مدنيّو إدلب .. ضحايا التّسويات السياسيّة والاتّفاقات الدوليّة
"الوضع كارثي، معظم السكان نزحوا ولا توجد مخيمات إيواء بإدلب، وحدها الحقول والأراضي الزراعية مفتوحة أمام النازحين، ورغم وجود أحد المخيمات في إعزاز، فالدخول ممنوع من الجانب التركي لأسباب أمنيّة بحسب الناس التي أعيدت من الحاجز الموجود بين إدلب وأعزاز". هكذا يصف أسامة الحسين رئيس المجلس المحلي لسراقب وعضو مجلس محافظة إدلب حال المدنيين في إدلب في حديثه لمجلة (صور) عند سؤاله عما يحدث.
كان قوات النظام مدعومة بقوّة جويّة روسيّة بدأت الأسبوع الماضي عمليات برية واسعة النطاق على الأطراف الجنوبية من محافظة إدلب وشمال محافظة حماة الخاضعتان لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
يوضح محمد خضير (مدني من إدلب) إن أغلب المناطق المسيطر عليها من قبل النظام تم تهجير أهلها الذين توجهوا لمخيمات الشمال خربة الجوز ودركوش وقاح وسرمدة والدانة لا يوجد مخيمات جاهزة هذه مخيمات موجودة مسبقاً فتوجَّهَ النازحون إليها".
بعض المناطق التي تعرضت للقصف من قبل الطيران تعد مناطق شبه آمنة، ولم تقصف من قبل وهذه هي المرة الأولى التي يتم استهدافها كبعض قرى الشرق الجنوبي لمنطقة معرة النعمان ومعرة حرمة أو البلدات بريف خان شيخون أو تحوة وهذا ما شكل رعب كبير، وتسبب بموجات النزوح الكبيرة بحسب النشطاء.
ويوضح أسامة الحسين رئيس المجلس المحلي لسراقب أن عمليات النزوح الكبيرة التي تشهدها تلك المناطق ذلك لأنها لم تختبر القصف بهذه الشدّة من قبل يقول الحسين "أي برميل يسقط أو غارة جوية تُشن على منطقة ما، تنزح الناس منها بشكل كبير جداً كمعرة حرما التي لم يبق فيها أحد بعد سبع غارات من الطيران. إضافة إلى منطقة سلة الزهور وتح، فعند أي عملية قصف تُخلي الناس المنطقة، وهذا سبب رئيسي لازدياد عملية التهجير".
كما تعرّضت المراكز الطبية للقصف ولم يتبقى أية نقطة طبية ابتداء من قلعة المضيق إلى معرة النعمان تعرّض كلها للقصف بحسب الحسين.
يقول الصحفي منهل باريش "منذ أكثر من عشرة أيام لم يهدأ القصف من الجانب الروسي والنظام السوري على إدلب وريفها حيث الاستهداف المباشر والتدمير الكامل للبنى التحتية كالدفاع المدني والمدارس والأفران والمشافي ولا يوجد تدخل دولي"، ويضيف باريش "الوضع الإنساني ذاهب للأسوأ طالما القصف مستمر فموجات النزوح كبيرة جداً".
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، أدت الموجة الجديدة من المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة وجبهة تحرير الشام إلى نزوح أكثر من 150 ألف شخص، فيما قدر مكتب الصحة في إدلب عدد النازحين بـ300 ألف نازح، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان كانت آخر إحصائية هي 300 ألف شخص خرج معظمهم من ريف حماه الشمالي بالإضافة إلى خان شيخون والقرى المجاورة.
سياسياً اطّلع مجلس الأمن الدولي في اجتماع مغلق يوم الجمعة على الموقف في شمال غربي سوريا. وفي وقت لاحق، ندد 11 عضواً من أعضاء المجلس الخمسة عشر، ومنهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بقتل مدنيين وحذّروا من كارثة إنسانيّة محتملة في إدلب بحسب وكالة رويترز.
يوضح الصحفي منهل باريش الموقف السياسي تجاه إدلب قائلاً "الأميركان غير مهتمين والأتراك طرف ضعيف في معادلة مسار الأستانا، ولا يستطيعون الاعتراض على قرارات روسيا، أما روسيا فلديها حجة جبهة النصرة وأحرار الشام، والتنظيمات السلفية الجهادية الأخرى، ولديها الذريعة ليقوموا بهذه العملية العسكرية".
وكالعادة يبقى المدنيون ضحية القرارات والاتفاقات، وأمنهم وأمانهم رهن التسويات الدولية والإقليمية.