معشر الرجال في عيد المرأة
شجاعتهنّ والإرادة التي يمتلكْنَها للاستمرار في النضال من أجل حقوقهنّ رغم الاضطهاد والعنف الممارَس ضدّهنّ تصيبني بالذهول، وأبحث دائماً عن سرّ هذه الشجاعة والإرادة، وأجد ضالّتي بإجابتهنّ: إننا نسعى إلى حقوق متساوية معكم، أنتم معشر الرجال، بعد أن استوليتم خلال القرون الماضية على كل شيء، كما أبحث دائماً عمّا يميّزنا -معشرَ الرجال- عن النساء باستثناء الاختلافات الفيزيائية حتى نحظى بكل هذه الامتيازات، وفي الحقيقة لم أجد أي شيء يميّزنا، فنحن متساوون بكل شيء، فقط نحن سلطة ذكورية تسلّطية، مُنحت لنا تربية وعُرفاً.
ومن خلال العمل الذي نقوم به من أجل زيادة الدور القياديّ للنساء، هناك صورة نمطية حزينة وسطحية جداً تسيطر على الشارع السياسي السوري، تقول بـ "أنه لا يوجد نساء كافيات تتمتّعنَ بقدرات تخوّلهنّ العمل السياسي أو القيادة"، وكأننا -معشرَ الرجال السوريين- جميعنا لا تشوبنا شائبة في العمل السياسيّ، وأكبر دليل نتائج ما توصّلنا إليه حتى اللحظة.
ومن الأمور التي أعتقد أنها خطأ جسيم، تنميط دور النساء في صناعة السلام؛ لأنه يحدّ من أدوار النساء، فأدوارهنّ تتعدّى صناعة السلام فقط، بالإضافة إلى أن الحقيقة هي أنه ليس كل النساء صانعات سلام، وهذا شيء طبيعيّ.
ولأن كل ما تعانيه النساء في سوريا لم يتغيّر كما يجب، فلا بدّ من وضع قواعد ثابتة لا غنى عنها، وهي:
أولاً: القضيّة الجندرية هي قضيّة حقوقية وليست سياسية، وهي لا تتعلّق بمعارضة أو نظام، فهي متعلّقة بحقوق النساء ولكن الكثير يتعامل معها على أنها قضية سياسية هرباً من استحقاقاتها.
ثانياً: ضمان حقوق النساء دستورياً وقانونياً وضمان مشاركتهنّ من خلال تحديد كوتا في جميع المؤسّسات والهيئات، ولدينا تجربة جيدة في المنصّة المدنيّة السوريّة من خلال تحديد كوتا في اللجنة الوطنية وهي ٥٠٪.
ثالثا: تمكين المرأة اقتصادياً، وتسهيل وصولها إلى الموارد التي تحقّق لها ذلك.
رابعاً: الاستفادة من التجارب المحلّية، ويمكننا الاستشهاد هنا بتجربة الإدارة الذاتية والدور القياديّ الحقيقيّ الذي تلعبه المرأة، رغم أن الحالة غير مثالية، ولكن هي الأفضل على الساحة السوريّة.
وفي النهاية قد يستفزّ كلامي البعض من الرجال، ولكن أومن تماماً بأنه ليس بالضرورة أن نكون -معشرَ الرجال- حسّاسين للجندر، ولكن من الضروريّ إيماننا بحقوق المرأة والمساواة التامّة فيما بيننا دون أيّ فروق حقوقيّة.