ما مصير نازحي 22 قرية إيزيدية تابعة لعفرين؟
يتمركز الإيزيديّون في الشمال السوري عامة، وفي عفرين يقطن غالبيّتهم بمحاذاة الحدود التركية في القرى الواقعة في شمالي المدينة، ونزح سكان هذا القرى من ديارهم أسوة ببقية سكان مناطق عفرين، بفعل الحرب التي دارت رحاها ما بين الجيش التركي المهاجِم وبعضٍ من فصائل المعارضة السورية المتحالفة معه من جهة, ووحدات حماية الشعب وبعض من فصائل قوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى، وكان من نتائج هذه الحرب التي دامت 58 يوماً، نزوح مئات الآلاف من الناس من بينهم سكان 22 قرية إيزيدية، وسط مخاوف على حياتهم، وخاصة أنّ الإيزيديين يحملون في وجدانهم وذاكرتهم تاريخاً من الهجرة المتكرّرة بسبب الحروب على أماكن سكناهم.
مخاوف النازحين الإيزيديّين
تراود النازحين الإيزيديّين مخاوفُ عدّة جرّاء النزوح من أماكنهم بفعل الحرب، من أهمّها الخوف على ممتلكاتهم وعدم القدرة على العودة والتخوّف من محاسبتهم على أساس دينيّ، حيث يعتبرون أنفسهم غير مرغوب بهم لدى الفصائل ذات التوجّه الإسلامي.
نزح الإيزيديّون من أبناء القرى في ريف مدينة عفرين ومن سكان المدينة نحو مناطق الشهباء, وتابع بعضهم - وهم قلّة - إلى مدن الجزيرة السورية, والتجؤوا إلى أقاربهم أو توزّعوا في بيوت استأجروها بغية السكن, إذ يقول رئيس "البيت الإيزيدي" في الجزيرة، إلياس سيدو (45) عاماً لمجلّة (صُوَر): "نزح الإيزيديّون من 22 قرية تابعة لعفرين, حيث يصل تعداد سكان تلك القرى إلى حوالي 25 ألف شخص، ونزح الإيزيديّون من منطقة عفرين إلى منطقة الشهباء, وقلّة منهم التجأ إلى مدن الجزيرة، وهم 15 عائلة فقط".
يعتبر الإيزيديّون الهجوم التركي مع حلفائه من فصائل المعارضة ذات الطابع الإسلامي على مناطقهم أكثر خطورة عليهم من بقية سكّان عفرين، لأنّ أبناء الديانة الإيزيدية تعرّضوا من قبل لتجربة قاسية في منطقة سنجار/شنكال, إبان هجوم تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" على مناطقهم ومركزهم ومزارهم المقدّس "بيت لالش" في آب 2014, حيث بلغ مجمل الضحايا حينها 7400 شخص, ومازال مصير الكثير من النساء والأطفال الإيزيديّين خافياً ومجهولاً، وذلك في إحصاء وثّقه الباحث الإيزيدي داوود مراد ختاري نشره موقع إيزدينا.
العودة بضمانات دوليّة
على الرغم من إبرام العديد من الاتّفاقيات وعقد المؤتمرات والاجتماعات حول إيجاد مناطق خفض التوتّر بضمانات دولية، إلا أنّ واقع الحال يشير إلى تزايد وتيرة المخاوف لدى السكان عامة جرّاء تزايد العمليات العسكرية.
وبالرغم من الاختلاف ما بين هجومي عفرين وشنكال من حيث الجهة المهاجِمة وتسمياتها, لكن التجربة الأليمة التي عاشها الإيزيديّون في سنجار ولّدت مخاوف كبيرة لدى إيزيديّي عفرين من العودة والاستقرار في قراهم ومنازلهم, وبهذا الصدد تقول امرأة إيزيديّة نازحة من قرية قسطل جندو التابعة لمدينة عفرين وهي؛ عدولة محمود (55)عاماً لـ (صُوَر): "نريد العودة إلى ديارنا بضمانات دولية، كي لا نتعرّض للأذى".
مخاوف أبناء الديانة الإيزيدية من التعرّض للأذى ناجمة عن هجمات وأحداث ومعارك في التاريخ الإيزيدي, حيث يتناقل كبار السنّ منهم قصصاً قديمة حول ما تعرّضوا له من حالات إبادة وتهجير بسبب قوميّتهم أو دينهم, ويقول حسو أُمُريكو (باحث إيزيديّ) عن المخاوف التي تراود الإيزيديّين من العودة: "الآن تردنا أنباء بأنّ هناك من يضع علامة مميّزة على باب منزل كلّ إيزيدي في مدينة عفرين, لذلك نطالب بالعودة بضمانات دولية".
وعلى الرغم من نشر الدولة التركية بيانات أشارت فيها على أنّ العملية تجري وفق القانون الدولي, حيث أكّدت في بيان نشرت وكالة الأناضول جزءاً منه، إلا أنّ إلياس سيدو (رئيس "البيت الإيزيديّ" في الجزيرة) يفيد بوصول معلومات إليه بتدمير 12 مزاراً عائداً للديانة الإيزيديّة في منطقة عفرين.
خوف أبناء الديانة الإيزيديّة من العودة إلى منازلهم وقراهم في منطقة عفرين، بعد أن نزحوا إلى أماكن أخرى, يشكّل خطراً على الأقليات العرقية والإثنية ومخاوف من اجتثاثها من مكانها الأصيل في سورية، كما الآشوريّون الذين هاجر معظمهم من 34 قرية على ضفاف الخابور, وينتج ذلك قتل التنوّع العرقي والإثني فيها, ما يخلق ضغينة خفيّة, قد يتسبّب لاحقاً في تصعيد الوضع من جديد, وهذا ما يوجب على العالم أن يتحرّك في حثّ تركيا على تأمين حياة الإيزيديّين وتبديد مخاوفهم إذا ما عادوا إلى منازلهم وقراهم في عفرين, وعدم ترك مصيرهم للمجهول.