المعروفة بــ (قسد QSD) في مدينة «الرقة» ووصلوا جبال ”شَنْــــــگال“ قبل حوالي العشرة أيام .
ــ"علي بِيْرْ" ناشط وصحفي ٳيزيدي كان مِنَ الٲوائل مِمَّنْ حَظِيَ بفُرصةِ التَّحدُّثِ ٳلى الأطفالِ الخمسةِ قبل تسليمهم عبر مَدخل "كَلي كَرْسِي" ٳلى عوائلهم في مُخيمات «دُهوكْ» في كُردستان العراق ، نقل لمجلّة " صُوَر " عشرات صور المآسي التي مارسها تنظيم «داعش» بحقّ المُختطَفين من الأطفال لديهِ حسبَ رِواية أكبرهِم سِــنَّـاً والذي شاركَ التنظيم في عدَّة معاركَ ضدَّ (وحدات حماية الشعب الكردية) شمال سوريا ، بعد تَلقّيهِم تدريباتٍ عسكريةٍ على مُختلف الأسلحة، إلى جانب تعليمهم قراءة القرآن وحفظهِ وتخصيصِ حِصَصٍ لتحضيرهم لتنفيذ عملياتٍ انتحاريةٍ ، ويضيف «علي» على لسانِ أحدِ الأطفال :
" لكُلّ منّا حزامُهُ النّاسف ، وكانوا يُدرّسوننا كيفية تنفيذ العمليات الانتحارية التي سَتمنحُنا «الجنة» التي تنتظرُنا عندَ بواباتها ”حور العين“ بمُجرّد أنْ نُفجّر أنفُسنا بالـــــــكُفّار"!!!.
لُغْمٌ في الأحشـــاء
ــ يزدادُ قَلقُ المُجتمع الإيزيديّ مع نجاح تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في استمالةِ أطفالهم ٳليهِ وتَشْريبِ ٲدمغتهم بعقيدتهِ الرَّثّة يقول «علي»، إنَّ ٲحد النّاجينَ تحدثَّ عن مئات الأطفال الإيزيدييّن في مُعسكرات ”داعش“ مِمَّنْ يستخدمهُم التنظيمُ في معاركهِ وعمليّاتهِ الانتحاريّة، وبحسبِ رواية مَن الــتَقاهُم مِنَ العائدينَ إن العديد من الأطفال رفضوا العودة ٳلى ذَويهم لأنَّهم يرونهُم كُفّاراً!، وهناكَ مَنْ يُقاتلُ ضدَّ أهلهِ!!.
الباحثُ والمُؤرّخ الإيزيدي " سالم الرَّشيداني " الذي سجّل وصوّر بالفيديوهات منذ بداية كارثة «شَنكال» عشرات المقابر الجماعيّة مِمَّنْ قتلهم التنظيم، ووثَّق قِصصَ النّاجينَ والمُحرَّرينَ مِن «داعش» في مُخيّمات النُّزوحِ في «دُهوك» حَذَّر مِن حجم الكارثة التي يُواجهُها المجتمع الإيزيدي لا سيَّما بعد تعلُّم الأطفالِ الذُّكور والإناثْ صناعة العُبوات النَّاسفة والتَّلاعُبِ بعقولهِم كيفَما شاؤوا وتحريضهم ضدَّ مجتمعهم مُؤكّداً ٲنَّ تصرُّفات الأطفال العائدين مِنْ قبضةِ ”داعش“ غيرُ طبيعيةٍ وغريبةٌ عن المجتمع الإيزيدي، ٳذْ ٳنَّ بعضهُم يُواظِبُ على الصَّلاة بِحِرَفيَّةِ وإتْقانٍ واضحٍ يفوقُ كثيراً ٲقرانَهُ مِنَ الأطفال المسلمين كَما في مُخيَّمِ "باجَدْ كَنْدالِه ".
وٲرْدفَ بالقولِ : " رغمَ صِغَرِ سِنّهم يُتقنونَ ٲساليبَ قتاليّةٍ وحشيّةٍ كَالذَّبحِ والنَّحْرِ والضَّربِ والجَلْدِ والحَرقِ الذي يُمارسهُ «داعش» ضدَّ ضَحاياه ", وتابعَ ”الرشيداني“ مُشيراً إلى ٲنَّ نَظرةَ هؤلاءِ الأطفال ٳلى ذَويهِم ٲصبحتْ كَنظرة «داعش» المُتطرّف ٳلى الأديانِ الأخرى.
باعتقادِ الباحث الإيزيدي ٲنَّ قيادات ”داعش“ نجحتْ في تنفيذ مُخطَّطاتها في التَّحكُّمِ بالأطفالِ كالعجينة بين يديه وإعدادهم ليُصبحوا قنابلَ موقوتةً سَتنفجرُ داخلَ مُجتمعاتهم مُستقبلاً لِذا يُطلقون سَراحَ العديدِ مِنهُم .
وٲشارَ ”الرشيداني“ أنَّ «داعش» تَفنَّنَ في ٲساليبِ التّعذيب ضدَّ مَنْ لمْ يُطاوعهُ مِنَ الإيزيدييّن الذين وقعوا تحتَ قبضتهِ وعَزلوا الأطفالَ الرُّضَّعَ ومِمَّنْ ٲعمارُهم بين السَّنَةِ والسَّنتينِ عنْ أمّهاتهم اللواتي حَرموهُنّ لفتراتٍ طويلةٍ مِن الطعامِ والشرابِ .
800 طفل مُدرَّبٌ على قطعِ الرُّؤوس
ــ بَثَّ تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» شريطَ فيديو لمُقاتلينَ صغارٍ مِنَ الطَّائفةِ الإيزيديَّة، وهُمْ يتدرّبونَ في ٲحدِ المُعسكراتِ قبل فترةٍ ليستْ ببعيدةٍ، ظهرَ فيهِ طفلانِ شقيقانِ نَفَّذا عمليتين انتحاريّتين ضدَّ القوات العراقية في «الموصل»، أحدُهما يُدعى ”أمجد أبو يوسف السنجاري“ ــ بحسب الشريط ــ الذي قالَ باللغة الكُرديَّةِ إنَّهم "كانوا يعبدون الشيطان"، وإنَّهم "كانوا يعيشون في الجاهلية".
وٲكَّد ــ شريط الفيديو ــ ٲنَّ الأطفال "تَلقَّوا دُروساً شرعيّةً وانتسبوا إلى مُعسكرٍ تابعٍ للتَّنظيم في سوريا"، قبلَ تسجيلهِمْ في قوائمِ الانتحاريّين، كما أبدى الشَّقيقانِ استعدادَهُما لتَنفيذِ عمليّةٍ انتحاريّةٍ ضد "أعداء الله حتى لوْ كانوا آباءَهُم" ــ وُفقَ الشَّريط ــ فيما قالَ أحدُ الأشقّاء ويُدعى ”أسعد أبو الخطاب“ :
"إنْ شاءَ الله أنا وشقيقي سَننغمسُ في أعداء الله ونُنفّذُ عمليّةً استشهاديةً".
وأظهرتْ لقَطاتٌ مِنَ الجَوّ لحظةَ تنفيذِ الشَّقيقين للعمليةِ الانتحاريةِ ضدَّ القُّوات العراقيّة في الجانبِ الأيسرِ من مدينة«الموصل» التي سيطرت عليها القوات العراقية قبل فترة.
ــ مدير مكتب المخطوفينَ الإيزيديّين في محافظة «دهوك» "حسين كُورو" كشف عن /800/ طفل ٳيزيدي مِمّنْ تتراوحُ أعمارهُم ما بين /5 --18/ عاماً في ثلاث معسكرات لتنظيم «داعش» في مناطق (البَّـعّاج والموصل والرقة) السورية، وتدريبهم على كيفيَّة قطعِ رُؤوس البشر والأعمال الانتحارية والقتال".
وأشار «كورو» إلى أنَّهُ جرى الحُصولُ على هذه المعلومات من الأطفال الذين تمَّ تحريرُهم عندما كانوا يأتونَ في زياراتِ إلى أُمهاتهم المخطوفات لدى التنظيم , وأضاف :" تمَّ الاتّصالُ بنَــا مِنْ قِبلِ أمّهاتهم، وحرّرناهم عنْ طريقِ بعضِ العشائرِ العربيةِ أوْ إعطاءِ الفِديَة لِوُسطاءَ بعدَ عودةِ هؤلاءِ الأطفال، وبعد التَّحقيقِ معهُم حصَلنَا على هذهِ المعلومات الخطيرة".
التنظيم يبيع كُلَّ طفل بــ8000دولار
ــ بِيعُ الأطفال المخطوفينَ لِقـــاءَ بَدَلٍ ماديٍّ أصبح التّجارةَ الرَّائجة والرَّابحة التي يَمتهنُها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بحقّ الإيزدييّن الذين يبلغُ عددُهمْ في العالم نحو (مليونين ونصف) ٳيزيدي، يتوزّع حوالي 350 ألف منهُم في العراق ، ويعمدُ التنظيم ٳلى بيعِ المخطوفينَ لديهِ لتقويةِ اقتصادهِ بعد أنْ جفَّتْ مواردهُ الاقتصاديةُ مِنْ بيعِ النفط، مع بدءِ إعلانِ معركة "قادمون يا نينوى" في الموصل العراقية، وحملة «غضب الفرات» في الرقة السورية مراكز دولة الخلافة في البلدينِ المتجاورينِ بالحُدود والتَّوأمينِ في المأساةِ والحربِ التي قطعتْ ٲواصر مُدُنهمْ وبَلداتِهمْ، وأطْبقت الحَملتانِ العسكريتانِ المَدعومتانِ بطيرانِ التّحالفّ والمُعلنتانِ ٲواخر العام الماضي حلقةَ تَمدُّد «داعش» في البلدين، ودفعت العشرات مِنْ مُقاتليهِ ٳلى بيعِ المُختطفين منَ الأطفالِ والنساءِ الإيزيديّين لضمانِ تَذكرةِ هُروبهم، وقدْ تكونُ ٳلى أوروبا، وتقديم حقّ اللُّجوءِ فيها ٲو الانتقال ٳلى مناطقَ ٲكثرَ أمناً بعد توعُّد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية بإنهاءِ التنظيم .
«ٲبو شُجاع دنايي» مُحرّر المخطوفين وصفَ عملية شِراء المُحتجزين بالمُغامرةِ الخَطِرةِ، فَعمليةُ الشّراءِ تَتِمُّ عادَةً -كمَا يُضيفُ- بعد هُروبِ مُقاتلي التنظيم خارج حدود الدّولة الإسلامية ، والبيع يتمُّ بالتّالي في المنطقةِ التي يَتواجدُ فيها المُقاتل، والاستلامُ والتّسليمُ تُجريان عادَةً مُقابلَ مبالغَ ماليّةٍ تَصلُ لِقَـــاءَ تحريرِ طفلٍ واحدٍ إلى الــ/ 8000/ دولاراً .
ويُشيرُ «دنايي» ٲنَّ العمليةَ قَدْ تَفشلُ بسببِ خيانةِ مُقاتلي «داعش» مُوضّحاً : " لا نَستبعدُ أنْ يَستلمَ الدَّاعشيُّ المبلغَ دونَ تسليمِ المُختطفِ سَواءً أكانَ طفلاً أو امرأةً وقد يعمدُ ٳلى قتلِ المُحرَّرِ نَفسِه" . وأضافَ : "كثيرةٌ هي المرّات التي تَعرّضنا فيها ٳلى الخيانةِ، وخَسِرنَا العَديدَ مِنَ الأرواحِ في شبكةِ التّحرير التي نُديرُها لتَحرير المخطوفين".
عملياتُ التحريرِ تتِمُّ ٲغلبُها بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الأمن العراقية في (الموصل و الرقة) بالاتّفاقِ مع مُهربينَ يُنسّقونَ مع عناصرَ مِنْ «داعش» لضمانِ عُبورٍ آمنٍ للمُختَطفينَ مِنَ الأطفالِ ووُصولهم إلى ذَويهم .
ــ "شُكُرْ شَنكالي" مسؤول المجلس الإيزيدي في «شنكال» الذي أشرفَ على استلامِ العديدِ مِنَ الأطفالِ والنساءِ المُختطفات، أكّد أنَّ الإيزيديينَ يشترونَ نساءهمْ وفلذاتِ ٲكبادهم المُحتجزينَ لدى التنظيم مُقابلَ مبالغَ مالية كبيرةٍ تُنهكُ قُدرةَ عوائلِ المخطوفينَ، مُشيراً ٳلى ٲنَّ شراءَ أُمّ مع طفلها يَصلُ إلى 12000 دولار،
وأضاف: "لمْ يُحرَّرْ مخطوفٌ واحدٌ دونَ بَدلٍ ماديّ إلَّا العام الماضي، حيثُ حُرّر /53/ طفلاً وامرأةً في عمليةِ تبادُل مع امرأةٍ من التنظيم من مدينة (حلب) السورية كانت تُدعى "عزيزة " اعتقلتها «وحدات حماية شنكال» الصيف الماضي في شنكال، وكانت واحدة من زوجات زعيم تنظيم داعش (البغدادي)"، وأضاف: "نصبت وحدات حماية شنكال كميناً لمجموعة من عناصر تنظيم داعش كانوا قادمين من مدينة الموصل برتل سيارات مصفحة وحصلت اشتباكات بين الجانبين انتهت بمقتل العديد من مقاتلي التنظيم واستسلام من بقي منهم وكان بينهم امرأة عرضت علينا وقتها صفقة وهي استبدالها بعدد من الأطفال الإيزيديين مقابل إطلاق سراحها، وأكدت لنا أنها شخصية هامة لدى التنظيم وأنها تزوجت أهم أمرائه وبعد إتمام الصفقة واستلامنا الأطفال وإطلاقنا لسراحها اكتشفنا أنها كانت زوجة البغدادي واسمها "عزيزة".
تحرير 1200 طفل من إجمالي 3166
ــ حمايةُ الأطفالِ زمنَ الحربِ مبدأٌ يُكرّسهُ القانون الدولي الإنساني ويُلزمُ بهِ الدولَ وبموجبِ القانون الدولي الإنساني يحظى الأطفالُ بصفتهمْ مدنييّن بالحماية، ونظراً للضّعفِ البالغِ الذي يتَّسمُ به الأطفالُ تنُصُّ اتفاقيات جينيف «1949» وبروتوكولاها الإضافيان «1977» على سلسلةٍ من القواعدِ التي تُولي للأطفال حمايةً خاصّةً، ويتضمّنُ بروتوكولاها الإضافيّانِ ما لا يَقلُّ عن /25/ مادّةً تُشيرُ إلى الأطفالِ، لكنّها لمْ تُلقِ بِظلالها على الأطفال الإيزديّين الأسرى منهُم والمُحرَّرين والذينَ وصلَ عددهُم ٳلى /1200/ طفل من ٲصل /3166/ حسب تصريحات الناشط "علي الخياط" مسؤول مُنظمة "يَزْدَا" غَير الحُكوميّة المعنيّة بالشّؤون الإغاثيّة للمُتضرّرين الإيزديّين من كارثة «شنكال» .
”الخياط“ تحدّث لــ « صُوَر» عن منظماتٍ ومراكزَ صحيّةٍ ونفسيّةٍ واجتماعيّةٍ أخذت على عاتقها مَهمّة ٳعادة تَأهيل الصّحّة النفسيّة للأطفال المُتضررين، لكنّها ٲقلُّ بكثيرٍ مِن احتياجات الأطفال، وأشار الناشط الإيزيدي ٳلى برامج « يزدا »الخاصّة بإعادةِ تأهيلِ الأطفالِ ودمجهم في المجتمع، لكنّ قِلّة الإمكانات الماديّة حالتَ دونَ تغطية جميع الحالات وأضاف : "يخضعُ الأطفال لِدورتينِ في الأسبوعِ الواحد داخل مركز منظمة «يزدا»، وتتخصّص بأنشطةٍ فنيّةٍ وتعليميّةٍ واجتماعيّةٍ وبعضها ترفيهية.
الحياةُ السّليمة في الطّفولة السّليمة
ــ الأطفالُ هُم الأكثرُ تَضرُّراً في زمن الحرب رَغمَ أنّهم الأكثرُ قدرةً على التّكيُّفِ، ولأنهم أضعفُ منَ البالغين لصِغرِ أعمارهم، فالحرب كما يُشيرُ «محمد علي عثمان» أخصّائي الصّحة النّفسيّة والتّنمية البشريّة، تُعَدُّ شكلاً كارثيّاً ومُعقّداً للنّشاطِ الاجتماعيّ والنّفسيّ للأطفال ، وتُعدُّ العنايةُ النفسيّة من أهمّ العوامل التي يفتقدُها الطفلُ في مناطقِ الحرب والنّزاعات، وتمتدُّ أعراضُها سنواتٍ عقبَ حدوثِ الكارثة.
ويذهب «عثمان» إلى أنَّ القِوى الإرهابيّة تكونُ على درايةٍ تامّةٍ بمَا يُؤثّر في شخصيّة الطفل والتي تبدأُ بتحطيمِ نفسيّتهِ من جميعِ الجوانب حتّى يُصبحَ سهلَ التّحويل والتّصنيع حسبَ مبادئهم وما ينظُرون إليهِ.
وينصحُ الأخصائيّ النّفسيُّ بعلاجِ هؤلاءِ الأطفالِ في مراكز العلاج النّفسي حتى يتمَّ إعادةُ تأهيلهِم منْ جديدٍ في الحياة والاستفادة من طاقاتهم في المستقبل.
حتى يتمكّنَ الطفلُ من الاندماجِ في الحياةِ الطّبيعيّة المُعاشَةِ والتي كانَ يعيشها منذُ البدايةِ ، لابُدَّ من اللُّجوء إلى الخُطط العلاجيّة النفسيّة التي تَضمنُ الحياةَ الآمنةَ للطّفلِ، ولا سيَّما بعد عودة الأطفال المُحَرَّرين ٳلى حُضنِ عوائلهم مُباشرةً.
مُحَرّر الإيزيديّين " ٲبو شجاع دنايي" الذي حرّر /300/ طفل منْ قبضةِ التنظيم بعد شهرينِ منْ دخوله «شنكال»، وٲشرف على تحرير الأطفال الخمسة، ٲشارَ ٳلى أنَّ حجمَ الأزمة يتقلَّصُ بِصغَر عُمرِ الأطفالِ المُحرَّرين، وبحُكمِ اندماجِهم مع العائلة والأطفال ممّن في ٲعمارهم والمُخالطة بينهم يتقبّلون العودة مُجدّداً ٳلى طبيعتهم لكنَّ حجمَ المشكلة يزدادُ التهابَاً مع مَنْ هُمْ أكبرُ سِنّاً ولا سيَّما في غيابِ معاهد تأهيلٍ ومنظماتٍ ٳنسانيةٍ مَعنيّةٍ بصحّةِ الطفل النفسيّة والعقليّة والجسديّة، فَهُم يعيشونَ كأيّ نازحٍ في مخيّماتٍ تفتقرُ للكثيرِ منْ مُقومات العيشِ .
مأساةُ العوائلِ الإيزيديّة ممّن خُطِف أحبّتهم لمْ تنتهِ بعودةِ فَلذات الأكباد، بَل الواقعُ لمْ يحتملْ حجم الكارثةِ التي سبّبها «داعش» بعودة الأطفال مُقاتلينَ أُتخمَتْ ٲدمغتُهم، وسُمّمتْ ببراثنِ التّطرّف الذي قد ينثرُ بذورهُ ويُفجّرُ ألغامهُ في ٲحشاء المجتمع الإيزيدي الذي يُرجّح الكثيرونَ أنَّهُ سيكونُ في المستقبل القريب، ويتخطّى هَوْلَها حجم الإبادات التي ارتُكبتْ بحقّهم عبر التاريخ، ولا سيما مع استمرار وقوف المجتمع الدولي مكتوفَ اليدينِ وتَحييد نفسهِ عن أداءِ دورهِ الإنسانيّ حِيالَ الأزماتِ الكارثيّة التي تعصفُ بالمنطقة .