القانون رقم 10 .. أنباء عن وقف سريانه وتطبيقه في الخفاء من قِبَل الحكومة
قال يان إيجلاند مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يوم الخميس بعد اجتماع دوريّ في جنيف بشأن الأوضاع الإنسانية في سورية إن روسيا أكّدت على أن دمشق سحبت القانون رقم 10 "الذي يبعث على القلق الشديد" لما يجيزه من مصادرة أراض وعقارات من اللاجئين.
وقد نقلت وكالة رويترز عن إيجلاند تأكيد روسيا أن دمشق سحبت القانون رقم 10 الذي أثار الكثير من الجدل، حيث رأى فيه معارضون تحدّثت إليهم مجلّة (صُوَر) في تحقيق صحفي بعنوان القانون 10 نار جهنّم بمفردات عقاريّة، تمّ نشره في 15 أيار 2018 محاولة حثيثة لانتزاع الملكيات العقارية من المعارضين والمهاجرين والمفقودين والسجناء، مطلِقين تحذيرات من إجراءات النظام غير البريئة.
في الوقت الذي لم يصدر أي تصريح من الحكومة السورية حول سحب هذا القانون، ولم تعلّق وسائل الإعلام الحكومية على ما نقلته رويترز عن إيجلاند حول سحب القانون.
وبحسب تحليل "هيومن رايتس" يمكن للحكومة بموجب القانون رقم 10، وضع يدها على الملكيات الخاصة دون اتّباع الإجراءات القانونية الواجبة أو التعويض المناسب في مناطق إعادة الإعمار.
وأصدر بشار الأسد القانون رقم 10 لعام 2018، الذي كان مجلس الشعب قد أقرّه في 19 آذار الماضي، ويتيح إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر، ضمن المخطّط التنظيمي العامّ للوحدات الإدارية المعرّفة بالمرسوم التشريعي رقم 107 لعام 2011.
وشمل القانون تعديل 29 مادّة من موادّ المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012، الذي قضى بإحداث منطقتين تنظيميّتين في دمشق، تشمل الأولى بساتين خلف الرازي وأجزاء من المزّة وكفرسوسة وستقام عليها مدينة ماروتا، وتمتدّ الثانية إلى جنوبي المتحلّق الجنوبي وصولاً إلى القدم والعسالي وشارع الـ30، وستقام عليها مدينة باسيليا.
وحصلت (صُوَر) على معلومات حينها من مصادر حكومية تابعة للنظام، تؤكّد أن الغوطة الشرقية ومنطقة المخيّم جنوب دمشق، ستكون أولى المناطق التنظيمية التي ستُحدَث بموجب القانون 10، وأن الدراسات الأوّلية أُنجزت بهذا الصدد، وتنتظر حكومة النظام أن تبدأ الخطوات التنفيذية.
ويُلزم القانون مالكي المنازل بتقديم ما يثبت ملكيّتهم للعقارات بالمهلة الزمنية القصيرة المتاحة لإثبات المُلكيّة، والتي تمتدّ على مدار شهر واحد فقط، عقب إحداث المنطقة التنظيمية، وإلا فإنهم سيخسرون ملكيّة هذه العقارات، وتصادرها الدولة، ويحقّ لها تمليك العقارات لمن تراه مناسباً، ومن الصعب على العديد من اللاجئين السوريين، الذين فرّوا من الحرب، تنفيذ هذه القواعد حالياً.
بعد ضغوط دولية، أكّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في حزيران الماضي، على تمديد المهلة الزمنية بقانون الملكيات العقارية (القانون رقم 10) لتصبح سنة بدلاً من شهر, مشيراً إلى أن القانون ضروري لتنظيم الملكيّات وإعادتها لأصحابها، وأن المجموعات المسلحة في الغوطة تلاعبت بالسجلّات العقارية؛ لذا لا بدّ من إعادة تنظيمه.
وانتقد العديد من المنظمات الحقوقية الدولية هذا القانون حيث قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تدعو روسيا وسورية الناس إلى العودة لجذب التمويل لإعادة الإعمار، لكن كما هو الحال دائماً مع الحكومة السورية، فإن الواقع مختلف تماماً. تحت ستار قانون حقوق الملكيّة سيئ السمعة، تمنع الحكومة السورية في الواقع السكان من العودة".
وقد جاء كلام فقيه في تقرير مطوّل أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش في 16 تشرين الأول بعنوان: "سوريا: السكّان ممنوعون من العودة" قالت فيه إن الحكومة السورية، تمنع بصورة غير مشروعة السكان النازحين من المناطق التي كانت تحت سيطرة مسلّحي المعارضة من العودة إلى ممتلكاتهم، حيث قال سكان إحدى البلدات، القابون، إن الحكومة تقوم أيضاً بهدم ممتلكاتهم دون سابق إنذار، ودون توفير سكن بديل أو تعويض.
في حين حلّلت هيومن رايتس ووتش صُوَر الأقمار الصناعية لأحياء القابون، والتي تظهر عمليات هدم واسعة النطاق بدأت في أواخر أيار 2017، بعد انتهاء القتال هناك. تؤكّد الصور أن عمليات الهدم ما زالت مستمرّة.
تحدّثت هيومن رايتس ووتش إلى 7 سوريين حاولوا العودة إلى منازلهم في داريا والقابون، أو حاول أقرباؤهم العودة في مايو/أيار ويوليو/تموز. قال السكان إنهم أو أقاربهم لم يتمكّنوا من الوصول إلى ممتلكاتهم السكنية أو التجارية. في داريا، قالوا إن الحكومة تفرض قيوداً على التنقّل في كامل المدينة. وفي القابون، قالوا إن الحكومة كانت إمّا تقيّد الوصول إلى أحيائهم، أو هدمت ممتلكاتهم.
استناداً إلى الإعلام وبيانات حكومية صادرة بين مايو/أيار 2017 وأكتوبر/تشرين الأول 2018، أعلنت الحكومة السورية أنها كانت تدمّر أنفاقاً أنشأتها الجماعات المناهضة للحكومة، بالإضافة إلى بقايا متفجّرات من الجماعات المسلحة التي تركتها في القابون. لكن صُوَر الأقمار الصناعية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش خلال هذه الفترة أظهرت أن الحكومة هدمت المنازل بآليات ثقيلة تتحرّك على الأرض، مثل الجرّافات والحفّارات، بالإضافة إلى التفجير غير المنضبط لمتفجّرات شديدة الانفجار، وهو أمر لا يتّسق مع إغلاق الأنفاق تحت الأرض.
قارنت هيومن رايتس ووتش أيضاً مواقع الارتطام الناتجة عن الغارات الجوية بعمليات الهدم، فوجدت أنه على الرغم من أن العديد من المباني قد تضرّرت على الأرجح في الغارات الجوية أو القتال البرّي، إلا أنه كان من الواضح أن العديد من المباني التي تمّ هدمها كانت أيضاً سليمة بشكل واضح، ومن المحتمل أن تكون مسكونة، ولم يتمّ هدمها لأنها تضرّرت من جرّاء الغارات الجوية.
قالت هيومن رايتس ووتش: إن منع السكان النازحين من الوصول إلى منازلهم والعودة إليها بدون سبب أمنيّ حقيقي، أو تقديم بدائل للأشخاص المشرّدين، يجعل هذه القيود تعسّفية، ومن المرجّح أنها ترتقي إلى التهجير القسريّ.
تنتهك الحكومة التزاماتها بضمان حرّية الحركة عندما تفرض قيوداً على الدخول والخروج من القابون، ومنع العودة إلى داريا بالكامل دون تقديم سبب مشروع، أو القيام بفحص أمنيّ فرديّ للمقيمين الساعين للدخول أو المغادرة. وبالنظر إلى الوقت الذي انقضى منذ الاستيلاء على هذه المناطق، وحجم تأثير هذه القيود، فهي تبدو غير متناسبة.
كما يحظر القانون الإنساني الدولي "التدمير العشوائي" للممتلكات والهجمات المتعمّدة والعشوائية وغير المتناسبة ضد المدنيين والأهداف المدنية. يشير حجم عمليات الهدم، واستعادة الحكومة للمنطقة لمدة عام على الأقل، إلى أن عمليات الهدم هذه قد تكون غير متناسبة، وربما تكون جرائم حرب.
قالت هيومن رايتس ووتش: إن القيود المفروضة على الوصول، والهدم، ومصادرة الممتلكات تؤثّر أيضاً على قدرة الأشخاص النازحين واستعدادهم للعودة إلى مناطقهم الأصلية. وأشار اللاجئون إلى أن أسباب عدم عودتهم تكمن في عدم قدرتهم على العودة إلى مناطقهم الأصلية، وعدم وجود ضمانات بأن الأمن سيستتبّ هناك. وقال آخرون إن هذه ليست سوى أحدث ما قامت به الحكومة السورية في سلسلة من الإجراءات ضدّ السكان المدنيين.
قال السكان إن المسؤولين المحلّيين لم يقدّموا سبباً لمنعهم من العودة إلى داريا أو القابون، أو سبباً للقيود الأخرى المفروضة على الوصول. واجهت مناطق أخرى، بما في ذلك وادي بردى والتضامن، قيوداً مماثلة.
في 25 سبتمبر/أيلول، أفادت وسائل إعلام بأن تقرير "لجنة محافظة دمشق" بشأن تطبيق القانون رقم 10 في التضامن، وهو حيّ في دمشق، وجد أن 690 منزلاً فقط صالحاً للسكن، أي حوالي 10 بالمئة من مجموع المساكن، وفقاً لما ذكره أحد الناشطين في التقرير - وأن السكان لن يُسمح لهم بالعودة إلى منازل تُعتبر غير صالحة للسكن. أكّد سكان التضامن أن التقرير كان غير موضوعي وغير عادل. ولم يوضح التقرير الإخباري ما إذا كان سيتمّ تقديم تعويض أو سكن بديل للمقيمين.
وفي مناطق أخرى، منها الزبداني والمعضمية، القريبة من داريا والقابون، قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعودون ويمتلكون حقّ الوصول إلى ممتلكاتهم.