info@suwar-magazine.org

تداعيات "إيلون ماسك"

تداعيات "إيلون ماسك"
Whatsapp
Facebook Share

 

يظهر أنها نهايات نوعنا، أو ربما البدء بخلق نوع جديد يُخاطبنا كما نخاطب أجدادنا:

 

ـ يا أجدادنا القرود.

 

لِم لا، والتنافس التكنولوجي وصل إلى واحد من احتمالين:

 

إما تأبيد الإنسان، وإما اندثاره.

 

استجاب الفراعنة لاستدعاء "الأبد" فاشتغلوا على المقابر والتحنيط، لا لشيء سوى لهوسهم بالخلود، أما هوس الخلود، فلم يصب عبر التاريخ سوى فائضي القوّة.. قوّة المال أو قوّة السلطة، وقد امتلكوا كل شيء ليملوه.. وحده الملل ما يتبقى لهم فيشتغلون على استبدال الزمن بما يسلّي، وحرصاً على التسلية يدفنون جرارهم وألعابهم، وينقشون على جدران مقابرهم أسماءهم وسُلالاتهم.

 

هذا ما بوسع "رعمسيس" أن يفعله، أمّا العم ميرغني فمن أين له أن يحظى بمدفن؟

هذا بوسع "نفرتيتي"، أن تفعله أمّا الحاجة آمنة فلن تعثر على من يدفنها.

 

مع الفرعونية المعاصرة، ثمة ما فاض من القوّة، ولنتخيل أن رجلاً واحداً اسمه "إيلون ماسك" تقدر ثروته ما قبل كتابة هذا الكلام بـ 335,1 مليار دولار.

 

- طيب، ماذا سيفعل هذا ما بعد كل هذه الثروة؟

 

سيصاب بالملل، وها هو اليوم يكسر ملله بأن يطلق للعالم "شريحة إيلون ماسك".. أما عن "شريحته" التي تتطلب قراءة تكنولوجية، فنتركها للوكالات، وتماماً كما جاء الخبر: "عرض إيلون ماسك مؤسس شركة Tesla وSpaceX خنازير مزودة برقائق دماغ حاسوبية أثناء إزاحة الستار عن Neuralink، وهي تقنية قادمة تهدف إلى تحقيق التعايش بين الذكاء الاصطناعي والدماغ البشري.

 

  • حسناً وماذا بعد؟

 

قال ماسك إن عملية تثبيت Neuralink في دماغ الإنسان ستكون عملية تستغرق ساعة واحدة، ولن تكون أكثر توغلاً من جراحة العين، حيث يتم إدخال جهاز بحجم العملة في الجمجمة من شأنه أن يترك ندبة صغيرة بعد إدخال الأقطاب الكهربائية في الدماغ.

 

  • ما هي مهنة الشريحة؟

 

بينما عجز الطب الحديث عن حل المشاكل الصحية الفادحة مثل فقدان الذاكرة والعمى والشلل، فإن هذه الشريحة يمكنها أن تحل تلك الإعاقات الصحية.

 

عظيم جداً، وعظمتها تستدعي التصفيق وإطلاق قبلات الهواء على "ايلون ماسك" أقلّه من جهة من سيكون عرضة لفقدان الذاكرة كواحد مثلي، ولكن:

 

  • ماذا عن شريحته أيضاً؟

 

نبقى مع الخبر وبكل الأمانة "علماء يخشون بالفعل أن تكون هذه الشرائح هي أداة الأشرار والحكومات الديكتاتورية للسيطرة على شعوبها".

  • وغير ذلك؟

 

وفيما يعاني المستخدمين اليوم مع كمية البيانات الهائلة التي تجمعها جوجل وآبل وفيس بوك وأمازون ومايكروسوفت وشركات أخرى عن المستخدمين، وتسعى منظمات حماية الخصوصية للضغط على تلك الشركات لتقليل وصولهم إلى البيانات، فإن الشرائح الإلكترونية مثل شريحة neuralink ستسمح لمطوريها بمعرفة أفكار المستخدمين والتجسس على المحادثات والمكالمات والوصول إلى ما يحدث في جسد المستخدمين أيضاً.

 

  • يا سلام

 

عند اختراقها من قبل القراصنة والمخترقين أو حتى دولة معادية أو إرهابيين، فقد يتم توجيه المستخدمين للقيام بأعمال تخريبية تهدد الأمن القومي، إضافة إلى تزايد الجرائم وخروج الإنسان عن السيطرة.

 

  • خبر سار مفرح.. وغير ذلك؟

 

أيضا من يضمن أن تلك الشرائح لن تتعرض لمشاكل فتؤدي إلى موت الإنسان او تحكم الآلة فيه، أو التشويش على أفكاره وتغييرها؟ هذه مخاوف كثيرة وكبيرة.. هذا ما أوردته الوكالة.

 

لتتخيل والشريحة في جمجمتك، أن كل خيالاتك على شاشة مواجهة، من خزان لا تراه اسمه "أرشيف ماسك"، والخيالات كما ندرك جميعاً طابور من الصور "صور لغابات ومدن وحروب وسجون وهراوات، ونساء عاريات أيضاً".

 

سيكشف "ماسك" عن "العراة" في رأسك حتى يتحوّل رأسك إلى نادي ستربتيز، بجمهور واسع وراقصات عامود.

 

قد لا يحدث هذا، قد يكون رأسك ممتلئاً بالصلاة والمصلين، بل أكثر، فالفوارق شاسعة ما بين صلاة الحرير وصلاة الخنجر، وعليك التنقّل بينهما، وإذا ما أعوزتك الحيلة قد تكفر همساً لتلتقطك "شريحة ماسك" وتدفع بالوشاية إلى الله ليحاسبك على مارأته شريحة ماسك ولم يكن ليراه هو.

 

هذا احتلال، شريحة محتلة، استعمار مزروع في جمجمتك، وسيطمئنك الجرّاح بأن "لن تتألم.. غزّة دبوس"، وقد انتقلت توّاً إليه متجاوزاً مرحلة "سكود" و "باتريوت"، وتلك الأسلحة بالغة الخفّة كما "كلاشينكوف"، البندقية الأكثر تداولاً والتي حملت عبر تاريخها وشم مبتكرها ميخائيل تيموفييفيتش كَلاشْنِكوف الذي عاش 94 سنة، فأصابه الملل، لينتقل إلى ابتكار سلاح جديد اسمه "الرشاش إيه كيه-47".

 

مجمل الحكاية تختزل في أن الملل أصاب فائض القوّة، وفائض القوّة لا يملكه سوى أن يكون واحد من اثنين:

 

  • إله أو شيطان

 

بالنسبة للإله، لم يًطل على تاريخنا، أما عن الشيطان فقد عرفناه بدءاً من كاليغولا، مروراً بالفوهرر والدويتشي، ولم تخل موائدنا منه، والتماثيل السيئة الحرفة، تشهد على هذا بدءاً من حافظ الأسد مروراً بعيدي أمين، ولا ننسى من فضله "بوكاسا"، الزعيم الأفريقي آكل لحم البشر.

 

لو كانت "شريحة ماسك" متوفرة، إذاً لالتهمها بوكاسا وهو يثابر على التهام جماجمنا.

 

ياالله.. يا تداعيات "ايلون ماسك".

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard