info@suwar-magazine.org

توازن القوّة بين أميركا وروسيا على الساحة السوريّة

توازن القوّة بين أميركا وروسيا على الساحة السوريّة
Whatsapp
Facebook Share

 

 

تميل معظم المقاربات التحليلية لمآلات الأزمة في سوريا، عبر أبرز محطاتها، ورصد مختلف المبادرات التي طُرحت لحل الأزمة سياسياً، إلى التعامل مع كثير من الظواهر على أنها جدية، وممكنةالتحقيق مثل (جولات التفاوض في جنيف وأستانا وسوتشي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة كالقرار 2254 )، والتعامل مع الأطراف التي تقوم بالتفاوض في جنيف، أو غيرها مثل النظام والمعارضة على أنها قوى وتيارات وكتل سياسية حقيقية ذات وزن ورؤية وقرار على أرض الواقع، وتمثل بالفعل فئات أو قوى  من الشعب في الداخل، أو الخارج السوري، وأنها تملك سلطة القرار بالموافقة أو الرفض.

 

بينما النظرة الواقعية الواضحة لأي مراقب تتلخص بأن المعارضة الممثَّلة في محطات التفاوض بما فيها اللجنة الدستورية هي في حقيقة الأمر لا تمثل أحداً على الإطلاق على أرض الواقع في سوريا، وليس لها أي انتشار بين الناس، أصلاً هي ليست أحزاباً، ولا تملك أي برنامج لمرحلة ما بعد إسقاط أو تغيير النظام المفترضة.

 

هم في الحقيقة ليسوا أكثر من أشخاص متبايني الرؤى والولاءات داخل إطارهم السياسي المفترض، وكل منهم يقدم الرؤية التي تناسب الجهة التي تموله، ويعرفون تماماً حدود الدور المطلوب منهم لعبه، أي إنهم ليسوا أكثر من "ممثلين للشعب السوري" معينين من الخارج قسراً وفرضاً على أنهم من يمثل المعارضة في سوريا .

 

والنظرة الواقعية ذاتها يمكن إسقاطها على النظام السوري، الذي يعلم الجميع أنه بعد عام 2015 لم يعد يملك من أمره شيئاً، وهو خاضع بشكل كامل للهيمنة الروسية مع هامش نفوذ إيراني مؤثر، ومطلوب من روسيا تقليصه لأقصى حد ممكن، وحتى قاعدته الشعبية (النظام)، والمؤلفة إما من المستفيدين مادياً من وجوده، وإما من الشرائح الشعبية البسيطة الساذجة التي أخذت تتحلل تدريجياً تحت ضغط، و وطأة الانهيار الكامل لمستوى معيشة المواطنين.

 

وفشل النظام المدوي في تقديم أي حلول ولو جزئية  لكبح هذا الانهيار الحاصل، جعله عارياً أمام مؤيديه لدرجة أنه لم يعد يمثل سوى نفسه، وبعض الشرائح الضيقة من المستفيدين مع الإقرار كما قلنا بأن قراره السياسي قد انتزع منه، ولم يعد يملك شيئاً يقدمه. يضاف إليه حقيقة أنه ليس هناك على الأرض (في مناطق سيطرة النظام) أي شكل من أشكال التمثيل السياسي المنظَّم.

 

اقرأ أيضاً:

 

السوريّون بين الخوف والرعب.. وحلم الحرية 

 

هذا الواقع يفترض حكماً بأن كل المبادرات وجولات التفاوض المتعددة، ليست أكثر من مجرد حراك سياسي دبلوماسي، لا جدوى منه على الإطلاق لأنه ليس أكثر من استعراض ولعب فارغ في الوقت الضائع.

 

بعد التدخل الروسي 2015، وقبله الإيراني تحولت الأزمة في سوريا إلى أزمة دولية، تجسَّد فيها صراع المصالح الدولية والإقليمية بشكل  واضح، والفاعل الرئيسي فيه هو أمريكا وروسيا.

 

حققت روسيا أشياء مهمة في سوريا تخدم مصالحها بشكل مباشر على الصعيد الاستراتيجي والعسكري ، لكنها لم تستطع تحقيق رؤيتها للحل السياسي النهائي بفعل العامل الأمريكي الذي ليس في وارد تقديم أية هدايا للجانب الروسي، وبالتالي فشلت حتى الآن كل المساعي الروسية لإقناع الطرف الأمريكي بالجلوس على طاولة حوار وتحقيق رؤية مشتركة بين الطرفين. ولذلك اضطرت روسيا للتجديد للرئيس الأسد لفترة رئاسية جديدة كحلٍّ لا بدَّ منه، ولكنه ليس نهائي بانتظار التغييرات التي قد تطرأ  على معطيات الواقع .

 

فيما يمكن القول أن النظرة الأمريكية للملف السوري تقوم على استمرار الوضع على حاله كمآل نهائي أو مرحلي، ضمن المستقبل المنظور على الأقل بما يعني استمرار الوضع السوري مستقراً على ماهو عليه، ربما لعقد أو عقدين، مادام يحقق المصالح الأمريكية ورؤيتها لمستقبل المنطقة، ويبقى بإمكانها إجراء تعديلات على  هذه السياسة فيما بعد إذا اقتضت الضرورة ذلك .

 

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard