لبنان.. الصين وطائفة آنا كوزاكوفا

الإحصائيّات الأكثر تشجيعاً على التكاثر، تقدّر عدد سكّان لبنان المقيمين ليلاً، بأنّه لا يتجاوز بعض ضعف عدد العمّال العاملين في شركة أديداز في الصين، ومع ذلك:

ـ للبنان ثلاث طوائف رئيسيّة، موارنة وسنّة وشيعة، وثلاث طوائف من وسادات الطوائف الرئيسية، درزيّة، وبرتستنانيّة، والطائفة الثالثة التي تحمل مفاتيح كلّ الطوائف اسمها "رياض سلامة"، وعلى يمينه رجا سلامة، وعلى يساره الأوكرانيّة آنا كوزاكوفا.

ـ مجمل الصين البالغ عدد سكانها مليار ونصف مليار، ليس لها سوى طائفة واحدة، هي خليط من ثلاث فلسفات كونفوشيوسيّة وطاويّة ومن ثمّ البوذيّة، ومع الثورة الثقافيّة التي رفع مناجلها الراحل ماوتسي تونغ، "قطع ماو" رأس الله، ليستبدله بـ رأس مال "ماركس"، وكانت النتيجة إلحاد الصين بالله وعبادة الأرزّ.

ـ للبنان، البالغة مساحته 10,400 كم2، ستّة أحزاب، من بينها حزب استأجر الله واتخذ اسمه وصار "الوعد الصادق" وكلّ ماعداه "الوعد الكاذب" وفق منطوق محازبيه، هذا عداك عن عشرات التجمّعات المدنيّة، بعض منها يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي، وبعضها يبحث عن الراعي ليكون ذئباً، فيما للصين، كلّ الصين حزب واحد، يرأسه شي جين بينغ، الرجل الأشبه بالموناليزا، فمن يتامّله لا يعرف حقيقةً إن كان يبكي أسفاً أو إن كان يقهقه ضحكاً، وهو وارث سور الصين العظيم وقد بني سدّه قبل مئتي سنة من الميلاد وشارك في بنائه 300 ألف عامل من الصينيين الذين ألهمهم "النمل"، فأكلوه.

ـ وحدها مديونيّة الولايات المتحدة الأمريكيّة لحساب الصين، تبلغ ما يقدّر بمبلغ 1.268 تريليون دولار في سندات الخزانة الأمريكيّة، فيما ديون لبنان قد تجاوزت الـ 180 مليار دولار، بعد حسم 12 مليون دولار التي وهبها رجا سلامة لـ آنا كوزاكوفا، والواقع في المبنى 66 في شانزلزيه باريس، فيما ميشال عون ما زال يخلط ما بين "فحم النارجيلة" المستورد خصيصاً لمقهى "أم شريف" في الرابية، وخطّ الغاز الروسي "نورد ستريم" الذي يشقّ أوكرانيا ويبتز الأوربيّين، ليتكئ الجنرال على مرفقه ويبشّر اللبنانيّين بالجحيم، كما لو أنّهم بحاجة إلى التعرّف على ما اختبروه.

ومن بعد الصين ولبنان، فأحاديث القطارات االسريعة، قد يتسنّى لك أن تسمع فيها الحوارات البطيئة، فالسيّدة اللبنانيّة الجالسة مقابلي، وهي الأكثر شبهاً بمادلين أولبرايت، تؤكّد بلغة قاطعة مانعة، أنّ قصّ رأس رياض سلامة، يعني قصّ رأس الله في لبنان، فيما السيد المقابل من الجهة الأخرى يؤكّد بما لا يقبل إعادة النظر، أو يقبل الشكّ، أنّ بقاء رياض سلامة في مصرف لبنان المركزي، يعني سطوة الشيطان.

وما بين نشوة شيطانه، وإعدام إلهها، قلّما توقّفا عن ذكر العشيقة الأوكرانيّة آنا كوزاكوفا، أمّا أنا، فكلّ ما كان يشغلني، أن أستعيد "بحيرة البجع"، وفيها كانت الأوكرانيّة ناديجدا غراتشوفا، تطير كما لو سحابة في فضاء مسرح البالشوي.. سحابة في فضاء البالشوي، لا سحبة من نارجيلة "أم شريف".

يا الله، كم اشتغل الإله على تشايكوفسكي، وكم ازهرت بجعاته في السماء.