النظام السوري يتخلّص من كبار ضبّاطه .. من هو الضابط المكلّف بتصفية أقرانه؟
- النظام السوري يتخلّص من كبار ضبّاطه
- من هو الضابط المكلّف بتصفية أقرانه؟
- النظام لايسمح بوجود أبطال ويصفّي شخصيّات عوّمها
- إفساد الضباط بتقديم مزايا لهم على أسس شخصيّة
ابتدع النظام السوري وسائل مختلفة، للتخلّص من معارضيه، لكنه فشل فشلاً ساحقاً في تظهير قصص التخلّص من موالاته. ومنذ قصة انتحار رئيس الحكومة الأسبق محمود الزعبي في أيار 2000 بمنزله، ومن ثم انتحار وزير الداخلية الأسبق اللواء غازي كنعان في تشرين الأول 2005 بمكتبه، أثيرت الشكوك حول هذه التصفيات، لكن في الحرب السوريّة المستمرّة انعطف النظام باتّجاه قتل من يعارضه من موالاته، بشكل مباشر، متراجعاً عن روايته التاريخية، أي الانتحار.
خلقت الحرب في سوريا، ظروفاً ومعطيات جديدة، دفعت بالنظام للتخلّص من بعض مواليه، لا سيّما كبار الضباط. ورغم أن النظام يدافع عن رواياته بشأن مقتل كبار ضباطه، نافياً تصفيتهم، بأنه يحتاج إلى كل شخص يقف إلى جانبه، ويقاتل معه. إلا أن طرق التصفية الهزيلة التي تأتي مباشرة بعد ارتكابات لهذه الشخصيات، وممارسات لاترضي النظام، تؤكّد أن النظام يحاول غسل جسده من ضباطه الكبار الذين يخرجون ولو قيد أُنملة عن خطوطه الضيقة، المرسومة بدقّة.
تصفية مُنتقاة
بدأت القصة، منذ اندلاع الثورة السوريّة في آذار 2011، وتحوّل سوريا إلى ساحة حرب، أحد أشكالها التصفيات التي طالت قامات كبيرة في مختلف المجالات، ولا سيما العلمية منها، ومن ثم انزلق الجميع إلى مبدأ التصفية (على أبو جنب)، يقوم بها كل فصيل أو طرف أو جانب، تجاه معارضيه.
فَقَد النظام الكثير من الضباط الكبار من حيث رتبهم العسكرية، ومدى تأثيرهم في مجريات الحرب السوريّة. وبدأت خيوط بسيطة تتكشّف، مع توالي ورود إشارات استفهام جوهرية، تتعلّق بتصفية النظام لعدد من كبار ضباطه، بغية إيصال رسائل متناقضة ومقصودة، كالتأكيد على شراسة المعركة، واستهدافها لكل مَن يدافع عن الوطن بصفته حليفاً للنظام، أو لضبط حالة الفلتان التي باتت واضحة في مجال ظهور أسماء قادة عسكريين، عوّمها النظام، لكنها انفلتت من قمقمها، وبات يصعب عليه لملمتها، والتضييق عليها، وكبح جموحها. فاتّجه إلى الخيار التقليدي بالتصفية.
يعتمد النظام على حسابات مناطقيّة، وشخصيّة، لتعويم كبار الضباط، وفي مشروع لمركز كارنيغي للشرق الأوسط بعنوان: إعادة النظر في العلاقات المدنية-العسكرية 2014-2015: الحَوْكَمة السياسية والاقتصادية في المرحلة الانتقالية، خلص التقرير فيما يتعلّق بسوريا، والمنشور في تشرين الثاني 2015، إلى أنه على مدى عقود، كان أحد الأدوات الأكثر مضاء في يد نظام بشار الأسد الخاصة بالحفاظ على السيطرة على الجيش ومؤسّسات الدولة الأخرى، هي إفساد الضباط من خلال تزويدهم بالمزايا على أسس شخصية لامؤسّسية.
حمائم الصقور
بعد فنجان القهوة الدمشقي الصباحي، في تموز 2012، ورد خبر عاجل على شاشة التلفزيون السوري الرسمي، بأن انفجاراً طال خلية الأزمة، واستهدف كبار الضباط الذين يديرون الحرب. رئيس خلية الأزمة معاون نائب رئيس الجمهورية (وزير الدفاع السابق) العماد حسن توركماني، وزير الدفاع العماد داوود راجحة، إضافة الى نائبه العماد آصف شوكت، واللواء هشام الاختيار رئيس مكتب الأمن القومي، فيما نجا وزير الداخلية اللواء إبراهيم الشعّار. ذهبت الترجيحات يومذاك، إلى أن ما حدث هو تصفية قام بها النظام، وليس عملاً تمكّن من تنفيذه الجيش السوري الحرّ، باعتباره الفصيل الفاعل يومذاك على الساحة. واستقرّت الترجيحات، أن خلية الأزمة كانت من حمائم الصقور لدى النظام، ومن الممكن أن تكون أقرب إلى الحوار، والابتعاد قدر الإمكان عن المواجهة العسكرية الدامية، فيما كان جناح الصقور المتمثّل باللواء ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، يرغب في كسر التابوه التقليدي، واسترجاع تجربة النظام في مواجهته مع الإخوان المسلمين التي وصلت ذروتها في 1982 بحماه.
شرعنة كل الأساليب
قرّر النظام المواجهة الدامية، وكان يبحث عن الفرصة التي تؤمّن شَرْعَنة القوة والبطش، وتوجيه إشارة قوية لكل من يعمل ضمن الدائرة التي رسمها النظام، بأن لا صوت للرحمة والحوار. هذا ما يؤكّده، موقف النائب السابق لرئيس الجمهورية فاروق الشرع، عندما قال في حديث لجريدة الأخبار اللبنانية أواخر 2012،" في بداية الأحداث كانت السلطة (النظام) تتوسّل رؤية مسلّح واحد أو قنّاص على أسطح إحدى البنايات". هذا الموقف أدّى بالشرع إلى التوقّف عن التصريحات، ومن ثم العزل، وأظهر أن جناح الصقور في النظام هو صاحب الكلمة، ولن يتورّع عن استخدام كل الأسلحة والأساليب المتاحة.
أمثلة مثيرة للتساؤل
العارفون بتركيبة النظام الأمنية، ومهاراته في هذا الشأن، يستبعدون قدرة المعارضة المسلحة على استهداف كبار الضباط، الذين يقودون المعارك. كما أنهم يقلّلون من أهمّية الروايات التي يطلقها النظام، حول قدرات المعارضة المسلحة للوصول إلى أهداف دقيقة في بدايات الحراك السلمي، كما جرى مع خلية الأزمة في دمشق، أو بتفجيرات وقعت داخل الفروع الأمنية، ومنها فرع أمن الدولة وسط دمشق( الفحّامة)، ومبنى المخابرات العسكرية في منطقة القزّاز، ومبنى وزارة الداخلية، ولاحقاً فرع الأمن العسكري بحمص، ومبنى المخابرات الجوّية بالسويداء. ولا بدّ من الإشارة إلى أن هذه الأمثلة تتعلّق بتفجيرات وقعت داخل هذه المقرّات الأمنية، وليس بسيارات مفخّخة مرّت بجانبها، كما حدث مع الأمن الجنائي بدمشق في منطقة الجمارك.
خطّ ضيّق
رُجحان كفّة جناح الصقور لدى النظام، بعد تصفية قادة جناح الحمائم (خليّة الأزمة)، أثارت تساؤلات أخرى، حول سقوط أسماء جديدة من جناح الصقور؟ مع اختلاف طرق التصفية. نذكر منها، اللواء رستم غزالة، رئيس شعبة الأمن السياسي، وأحد المتّهمين باغتيال رفيق الحريري، رئيس فرع الأمن العسكري بدير الزور اللواء جامع جامع، الذي قُتل في معارك دير الزور، وتؤكّد مصادر لـ (صُوَر) أن رصاصة اخترقت رأسه من الخلف في تشرين الأول 2013، وجامع هو أحد المتّهمين باغتيال الحريري أيضاً. مقتل اللواء عصام زهرالدين في دير الزور، وهو الضابط الذي عوّمه النظام، إلى جانب العميد سهيل الحسن الملقب بالنّمر، على غير عادة النظام. في حادثة مقتل زهر الدين، ما يثير الحفيظة، فالجنرال السوري الذي خاض معارك في محيط دمشق (حيّ التضامن، دوما، التل، وغيرها) إلى جانب باباعمرو في حمص، وصولاً إلى رحلة مريرة في دير الزور وحماية مطارها العسكري، سقط بشكل مفاجىء بلغم أرضي في حويجة صكر، أثناء تمشيطها. السؤال الذي يطرحه الخبير عادل العوض، مَنْ قُتِلَ إلى جانب زهرالدين؟ ليجيب بقوله: لايمكن الاقتناع بأن جنرال حرب مثل زهر الدين، يُقتل لوحده في حالة تمشيط لمنطقة، دون أن يسقط معه أحد مرافقيه، أو مساعديه، فنحن نتحدّث عن لغم أرضي انفجر بشخص، وليس باستهدافه عبر إطلاق النار عليه. ويضيف: مقتله جاء بما لا يَدَعُ مجالاً للشكّ، نتيجة الخطأ الذي ارتكبه بتصريحه الصحفي الذي حذّر فيه كل من غادر البلاد من العودة حتى ولو سامحته الدولة، متعهّداً بأنه لن يسامح، وهذا خروج عن مبدأ الرضوخ لمشيئة الرئاسة التي كان لها موقف مغاير. إضافة إلى أن - يتابع العوض - تحرير دير الزور، والحالة الشعبية التي يحظى بها زهر الدين لا تتناسب مع موقف النظام التقليدي، الذي يمنع ظهور أبطال، وشخصيّات قادرة على الإنجاز الكبير إلا بأمره وتوجيهات رأس النظام، وهذا ما خرج عنه زهر الدين، وتجاوز بذلك الخط الأحمر الضيّق الذي يرسمه النظام عادة لجنرالاته.
عقاب شديد
شكّلت حادثة مقتل زهر الدين صدمة لجمهور النظام، لكن اللافت أن أصواتاً خافتة منه، تساءلت، لماذا كل هذا الاهتمام بزهر الدين، فيما عشرات الجنائز تصل يومياً إلى اللاذقية وطرطوس حيث معقل النظام؟
في صيف 2014، استيقظ أهالي دمشق على سقوط منطقة الدخانية (قرب جرمانا والدويلعة) بيد المعارضة، إنجاز عسكري مهمّ، لايمكن تجاهله، حقّقته المعارضة المسلحة من الجهة الشرقية لدمشق، أي فتح ثغرة استراتيجية، للغوطة الشرقية باتّجاه الوصول إلى دمشق. بعد يومين تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الأخبار المحلّية الموالية للنظام، مقتل اللواء رضا مخلوف من بستان الباشا باللاذقية. الخبر ليس عادياً، والشخصية المقتولة لم تكُ معروفة على نطاق شعبي.
لكن في خفايا القصة كما يسردها الناشط السياسي عمر الصباغ، أن مخلوف باع الدخانية التي سقطت دون إطلاق رصاصة واحدة، بمبلغ وصل يومذاك إلى أكثر من 50 مليون ليرة، فعاقبه النظام بشدة عبر تصفيته، ومن ثم لفّه بالعلم السوري واعتبره شهيداً، لتجري بعدها معركة ضارية لاسترداد الدخانية. ويرى الصبّاغ أن النظام قد يتساهل في بعض الأشياء، لكنه لا يمكن أن يتساهل بموضوع حسّاس يتعلّق بالجغرافيا التي يسيطر عليها قرب دمشق، هذا من الخطوط الحمر التي لا يسمح لأحد بتجاوزها، وهنا الخطأ الذي وقع فيه مخلوف، ومن الطبيعي أن يكون ردّ النظام صارماً في هذه الحالة. ليخلص إلى نتيجة أن النظام يتعامل مع كل حالة على حِدَة، وهنا التخلّص من مخلوف أتى لتهديد مباشر يتعلّق بدمشق، التي كان المعارضون المسلحون يقفون على تخومها، وهو ما استحقّ عليه ميتة غامضة في تفاصيلها، لكنها واضحة المعالم، وبالغة الدلالات.
من الثابت أن النظام يتعامل بقسوة، مع هكذا حالات، وفي تصفية العميد محمد سليمان صيف 2008، مثالاً واضحاً، بأن الثمن الذي يجب أن يدفعه أي شخص يقترب من تهديد المصالح الشخصية لرأس النظام، هو ثمن باهظ، يتمثّل بالقتل. كان سليمان بمثابة مستشار عسكري للأسد، لكنه اتُّهم بمقتل المسؤول العسكري لدى حزب الله عماد مغنيّة بدمشق، وغيرها من الملفّات المخابراتية، فكانت تصفيته رسالة لكل من يحاول التفكير بمجرّد العبث.
المرض الغريب
لمع نجم اللواء رستم غزالة، ابن درعا، منذ أن كان معاوناً للواء غازي كنعان في لبنان، وتلا ذلك ترؤّسه للمخابرات السورية في لبنان خلفاً لكنعان. وبعد اغتيال الحريري، واتّهام غزالة بذلك، عاد ضابط المدفعية للعمل بدمشق، لكنه استمرّ في الترقية، وكافأه النظام بترؤّس شعبة الأمن السياسي. لعب غزالة دوراً مهمّاً في الحرب السوريّة، وهو من كبار الضباط المسؤولين عن قمع المظاهرات السلمية، ومن ثم المواجهة المسلحة. لكن غزالة كان من الواضح أنه عبء على النظام، فهو أحد المتّهمين الرئيسيين باغتيال الحريري. قُتل غزالة بطريقة جديدة، إذ نَشب في صيف 2015، خلاف بينه وبين اللواء رفيق شحادة الذي يترأّس المخابرات العسكرية، فكانت النتيجة، أن مرافقة شحادة تعرّضت للواء غزالة وأشبعته ضرباً، فأُدخل على إثر ذلك لمشفى الشامي بدمشق. فيما الرواية الرسمية تحدّثت عن مرض غريب وخطير أصيب به غزالة، ليعلن عن وفاته عقب أسبوع. السؤال الذي لم يجب عليه مسوّقو القصة، هو: أين كانت مرافقة غزالة أثناء الحادثة؟
مفاتيح التصفية
تميل كفّة الترجيحات إلى تصفية النظام للواء غزالة، وذلك بالاستناد لعدّة مفاتيح لهذه القضية، لرفض غزالة تقديم منزله في قرية قرفا بدرعا ليكون مقرّاً لحزب الله والقوات الإيرانية، ودمرّه غزالة. إضافة إلى الموقف الضعيف لغزالة في قضية اغتيال الحريري. فأوكلت المهمّة للواء شحادة المقرّب جداً من الدائرة الأمنية والرئاسية الضيّقة للنظام، إذ أن شحادة كان المرافق الشخصي للرئيس الراحل حافظ الأسد.
يرى الصباغ أن النظام البارع في طرق تصفية معارضيه، فاشل بامتياز في طرق تصفية مواليه، فلا يمكن الاقتناع أن ضابطاً مهمّاً، كغزالة، يُقتل بهذه الطريقة التي يتمّ تسويقها، بأنه خلاف بين ضابطين كبيرين. إذ أن غزالة الذي عمل رجل مخابرات وسياسة في لبنان، لا يخلق عداوات مع كبار ضباط النظام الأمنيين، كما أنه يعلم يقيناً، أنه شخصية غير اعتيادية في عدد من الملفّات السوريّة المعلّقة. وبالمسطرة ذاتها يقيس الصباغ على اللواء شحادة، الذي لا يتجرّأ على ضابط كبير عيّنه الأسد، وله حضور على الساحة الدولية، فضلاً عن المحلّية، ويعتدي عليه بهذه الطريقة، التي لا يقبل بها النظام إطلاقاً، ولا يسمح بها.
ويدلّل الصباغ على رأيه ـ بأن النظام تخلّص من غزالة ـ بأن غزالة بات عبئاً على النظام، ولم يكُ أداؤه كما يجب في تلك الفترة، إذ سُجّل له إنجاز وحيد يتعلّق بملاحقة المضاربين على الليرة السورية، فيما كانت أجهزة المخابرات التابعة للنظام منهمكة بالمواجهة العسكرية. ويضيف، إن إقالة شحادة المتّهم بمقتل غزالة، دون محاسبة، يفسّر رغبة النظام بالتخلّص من غزالة، بدليل أن النظام كافأ شحادة فيما بعد بتعيينه مسؤولاً أمنياً وعسكرياً على دير الزور، التي قُتِل فيها اللواء زهر الدين بظروف غامضة، والجميع يعلم أن شحادة وزهر الدين لم يكونا على علاقة طيّبة، ليخرج النظام بعد فترة ويعفي شحادة من منصبه بديرالزور. لكن اللواء شحادة حصل على لقب الضابط الذي يصفّي أقرانه بتكليف من النظام، وهو يتنقّل بالمناصب الأمنية وفقاً لحاجة النظام.
محاولة توثيقية
رصدت (صُوَر) عدداً من أسماء كبار الضباط، الذين قُتِلوا في الحرب السوريّة، والتي تُثار الكثير من التساؤلات حول ظروف مقتلهم، تفيد معلومات من مصادر خاصة حصلت عليها (صُوَر) أن عدداً من كبار الضباط تخلّص منهم النظام، مثل قائد القوات الخاصة اللواء محمود عزيز حسن، في معارك حلب، واللواء محسن مخلوف، قائد الفرقة 11 دبابات، في معارك مدينة تدمر، واللواء عدنان عمران رئيس أركان إدارة الدفاع الجوي, في الغوطة الشرقية، واللواء حسين إسحق قائد الدفاع الجوي في معارك الغوطة الشرقية، واللواء محيي الدين منصور قائد الفرقة الخامسة في معارك إدلب، والعميد محمد محسن خضر قائد اللواء 65 في الفرقة الثالثة، والعميد مظهر زاهر معاون رئيس اللجنة الأمنية في حلب، والمسؤول الأمني الأول في محافظة حمص رئيس فرع الأمن العسكري العميد حسن دعبول، ورئيس قسم المخابرات الجوية في السويداء الرائد أسد العبدو ونائبه النقيب إبراهيم العلي، وقائد الفوج الخامس اللواء محسن جامع بمحيط مدينة السخنة، والعميد غسان يحيى يونس رئيس أركان اللواء 60 المدرّع شرقي تدمر.
لكن ما يثير التحفّظ، والانتباه، في آن واحد، أن النظام الذي لا يتساهل مع ضباطه في حال ارتكبوا ما يخالف قناعاته وتوجّهاته، لماذا يتغاضى عن آخرين؟ المثال المطروح هنا يتعلّق بالعقيد حافظ مخلوف، شقيق رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري. وما شفع لمخلوف المتورّط بكثير من قضايا الفساد الكبرى، أنه أثبت قدرات هائلة في البطش بالثورة، والتنكيل بالثوار، فضلاً عن صلة القرابة.
بادرة حُسْن نيّة
هذه كلّها مؤشّرات تؤكّد أن النظام هو من تخلّص من هؤلاء الضباط، ومن غير المستبعد أن تطال قائمة التصفيات المستمرّة أسماء كبيرة، ومنها اللواء شحادة نفسه لطمس كل معالم الجرائم التي ارتكبها، النّمر (سهيل الحسن)، العميد وفيق ناصر المسؤول الأمني بالسويداء ودرعا، اللواء محمد خضور الذي يدير معارك دير الزور حالياً، وقبلها الحسكة وحلب. إذ ثمة ما يلوح في الأفق، أن الحسم العسكري للحرب في سورية، نتيجة التوافق الأمريكي الروسي، الذاهب نحو الحلّ السياسي، يستلزم من النظام التخلّص من كبار ضباطه المتّهمين بارتكاب جرائم الحرب، كبادرة حُسْن نيّة.