في المسألة "الطائفيّة"
تشير عدّة دلائل ومعطيات إلى وجود اعتقاد راسخ يسيطر على عقول معظم الناس في بلادنا، مضمونه أن الانتماءات الأولية يسهّل التعامل معها واجتثاثها أو اجتنابها كما لو كان ذلك مُتاحاً بكبسة زرّ مثلاً، أو أن عدم التحدّث عنها وإشهاراها يعني زوالها تلقائياً، بل إن بعضهم يرى أن سنّ القوانين كفيل بالتحكّم بها ومنع ظهور آثارها. ولكي تتأكّد من وجود هذا الاعتقاد يكفي أن ترجع إلى بعض من الأبحاث والدراسات التي صدرت عن موضوع الطائفية في سوريا على سبيل المثال وليس الحصر. فما هي الانتماءات الأوّلية؟ وأي فرع من فروع العلم اختصّ بدراستها وتحليلها؟ وأين موقعها في النفس حتى نتعامل معها ونتجنّب آثاراها السلبية؟ وهل هذا يسيرٌ ومُتاحٌ من حيث المبدأ؟ وهل بمقدور المرء، في مجتمعاتنا المتخلّفة حيث الكبت والقمع سمتان أساسيتان في كل المؤسّسات الاجتماعية منها والسياسية، ألا يكون طائفياً أو محكوماً بانتماءاته الأوّلية؟ ولماذا صادف أن الدولة الوحيدة التي انفصلت عن الاتحاد الأوروبي كانت بريطانيا البروتستانتية؟ وما الذي يفسّر التقاء المعارضة السورية العربية، بمعظم أطيافها وتياراتها، مع النظام السوري (قلب العروبة النابض) حيال الموقف من القضية الكردية؟ وهل تشرح كل التبريرات والأعذار المعلنة مثل هذه المصادفات؟.
إن للنفس "أعضاءً" لا تسيطر عليها عقولنا ولا تخضع بسهولة لوعينا كما للجسد أعضاءً، منها القلب والكبد والكلى، تعمل وفقاً لمشيئتها وليس وفقاً لإرادتنا "الحرّة"!.