الانتشار بالإبهار

تنتشر معظم العقائد من خلال طريقتين أساسيتين هما الإقناع والإكراه، وربما هنالك طرق أخرى مثل الإبهار، وقد يحدث أن يلجأ أتباع العقائد لاستخدام عدة منها لنشر عقائدهم وتصوراتهم وفرضها على الآخرين.
وفي حال الإقناع ينتشر الحب والرحمة والتسامح بين الناس أما في حال الإكراه فيسود العكس، أي الكراهية والتعصب والانغلاق. فماذا عن الإبهار؟
سنعود إليه لاحقاً، أي الإبهار، فلا تستعجل، فلم ننته من الإقناع بعد وهو ما بدأنا به حديثنا، وما بدأ به المسلمون قبل ألف وأربعمائة عام، على سبيل المثال، حيث لجأوا إلى أسلوب الإقناع في نشر دعوتهم وهذا ما تؤكده الآية الكريمة: ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، وظهر معه التسامح جلياً حين دخل المسلمون مكة فاتحين منتصرين، فخاطب رسول الله أهلها قائلاً: من دخل بيته فهو آمن ومن دخل بيت أبو سفيان فهو آمن. وأبو سفيان هذا، إن كنت قد نسيت، كان ألد أعداء الله ورسوله.
ومع تطور الأمر وتوسع دولة الخلافة من الراشدية إلى ما تلاها امتزج الإقناع بالإكراه، من خلال الغزوات والفتوحات، فسيطرت الدولة الإسلامية على بقاع واسعة من الأرض الى حين، ولأن دوام الحال من المحال، بدأت مرحلة التراجع والتقلص مع قدوم غير المسلمين من مغول وتتار ومن ثم مماليك وأتراك وسواهم، ومع أنهم كانوا هم المنتصرين والمسيطرين إلا أنهم أسلموا وانتشرت بينهم وما زالت الطرق الصوفية حيث الرحمة والتسامح والحب، فهم لم يدخلوا الإسلام بالإكراه كما تعلم أو لعله لك رأي آخر؟
ولأن الحديث قد يطول عن موضوعنا هذا سنلجأ للاختزال والاختصار والانتقال مباشرة إلى الإبهار، فالعقائد من حيث المبدأ، سواء كانت دينية أو وضعية، تعد معتنقيها بالخلاص، وتدعي امتلاك الحقيقة من دون سواها ولولا ذلك ما لجأ إليها أحد إلا مكرها، فهل لجأت الى العلم عزيزي القارئ مكرها أم مقتنعاً أم منبهراً؟
وبغض النظر عن الأسباب هل وجدت مبتغاك فيه أي الخلاص والحقيقة والسلام أم أنك ما زلت منبهراً بالألعاب التي قدمها لك كما الطفل، ليلة العيد، بثيابه الجديدة؟