info@suwar-magazine.org

لقاء برلين هل يكون البوابة الأوروبية إلى سوريا

لقاء برلين هل يكون البوابة الأوروبية إلى سوريا
Whatsapp
Facebook Share

 

 

بعيداً عن رصاص الحرب داخل سوريا، وبعيداً عن طاولات التفاوض على تقاسم النفوذ والسيطرة، خرج عدد من السوريين في برلين بوثيقة "عيش مشترك" كما أطلقوا عليها، خطّوا أحد عشر بنداً لتفاهمهم تحت عنوان "مدوّنة سلوك لعيش سوريّ مشترك".

 

كانت مدوّنة سلوك قد أطلقت قبل قرابة العام وبضعة أشهر موقعاً إلكترونياً وصفحة لها على الفيسبوك باسم "سوريا 11" كدلالة على بنودها الأحد عشر، والتي نشرتها على صفحتها كتمهيد للبحث عن توافق سوريّ سوريّ يجمع بين المتوافقين على ضرورة إنهاء الحرب وتجاوز آثارها نحو بناء سوريا جديدة بعيداً عن مسارات الحلّ السياسي المختلفة، وبمشاركة سوريين من الداخل والخارج.

 

مدوّنة سلوك كانت قد ظهرت للعلن بقوة بعد مقالٍ أثار جدلاً بسبب عنوانه، كانت قد نشرته صحيفة الشرق الأوسط التي حضرت اللقاء الأخير في شهر آذار (2019) في برلين، وعنونت مقالها بـ"الشرق الأوسط تنشر أسرار الحوار السنّيّ-العلويّ السوريّ في برلين" ممّا أثار الجدل حول المدوّنة واجتماعاتها، حيث أعطى العنوان انطباعاً عنها بأنها حوارات طائفية أو أشبه بلقاءات توافقية تبحث عن عيش مشترك بين الطوائف السورية وبخاصة السنّةُ والعلويّون، الأمر الذي نفاه عدد من الشخصيات المتحدّثة باسم المدوّنة، وأكّدوا على أن لقاءاتهم كانت تحت عنوان حوار سوريّ وطنيّ، وليس من باب التفاوض بين الطوائف كما أظهر عنوان الصحيفة، والذي نفاه مضمون مقالها.

 

أمّا عن بداية اجتماعات المدوّنة كما حدّثنا أحد أعضائها المؤسّسين والموقّعين عليها الإعلامي أسامة أبو ديكار، فقد "بدأت قبل حوالي عام ونصف العام لقاءات على مستوى عدد قليل من السوريين من الداخل والخارج لدراسة طرح مبادرة عن كيفية الخروج من الكارثة السوريّة، وكيفية معالجة آثار الحرب التي نخرت المجتمع السوريّ أفقياً وعامودياً. وجرى البحث عن أشخاص فاعلين في المجتمع ومؤثّرين بشكل مجتمعيّ أكثر ممّا هو سياسيّ. فبدأت اللقاءات في برلين-ألمانيا بحضور الخبير السوريّ والمقيم في ألمانيا (ناصيف نعيم) الخبير بالقانون الدولي، وبدأت هذه اللقاءات تتوسّع، ويزداد عددها تلقائياً، حتى شملت مكوّنات المجتمع السوري، إلى أن تجاوز عددها الخمسين شخصاً، حيث تمّ الإعلان عنها بشكل رسميّ في آذار 2019.

 

فتكوّن أعضاؤها من شيوخ القبائل والعشائر وشخصيات دينية ومثقفين ودبلوماسيين سابقين وأعضاء مجلس شعب سابقين وكتّاب وإعلاميين، وتمّ الابتعاد عن أي تمثيل سياسيّ أو تشكيل سياسيّ، فلم يحضر أحد بصفته الحزبية أو ما شابه ذلك، ولم يزعم أحد الحاضرين بأنه يمثّل المكوّن الذي ينتمي إليه أو يمثّل الشعب السوري، فلا يوجد أحد في سوريا يمثّل السوريين".

 

أمّا عن رؤية المدوّنة وأهدافها، فلا تحمل المدوّنة أية برامج اقتصادية، إذ ترى الجانب الاقتصادي من اختصاص خبراء الاقتصاد، وتكتفي ببنودها الأحد عشر، والتي تعتبرها كمبادئ فوق دستورية، تتمحور حول: "وحدة الأراضي السوريّة، المكاشفة والاعتراف، لا غالب ولا مغلوب، لا أحد بريء من الذنب، محاسبة لا ثأر، جبر الضرر، متابعة الملفّ الإنساني، الهوية التنوّعية للمجتمع السوري، عدم تسييس الانتماء، جماعية التراث السوري، مبدأ المساواة بين السوريين وحماية حرّياتهم".

 

يضيف أبو ديكار أنه "لا توجد دول داعمة أو معارضة أو لم يظهر حتى الآن من هي الدول التي تدعم هذه المبادرة أو تعارضها، بل من أهداف هذه المبادرة التوجّه إلى المؤسّسات والمنظمات الدولية والدول الفاعلة وصاحبة القرار في الشأن السوري لوضع هذه البنود أمامهم لتكون مقدّمة للحلّ السياسيّ".

 

الجديد في هذه المبادرة والمختلف فيها عن سابقاتها من المبادرات السورية الكثيرة حسب تعبير أبو ديكار: "عدم البحث في الجانب السياسي كون الجانب السياسي متعلّق بالقضايا الدولية، والسوريون – للأسف- ليسوا أصحاب الكلمة والقرار في الجانب السياسي. وتتميّز هذه المبادرة عن سابقاتها بأنها جمعت سوريّي الداخل والخارج ودون إملاءات من أحد على مجريات اللقاء. فكان فيها موالون ومعارضون ومن كل الأديان والطوائف السوريّة، فاتّفقوا جميعاً على أن بقاء سوريا أهمّ من الجميع، ودون مكاشفة ومصارحة من الجميع لن يتمّ الوصول للبحث في الحلول".

 

في المقابل لا تمتلك المدوّنة أية أدوات تنفيذية أو أوراق ضاغطة بيدها لفرض رؤاها، بل تعتمد على التوجّه نحو المؤسّسات الدولية والدول الفاعلة وصاحبة القرار في الشأن السوريّ، وكذلك إلى الحواضن الاجتماعية لأعضاء المدوّنة، وذلك بعد تشكيل "مجلس المدوّنة السوريّة" وتعيين ثلاثة ناطقين باسمه، ووضع خريطة تنفيذية لشرح مبادئ المدوّنة.

 

وفي سؤالنا عن مدى التقارب والتوافق بين المدوّنة وشروط النظام السوري للحلّ في سوريا، والذي يرى نفسه منتصراً ومسيطراً، أجاب أبو ديكار: " النظام السوريّ هو طرف في المعادلة السورية، ولم يتمّ الحديث في الشأن السياسيّ في هذه المدوّنة، ولم يتمّ طرح أي فكرة توالي النظام أو تعارضه، فالمبادرة هي بنود ما فوق دستورية، وهي مقدّمة للحلّ السوريّ، وليس مهمّاً إن كان النظام يوافق عليها أم لا، فهذا شأنه، وهذه المبادرة لإنقاذ الشعب السوريّ. أمّا إذا كان الحديث عمّن يخرج من سوريا إن كان يخرج بموافقة النظام أو بإيعاز منه، فلم يتحدّث أحد من المشاركين من الداخل بأنه يحمل أية رسالة من النظام. فالسوريون في الداخل يشاركون في لقاءات كثيرة في الخارج، وليس من الضروري أن يكون من يخرج من الداخل للمشاركة بأي لقاء خارجي أن يكون منسّقاً مع النظام. ومشكلتنا هي بالتخوين، فمن هم في الداخل يتمّ تخوينهم على أنهم مرتبطون مع النظام، ومن هم في الخارج يتمّ تخوينهم على أنهم مرتبطون بالخارج".

 

وفي سؤالنا لأبي ديكار عن سبب تخوين المدوّنة واجتماعاتها من قِبَل البعض واعتبارها "لقاء سرّيّ طائفيّ"؟ هل يوجد شيء من ذاك القبيل؟ خاصة وأن الاختيار غير حزبي، ويقترب من الاختيار على أساس المكوّنات والعشائر. وبماذا تختلف عن منهجية اتفاق الطائف في لبنان؟

 

"بعد مادة صحفية ظهرت بعنوان "حوار سنّيّ/علويّ" هو ما أثار الجدل حول هذه المبادرة، وبرأيي الشخصيّ، إن عنوان المادة الصحفية هو الذي كان المشكلة، وليس المضمون، فلم تكن اللقاءات يوماً سرّية ولم تُبنَ على أساس طائفي، بدليل أن لهذه المدوّنة صفحة رسمية على الفيسبوك باسم "سوريا 11" وكانت تجمع كل مكوّنات الشعب السوري، فلم تقتصر على السنّة والعلويين، فكان فيها أيضاً دروز ومسيحيون وأكراد وإسماعليون، لذلك كانت حساسية السوريين من أي لقاء ذي مكوّن طائفي أن يكون نتاجاً طائفياً، فبنود المدوّنة بعيدة عن الطائفية والقومية، فكيف يتمّ اتّهامها بأنها طائفاً سورياً؟ ومن الطبيعي إذا أردنا أن نجمع عدداً من السوريين في أي مكان أن يكونوا متنوّعين حسب التنوّع السوريّ. ولماذا إنكار وجود الأديان والطوائف في سوريا؟ فمنذ مئات السنين كل هذه التنوّعات موجودة على الأرض السوريّة".

 

في الختام استفسرنا من أبي ديكار حول اعتقاده بوجود حاضنة شعبية لبنود هذه المدوّنة لدى السوريين؟ فأجاب: "تأتي هذه المدوّنة بعد مرور ثماني سنوات على بدء الكارثة السوريّة، وقد ملَّ الشعب السوريّ من كل الاقتراحات التي لم تجدِ نفعاً، فكل اللقاءات التي كانت تجري خارج سوريا بما يخصّ الشأن السوري، لم تقارب محنة السوريين وألمهم، فتأتي هذه المدوّنة ببنودها لتعبّر عمّا يعانيه السوريون ورغبتهم بالخلاص بعيداً عن أية حسابات دولية. لذلك قد يجمع الشعب السوري على بنود هذه المدوّنة كونها الأقرب إلى الجميع".

 

يُذكر أن انتشار الخبر عن مؤتمرات المدوّنة، خاصّة بعد مقالة صحيفة الشرق الأوسط، أثار جدلاً واسعاً حولها، فمنهم من انتقد المدوّنة واعتبرها اجتماعاً لخطّ عيشٍ مشتركٍ بين المكوّنات السوريّة انطلاقاً من تركيبة المكوّنات في سوريا، لا انطلاقاً من مجتمعٍ واحد يجب أن يبحث عن أسس تقدّمه وتطوّره انطلاقاً من مبدأ المواطنة والقانون، وأن اجتماعات المدوّنة قد ترسّخ محاكاة المكوّنات كمكوّنات ولا تتجاوزها. كما رأى البعض أن ألمانيا وأوروبا من ورائها تقف خلف المدوّنة، وهو ما قد لا يتجاوز العمل البحثي والاستخباراتي لا السياسي، خاصة أن لا أدوات تنفيذية واضحة بين أيدي المدوّنة سوى بنودها "شبه الطوباوية" حسب وصف البعض. وانتقد البعض سرّية الاجتماعات، وكذلك سرّية شخوصها، في حين يبرّر أعضاء المدوّنة إغفال الأشخاص لعدم شخصنة المواقف والآراء، وأنها لا تنطلق من المكوّنات، بل تعمل على عدم إغفال أيٍّ منها، ومداراة حساسيّة الوضع السوريّ حالياً، وأن تلك المداراة ضرورية في المرحلة الحالية، والجميع يأخذ بها في حين أن المدوّنة تعلن ذلك، والآخرون يخفونه.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard