info@suwar-magazine.org

(جورنيكا) مدينة أحيت ذاكرتها لوحة

(جورنيكا) مدينة أحيت ذاكرتها لوحة
Whatsapp
Facebook Share

 

حين قررت الطائرات النازية الألمانية والإيطالية قصف مدينة جورنيكا عاصمة إقليم الباسك الإسباني في ٢٦ نيسان ۱۹۳۷ ، بعد أن استدعاها الزعيم فارنسيسكو فرانكو لمساعدته في قصف المدينة أثناء الحرب الأهلية التي بدأت في إسبانيا عام ۱۹۳۷ بين الجمهوريين والقوميين، ألقت فوقها خمسين طناً من القنابل الحارقة لثلاث ساعات متواصلة كانت كفيلة بتدمير أكثر من ٧٠ بالمائة من المدينة، وحينها سقط ١٦٥٤ قتيلا و ٨٠٠ جريح من أصل ۷۰۰۰ شخص من سكان المدينة، في وقت كانت فيه الشوارع والأسواق تعج بالناس ، تاركة وراءها المدينة ركاماً وبقايا من ذكريات أناس كانوا يعيشون فيها.

 

 

أثارت هذه الحادثة مشاعر الفنان بابلو بيكاسو الذي اتخذ موقفه المعارض لحكم اليمين الإسباني فرانسيسكو فرانكو منذ بداية الحرب الأهلية، فكان متعاطفاً مع الاشتراكيين ومؤيداً للجمهورية. ولم يكن يخفي كرهه وازدراءه  للزعيم فرانكو، فقام بعمل لوحة جسدت ذكرى "جورنيكا" حاول من خلالها ترسيخ تلك الحادثة من خلال إعطاء انطباع من الفوضى في اللوحة التي يسودها مشهد ماساوي ساعد على التشديد على فكرة الموت. في "جورنيكا". غابت الطائرات النازية وبقيت الوجوه واجمة وكأنها تعيش كابوساً مرعباً يعتصرها معاناة وألما.

 

واستخدم بيكاسو في لوحته رموزاً عديدة ؛ منها الحصان الذي يرمز إلى التضحية بالشعب، والطفل الميت بين يدي أمه، وهو مشهد يذكر بصورة "مريم العذراء" التي تحتضن "المسيح" في تمثال الرحمة للفنان الشهير مايكل أنجلو، والثور الذي يعبر عن العنف، كما يظهر بوضوح المصباح رمز الأمل الذي تتعلق به الوجوه الخائفة.

 

اقرأ أيضاً:

 

                              لوحات عالميّة بين الشهرة والغلاء

 

كما استعمل بيكاسو الخصائص الأساسية للفن التكعيبي برسمه للوجوه بشكل أمامي وجانبي في الوقت ذاته، متعمداً تضخيم فكرة الفوضى والتأكيد على مشهد ثنائي الأبعاد للوجه متجنّباً كل ما يعطي إحساساً بعمق الفراغ من خلال استخدام أسلوب التصوير الزيتي. ويطغى على اللوحة مزيج من الأزرق الداكن والأسود والأبيض. ويبلغ طولها ٣.٥ وعرضها ۷.۸ متراً ، متفادياً استخدام أي من الألوان القوية.

 

"جورنيكا" عمل فني يعرّي المجزرة التي وقعت للأبرياء على أيدي النازيين ، مسكونة بالرعب الذي أراد بيكاسو أن يظهره جلياً في لوحته، إذ يشكل كل خط أو ضربة فرشاة في اللوحة علامة على المأساة والرعب المجسد الذي يعانيه الناس، والذي أفقدهم كل أمل. أصبحت "جورنيكا" معلماً أثرياً تذكر دائماً بمآسي الحروب، وباتت رمزاً مضاداً للحرب، وتجسيداً للسلام، وهي تعرض اليوم في متحف مركزالملكة صوفيا الوطني للفنون في إسبانيا.

 

بعد الانتهاء من رسمها ، طافت اللوحة العالم في جولة موجزة لتصبح من اللوحات الأكثر شهرة. كما أن جولتها تلك أسهمت في لفت أنظار العالم للحرب الأهلية الإسبانية، وأثبتت اللوحة أنّ الفنّ يخلد التاريخ على مر الأزمان، وبذلك يتعدى الفكر السائد والذي يرى أن الفن لمجرد الفن فقط. أما بيكاسو، فقد رفض تفسير لوحته بدلالة رموزها وقال : "من حق أي مشاهد تفسير رموزها كما يشاء".

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
آخر المقالات
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard