سوريا وحصيلة عام آخر من الدمار
عاش السوريون سنةً أخرى كسابقاتها تضج بالأحداث والأزمات والقسوة وشظف العيش، لم يجدوا فيها أي فسحة للأمل، فآلة الحرب مازالت تحصد المزيد من الأرواح، وتتسبب بالمزيد من الدمار والخراب والتهجير والنزوح، رغم كل الحديث الذي جرى حول المسارات التفاوضية ومناطق «خفض التصعيد».
أقسى المعارك هي تلك التي دارت في المناطق الشمالية، أي ديرالزور والرقة، ضد تنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، حيث نالت المدينتان وريفهما قسطاً كبيراً من القصف، من قبل طائرات التحالف والطيران الروسي، ما أدى للعديد من المجازر بين المدنيين، فضلاً عن نزوح عشرات الآلاف، ممن باتوا بلا مأوى، يسكنون مخيمات تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الضرورية.
ناهيك عن بقية المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في إدلب وحلب وريفيهما، وهي قد نالت نصيبها أيضاً من القصف المستمر من قبل النظام، الذي لم يتوان عن استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، وارتكاب مجازر اعتبرت الأخطر، كما في الهجوم بغاز السارين الذي طال خان شيخون في إدلب، والذي اعتبر من قبل الأمم المتحدة جريمة حرب.
أما المسار التفاوضي السوري فلا يبدو أفضل حالاً، سواء من حيث وقائعه أو النتائج التي توصل إليها حتى الآن، فقد عقدت خمس جولات متتالية من المحادثات في جنيف، وثمان جولات في أستانا عاصمة كازخستان، دون الخروج باي مُنجَز سياسي تفاوضيّ، أو حتى ميداني، باستثناء تحديد مناطق خفض التوتر، التي لم يتم الالتزام بها.
حالة الصراع الذي لم يتوقف عمّقت من الوضع الانساني الكارثي الذي يعيشه السوريون في الداخل والخارج، حيث تبين خطّة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في سوريا عام 2017، التي أعلنها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وجود 13.5 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، منهم 5.7 ملايين بحاجة ماسّة. ومن المتوقع أن يتدهور الوضع أكثر في حال استمرار الصراع والأعمال القتالية، في ظل ظروف اقتصادية متدهورة.
كما يجب ألا ننسى المعتقلين والمغيبين قسرياً، أبطال المأساة السورية الذين لم يأت أحد على ذكرهم في كل جولات التفاوض، رغم أن قضيتهم من الملفات التي لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها، فلا سلم في سوريا ما دام آلاف السوريين مغيّبين عن بيوتهم وأحبائهم وراء القضبان.