info@suwar-magazine.org

حرب الاغتيالات الخفيّة في درعا

حرب الاغتيالات الخفيّة في درعا
Whatsapp
Facebook Share

 

تتصاعد حالات الاغتيال والخطف المباشر في عموم محافظة درعا بشكلٍ شبه يوميٍّ، على الرّغم من انتشار الحواجز والنّقاط العسكريّة التّابعة لقوّات النّظام، منذ منتصف العام 2018 في معظم المدن والقرى محافظة درعا. بعد توصل فصائل المعارضة المسلّحة، وقوّات النّظام إلى اتّفاق مصالحةٍ وتسويةٍ برعاية وإشراف "مركز المصالحة الرّوسيّ" أعادت بموجبها قوّات النّظام سيطرتها على جميع مناطق محافظة درعا ما عدا بعض الجيوب الصّغيرة.

 

بسيطرة قوّات النّظام على كامل محافظة درعا بتاريخ 31 تموز/يوليو 2018 توقّفت العمليّات العسكريّة والقصف بشكلٍ كاملٍ، بعد انضمام الفصائل لما يسمّى اتّفاقية "التّسوية"، وتراجع عدد الضّحايا إلى الحدّ الأدنى منذ بدء الصّراع المسلّح في سوريا.

 

 شهدت محافظة درعا منذ النّصف الثّاني من العام 2019 ارتفاعاً كبيراً في وتيرة عمليّات الاغتيال وفي أعداد الضّحايا في عدّة مناطق من المحافظة، وبحسب المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان، فإنّ عدد الّذين قتلوا نتيجة حالة الفلتان الأمنيّ في محافظة درعا منذ حزيران/ يونيو الماضي حتّى الآن تجاوز 305 بينهم 71 مدنيّاً وعشرات الجرحى نتيجة الهجمات ومحاولات الاغتيال بأشكالٍ وأساليب عدّةٍ عبر تفجير عبواتٍ وألغامٍ وآلياتٍ مفخخةٍ وإطلاق نارٍ نفذتها خلايا مسلّحة.

 

في تقريرٍ نشره مكتب توثيق الشّهداء في درعا يوم الاثنين الفائت 1 حزيران/ يونيو قال: إنّ 21 عمليّةً ومحاولة اغتيالٍ أدّت إلى مقتل 16 شخصاً، وإصابة 5 آخرين، جرت في محافظة درعا خلال شهر أيّار/ مايو الفائت، ولا تشمل هذه الإحصائيّة الهجمات الّتي تعرّضت لها حواجز وأرتال قوّات النّظام. وذكر التّقرير أنّ عشرة عناصر ممّن أبرموا التّسويات مع النّظام لقو حتفهم خلال الشّهر الفائت عبر عمليّات اغتيالٍ وصفت بالممنهجة.

 

 

 

في 27 شهر أيّار/ مايو الفائت تمّ استهداف قياداتٍ في فصائل المعارضة المسلّحة " الجيش الحرّ" وأعضاءٍ في "اللّجنة المركزيّة" في ريف درعا الغربيّ (والّتي تضمّ عدداً من وجهاء وقياديين سابقين في "الجيش الحرّ"، وتشكّلت بعد سيطرت قوّات النّظام على المحافظة قبل عامين، ومهمتها التّفاوض مع الجانب الرّوسيّ والنّظام على ملفات تخصّ المنطقة الغربيّة من درعا.

 

استهداف قادة الفصائل جاء بعد انتهاء اجتماعٍ بخصوص التّفاوض مع "الفرقة الرّابعة واللّجنة الأمنيّة" التّابعة لقوّات النّظام في المنطقة الجنوبيّة، والّتي كانت قد استقدمت تعزيزاتٍ عسكريّةٍ كبيرةٍ إلى المنطقة الغربيّة من محافظة درعا بغية اقتحامها والسّيطرة عليها، حيث كانت لا تزال خارج سيطرة النّظام على عكس باقي مناطق حوران الّتي سيطرت عليها قوّات النّظام بمساندة روسيا في شهر يونيو 2018.


قام مسلّحون مجهولون بنصب كمينٍ محكمٍ، وإطلاق النّار بشكلٍ مباشرٍ على السّيّارات الّتي كانت تقلّ جميع من حضر ذلك الاجتماع من اللّجنة المركزيّة في درعا، وقيادات فصائل سابقين، وذلك بالقرب من معمل الكونسروة في بلدة "المزيريب" ممّا أدّى إلى مقتل كلٍّ من أبو علي الشّنور ومهند الزّعيم من قيادات الجيش الحرّ السّابقين، ورأفت الرّازيّ وعدي الحشيش، وجرح ثلاثةٍ آخرين من أعضاء اللّجنة المركزيّة عرف منهم أبو مرشد البردان قياديٌّ في جيش المعتز، وأبو علي مصطفى قياديٌّ في ألوية المهاجرين والأنصار سابقاً.

 

 وبحسب مصدرٍ مطّلعٍ صرح لمجلّة صُوَر: "أنّ الهدف من الاجتماع كان كبح جماح النّظام، ومحاولة تفادي العمليّة العسكريّة، ومنع إراقة الدّماء والتّهجير وسرقة الممتلكات العامّة والخاصّة؛ من خلال إبرام اتّفاق مع قوّات النّظام يقضي بتموضع نقاطٍ عسكريّةٍ تتبع للفرقة الرّابعة التّابعة لقوّات النّظام، ويكون عناصر هذه النّقاط العسكريّة من أبناء المنطقة الّذين يخدمون ضمن الفرقة الرّابعة، بالاشتراك مع ضباطٍ من النّظام ".

 

اقرأ أيضاً:

 

مجزرة القريّا سترسم ملامح المرحلة القادمة بين درعا والسّويداء

 

يرى المراقبون إنّ هذا الاتّفاق قد أثار حفيظة البعض لأنه لا يخدم تطلعاتهم ويتعارض مع مشروعهم، فيما يرى آخرون إنّ المستفيد الأول من هذه العمليّة هو النّظام وذلك لأهمّيّة الشّخصيات المستهدفة وتأثيرها في المحافظة بشكلٍ عامٍّ.


وإنّ أيّ عملٍ عسكريٍّ في الجنوب السّوريّ يعني توسعٌ جديدٌ لإيران وللميلشيات التّابعة لها في المنطقة، حيث أنّها تنتشر بشكلٍ كبيرٍ في عموم محافظة درعا، وهذا ما لا يرغب فيه الجانب الرّوسيّ بسبب وجود تفاهماتٍ إقليميّةٍ حول عدم السّماح للميلشيات "الشّيعيّة" بالتّمركز في الجنوب السّوريّ وبالتّحديد الحدود الأردنيّة والحدود مع إسرائيل، لذا فإنّ الرّوس هم من يعارضون اقتحام قوّات النّظام هذه المنطقة ويقومون بتهدئة الأوضاع خشية حصول أيّ صداماتٍ عسكريّةٍ لا يحمد عقباها بالنّسبة للجميع.


وفي نفس السّياق الاغتيالات المتوالية خلال هذه الفترة، حيث قتل في 3 حزيران/ يونيو الشّابّ " نواف صايل العيدات " بالقرب من بلدة زمرين بريف درعا الشّماليّ، وبحسب مصدرٍ محليٍّ تحدّث لمجلّة صورٍ: فقد تمّ اغتياله على يد مسلّحين مجهولين بإطلاق نارٍ استهدفه بشكلٍ مباشرٍ، ما أدّى إلى مقتله على الفور.


وذكر المصدر بأنّ " العيدات " كان يعمل ناطوراً في إحدى المزارع على الطّريق الواصل بين بلدة عقربا ومدينة الحارّة في ريف درعا الشّماليّ، وهو من بلدة ممتنة بريف محافظة القنيطرة.

وفي يوم السّبت 6 يونيو حاول مسلّحون مجهولون اغتيال الشّابّ " بيجي سنون الزّعبي " في مدينة طفس في المنطقة الغربيّة من محافظة درعا، بعد استهدافه بعدّة طلقاتٍ ناريّةٍ أدّت إلى إصابته بجروحٍ تمّ إسعافه على أثرها إلى المشفى الوطنيّ بمدينة درعا، وبحسب مصدرٍ محليٍّ في مدينة طفس فإنّ الزّعبي كان سابقاً أحد عناصر المعارضة المسلّحة، ومع دخول قوّات النّظام للمنطقة أجرى عمليّة التّسوية، ولا يوجد له نشاطٌ بارزٌ منذ ذلك الحين.


كما حصلت عمليّة اغتيالٍ فاشلةٍ نفذها مجهولون في نفس اليوم بحقّ المواطن " ضافر الدّلوع " أثناء تواجده في مزرعته بالقرب على أطراف مدينة درعا.

 



في بيان نشرته الأمم المتّحدة يوم الجمعة 8  أيّار/ مايو 2020  أعربت فيه مفوّضة الأمم المتّحدة السّامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، عن مخاوف جديّة بشأن استمرار انتهاك حقوق الإنسان وتصاعد عمليّات قتل المدنيّين في جميع أنحاء سوريا، معلنة أنّ "الوضع المتدهور هو بمثابة قنبلةٍ موقوتةٍ لا يجب أبدًا تجاهلها."

 

وتابعت قائلةً: "يردنا المزيد من التّقارير يوميًّا بشأن عمليّات قتلٍ مستهدفٍ وتفجيراتٍ تتنقّل بين مكان وآخر من البلاد، في ظلّ وقوع العديد من هذه الهجمات في مناطق مأهولةٍ بالسّكّان".

 

وثّقت مفوضيّة الأمم المتّحدة السّامية لحقوق الإنسان منذ بداية آذار/ مارس، 52 حادثة قتلٍ مستهدفٍ في محافظة درعا، أسفرت عن مقتل 17 مدنيًّا. وفي أحد الهجمات الّتي وقعت في 4 نيسان/ أبريل، خطف وقتل عناصر سابقون من جماعات مسلّحة تسعة ضباط شرطةٍ في بلدة المزيريب في ريف درعا الغربيّ.


والملاحظ بأنّ معظم هذه الحالات تصنّف ضدّ "مجهولٍ" دون معرفة منفذ هذه العمليّات، إلّا أنّ أسئلةً بارزةً تطرح نفسها بالتّدقيق في الأسماء الّتي يتمّ استهدافها يوماً بعد يومٍ، حيث أن معظم من يتمّ تصفيته هم من النّشطاء وأصحاب التّأثير في مدنهم وقراهم ضدّ قوّات النّظام، في المقابل أيضاً يتمّ استهداف من يتبعون لأفرع أمنيّةٍ وميلشياتٍ محليّةٍ، ما يفسره ناشطون من المنطقة أنّه صراع نفوذٍ بين من يرفض تواجد النّظام ومن يريد تعزيز وجوده.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard