مجلَّة صُوَر تحاور الناشطة الحقوقية سيما نصّار المديرة التنفيذيّة لمؤسسة أورنامو
سيما نصّار: المرأة جزء أصيل وكبير من المجتمع لا يجوز إقصاؤها وكما أن الرجل يطرح القضايا من منظوره فمن حق المرأة أن تطرح القضايا السورية من منظورها
مجلَّة صُوَر تحاور الناشطة الحقوقية سيما نصّار المديرة التنفيذية لمؤسسة أورنامو
حاورتها: رويدا مطر
يعقد مجلس حقوق الإنسان عادة ما لا يقل عن ثلاث دورات في السنة، لفترات مجموعها عشرة أسابيع على الأقل، خصص المجلس بتاريخ 28 حزيران 2019 جلسة بمجلس حقوق الإنسان بمقر الأمم المتحدة بجنيف للاستماع لشهادات من نساء سوريات ناجيات، كنّ شاهدات على انتهاكات للمعتقلين والمعتقلات لدى النظام السوري، وتم التركيز بهذه الجلسة على وضع المرأة السوريَّة.
سيما نصّار المديرة التنفيذية لمؤسسة أورنامو للعدالة وحقوق الإنسان، كانت إحدى المشاركات في الجلسة، كما كانت قد شاركت أيضاً في مؤتمر مساحة من أجل التعاون 4 الذي عقد في الشهر الثالث من العام الجاري، التقتها مجلّة صُوَر لمعرفة تفاصيل أكثر حول مشاركتها كسيِّدة وكحقوقيِّة، وكان معها الحوار التالي:
انخرط عددٌ لابأس به من السوريات والسوريين في النشاطات الحقوقية التي توثق الانتهاكات في ظلّ الأزمة، ومن ثم الحرب في سوريا أنتِ كنتِ إحدى المساهمات في هذا المجال، كيف تعرّفين عن نفسكِ وعن عملكِ في التوثيق ؟
أنا سيما نصار درست بجامعة تشرين كلية الآداب والعلوم الإنسانية - قسم اللغة العربية، أعمل على ملف الاعتقال التعسُّفي والاختفاء القسري مع إيلاء كل الاهتمام للنساء والأطفال، وبهذا الصدد نشرتُ عدّة تقارير حول الانتهاكات التي تتعرّض لها النساء داخل مراكز الاحتجاز، وبعد الإفراج عنهن، وكيف استُخدِم اعتقال النساء في سوريا كسلاح حرب، وأداة للمساومة بين أطراف الصراع، كما عملتُ على تقرير حول احتجاز الأطفال، وساهمتُ بعدّة تقارير مع منظمات دوليّة مختلفة، وبتقديم بعض الاستشارات لمنظمات دولية أو محلية. أما حالياً، فأنا أعمل على بحث حول تأثير توثيق الانتهاكات أثناء النزاع السوري على مسار العدالة الانتقالية في قسم الأبحاث لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.
عملتِ مع أخرين على تأسيس منظمة أورنامو للعدالة وحقوق الإنسان هلا تعطينا فكرة عن عمل المنظمة، ومجالات نشاطها؟
أورنامو منظمة تعمل على الشأن السوري، ومسجلة رسمياً في كندا، توثّق بيانات الأشخاص المعتقلين والمختفين قسراً، لدينا قائمة بيانات تعتبر جيّدة، ونعمل على توثيق العنف الجنسي، والعنف المبني على النوع الاجتماعي، ونقدّم تدريبات بهذا الخصوص في مبادئ الرصد والتوثيق. . وفي السنة الماضية أصدرنا دراسة حول العنف الجنسي والعنف الأسري بمخيمات اللجوء في لبنان
أيضا قدمنا استشارات للكثير من المنظمات الدولية التي لديها برامج في سوريا، ومنظمات محلّيّة أرادت أن تستفيد من خبرتنا الطويلة بهذا المجال.
في بداية عام 2018 انضممنا لمجموعة الهجرة واللجوء وهي إحدي مجموعات العمل المواضيعية في الشبكة الأورومتوسطية للحقوق ، وكنا مسبقاً أعضاءاً بمجموعة المساواة بين الجنسين، وبسبب زيادة الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئات واللاجئون السوريون أصبحنا نعمل على هذا الملف بالطبع الشقّ الذي يتعلّق بالانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون، وليس بالمفهوم العام لملف الهجرة واللجوء. وبحكم متابعتنا لملف المعتقلين كنا نحاول رصد أحوال الأشخاص الذين عادوا إلى سوريا في حال تعرضوا للاعتقال.
بالعموم هذه مجالات عملنا وأُذَكِّر أن من ضمن أهداف أورنامو تحقيق العدالة، والسعي لأن يكون أي توثيق نقوم به يخدم موضوع العدالة بسوريا.
شاركتِ بجلسة لمجلس حقوق الإنسان حول ملف المعتقلين، حدّثينا عن مشاركتكِ، وأهميتها في نقل واقع المعتقلين السوريين في سجون النظام، وبقية أطراف الصراع في سوريا؟
الجلسة كانت مهمّة لكنها ليست الوحيدة من نوعها فنحن نشارك بجلسات خلال انعقاد دورات مجلس حقوق الإنسان منذ عام 2014، و هو جزء من أنشطة أورنمو -المناصرة -و أهميتها تكمن بوجود شخصيات رفيعة المستوى، وبالمقابل استمعن لتجارب المتحدثات الحقيقية، والتي أعتقد أنهن يروينها للمرة الأولى.
لم أقم بنقل واقع المعتقلين السوريين بل اكتفيت بشهادات السيدات الموجودات على المنصّة، لكني أضأت على الفشل بالتعاطي مع ملف المعتقلين، وما قيل كان جزءاً بسيطاً جداً من الواقع، فحاولتُ أن أشير إلى حوادث تدخّل المجتمع الدولي بمرحلة منها، ومع ذلك أفضت لنهاية مفجعة هذه كانت طريقتي نوّهت عمّا يجب أن يعمل عليه المجتمع الدولي.
كيف تنظرين إلى ملف المعتقلين. هل يجب أن يتم إدراجه ضمن المفاوضات بين النظام والمعارضة أم أنه ليس ملف تفاوضي، ويجب إيجاد حلول خارج إطار المفاوضات المعطلة؟
لا أريد أن أجترّ المصطلحات من قبيل هذا ملف إنساني فوق تفاوضي، وأننا لا نقبل أن يكون الملف لعبة بين الأطراف المتفاوضة، ولا يجب أن يحققوا مكاسب على حساب الأشخاص التي تموت، وعلى حساب أهاليهم.
الحقيقة أن هناك آليّة غائبة كانت مع تعطيل المفاوضات، فلا آليّة يتم العمل عليها من قبل الأطراف المتنازعة التي تستقوي بهذا الملف ليضعوه على الطاولة لأنه الشيء الوحيد الذي يعيدهم إلى الطاولة أصلاً، للأسف أنا لا أرى أنه تم العمل على الملف بطريقة صحيحة، حتى من قِبَل الأطراف التي من الممكن أن تتفاوض على مستقبل سوريا، هذا الملف يحتاج لتضافر جهود جبارة من كل الجهات السياسيّة والحقوقيّة، ومن كل المتابعين، وهنا أقول: لا يكفي أن يكونوا محامين وحقوقيين وعلى معرفة بالقوانين الدولية، نحن بحاجة لأشخاص فعلاً متابعة وراصدة لكل التفاصيل التي يتم العمل عليها على الساحة السياسية، ومعرفة انعكاساتها على أهالي المعتقلين والمعتقلين أنفسهم داخل السجون، فهذا الملف يحتاج فعلاً لجهود كبيرة. هل تم هذا الشيء خلال السنوات السابقة؟ للأسف لا.
نأتي لموضوع المفاوضات المعطلة، وهنا معضلة المعضلات، كيف يتم العمل على أي ملف بمفاوضات ليست جارية أصلاً ولا يظهر لها ملامح ، وبالتالي انحصر كل العمل على هذا الملف بجلسات من هذا النوع كجلسات مناصرة للمنظمات الحقوقية بمناسبات مختلفة وبمؤتمرات .. إلخ. يعني هذا الأسلوب الوحيد الذي نحاول فيه ، وندفع لتحريك الملف بعيداً عن أستانا، وبعيداً عن هذه التجاذبات، ومع ذلك لا يوجد أية استجابة حقيقة
في الشهر الثالث من العام الجاري كنتِ من ضمن النساء اللواتي شاركن بمؤتمر مساحة من أجل التعاون4 وخرجتن بتوصيات حول ملف المعتقلين/ات، هل كان لتلك التوصيات دور أثناء مشاركتك وما هو؟
بالتأكيد استفدت من توصيات مؤتمر مساحة من أجل التعاون4، وهذه التوصيات كانت انعكاس لرؤية المشاركين/ات ورغباتهن ورؤيتهن لكيفية العمل على ملف المعتقلين، ومن الطبيعي استخدامها في هكذا محافل أو جلسات لأنني كنت ممن كتبن وشاركن التوصيات التي اتفقنا عليها، فبالتأكيد استفدت من التوصيات بالذات في موضوع أستانا، وموضوع التبادل والتعاطي مع هذا الملف، كما تكلّمت حول انعكاساته على الأشخاص، وكيفية حصره بفئة معينة من الناس الذين ليسوا الفئة العظمى من المعتقلين.
تعرضت المرأة السورية خلال سنوات الحرب والثورة للاعتقال كما تعرضت في السجون للعديد من الانتهاكات، وتتعرض الكثيرات منهن بعد خروجهن لعزل مجتمعي، أنتم كنشطاء في مجالات قضايا المرأة ماذا تقدمون لهذه الفئات؟
نحن نرصد هذه الانتهاكات اللي تتعرض لها النساء داخل مراكز الاحتجاز، وبعد الإفراج عنهن نحاول متابعة السيدة، وتبعات الاعتقال عليها سواء كان فصل من عمل أو من جامعة، أو تهجير، أو طلاق إلى ما هنالك من انتهاكات تتعرض لها النساء.
وكوننا منظمة تعمل بالتوثيق فنحن نسلط الضوء على هذه الانتهاكات، ونعرّف المنظمات النسائية أو النسوية أو الخدمية على حاجات السيدات حتى تستطيع المنظمات تضمينها ببرامجها، وبالمقابل نعرّف النساء على هذه الخدمات ما نوعها أين تقُدّم؟ وكيفية الوصول إليها، وبالتالي عند حاجة أو رغبة أي سيدة في الحصول على هذا النوع من الخدمات أو إن كانت لديها ثقة بهذه المنظمات أن تتوجه إليها، وتطلب هذا الدعم أو هذه الخدمة.
مع الأسف كمنظمة بحاجة أن تكون خدماتنا متكاملة، ولكن هذا الشيء صعب خصوصاً في ضعف التمويل، والاعتماد على الجهد التطوعي بشكل أساسي.
نحاول الاستفادة من المعارف والتشبيك حتى نقدم المساعدة لهذه النساء، ولكن بشكل غير مباشر، رغم وجود حالات نحاول العمل عليها بشكل منفرد ونحاول المساعدة قدر الإمكان، ولكن بالتأكيد كل حالة بحالتها، وكل قضية هي قضية منفردة، فللأسف يوجد قصور في ذلك، فنحن كمنظمة توثيق هذه الإمكانيات التي نستطيع تقديمها. طبعاً بالإضافة إلى ذلك وكوننا نعمل على التشبيك، ونهدف إلى العدالة فأيضاً نهتم بتعريف هؤلاء النساء، وأين وكيف يقدمن المعلومات التي من الممكن أن تنصفهن في المستقبل. إن كنَّ مهتمات بقضايا العدالة أو تعريفهنَّ بأهمية التوثيق، وهنا نوع من التمكين على هذا الجانب، وعند توفر فرص عمل نستهدف هذه الفئة بشكل أساسي، فأغلبية الموظفين أو من يعملون معنا معتقلات سابقات.
ما أهمية دور النساء بهكذا مشاركات في جلسات مجلس الأمن خاصة وإنَّ المشارِكات الأربعة كانوا نساء؟
أنا طبعاً مع وجود نساء دائماً بكل المنصّات والمحافل الدولية. نساء سوريات يتكلّمن عن القضايا السورية نحن دائماً نرى امرأة مع ثلاثة رجال أو امرأة مع أربعة أو خمسة رجال، في كثير من الأوقات تكون هذه الامرأة غير سوريّة لكنها تتكلم عن القضية السورية، فمن المهم أن توجد نساء ليس لأننا نفضّل أو متحيّزين للمرأة، ولكن لأن المرأة جزءٌ أصيل وكبير من المجتمع، وبالتالي لا يجوز إقصاؤها كما أن الرجل يطرح القضايا من منظوره فمن حق المرأة أن تطرح القضايا السورية من منظورها أيضاً. أنا ضد فكرة حصر وجود المرأة بالقضايا التي تتعلق بالمرأة فقط، وهذا للأسف نراه دائماً حتى عند الغرب عندما يقوموا بحدث ما يخص سوريا يأتون بحقوقيين رجال أو امرأة تحكي عن المرأة السورية أو عن قضية تتعلق بالنساء السوريات، وهذا مجحف المرأة السورية قادرة أن تخوض بكل القضايا التي تتعلق بسوريا، فلا يجب أن تنحصر بموضوع قضايا المرأة فقط، لهذا كانت الجلسة بحد ذاتها مهمة بوجود نساء ناجيات من فترة اعتقال تكلمن عن تجاربهن المؤلمة ما أثر في الحاضرين، وبنفس الوقت رأوا سيدات قويات تطالبن بنقاط واضحة ومحدد، ومن المفترض أن تكون هناك استجابة لطلباتهن، وأن تؤخذ بعين الاعتبار، أو أن تُذكَر باجتماعاتهم الصغيرة والكبيرة.
ما هي رؤيتك الشخصية وما هي النتائج المتوقعة من الجلسة؟
طرح بالجلسة موضوع مؤتمر يتعلق بالمعتقلين. مؤتمر دولي يضمُّ الدول الفاعلة والدول العظمى، وأتصور أنها نقطة ايجابية، وآمل أن يكون لها استجابة خصوصاً مع وجود من رحَّبوا بهذه الفكرة. نأمل أن تكون من نتائج هذه الجلسة، ويخرج هذا المؤتمر بنتائج ملموسة على الواقع السوري، وواقع المعتقلين السوريين، هذا ما آمله.