info@suwar-magazine.org

السوريون بين حرائق الحرب وحرائق الغابات

السوريون بين حرائق الحرب وحرائق الغابات
Whatsapp
Facebook Share

 

 "لولا قيامنا بتعبئة الصهريج بالماء لما تمكنّا من الكتابة" عبارة جاءت ضمن بوست على صفحة فوج إطفاء اللاذقية على الفيسبوك "نحن أمام أكبر سلسلة حرائق شهدتها محافظة اللاذقية وسوريا بكاملها على مر سنينها، إما أن نكون يداً واحدةً، أو لنجلس وننتحب. تكلمنا كثيراً عن تواضع إمكانياتنا في منظومة الإطفاء.. أهالينا الكرام نقف خجولين أمام بطولاتكم نبذل لأجلكم أقصى ما نستطيع. حربنا اليوم ليست مع النيران بل مع الرياح. ومن المخجل أن نعرف أن سبب أي حريق ضخم هو نتيجة لتنظيف أحد الأهالي لأرضه من الأعشاب عن طريق حرقها... لم نعد نستطيع إحصاء عدد الحرائق صدقاً".

 

ويظهر مما هو مكتوب حجم معاناة رجال الإطفاء الذين يعرِّضون حياتهم للخطر وقلّة الإمكانيات. كل سيارة إطفاء بعناصرها في منطقة، والحديث على أجهزة الخلوي بيننا للاطمئنان على بعضنا شبه مستحيل، مللنا من الحديث عن أجهزة التواصل اللا سلكية بين بعضنا، والمطالبة بها، ولولا قيامنا بتعبئة الصهريج بالماء لما تمكنّا من الكتابة. آن الأوان لحل إن لم يكن جذريّ فليكن وقائي، وإن لم يكن وقائي فليكن حلاً ينصف رجل الإطفاء الذي تحمل الكثير".

 

قال وزير الزراعة والإصلاح الزراعي محمد حسان قطنا لوكالة سانا "أنه تم إخماد كل الحرائق التي نشبت من فجر يوم الجمعة في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص. وأوضح قطنا أن عدد الحرائق بلغ 156 حريقاً منها 95 حريقاً في اللاذقية، و49 حريقاً في طرطوس، و12 حريقاً في حمص.

 

 

يعتقد أغلب الناس أن الحرائق التي اندلعت في الساحل السوري فجر يوم الجمعة التاسع من أيلول أمراً مفتعلاً؛ لأن هذه الحرائق اندلعت في أكثر من منطقة، بحيث تعجز الدولة عن السيطرة عليها. فليس من المنطقي أن تندلع الحرائق في كل من البودي وبنجارو بريف جبلة، وكلماخو وجبل العرين وبسيت بريف القرداحة، وبمناطق قمين الفاخورة وبلوران ورأس البسيط ووادي قنديل بريف اللاذقية الشمالي، وغيرهم قبل أن تشرق الشمس... وبالطبع أصابع الاتهام موجهة لتجار الفحم والحطب، إلا أن البعض يرى  بأن الأشجار المحروقة لا تصلح للفحم بل فقط للتدفئة بالتالي تتحول التهمة إلى تجار الحطب، بينما يوجه آخرون أصابع الاتهام لبعض المتنفذين الذين يضعون أيديهم بعد كل حريق على مئات الهكتارات من الأراضي المحروقة، حيث يقومون بشق الطرقات إليها، ويقومون بزراعتها ببعض الأشجار المثمرة، ويدفعون الرشاوي لتصبح هذه الأراضي ملكاً لهم.

 

وقد ألقت الشرطة في محافظة طرطوس القبض على 14 شخصاً من المشتبه في تورطهم بإشعال عدد من الحرائق التي اندلعت في المحافظة خلال الأيام الماضية.

 

وبين العميد موسى حاصود الجاسم قائد شرطة المحافظة في تصريح لوكالة سانا أن من بين الأشخاص المقبوض عليهم شخصاً تسبب بالحريق "عن غير قصد" خلال قيامه بحرق الأعشاب في أرضه حيث فقد السيطرة على النار، وانتقلت للأراضي المجاورة.

 

وللدكتور رياض قره فلاح أستاذ المناخ في جامعة تشرين في اللاذقية رأياً بخصوص الحرائق، حيث يقول: "عندما تندلع الحرائق ليل وفجر الجمعة في أماكن متفرقة، ومتباعدة، وداخلية في الغابة، وبشكل مخيف يصعب على رجال الإطفاء السيطرة عليها، وقبل يوم واحد من تحول الرياح إلى شرقية جافة جعلت الرطوبة في المناطق الساحلية دون 25 بالمئة، هذا يعني من وجهة نظري أن الحريق قام به شخص أو مجموعة أشخاص أو جهة "مثقفة ومتعلمة" تتابع حالات الطقس، وتفهم تماماً الأحوال الجوية التي تساعد فيها الرياح على حدوث أكبر امتداد للحرائق، وهي تدرك جيداً ما تفعل".

 

 ويكمل حديثه "الحرائق اندلعت فجراً، حيث يكون الضغط الجوي مرتفعاً، وتكون الرياح في أهدأ أوقاتها وسرعتها، والأجواء باردة نسبياً بالمقارنة مع النهار، ومن المعروف أن السرعة الأعلى للرياح تحدث نهاراً، وليس ليلاً مع انخفاض الضغط الجوي، مما يعني أن من افتعل الحريق كان يعلم بأن الرياح ستشتد مع شروق الشمس، وسيصبح الوضع كارثياً"، وبحسب رأيه فإن الأمر لا علاقة له بتوسيع الأراضي الزراعية على حساب الأحراج، أو لغاية التفحيم أو بيع الحطب، بل الموضوع أكبر من ذلك بكثير وهو عملية تخريبية كبرى تهدد الأمن البيئي والاقتصادي والسياحي والسكني في سوريا.

 

اقرأ أيضاً:

 

الحرائق تصل الغابات السورية في الشمال الغربي السوري

 

يبدو من خلال ما يحدث على أرض الواقع أن هذه الحرائق ستحدث أضراراً شديدةً  ما لم تتم السيطرة عليها، فبحسب ما صرح به رئيس بلدية الحفة (رائد ابراهيم) لجريدة الوطن السورية: "هناك كارثة كبرى ستحدث إن وصلت النيران إلى المصرف الزراعي في الحفة، حيث يوجد فيه مئة وخمسون طناً من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار" ودعا السلطات المعنية لإرسال وحدات الإطفاء والمروحيات لإخماد النيران قبل اشتعال الحفة، وقال" إن المروحيات ساعدت في النهار بعمليات الإطفاء، وأن مشفى الحفة الخاص بعزل مرضى فيروس كورونا سيتم إخلاؤه خلال ساعات نظراً لاقتراب النار منه، وأن هناك عمليات نزوح من قبل الأهالي في الحفة والقرى المحيطة بها".

 

وفي رأس البسيط بريف اللاذقية الشمالي وصلت النار إلى شاطئ البحر، وأحرقت مجمع طائر الفينيق السياحي، وهو عبارة عن عشرات الأكواخ الخشبية، التي تبعد عن شاطئ البحر أقل من خمسين متراً، وقد أجبرت الحرائق بعض أهالي  تلك المنطقة والمناطق المجاورة لها مثل بلوران والحراجية ووداي قنديل على النزوح، إضافة إلى بعض القرى البعيدة إلى حدٍّ ما عن الحرائق قام معظم سكانها بالنزوح بسبب الخوف من أن تصل بين ليلة وضحاها النيران إلى منازلهم.

 

وفي اتصال هاتفي لقناة الإخبارية السورية مع مدير الزراعة في اللاذقية المهندس منذر خير بيك قال: "نتعامل مع الحرائق بكافة الإمكانيات لدينا، وحاليا يوجد ثماني وعشرون فرقة إطفاء في كل منها ألف عامل إطفاء وسبع وستون إطفائية، وعشرة صهاريج تغذية، إضافة إلى خمسة بلدوزرات، وثلاثة تركسات ومروحيتن يعملون على إخماد الحرائق، وطلبنا مؤازرة  من خارج المحافظة، ووصلت إطفائيتان من حماة، وهناك عشر إطفائيات في طريقها  للمساعدة، ونأمل من المجتمع المحلي مساعدة رجال الإطفاء".

 

ونقلت وكالة سانا السورية عن مدير صحة اللاذقية الدكتور هوازن مخلوف أن شخصين توفيا جراء الحرائق في بلدتي بللوران ودفيل، وتم إسعاف عدد من الأشخاص المصابين بحالات اختناق إلى مشافي اللاذقية.

 

وذكرت صحيفة تشرين الحكومية أن الخسائر في قرية بنجارو كانت كبيرة، حيث احترق عشرون منزلاً، ونزح الأهالي منها، ومن جهة أخرى دعت وزارة الأوقاف السورية إلى إقامة صلاة الاستسقاء طلباً لنزول المطر، ورفع البلاء، وإخماد الحرائق.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard