ميركاتو الشتاء.. مارادونا سيلعب في فريق الأموات الآن
" من كان يعبد محمد فإنّ محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت"
مات مارادونا لكن كرة القدم باقية.. مازال هناك ميسي وكريستيانو ونيمار و....
مهلاً... هذا أغبى تقديم يمكن أن يُكتب بحق إله.. درجة غبائه توازي صعوبة كتابة مقالٍ يتحدث عنه، كيف تصف شيئاً يُحسّ فقط، يُلمس بالذهن، يمكنك الشعور به لا الكتابة عنه؟، الأمر أشبه بالوصول إلى الذروة أثناء الجنس.. لا يمكنك التعبير عنها لكنك تعيشها.
وحده غاليانو تجرّأ وخدش الكمال وحاول:" لم يُدِن أي لاعب مكرس، إدانة مباشرة ودون تردد، أسيادَ تجارة كرة القدم.
كان الرياضي الأوسع شهرة والأوسع شعبية في كل الأزمنة هو من رفع الصوت دفاعاً عن اللاعبين الذين ليسوا مشهورين ولا شعبيين
هذا المعبود الكريم والتضامني كان قادراً على أن يجترح، في خمس دقائق، الهدفين الأشد تناقضاً في تاريخ كرة القدم كله. ومحبوه كانوا يوقرونه للهدفين: لم يكن جديرا بالإعجاب هدف الفنان فقط، الموشى بشيطنة ساقيه، وإنما مذلك، وربما أكثر، هدف اللص الذي سرقته يده. لم يكن دييغو آرماندو مارادونا معبوداً بسبب بهلوانيته وحسب، وإنما كذلك لأنه كان إلهاً قذراً، خاطئاً، أشد الآلهة بشرية. يمكن لأي شخص أن يجد فيه ملخصاً جوالاً لأصناف الضعف البشري، أو الذكوري على الأقل: زير نساء، محب للشراب، سكير، مخادع، كذاب، متبجح، متهور
ولكن الآلهة لا يتقاعدون مهما كانوا بشراً "
جميعنا صفق لغاليانو حين أنهى القراءة وشكره، لاحقاً كتبنا اسم مارادونا على محركات البحث واستغرقنا بالمشاهدة ونسينا ما قرأناه.. هو هكذا..
اقرأ أيضاً:
حين حصل نابولي على بطولة الدوري الإيطالي ذهب المشجعون إلى المقابر رافعين لافتاتٍ كُتب عليها:" لو تعلمون ما فاتكم" اليوم يردّ الموتى الدين حين سيأتون على هيئة منامات في رؤوس أقربائهم ويطلبون منهم عدم الاقتراب من المقابر، لأنها ببساطةٍ ستكون خاليةُ منهم حتى إشعارٍ آخر، السبب واضح: يمكنك تخيله كما حدث في فيلم "coco" تراه يتقدم وحشود الموتى يهللون له غير مصدقين مرتدياً زيّ نابولي أو برشلونة أو بوكا جونيورز حاملاً القميص رقم عشرة كالعادة وشارة الكابتن يدخل ملعباً كان قد شُيّد منذ تأسيس هذا العالم ولم يعرف حتى أول ميت على هذه الأرض السبب..
الآن يمكنك أن تتخيل " هابيل" في المقصورة الرئيسية وقد شاخ ينظر إليه ويهزّ رأسه ويبتسم.. قبل أن تبدأ المباراة يتعرف مارادونا على الفريق الخصم ينظر إليهم وهو يقوم بالاحماء راقصاً كما هي العادة:" يالهم من حمقى " يقول في نفسه، هزمتهم وأنا حيّ لماذا لا يقتنعون!! فريق الخصم كان مزيجاً غريباً من الأشخاص: حارس انكلترا ودفاع ألمانيا وفريقي أتليتيكو مدريد ويوفينتوس بأكملهما وزعماء مافيا بزيهم الرسمي وتجار كوكايين ورئيس الفيفا وبيليه.. تبدأ المباراة.. مارادونا يحوّل اليوفي واتيتيكو إلى رماد كلما تجاوز لاعباً يختفي.. يقترب منه خط الدفاع الألماني متكاتفين كجدار يبتسم وهو يرفع الكرة من فوقهم ويتجاوزهم .. الكرة مازالت في الهواء الآن لم يبق إلا الحارس الانكليزي المتردد في خروجه لملاقاتها.. بلمح البصر يحسم قراره ويخرج لكنّ يد مارادونا الشهيرة تسبقه كما هي العادة وتدخل المرمى.. على القائم الايسر يستند بيليه ضاحكاً.. يركض خلف مارادونا حين يذهب ليحتفل بالهدف يعانقه ويهمس في أذنه: " يوم قالت لك أمك أنك أفضل لاعبٍ في التاريخ وصدقتَها.. صدقتُها انا أيضاً"... زعماء المافيا وتجار الكوكايين يسلمون أنفسهم للسلطات في العالم الآخر راضين مطمئنين وكان أهم ما يتمنونه هو مشاهدته وهو يلعب مرّةً أخرى.. تنتهي المباراة وينزل غيفارا وكاسترو لتسليمه كأس العالم الآخر وقبل أن يهمّ برفعه يكشفان عن صدرهما ويريانه الوشم الجديد الذي حصلا عليه هنا.." صورته وهو يدخن السيجار الكوبي"
يشير إلى هابيل أن يقترب ويسأله:" هل باع "البابا" سقف كنيسته المذهب أخيراً؟؟" ينفجر هابيل ضاحكاً ويقول له:" لا.. لقد أكّد لي أن رؤيتك وأنت تلعب ستكون ملهمةً للأطفال أكثر ألف مرّة من حفنة نقودٍ قد يصرفونها على أشياء فانية".
لم يقتنع مارادونا.. هزّ رأسه وقال:" حتى هنا؟!!!"
دييغو أرماندو مارادونا..أهم إله في تاريخ البشرية... وداعاً