info@suwar-magazine.org

السياسة الروسيّة في سوريا:المُمكنات والاحتمالات المستقبلية

السياسة الروسيّة في سوريا:المُمكنات والاحتمالات المستقبلية
Whatsapp
Facebook Share

 

في بدايات عام 2017 صرح لافروف، وزير الخارجية الروسي، أن دمشق كانت على وشك السقوط، عندما بدأت روسيا عمليتها العسكرية في سوريا لإنقاذ النظام السوري في أيلول عام 2015.

 

وقد قال لافروف ذلك في 17 كانون الثاني 2017 في مؤتمره الصحفي السنوي المخصص للحديث عن نتائج عمل الدبلوماسية الروسية في عام 2016، حيث أعلن: (إننا واثقون من أن قرارنا كان صائباً، عندما استجبنا لطلب حكومة سوريا الشرعية، علما بأن عاصمة هذه الدولة العضو في الأمم المتحدة، كان يفصلها آنذاك أسبوعان أو 3 أسابيع عن السقوط بأيدي الإرهابيين)[[1]].

 

وهذا ما أيده قدري جميل الذي يشغل منصب رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، وأمين حزب الإرادة الشعبية الذي يعتبر نفسه وحزبه من’معارضة الداخل‘، حيث زعم قدري جميل في مقابلة تلفزيونية مع شبكة ’روداو‘ الكردية أنه لولا تدخل روسيا، لكانت دمشق سقطت بيد ’جبهة النصرة وداعش‘[[2]].

 

طبعاً لم يقتصر التدخل الروسي على التصدي للنصرة وداعش، أو على حماية دمشق وحدها، بل تم ذلك في كافة المناطق السورية التي كانت تشهد مواجهات حربية، وتم ضد كل الفصائل المسلحة المعارضة، فوفقاً لروسيا التي ما زالت تتشبث حتى اليوم بخرافة شرعية تدخلها الذي تم بناء على طلب حكومة شرعية مزعومة، كل من يحمل السلاح في سوريا ضد هذه الحكومة الديكتاتورية، أو يساند حَمَلة السلاح هو ’إرهابي‘!

 

وبهذا الزعم تعطي روسيا لنفسها نفس المبرر الذي استخدمته أمريكا مراراً، وهو مبرر ’محاربة الإرهاب‘، للتدخل في الدول الأخرى بل وحتى غزوها.

 

أما ذريعة الشرعية التي تتخذها روسيا، فهي الأخرى باطلة بكل المعاني، فليست روسيا صاحبة القرار العالمي بتحديد من هو الإرهابي ومن هو غير الإرهابي في العالم، ولا هي من يحدد شرعية هذا النظام أو ذاك في العالم، ووفقاً للذريعة الروسية، يصبح كل طاغية سفاح في العالم يستولي على السلطة في بلاده بالنار والحديد حاكماً شرعياً، لمجرد عضوية بلاده في ما يسمى ’بالأمم المتحدة‘، ويصبح صاحب حق بموجب شرعيته هذه بأن يبطش بكل معارضة سلمية أو مسلحة لأن المعارضة هنا تصبح خروجاً على هذه الشرعية، وخرقا لقانون الطاغية (الشرعي) بموجب هذه المعايير الفاسدة والوضيعة للشرعية!

 

وعلى أية حال وأياً كانت الخرافات التي تستخدمها روسيا لتبرير تدخلها في الصراع السوري، فهي قد تدخلت وبمنتهى العنف والفظاظة، وقلبت مجرى الأمور رأساً على عقب في منطقة غربي الفرات، ومكّنت النظام الذي كان على وشك السقوط، رغم كل الدعم الذي حظي به من إيران وميليشياتها على مدى أربع سنوات ونصف، من استعادة معظم غربي الفرات، فقد استعاد أحياء حلب الشرقية، ثم استعاد الغوطة وحوران ومناطق واسعة في إدلب، إضافة إلى ريف وضواحي دمشق، ومناطق كثيرة كانت تحت سيطرة المعارضة في محافظات حمص وحماه واللاذقية وحلب، واليوم بات هذا النظام يسيطر عسكرياً على حوالي ثلثي الجغرافية السورية!

وهذا ما يبدو نصراً حاسماً لروسيا!

 

 

لكن واقعياً عند تحليل سيناريو التدخل الروسي، يختلف الأمر بشكل جوهري، وثمة حقائق دامغة لا يمكن تجاهلها عند أبسط التحليلات، ومن هذه الحقائق:

 

أولاً: أن التدخل الروسي جاء بعد التأكد التام من أن تدخلاً غربياً لن يحدث، فقد كان لدى أمريكا وحلفائها الغربيين مدة طويلة كافية من الزمن للتدخل، وحسم الصراع في سوريا لصالح المعارضة السورية لو أنهم فعلياً أرادوا إسقاط النظام السوري.

 

ثانياً: في كل المعارك الحاسمة التي تمت تحت قيادة روسيا ودعمها الكثيف في حلب الشرقية أو الغوطة أو درعا أو إدلب، لم يقدّم الغرب أية مساعدة للفصائل المحاربة تمكنها من تحقيق التوازن العسكري والصمود في وجه التدخل الروسي، بل ترَكها وحيدة في مواجهة قوة حربية كبرى لتواجه مصيرها المحتوم.

 

ثالثاً: الأنكى من ذلك، أن سيناريو صمت القوات المعارضة نفسها طُبِّق في كل معركة من المعارك الحاسمة التي خاضتها روسيا، فأثناء معركة حلب الشرقية صمتت جبهات إدلب والغوطة ودرعا، وأثناء معركة الغوطة بقيت جبهتا إدلب ودرعا ساكتتين، ونفس الأمر حدث عندما توجه النظام للحسم في درعا، وكل هذا الصمت يعني تمكين النظام من الاستفراد بالجبهات المعارضة واحدة تلو الأخرى، في وقت كان يفترض فيه بها أن تتوحد جميعها وتنسق أعمالها على أعلى المستويات لمنع النظام من تركيز قواته في منطقة واحدة وضمان التفوق فيها.

 

رابعا: عندما خرقت روسيا عسكرياً وسياسياً كل التفاهمات المبرمة على أساس بيان جنيف واحد وقرار مجلس الأمن 2254، لم تفعل أمريكا والغرب أي شيء لإلزام روسيا والنظام السوري بتطبيق البيان والقرار، بل تركا روسيا تلتف سياسياً أيضاً عليهما عبر مهزلة محادثات أستانا التي لم تقدم شيئا قطعاً لحل الأزمة، بل وفرت المزيد من الوقت للنظام وحلفائه لإحراز المزيد والمزيد من المكاسب وتعقيد الطريق على أي تغيير سياسي حقيقي في سوريا.

 

كان بإمكان الغرب أن يدعم الفصائل المسلحة ويضع روسيا أمام خيارين إما الغرق في مستنقع قتالي استنزافي يكرر سيناريو أفغانستان على الأقل أو يرغم روسيا ونظامها على قبول حل حقيقي، ولم يفعل الغرب ذلك، بل اكتفى، وبالأصح اكتفت أمريكا، بالسيطرة على شرق الفرات عبر قوات سوريا الديمقراطية.

 

فهل يعني هذا أن روسيا حسمت اللعبة، وقضت على الثورة السورية، وبات بإمكانها إعادة إنتاج النظام السوري وفرضه على الجميع في العالم؟

 

هذا ما يمكن القول عنه أنه مستحيل!

 

فالمنطقة التي تسيطر عليها أمريكا شرق الفرات هي قطعاً ليست أقل أهمية من المنطقة التي تسيطر عليها روسيا غربه، فهذه المنطقة هي منطقة واسعة صالحة للزراعة وغنية بالنفط والغاز، وهي أقل دماراً على مستوى البنى التحتية ونسبة النزوح فيها أقل، وهي في وضع أفضل بكثير من ناحية الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من المنطقة التي تسيطر عليها روسيا، والتي تعاني من انهيار اقتصادي بالغ ومتواصل ومتنام، وفيها نسب نزوح داخلي وخارجي جد كبيرة ودمار مماثل في البنى التحتية، كما أن التوترات الاجتماعية في منطقة السيطرة الروسية التي خلفها الصراع أو التي تسبب بها التدهور الاقتصادي هي في هذه المنطقة أعلى من منطقة شرقي الفرات، التي لم تشهد في واقع الأمر صراعاً بين مكوناتها السكانية، حيث تمركز الصراع بشكل رئيس بين قسد وداعش، ولم يتخذ بُعداً إثنيّاً، فيما توغلت الطائفية بشكل مريع في منطقة غربي الفرات، وخلّف الحسم العسكري الروسي فيها الكثير من الأحاسيس الشديدة بالغبن والرغبة بالثأر والانتقام التي تنتظر فرصتها للتحول إلى فعل، وهذا أمر لا تجهله روسيا.

 

 

تدرك روسيا جيداً أنه من المستحيل إعادة إنتاج النظام القديم، وإعادة سيطرته على كامل الأرض السورية وتأهيله عالمياً، فأكثر من ربع سوريا شرقي الفرات هو اليوم تحت سيطرة أمريكا، وقيمة هذا الربع الاقتصادية أكبر بكثير من نسبته في المساحة، هذا إضافة إلى قرابة عشرة بالمئة من المساحة العالية القيمة أيضاً اقتصادياً في إدلب التي ما تزال في أيدي قوات معارضة مدعومة غالباً من تركيا، وروسيا تدرك تماماً أن أي عمل عسكري غربي الفرات هو غير ممكن قطعاً بوجود أمريكا، وأن أي عمل عسكري للحسم في إدلب هو الآخر محفوف بأكبر المخاطر، لا سيما أن الصمت الأمريكي غير مضمون هذه المرة.

 

إذا هل يمكن القول إن روسيا ستكتفي بالمنطقة التي سيطرت عليها غربي الفرات، وباتت كلمتها فيها هي العليا، وباتت هي فعلياً المتحكمة بها، فيما لم يعد دور النظام السوري إلا شكلياً، وتنفيذياً للإرادة الروسية، ولم يعد دور إيران إلا ملحقاً وتابعاً لروسيا؟

 

فماذا يمنع روسيا من الاكتفاء بهذه المنطقة وإعادة تعويم النظام السوري فيها وحكمها من خلاله، ولاسيما أنه بات نظاماً مطواعاً تماماً، وعنده كل الاستعداد لإعطاء روسيا كل ما تريد مقابل بقاءه كحاكم على الداخل محكوم من الخارج من قبل الروس؟

 

وفعلياً روسيا أرغمت هذا النظام على توقيع عقود مدتها عقود طويلة، وصار لها أكثر من قاعدة عسكرية على الأرض السورية، وأصبح المطار الدولي ومرفأ طرطوس والبنك المركزي وقطاع الفوسفات، والكثير سواها تحت سيطرتها، ولم تعد إيران نفسها في الداخل السوري نداً قوياً، ولا سيما أن روسيا باتت تمتلك حتى قوتها العسكرية الضاربة الخاصة ممثلة بالفيلق الخامس، الذي يضم فصائل كانت حتى الأمس القريب تحارب النظام السوري، كاللواء الثامن في درعا الذي يترأسه أحمد العوادات، وقد اصطدم هذا اللواء أكثر من مرة مع أهالي السويداء المجاورة، وشهدت علاقاته تدهوراً واضحا مع الفرقة الرابعة، والأمن الجوي في الآونة الأخيرة.

فلماذا على روسيا أن تقلق في منطقة سيطرتها إذاً، وماذا يمنعها من إعادة تعويم النظام السوري فيها، وجعله حاكماً وكيلاً لها على هذه المنطقة طالما أنه أصبح تابعاً مطواعاً لروسيا تأمره فيستجيب؟!

 

هناك أكثر من سبب وجيه لذلك:

 

أولها: هو الاقتصاد المنهار الذي تتوالى عملية انهياره بشكل متسارع، وقد يؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى انتفاضة شعبية.

 

ثانياً: هناك أيضاً خطر ألا تبقى القوات الموالية للنظام السوري على ولائها، ولاسيما أن عناصرها يعانون بدورهم كبقية السوريين من الانهيار الاقتصادي.

 

ثالثاً: هناك كذلك الخلايا النائمة من بقايا الجماعات المسلحة والسياسية السابقة، التي لا تريد الإذعان للهزيمة، بل تنتظر الفرصة المناسبة لمعاودة الكرّة بأسلوب جديد، هو هذه المرة ’حرب العصابات‘ التي لن تفلح الطائرات الروسية، والأسلحة الثقيلة بالتعامل معها.

 

رابعاً: هناك أمريكا، التي لن تبقى على صمتها إن رفضت روسيا أي حل مُرضٍ، والتي -أي أمريكا- ما تزال تتحكم تماماً بورقة الحصار، والعقوبات الاقتصادية وقانون قيصر، وتوسع عقوباتها حتى على روسيا نفسها، وتستطيع أن تلحق الأذى حتى بالاقتصاد الروسي نفسه، وأمريكا بكل ما لديها من قوة قد لا تكتفي بالضغط الاقتصادي، ويمكنها أن تتحول إلى المساندة الميدانية للقوى المناوئة لروسيا في منطقة النفوذ الروسي إن بقي التعنُّت الروسي يمنع التوصل إلى حل، فيما ليس لدى روسيا أية فرصة مماثلة لزعزعة الأوضاع على أمريكا لا اقتصادياً ولا عسكرياً في شرقي الفرات.

 

خامساً: وهناك بالطبع إيران، التي يمكنها أن تستغل كل ما تقدم من عوامل لتلعب دوراً منافساً ومزعجاً أكثر لروسيا في منطقة هيمنتها.

 

 

وبناء على ما تقدم يمكن القول إن روسيا فعلياً هي في وضع غير آمن قطعاً في منطقة نفوذها، ورغم كل ما يبدو من أنه انتصار جليّ لها، فهي في حقيقة الأمر ليست بعيدة عن المَوحلة في سوريا، ولذا تحاول إيجاد مخرج، وكانت آخر محاولاتها هي محاولة إقناع الخليجيين بتخفيف عقوباتهم الاقتصادية على النظام السوري، والاكتفاء ’بعقوبات ذكية‘ ضده.

 

هنا قد يثار اعتراض من أن روسيا قادرة على البطش بأي تحرك شعبي قد يسببه الانهيار الاقتصادي، وهي لا مانع لديها من ذلك، بل حتى لا مانع لديها من استخدام سياسة الأرض المحروقة إن اقتضى الأمر، وهي قد فعلت ذلك مراراً أثناء معاركها السابقة ضد الفصائل المعارضة.

 

هذا صحيح هي لا مانع لديها إن كانت تضمن النتيجة، أو لم يكن لديها أية خيارات أو بدائل أفضل!

 

وروسيا تدرك جيدا خطورة العامل الاقتصادي الذي ما تزال أمريكا قادرة على التحكم به بالكامل، وهي تدرك أن التحرك الشعبي يمكن أن يحدث في أية لحظة، كما وتدرك أن القوات الموالية نفسها ليست مأمونة من حراك مماثل، كما تدرك جيداً أن أي عنف ضد أي حراك شعبي متربط بتدهور المعيشة هذه المرة، وقابل تماماً لأن يحدث في معظم المناطق الموالية، سيرفع كثيراً من احتمال التمرد العسكري، فمن الغباء الاعتقاد أن العسكريين الذين يعانون هم أنفسهم من تدهور المعيشة سيسكتون، وهم يرون أهلهم الجياع يقمعون بعنف لأنهم انتفضوا من جوع، ومع وجود استعداد أمريكي لدعم واستغلال كل هذا، إضافة إلى خطر الخلايا النائمة، وقابلية هذه الخلايا للنمو الكبير في مثل هذه الظروف، فروسيا تصبح مهددة بالغرق في مستنقع حقيقي في سوريا، يمكنه أن يودي بمكاسبها، ويحول انتصارها إلى هزيمة.

 

إذن ماذا على روسيا أن تفعل؟

 

روسيا بحاجة إلى حل حقيقي في سوريا، وهذا هو الضامن الحقيقي لمصلحتها، وحاجتها إلى مثل هذا ملحة أكثر من حاجة أمريكا إليه بكثير، وقدرتها على المماطلة فيه أقل من قدرة أمريكا بكثير، فأمريكا بإمكانها أن تبقى مطمئنة شرقي الفرات، وعليها فقط أن تضمن هناك عدم حدوث توترات خطيرة بين العرب والأكراد، وهذا وإن لم يكن سهلاً، إلا أنها نجحت فيه حتى الآن، وتستطيع النجاح فيه أكثر إن هي راعت مصالح الطرفين، ومنعت قسد من القيام بأية أعمال يمكن أن تستفز عرب شرقي الفرات، وبذلك يمكنها قطع الطريق على أي تدخل روسي في هذه المنطقة.

 

أما روسيا فلا يمكنها فعل شيء مماثل إلا إذا فرضت تغييراً حقيقياً على النظام القائم، فاستمرارها في الرهان على هذا النظام بتركيبته الطائفية الحالية، سيجعلها بنظر بقية الأطراف منحازة لهذا الطرف، وستبقى بنظر كل من ثار أو تمرد أو انتفض ضد هذا النظام خصماً وعدواً، أي بالمختصر والصريح، هي ستكون في موقع العداوة والخصام بالنسبة لأغلبية السُنّيين، الذين ما يزالون يشكلون أغلبية السكان في منطقة السيطرة الروسية، هذا ناهيك عن أنها ستكون أيضاً طرفاً منحازاً في نظر الأقليات الأخرى كالمسيحيين والدروز وسواهم، وستصبح عدوة لهم ولباقي السُنّيين الذين لم يتحركوا سابقاً ضد النظام إن هي قمعتهم بعنف إن هم انتفضوا بسبب الوضع المعاشي المتردي، ما يعني أن روسيا لكي تكون في وضع آمن في منطقة سيطرتها، هي بحاجة إلى حل حقيقي يحسن الوضع المعاشي من ناحية، ويشعر جميع المكونات السكانية في منطقة سيطرتها بأنها على مسافات متقاربة منهم جميعاً، ومثل هذا الحل يقتضي فرض تغيير جذري على النظام القائم.

 

هل روسيا قادرة على القيام بمثل هذا الحل؟

 

الجواب هي في خاتمة المطاف مضطرة، فرهانها على نظام الأسد بشكله المعهود، وإن كان مريحا لها من ناحية أن هذا النظام مستعد اليوم لإعطائها كل ما تريد مقابل بقائه، فهو بالمقابل يحمل من المخاطر ما يمكنه أن يودي لاحقاً بتلك المكاسب واستبدال أكثرها بخسائر.

 

والحل الذي يجعل مصالح روسيا آمنة في سوريا هو الحل الذي يرضي أمريكا والغرب عموماً في الخارج، ويكون مرضياً بنفس القدر في الداخل على المستويين الاقتصادي والسياسي، وشقّا هذا الحل مرتبطان بشكل جوهري، فتحسين الوضع المعاشي في الداخل مثلاً، يقتضي رفع العقوبات والحصار اللذين تفرضهما أمريكا وحلفاؤها، وأمريكا لن تفعل ذلك بدون حل سياسي يرضيها، وهذا يقتضي تغييراً كافيا في نظام الحكم داخل سوريا!

 

وماذا عن إخراج إيران من سوريا، وصلح مع إسرائيل مقابل بقاء نظام الأسد؟

 

إذا افترضنا أن مثل هذه التسوية يمكن أن تكون مقبولة غربياً، وبالأدق أمريكيا، فهذا يعني إطلاق يد روسيا في سوريا، وهنا ينشأ سؤال جوهري جديد، وهو لماذا ستحتاج روسيا عندها إلى النظام الأسدي الفاسد، الذي تدرك تماماً مدى فساده، وتدرك تماماً أنه بهذا الشكل الفاسد عجز عن حماية مصالحها عندما كان في أوج قوته قبل 2011، فما هي إذن الفائدة من إعادة إنتاجه، والرهان عليه في أيام ذله؟

 

 

هنا يمكن القول بأرجحية كبيرة أن روسيا نفسها في المحصلة ستجد أن هذا النظام قد أصبح عالة عليها، فعدا عما سيراه السوريون من انحياز جهوي في موقف روسيا إن هي استمرت في تحالفها مع هذا النظام، وما يمكن أن ينشأ عن ذلك من أحاسيس بالغبن والغيظ والنقمة، وما يمكن أن يتولد من ردات فعل مختلفة ضد روسيا مرتبطة بهذه الأحاسيس، فبقاء هذا النظام بعنجهيته وفساده المعهودين هو بحد ذاته سيكون سببا لتوليد المزيد من أحاسيس الغيظ والنقمة المؤدية بدورها إلى مزيد من الاستعداد والجاهزية لردات الفعل الضدية، والأنكى من ذلك أن بقاء هذا النظام الفاسد سيبقى عاملاً مانعاً لأية عملية إعادة أعمار أو توجه للاستثمار في سوريا، وسيكون من النادر إيجاد من يغامر بدعم الاقتصاد السوري أو بالاستثمار فيه بوجود مثل هذه الطغمة الفاسدة المتغطرسة، وسيستمر عندها التدهور الاقتصادي ومخاطره الكبيرة، وستبقى مشكلة اللاجئين -وهي مشكلة دولية حقيقية- قائمة، فأغلب اللاجئين لن يخاطر بالعودة إلى سوريا ليضع نفسه تحت رحمة طغمة مستبدة سبق لها مرات ومرات أن اعتقلت الكثير من اللاجئين العائدين[[3]]، ويضاف إلى ذلك بالطبع الظروف الاقتصادية المتدهورة، التي تجعل أكثرية من في الداخل يحلم بالهجرة، فما بلك بمن هاجر أو لجأ أصلا؟!

 

وفي ظروف كهذه -وكما سلف الذكر- ستكون المكاسب الروسية محدودة، ومحاطة بمخاطر كبيرة وكثيرة، أما في حال ذهاب روسيا إلى حل مقبول، فهي ستصبح بنظر معظم السوريين جزءاً أساسياً من الحل، بدلاً من أن تكون جزءاً أساسياً من المشكلة، وستتغير نظرة معظم السوريين لها، وموقفهم منها إلى الأفضل، وسيرون فيها عندها شريكاً وليس خصماً أو عدواً، كما أن الحل الحقيقي، الذي يخلص البلاد من الطغمة المستبدة الفاسدة، سيضع الاقتصاد على مسار التحسن، وسيدرأ بذلك المخاطر القادمة من بوابة الاقتصاد، فهو سيشجع الداعمين والمستثمرين الاقتصاديين على المشاركة في إعادة الإعمار، والاستثمار في سوريا، وستكون روسيا بما لها من حضور ونفوذ كبيرين في سوريا عندها من أكبر المستفيدين من هذا الأمر، وستصبح البيئة السورية نفسها بيئة جد صالحة للاستثمارات الروسية، وتكون عائدات ذلك على المصالح الروسية أكبر بكثير مما تستطيع روسيا أخذه من النظام الفاسد الراهن!

 

إذن لماذا ما تزال روسيا حتى اليوم لا تقوم بأي جهد حقيقي لتحقيق حل حقيقي، بل تبدو سياستها وكأنها تفعل العكس؟

 

برأي المعارض والكاتب السوري، البروفيسور الدكتور محمود الحمزة، المتخصص بالشؤون الروسية، ’موسكو تخاف من استبدال الأسد بدون ضمانات أميركية‘[[4]]، وهذا يعني أن روسيا تخشى أن يؤدي استبدال الأسد إلى إضعاف موقفها داخل سوريا، الذي يمكن أن تستغله أمريكا ضدها، وبذلك يتضاعف خطر تغيير الأسد على المصالح الروسية.

 

بالطبع مثل هذه الخشية مبررة من قبل روسيا إن وجدت، ولكن الواضح تماماً هو أن أمريكا حتى الآن لا تريد ’توريط‘ روسيا في موحلة سورية، ولا تسعى إلى طرد روسيا من سوريا أو تقليص نفوذها فيها، والدليل الواضح على ذلك هو أن أمريكا لم تفعل شيئا ضد روسيا منذ بدأت روسيا مشاركتها المباشرة والحاسمة في الحرب ضد الفصائل السورية المعارضة في الربع الأخير من عام 2015، وقد كان بإمكان أمريكا تماماً أن تدعم هذه الفصائل بما يكفي لتوريط روسيا في حرب استنزاف مكلفة شبيهة بالحرب الأفغانية، لكنها لم تفعل ذلك، بل اكتفت فقط بالسيطرة على منطقة شرقي الفرات، وضمان حالة من التعادل النفوذي مع روسيا، وعدا عن ذلك فأمريكا منذ بداية التدخل الحربي الروسي، وحتى اليوم لم تفعل شيئاً حتى على الجبهة السياسية، بل تركت روسيا تتحكم حتى بالمسار السياسي عبر مسلسل ’أستانا‘ الذي لم ترد له روسيا أن ينتج شيئا بناءاً حتى الآن!

 

واليوم بعد أكثر من 5 سنوات من التدخل الروسي، حسمت روسيا الأمر عسكرياً في معظم غرب الفرات، وواقعياً أصبحت قدرة أمريكا على قلب الطاولة على روسيا في هذه المنطقة أضعف بكثير مما كان الحال عليه قبل بداية التدخل الروسي، حين كان النظام السوري على وشك السقوط!

 

وإنه لمن بالغ السذاجة الافتراض أن الأمريكان كانوا يجهلون أن هذه ستكون نتيجة التدخل الروسي غربي الفرات، كما أنه من بالغ السذاجة الاعتقاد أن الروس لا يفهمون حقيقة الموقف الأمريكي فيفسرونه عجزاً أو ضعفاً!

 

الموقف الأمريكي الذي يفهمه الروس تماماً له معنى واحد فقط، وهو أن أمريكا كانت موافقة ضمنياً على التدخل العسكري الروسي، بل وموافقة ضمنياً أيضاً على سيطرة روسيا على مسار الحل السياسي، فهل يعني هذا أن أمريكا موافقة على النتائج  التي نتجت عن السلوك الروسي؟

 

هذا ما يمكننا الإجابة عليه من خلال محاولة الجواب عما تريده أمريكا في سوريا بالتحديد، وعند النظر في ذلك سنجد أن سوريا غير مغرية اقتصادياً لأمريكا بما يكفي لتخوض صراعاً دولياً للسيطرة عليها، والجزء المغري نسبياً شرقي الفرق بات الآن تحت السيطرة الأمريكية الآمنة، ونظام الأسد لم يكن بحد ذاته يشكل أي خطر فعلي على إسرائيل، وحدوده معها كانت آمنة تماماً على مدى أربعة عقود تقريباً قبل بداية الأزمة السورية، والإزعاج الوحيد لأمريكا في سوريا كان سببه هو النفوذ الإيراني، وهو فعلياً ما كان يشكل تهديداً إلى حد ما لأمن إسرائيل.

 

لذا يمكن القول أن ما تريده أمريكا بشكل رئيس من روسيا هو إبعاد إيران، أما بقاء أو زوال نظام الأسد بالنسبة لها فهو شيء ثانوي، ولا سيما بعد أن جردت أمريكا بالاتفاق مع روسيا هذا النظام من سلاحه الكيماوي، وبعد أن أوصلته إلى حد الإفلاس العسكري والاقتصادي على مدى سنوات الحرب، ومع ذلك يمكن القول أن أمريكا تفضل بالتأكيد تغيير هذا النظام لاعتبارات معنوية تتعلق بهيبة أمريكا نفسها، التي سبق وأعلنت أكثر من مرة أن مستقبل الأسد السياسي قد انتهى، وبقاء الأسد في هذه الحالة يعني أن أمريكا فشلت وأن روسيا هي التي فازت.

 

ذاك بالنسبة لأمريكا، فماذا عن أوروبا؟

 

واقعياً يمكن القول أنه أياً كان ما تريده أوروبا، فقدرة أوروبا بنفسها على التأثير على مجرى الأحداث في سوريا ضعيفة، وهي تابعة فعلياً للموقف الأمريكي ومرهونة به، ولكنها فعلياً ليست بلا أثر عليه، فالأمريكان لا يمكنهم أن يستهتروا بمصالح حلفائهم الأوربيين عند رسم سياساتهم، ولكن هذه المصالح تخلف بالطبع المصالح الأمريكية في سلم الأولويات، وأوروبا في سوريا يهمها التغيير لأكثر من سبب من أكثرها إلحاحاً على المدى القريب مشكلة اللاجئين، التي لن تحل إن بقي الوضع في سوريا متدهوراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً.

 

فكيف ستردّ روسيا على ذلك؟

 

بالطبع روسيا ترحب تماماً بإخراج إيران من كل حلبات المنافسة العسكرية والسياسية والاقتصادية من سوريا، ولكنها لا تريد بنفس الوقت خسارة إيران كحليف وتحويلها إلى خصم، ولا مشكلة لديها قطعاً مع أمن إسرائيل الذي قال عنه وزير الخارجية الروسي: (إنّ أمن دولة إسرائيل أولوية رقم واحد لروسيا)[[5]]، وروسيا فعليا ليست متشبثة بالنظام السوري، ولا مانع لديها من التخلي عنه أو فرض التغيير عليه عندما يخدم ذلك مصلحتها.

 

إذاً لماذا لم تقم روسيا بأي إجراء لخدمة الحل الحقيقي في سوريا، وتبدو كل سياستها، وكأنها تسعى إلى إعادة تمكين نظام الأسد فيها؟

 

هذا ما يمكن إرجاع أسبابه إلى ما يلي:

 

أولاً: روسيا حتى اليوم لا تتعرض إلى ما يكفي من الضغوط الخارجية، وبالأخص من قبل أمريكا لفعل ذلك، فأمريكا كما هو واضح تكتفي بالضغط الاقتصادي الموجه ضد النظام السوري بشكل رئيس، وهو نظام ديكتاتوري لا تهمه إلا مصلحته، ولا يبالي بما تلحقه هذه المصلحة الفاسدة من الأذى بشعبه مهما كان هذا الأذى كبيراً، والعقوبات والحصار يعاني منها بشكل رئيس الشعب، وتأثيرها على الطغمة الحاكمة قليل الأهمية!

 

ثانياً: رغم كل تدهور الأوضاع في سوريا فلم تحدث بعد ردات فعل شعبية جديدة يمكن أن ترى فيها روسيا خطراً مُلحّاً يقتضي التغيير السريع، وهذا عائد بشكل رئيس إلى فقدان آليات العمل الجماهيري وضبابية وتشوش الرؤية السياسية من ناحية في مناطق الموالاة السابقة، وإلى الهزيمة المنكرة التي لحقت بالتنظيمات المسلحة المعارضة التي غلب عليها الطابع الإسلاموي في المناطق التي كانت تسيطر عليها هذه التنظيمات، وهذا خلّف خشية كبيرة لدى سكان هذه المناطق الذين بقوا فيها أو الذين عادوا إليها من خطورة تكرار التمرد كما خلّف أيضاً إحساساً محبطاً بعدم جدواه، ولا سيما أن هذه المناطق تأذّت كثيراً من المواجهات المسلحة التي حدثت فيها، وبعضها يعاني من درجة دمار مَهُولة.

 

ثالثاً: النظام السوري أصبح دمية طيعة في يد روسيا، وهي تستطيع فرض ما تريد عليه، ورغم أن إيران ما تزال موجودة وتدعم هذا النظام، وترفض أي تغيير فيه، فكلمة روسيا أصبحت هي العليا، وصار بإمكانها أن تفرض على النظام أية عقود تريد، وتبتزه كما تريد.

 

رابعاً: في ما يتعلق بإيران، فروسيا مرتاحة للضربات الإسرائيلية التي تضعف الوجود الإيراني في سوريا، وبذلك لا تتحمل روسيا مسؤولية هذا الإضعاف، ولا تدخل في مواجهة مع إيران، بل تحافظ على درجة مفيدة من الوجود الإيراني الذي ما يزال يقدم بعض الدعم الاقتصادي للنظام السوري، كما أن يبقى صالحاً للاستخدام كحليف في حال ساءت الأمور، وتطورت إلى مواجهة بين روسيا والغرب في سوريا، وهذا أمر يبقى محتملاً رغم ضعف احتمالاته.

 

وهكذا فروسيا لا تجد نفسها حتى اللحظة الراهنة مضطرة لإجراء أي تغيير حقيقي، وهي تستغل ما لديها من وقت لتوسيع وتثبيت مصالحها داخل سوريا إلى أقصى حد ممكن طالما أن الفرصة ما تزال سانحة.

 

بالطبع هذا الحال لا يمكن أن يدوم، وأمريكا التي تستمر بالضغط الاقتصادي تعي ما تفعله، وروسيا تعي بدورها أن ردة الفعل الشعبية على تدهور الوضع الاقتصادي قادمة لا محالة إن لم يتغير مجرى جريان الأمور، كما تعي روسيا أن الضغط الاقتصادي الأمريكي يستهدف حدوث هذه الانتفاضة إن لم تذهب روسيا إلى تسوية مُرضية، وروسيا تفهم أن أمريكا عندها لن تقف موقف المتفرج من هذه الانتفاضة التي دفعت هي نفسها بشكل كبير إلى حدوثها، وعندها يمكن للأمر أن يتحول إلى مواجهة جديدة متعددة الصعد غير مضمونة ولا مفيدة النتائج، وروسيا بالمقابل لديها البديل، فكما سلف الذكر إن هي ذهبت إلى تسوية سياسية مقبولة، فعندها ستدرأ خطر المواجهة مع أمريكا والغرب، وتحدث انفراجاً داخلياً، وتشجع المساهمين في إعادة الإعمار، كما، وتشجع المستثمرين على القدوم إلى سوريا، وسيكون لديها الفرصة الكبيرة بما لديها من نفوذ في سوريا على المشاركة الاستثمارية الفعالة في البيئة السورية التي ستكون عندها مناسبة لذلك.

 

 

ذاك هو ما يفترض أنّ روسيا تعيه جيداً، وأنها ذكية بما يكفي لعدم تجاهله أو لعدم التعامل بلا مبالاة أو باستكبار معه، وروسيا الآن باتت تلعب في الوقت المستقطع، فتحمّل الشعب السوري للمزيد من التدهور المعاشي المتفاقم لن يدوم، بل ولن يطول، وهي لا يمكنها تغيير هذا الحال المعيشي، وتذمر الناس من روسيا، وتحميلهم لها المسؤولية بات واضحاً ويزداد بشكل ملحوظ، وأمريكا ما تزال قادرة على التدخل والتأثير، فهل ستتعامى روسيا عن كل هذا؟

 

في لقاء الدوحة في 11 32021 أكد وزراء خارجية قطر وتركيا وروسيا التزامهم بالتوصل إلى حل سياسي بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وبيان جنيف لعام 2012[[6]]، وهذا يعني أن روسيا تعي جيداً أنها لا تستطيع التنصّل من هذه الاستحقاقات، وفرض واقع جديد على الأرض بتجاهلها، وقد تم أعلاه توضيح أسباب ذلك؛ كما أنه وفقاً للباحث السوري في ’مركز جسور للدراسات‘ وائل علوان، فهناك معلومات مؤكدة عن تراجع صلاحيات حزب البعث نتيجة خطة أمنية روسية تعتمد روسيا في تنفيذها على الأجهزة والمؤسسات التابعة والموالية لها مثل مكتب الأمن الوطني، وإدارة أمن الدولة ،وعلى جهات في القصر الجمهوري تقوم بالتنسيق المباشر مع السفارة الروسية في دمشق، وتتضمن الخطة الروسية تقليص نفوذ وتدخلات حزب البعث في الحكومة السورية ووزاراتها، لا سيما وزارات الاقتصاد والمالية والتجارة الداخلية والتربية والتعليم العالي، وما يتبع لهذه الوزارات من المؤسسات والمديريات، وقد أثارت هذه الخطة خلافات كبيرة واعتراضات من مستويات عليا في حزب البعث خلال النصف الأول من آذار2021[[7]].

 

هذه الأمور يمكن اعتبارها بدرجة ما مؤشرات على إدراك روسيا لضرورة التغيير، ولكنها لا تكفي لاعتبارها دليلا على جدية روسيا بالتعامل مع مسألة التغيير!

 

فهل ستتابع روسيا المماطلة والمراوغة، أم أنها ستلتزم أخيراً باستحقاق التغيير الذي لا مفر منه؟

هذا ما لن يطول انتظار اتضاحه، وما سينكشف خلال وقت قريب.

 

[1] -  روسيا اليوم، لافروف: 3 أسابيع كانت تفصل دمشق عن السقوط، 17 1 2017.

[2] - عربي 21، قدري جميل يصدق لافروف لولا روسيا لسقطت دمشق، 26 32017.

[3] - يورونيوز، منظمة حقوقية تحذر من عودة اللاجئين إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، 16102019.

[4] - محمود الحمزة، موسكو تخاف من استبدال الأسد بدون ضمانات أميركية، صفحات سورية، نقلا عن مركز حرمون، 2532021.

[5] - المرجع السابق.

[6] - وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، قطر وتركيا وروسيا تؤكد التزامها بدفع الحل السياسي في سوريا، 1132021.

[7] - وائل علوان، مصير حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا، نداء بوست، 16 32021.

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard