info@suwar-magazine.org

التغيرات البيئية وتأثيرها على نساء شمال شرقي سوريا من حيث الصحة والزراعة والاستقرار

التغيرات البيئية وتأثيرها على نساء شمال شرقي سوريا من حيث الصحة والزراعة والاستقرار
Whatsapp
Facebook Share

 

          التغيرات البيئية وتأثيرها على نساء شمال شرقي سوريا من حيث الصحة والزراعة والاستقرار

 

                                                

                                                           معد البحث:

                                                     الدكتور آلان رمو

 

 

 

فهرس المحتويات:

ملخـــــــــص تنفيــــــــــــــــــــــذي          .........................................

المقــــــــــــدمـــــــــــــــــــــــــة              .........................................

أهميــــــــــــــــــة البحـــــــــــث             .........................................

منهجيـــــــة البحـــــــــــــث                .........................................

الفترة الزمنية للبحـث                   .........................................

هــــــــدف البحـــــــــــث                   .........................................

محــــــــــاور  البحــــــــــــث                .........................................

  • تأثير التغيرات البيئية على صحة النساء في شمال شرقي سوريا
  • تأثير نقص المياه على النساء في شمال شرقي سوريا
  • دور النساء في الزراعة شمال شرقي سوريا
  • تأثير استخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية على النساء في شمال شرقي سوريا
  • تأثير التغيرات البيئية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والهجرة لدى النساء
  • أثر النزاع المسلح في تفاقم التأثيرات البيئية السلبية على النساء في شمال شرقي سوريا
  • مقارنة تأثير التغيرات البيئية على النساء في شمال شرقي سوريا مع نظيراتهن في العراق
  • تجارب منظمات نجحت في التقليل من الآثار السلبية للتغيرات البيئية على النساء
  1. التوصيـــــــــــــــــــــــــــات               .........................................
  2. الخــــــــــــــاتمـــــــــــــــــة               .........................................

     المـــــــــــــــــــــــــــــــــراجـع                  .........................................

 

 

 

فهرس المخططات:

  • المخطط 1: تأثير التغيرات البيئية على صحة النساء في شمال شرقي سوريا
  • المخطط 2: تأثير نقص المياه على النساء في شمال شرقي سوريا
  • المخطط 3: دور النساء في الزراعة شمال شرقي سوريا
  • المخطط 4: تأثير التغيرات البيئية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والهجرة لدى النساء

 

 

فهرس الأشكال:

  • الشكل 1: قياس درجة الحرارة والنبض والضغط وضرب الإبر
  • الشكل 2: بئر نفط في قرية معشوق
  • الشكل 3: دخان حراقة في قرية البشيرية

 

 

 

ملخص تنفيذي:

تعد مشكلة التغيرات البيئية وما تخلفها من تداعيات اجتماعية واقتصادية وصحية، وتضاعف موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة والعواصف بأنواعها والفيضانات والحرائق مشكلة عالمية كبيرة وخطيرة لها تأثيرات سلبية على كل الأفراد في مختلف المجتمعات وخصوصاً النساء.

يعرض هذا البحث نتائج دراسة تأثير التغيرات البيئية على صحة النساء في شمال شرقي سوريا واستقرارهن الاجتماعي والاقتصادي، وتأثير نقص المياه واستخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية عليهن، والدور الذي تلعبه النساء في الزراعة في شمال شرقي سوريا.

 

 

 

المقدمة:

أصبحت التغيرات المناخية إلى جانب التدهور البيئي من أهم المشكلات على الصعيد العالمي، وأضحت على نحو متزايد عنصراً بارزاً في المناقشات العامة حول القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية. هذه التغيرات التي رافق ظهورها جدلاً واسعاً في البداية، لكن مع تزايد المؤشرات والدلائل العلمية المثبتة بات ثمة توافق عالمي واضح على أن النظام المناخي يتغير وأن البيئة في تدهور مستمر، ولم تعد تمتلك البشرية ترف تجاهل التغيير البيئي لما له من مخاطر قد تفوق أخطر الحروب التي شهدها الكوكب على مدار تاريخه، وهو ما دفع العلماء إلى اعتبار تصنيف التغيرات البيئية كإحدى المخاطر الجدية على السلم والأمن الدوليين. وهو ما يعني اتباع سياسات جديدة لمواجهة هذه المخاطر قد تقتضي تغيير أنماط حياتنا وإنتاجنا واستهلاكنا. فمناخ سريع التغيير يحتاج إلى جهود مضنية ومكلفة ومعقدة للتكيف معه وإعادة ضبط إيقاع الحياة وصولاً إلى التخفيف من حدة آثاره.

(كحال، 2023)

 

تتأثر النساء والفتيات وخاصة تلك المنتميات للفئات المهمشة والأفقر بمظاهر تغير المناخ بشكل أكبر مقارنة بفئات كثيرة من الرجال لأسباب عدة منها تنشئة كل من الذكور والإناث في المجتمعات الشرقية

(حسون، 2021)

 

بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة فإن (80 %) من المشردين بسبب تغيرات المناخ هم من النساء، وهذا ما يجعلهنّ أكثر عرضة للتمييز والعنف، بما في ذلك العنف الجنسي، خصوصاً في مراكز الإيواء والخيام حيث تنام النساء أو يغتسلن أو يستحممن أو يرتدين الملابس في ظروف غير ملائمة.

كما أن آثار الكوارث البيئية والصراعات الناتجة عنها، غالباً ما تجعل النساء والفتيات كمهاجرات أو لاجئات عرضة للزواج القسري والمبكر والإتجار بالبشر، ويوثق تقرير بعنوان العنف القائم على النوع وارتباطه بالبيئة الصادر عن الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة الكثير من الحالات التي أجبرت فيها الفتيات على الزواج في عمر مبكر بسبب الفقر ونقص الغذاء وفقدان الأراضي الزراعية، مقابل الحصول على المال أو المواشي.

(Camey et al,2021)

 

 

أهمية البحث:

نظراً للمشاكل الكبيرة التي تسببها التغيرات البيئية وتأثيراتها السلبية على النساء، ولتحديد المخاطر الصحية المحتملة وفهم التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية، تأتي هذه الدراسة كمحاولة لمعرفة تأثير تلك التغييرات على النساء في شمال شرقي سوريا من حيث الصحة والزراعة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

 

 

منهجية البحث:

قام الباحث بإجراء (20) استبياناً و (40) مقابلة فردية في عدة مناطق في شمال شرقي سوريا مع أفراد من المجتمع المحلي والسلطات المحلية (هيئات الإدارة الذاتية) ومنظمات المجتمع المدني عبر اللقاء المباشر (فيزيائي) أو عبر الانترنت (أونلاين). تم اختيار المشاركين من فئات مجتمعية مختلفة (مهندسين زراعيين، نشطاء بيئيين، مزارعين، مدرسي جامعات، موظفين من هيئتي الزراعة والبيئة، موظفين من المنظمات الزراعية والبيئية، أطباء، أفراد محليين)، وقد شكلت النساء ما نسبته (60 %) من مجموع المشاركين.

بعد انتهاء الباحث من جمع البيانات، قام بتحليل البيانات كمياً ونوعياً، وتم فحصها وتدقيقها، وإعادة تشكيلها وأرشفتها وتخزينها واستنبط منها في النهاية مجموعة من المعلومات التي اعتمد عليها لاتخاذ القرار والبدء بكتابة هذا البحث.

 

 

الفترة الزمنية للبحث:

من العام 2020 وحتى العام 2024

 

 

هدف البحث:

دراسة تأثير التغيرات البيئية على النساء في شمال شرقي سوريا

 

 

محاور البحث:

 

  • - تأثير التغيرات البيئية على صحة النساء في شمال شرقي سوريا

أظهرت نتائج الاستبيان الذي أجري في عدة مناطق في شمال شرقي سوريا حول تأثير التغيرات البيئية على صحة النساء، أن (85%) من المشاركين، يرون أن تأثير تلك التغيرات كان سلبياً بشكل كبير، بينما اعتبر (10 %) أن التأثير كان سلبياً بدرجة قليلة، في حين اعتقد (5 %) أن التغيرات البيئية لم تؤثر مطلقاً على صحة النساء (المخطط 1).

 

                المخطط1: تأثير التغيرات البيئية على صحة النساء في شمال شرقي سوريا

 

 

تؤثر التغيرات البيئية وما ينجم عنها من تداعيات بشكل سلبي على صحة النساء في شمال شرقي سوريا وفقاً لشهادات موثقة لأطباء شاركوا في الاستبيان والمقابلات الشخصية، ويمكن تلخيص تلك التأثيرات بالنقاط التالية:

  1. تصاب النساء بالعديد من الأمراض الجسدية كالأمراض التنفسية والجلدية وتأخر الإنجاب وتشوه الأجنة وسقوطها والتهاب الكبد الوبائي والاسهال.
  2. سوء التغذية الناجم عن قلة الغذاء وخاصة خلال فترات الحمل والرضاعة، حيث تكون الاحتياجات الغذائية للنساء مرتفعة، ما يؤثر على صحتهن وصحة أطفالهن.
  3. يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى الإجهاد الحراري وضربات الشمس وزيادة حالات الوفاة.
  4. تصاب النساء بالعديد من الأمراض النفسية كالاكتئاب والقلق والهلع وأمراض ما بعد الصدمة وفقدان الشهية العصبي واضطراب الشخصية الحدية، وقد تؤدي تلك الأمراض بها في النهاية إلى الانتحار.
  5. زيادة العنف الجسدي والجنسي ضد النساء في ظل ظروف الحرب.
  6. ووفقاً لدراسة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان بعنوان "الإجراءات المناخية المراعية للاعتبارات الجنسانية"، تتسبب مياه الشرب الأكثر ملوحةً بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر في ولادات مبكرة ووفيات أمهات وأطفال حديثي الولادة.

في هذا الصدد، تقول الدكتورة إيمان عيسى وهي طبيبة نسائية، إن ثمة العديد من الأمراض التي تصيب النساء بسبب التغيرات البيئية مثل ارتفاع ضغط الدم وسكري الحمل والتشوهات الجنينية. لكنها تشير أيضاً إلى عدم وجود أرقام موثقة حول تلك الحالات، وعدم وجود دراسات وأبحاث علمية حول هذا الموضوع في المنطقة.

بينما تقول حليمة خليل، وهي إدارية في أكاديمية التعليم واللغات العالمية في قامشلو (القامشلي)، إن الأكاديمية تقدم دورات تدربيبة للنساء في مجالي التمريض والإسعافات الأولية، وهذا يساعدهن في حل الكثير من المشاكل المادية والصحية، ويثقفهن في المجال الطبي والصحي ويوعيهن بأهمية المحافظة على صحتهن، ويعرفهن على بعض الأمراض النسائية الشائعة، ما ينعكس إيجاباً على صحة النساء. مضيفة أن بعض النساء يلتحقن ببعض المراكز الطبية، ويساهمن في تقديم خدمات طبية ضرورية للنساء مثل قياس درجة الحرارة والضغط والنبض وتعليق السيروم لأهلهن وجيرانهن. ( الشكل 1)

 

                    الشكل 1: قياس درجة الحرارة والنبض والضغط وضرب الإبر

 

 

  • تأثير نقص المياه على النساء في شمال شرقي سوريا

أظهرت نتائج الاستبيان أن (90 %) من المشاركين يجدون أن تلك التأثيرات كانت سلبية، بينما اعتبر (5 %) أن التأثيرات كانت إيجابية، في حين يعتقد (5 %) أن نقص المياه لم يؤثر على النساء. (المخطط 2)

 

                 المخطط 2: تأثير نقص المياه على النساء في شمال شرقي سوريا

 

 

يؤثر نقص المياه بشكل سلبي وكبير على النساء في شمال شرقي سوريا، ويعتبر من أهم المشكلات التي تواجههن وبالأخص في مدينة الحسكة. ووفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر فإن ملايين الأشخاص في شمال شرقي سوريا يعانون من نقص متقطع في المياه، ويمكن تلخيص تأثيرات نقص المياه على النساء في النقاط التالية:

  1. زيادة العنف: تسبب التغيرات البيئية نقصاً في الموارد مثل المياه، وهو ما يؤدي إلى تزايد حالات العنف الجسدي والنفسي الأسري تجاه النساء نتيجة قلة المياه في المنزل، إذ تقع مسؤولية تعبئة خزانات المياه في معظم المنازل على النساء.
  2. زيادة الاستغلال الجنسي: يتسبب نقص المياه في زيادة الضغط على النساء ويجعلهن أكثر عرضة للاستغلال الجنسي مقابل الحصول على المياه (فوفقاً للكثير من الشهادات التي تم توثيقها من قبل العديد من النشطاء، تعرضت بعض النساء لحالات تحرش وإساءة وإيحاءات جنسية من قبل بعض الرجال بينهم موظفون في منظمات دولية ومحلية خلال تجمع الناس في مخيمات النازحين واللاجئين أثناء توزيع حصص من المياه).
  3. زيادة أعباء ومسؤوليات النساء: تقع مسؤولية جمع وتعبئة خزانات المياه في أغلب الأحيان على عاتق النساء، ومن أجل ذلك تحتاج الكثير منهن أحياناً لقطع مسافات طويلة والتعرض للكثير من المتاعب للوصول إلى الموارد المائية، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً عليهن ويأتي ذلك أحياناً على حساب بعض الأعمال الأخرى.
  4. استعمال المياه الملوثة: نتيجة لعدم توفر المياه النظيفة في مدينة الحسكة وريفها، فإن معظم السكان يعتمدون على مياه الصهاريج التي غالباً ما تكون غير نظيفة. ما يزيد من مخاطر إصابة السكان بالإسهال والأمراض الجلدية والهضمية. كما أن نقص الماء من الأسباب الرئيسية لتراجع مستوى النظافة الشخصية خصوصاً بالنسبة للنساء خلال فترات الحيض وفصل الصيف، وهو ما يعرضهن لمشاكل صحية ويزيد من شعورهن بالإحراج والعار.
  5. نقص المردود المادي: تعتمد الكثير من النساء على الزراعة وتربية المواشي، ويؤدي نقص الماء إلى تراجع إنتاجية المحاصيل الحقلية وتضرر المواشي، ما ينعكس سلباً على توفر المال بين أيديهن ويزيد من حدة النزاعات والخلافات الناجمة عن ذلك، وفقاً للمهندس الزراعي أحمد أوصمان.

 

  • دور النساء في الزراعة شمال شرقي سوريا

أظهرت نتائج الاستبيان أن (70 %) من المشاركين يعتقدون أن دور النساء في الزراعة كان كبيراً، بينما اعتبر (20 %) منهم أن هذا الدور كان ضعيفاً، بينما يعتقد (10 %) أن النساء لا يملكن أي دور في الميدان الزراعي. (المخطط 3)

 

                      المخطط3: دور النساء في الزراعة شمال شرق سوريا

 

 

تلعب النساء الريفيات دوراً هاماً ومحورياً في الزراعة، وتسهمن بشكل كبير في تحقيق الأمن الغذائي، ويمكن تلخيص دور النساء في الزراعة في النقاط التالية:

  1. القيام بإدارة مشاريعهن الزراعية الخاصة بهن مثل زراعة الخضروات في البيوت المحمية والأنفاق البلاستيكية من خلال الإشراف على العمال والعاملات ومتابعة وضع المحاصيل المزروعة بدءاً من الزراعة وصولاً إلى الإنتاج والتسويق.
  2. العمل برفقة عائلاتهن ومساعدتها في زراعة المحاصيل الحقلية مثل القمح والشعير والعدس والكمون والكزبرة في الحقول المكشوفة، بالإضافة إلى تخزين المحاصيل.
  3. العمل في منازلهن على تربية الأبقار والأغنام والماعز والطيور ونحل العسل.
  4. العمل كعاملات يوميات في حقول المزارعين من خلال القيام بعمليات البذر والحصاد والتعشيب وغيرها من العمليات الزراعية الأخرى.
  5. المساهمة في زيادة دخل الأسرة من خلال بيع المنتوجات الزراعية مثل الحمص والعدس والفريكة، وإنتاج الألبان والأجبان والمخللات والعصائر وبيعها سواء في القرية أو في الأسواق المحلية.
  6. المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة الموارد الزراعية، ما يعكس دورهن في تعزيز التنمية المستدامة على المستوى المحلي.

في هذا السياق، تقول ليلى عمر، التي تنحدر من قرى تربه سبي، إن للنساء الريفيات دور كبير في الزراعة وأن الكثيرات منهن أبدعن في هذا المجال، لكن وفقاً لها، تراجع هذا الدور في السنوات الخمس الأخيرة بشكل ملحوظ وذلك بسبب انتشار مصافي النفط البدائية (الحراقات) وما تتسبب به من تلوث في قرى منطقة تربى سبي، وهو ما أدى إلى تراجع إنتاجية المحاصيل وتضرر وموت الماشية، الأمر الذي دفع النساء للتوجه إلى مجالات عمل أخرى لتأمين لقمة عيشهن. (الشكلان 2 و 3 )

 

            الشكل 2: بئر نفط في قرية معشوق  الشكل 3: دخان الحراقات في قرية البشيرية

 

 

  • تأثير استخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية على النساء في شمال شرق سوريا

يؤثر استخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية بشكل سلبي على النساء في شمال شرقي سوريا، ويمكن تلخيص تلك الآثار السلبية بالنقاط التالية:

  1. قسم من تلك الأسمدة والمبيدات الكيميائية المتواجدة في الأسواق المحلية ذات جودة سيئة ومادتها الفعالة غير نظامية، وأحياناً تباع كمبيدات منتهية الصلاحية للمزارعين، بالإضافة إلى الرش المتكرر والعشوائي، كلها تؤدي إلى ظهور مقاومة لدى الآفات وزيادة في نسبة وشدة الإصابة بها، ما يؤدي إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الحقلية كماً ونوعاً وهو ما يتسبب في النهاية بانخفاض المردود المادي الذي تحصل عليه المرأة العاملة.

(رمو، 2019)

 

ووفقاً للبحث، تمت ملاحظة زيادة في نسبة وشدة الإصابة ببعض الأمراض الفطرية في السنوات الخمس الأخيرة مثل مرضي البياض الدقيقي والبياض الزغبي على القرعيات، وأمراض تبقعات الأوراق على الشعير، كما سجل لأول مرض صدأ الساق على القمح في الحسكة والذي يعتبر من أخطر الأمراض الفطرية، ما تسبب بخسائر في الإنتاجية، وهذا بدوره قلل من دخل المرأة العاملة في الزراعة.

(رمو، 2019)

 

  1. إن عدم اتباع العديد من النساء للأساليب الوقائية أثناء رش المبيدات الكيميائية مثل ارتداء الكمامات والكفوف والنظارات والأفرول والأحذية الطويلة قد يؤدي إلى استنشاقهن لتلك المبيدات أو ملامستها لجلدهن، ما يؤدي إلى إصابتهن بالاقياء أو الإغماء أو التسمم.
  2. يؤثر التعرض المتكرر للمواد الكيميائية على الصحة الإنجابية للنساء.
  3. إن التخوف من المخاطر الصحية الناجمة عن استعمال الأسمدة والمبيدات الكيميائية يؤدي إلى تراجع قدرات النساء الإنتاجية ويدفعهن إلى الاعتماد على الغير في تأمين مصادر الدخل.

لا يتوقف تأثير المبيدات الكيماوية والأسمدة على النساء فحسب، بل إن استخدامها بشكل مبالغ فيه يزيد من مستوى تلوث التربة والمياه والهواء، ويزيد من تركيز المواد السامة في البناتات والخضار ولحوم الحيوانات التي يعتمد عليها السكان كمصدر رئيسي من مصادر الغذاء، وفقاً للمهندس الزراعي، عبدالله حسين.


 

  • تأثير التغيرات البيئية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لدى النساء

أظهرت نتائج الاستبيان أن (80 %) من المشاركين يعتقدون أن تأثير تلك التغيرات كان سلبياً، بينما اعتبر (5 %) أن التأثير كان إيجابياً، في حين يعتقد (15 %) أن تلك التغيرات ليس لها أي تأثير. (المخطط 4)

 

                 المخطط 4: تأثير التغيرات البيئية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لدى النساء

 

 

أثرت التغيرات البيئية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لدى النساء بشكل سلبي، ويمكن تلخيص تلك التأثيرات في النقاط التالية:

  1. النزوح واللجوء: تسببت التغيرات البيئية وتداعياتها الكارثية بموجات تدريجية من الهجرة والنزوح من مدينة إلى أخرى أو من الريف إلى المدينة. ففي مدينة الحسكة كان من بين أسباب الهجرة باتجاه مدينة عامودا نقص المياه والتصحر وقلة الغطاء النباتي والجفاف والعواصف الرميلة والغبار وتراكم القمامة في الحارات ومشاكل الصرف الصحي والحفر العشوائي للآبار. بالمقابل شهدت قرى تربى سبيه هجرات تدريجية باتجاه مدينة قامشلو (القامشلي) بسبب تلوث الهواء والتربة الناجم عن تشغيل حراقات النفط البدائية، ناهيك عن موجات الهجرة والنزوح والتهجير باتجاه كردستان العراق وأوروبا ودول الجوار كإحدى تداعيات الحرب وسوء الأوضاع المعيشية والمستويات القياسية للفقر.
  2. تغيّر أدوار ومسؤوليات النساء: بسبب التغيرات البيئية أمست النساء مجبرات على القيام بأدوار إضافية مثل تأمين المياه والعمل لساعات طويلة وفي ظروف صعبة، ما حد من مشاركتهن في الحياة الاجتماعية.
  3. زيادة الضغوط الاجتماعية: التغيرات البيئية وما يرافقها من تداعيات وضغوط أدت إلى حالة من عدم الاستقرار، ما أدى بدوره إلى ارتفاع حالات التوتر والقلق والضغوط الاجتماعية على النساء.
  4. التأثير على الروابط الاجتماعية: يؤدي النزوح المستمر والنزاعات المتعلقة بالمساعدات المقدمة للنازحين إلى تفكك الروابط الاجتماعية، ما يعرّض النساء للعزلة الاجتماعية خصوصاً مع تراجع الدعم المجتمعي لقضايا النساء.
  5. فقدان مصدر الدخل: تسببت التغيرات البيئية بتدهور القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ما وضع النساء في مواجهة تحديات كبيرة للحفاظ على استقرارهن الاقتصادي.
  6. زيادة الفقر: إذ يؤدي فقدان الدخل والموارد الطبيعية إلى زيادة الفقر، ما يؤثر بشكل مباشر على معيشة النساء وقدرتهن على تلبية احتياجاتهن الأساسية.

ووفقاً لريما مراد من مدينة قامشلو (القامشلي)، فقدت العديد من صديقاتها مصادر دخلهن الناتج عن الزراعة وتربية الحيوانات واضطررن للهجرة من قراهن إلى المدينة في السنوات الخمسة الأخيرة بسبب انقطاع الكهرباء وقلة الماء والمحروقات الضرورية سواء للتدفئة أو الري ناهيك عن تلوث التربة والتي أدت مجتمعة إلى تراجع الزراعة.

  • أثر النزاع المسلح في تفاقم التأثيرات البيئية السلبية على النساء في شمال شرقي سوريا

يتشابك النزاع المسلح مع التغيرات البيئية لتتفاقم آثارها على النساء من خلال عدة آليات مترابطة:

  • تدمير البنية التحتية وإضعاف الخدمات الأساسية:

أدت عمليات القتال والدمار إلى تدمير المنشآت الحيوية مثل محطات المياه وأنظمة الصرف الصحي والخدمات الصحية، الأمر الذي أدى إلى زيادة صعوبات الوصول إلى المياه النظيفة والرعاية الصحية الضرورية. في ظل هذه الظروف، تصبح النساء – اللاتي يتحملن غالبًا مسؤولية رعاية الأسرة – أكثر عرضة للأمراض المرتبطة بنقص النظافة والتلوث.

  • زيادة العبء الاقتصادي والاجتماعي:

مع النزوح وفقدان مصادر الدخل نتيجة النزاع، تضطر العديد من النساء إلى القيام بمهام إضافية مثل جمع المياه والمواد الغذائية وتأمين سبل العيش في ظل ظروف بيئية متدهورة. هذا العبء المزدوج لا يؤثر فقط على الدخل الأسري، بل يزيد أيضًا من التوتر والضغط النفسي، ما يؤثر سلبًا على صحتهن الجسدية والعقلية.

  • تفاقم العنف والتمييز الاجتماعي:

تتأثر النساء في بيئات النزاع بشكل خاص من حيث تعرضهن للعنف الأسري والاستغلال الجنسي، ويزيد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في ظل النزاع من احتمالية وقوع مثل هذه الحوادث. كما يؤدي تفكك النسيج الاجتماعي والأنظمة القانونية إلى تقليل فرص حماية حقوق المرأة، ما يجعلها أكثر هشاشة في مواجهة الكوارث البيئية.

  • تداخل النزاع مع سياسات التكيف البيئي:

يؤدي النزاع إلى إضعاف قدرات المؤسسات العامة على تنفيذ سياسات التكيف مع التغير المناخي، ما يعيق جهود التخفيف من الآثار البيئية. هذا الوضع يجعل النساء أكثر عرضة لتأثيرات الكوارث البيئية لأنهن غالبًا ما يلعبن دورًا حيويًا في إدارة الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة على مستوى الأسرة والمجتمع.

 

 

  • مقارنة تأثير التغيرات البيئية على النساء في شمال شرق سوريا مع نظيراتهن في العراق

من المفيد من باب المقارنة، ذكر تأثير التغيرات البيئية على صحة النساء واستقرارهن الاقتصادي والاجتماعي في العراق نظراً لتشابه الظروف والعادات والتقاليد بين البلدين. إذ أن التغيرات البيئية في العراق كارتفاع درجات الحرارة وشح المياه التي تؤدي تكرار الظواهر المناخية المتطرفة تمثل تحديًا كبيرًا يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على صحة النساء واستقرارهن الاقتصادي والاجتماعي.

في تشرين الأول/ أكتوبر2021، أصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)  تقريراً جاء فيه: "أن انخفاض مستويات المياه في نهر الفرات وظروف الجفاف أثرت على الأمن الغذائي للأسر التي تعتمد على الزراعة في الرقة ودير الزور. وأدت قلة الموارد وارتفاع تكاليف المستلزمات الزراعية، بما في ذلك الوقود، إلى الحد من المساحة المزروعة والقدرة على توفير الري التكميلي للمحاصيل المزروعة".

(درج، 2023، جفاف وألغام وحرمان النساء من الحقوق… الأمل بعدالة مناخيّة شرق سوريا)

أما في العراق، يعد تغير المناخ أحد أبرز التحديات التي واجهتها البلاد في العقود الأخيرة. وفقاً لتقرير البنك الدولي لعام 2020، يواجه العراق ارتفاعاً في درجات الحرارة بمقدار 2 درجة مئوية بحلول عام 2050، مع تقلص هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 9%، ما سيؤدي إلى تفاقم الجفاف. هذه الظاهرة أثرت بشكل مباشر على سبل عيش العديد من النساء، لا سيما في المناطق الريفية، حيث تعتمد الكثير من الأسر على الزراعة وتربية الماشية. ومع اشتداد الجفاف وتضاؤل الموارد المائية، تضطر العديد من الأسر إلى الهجرة إلى المناطق الحضرية بحثاً عن مصادر جديدة لكسب الرزق. وتُظهر الإحصائيات أن نسبة النزوح الداخلي بسبب الجفاف وصلت إلى 25% في بعض المحافظات مثل المثنى والناصرية. (إرادة الجبوري، تأثير تغير المناخ على النساء العراقيات: أزمة متفاقمة)

ووفقاً للأمم المتحدة، تعتبر البلدان الأكثر هشاشة على المستويين السياسي والاقتصادي كالعراق وسوريا الأكثر عُرضة لآثار تغير المناخ. وتلخص الأمم المتحدة تلك المخاطر في أحدث تقاريرها وفقاً لخمس سيناريوهات متوقعة:

  • تغير المناخ يؤدي إلى اشتداد المنافسة على الأرض والمياه
  • تغير المناخ يؤثر على إنتاج الغذاء ويُفاقم الجوع
  • تغير المناخ يجبر الناس على الانتقال
  • تغير المناخ يفاقم الفقر وعدم المساواة
  • تغير المناخ يزيد المخاطر الأمنية التي تواجه النساء والفتيات

 

 

  • تجارب منظمات نجحت في التقليل من الآثار السلبية للتغيرات البيئية على النساء

في منطقة الشرق الأوسط برزت عدة تجارب ناجحة لمنظمات ركزت على تقليل الآثار البيئية السلبية على النساء وتعزيز قدرتهن على التكيف، ومن أبرزها:

  • تجارب في العراق:

منظمة طبيعة العراق: شاركت هذه المنظمة في تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل الأهوار وترميم البيئة الطبيعية، مع إشراك النساء بشكل مباشر في برامج التوعية والتدريب على تقنيات الزراعة المستدامة وإدارة الموارد المائية. وقد ساعد ذلك في تحسين سبل العيش وتمكين النساء من المشاركة في عمليات اتخاذ القرار البيئي على المستوى المحلي.

  • تجارب في مصر:

قامت عدة منظمات محلية بتطبيق مشاريع لإعادة التشجير وتحسين إدارة المياه في المناطق الريفية، حيث ركزت على دعم النساء العاملات في القطاع الزراعي، من خلال ورش عمل ودورات تدريبية وتعزيز وعيهن بممارسات الزراعة المستدامة وترشيد استهلاك الموارد. ما أدى إلى تخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية للتغيرات البيئية عليهن.

  • مبادرات إقليمية وشراكات دولية:

تعمل منظمات مثل (WWF Middle East) و(IUCN) بالتعاون مع شركاء محليين على تصميم برامج تدمج النساء في استراتيجيات التكيف مع تغير المناخ. ومن خلال هذه الشراكات، تُنظم حملات مجتمعية تُركز على استخدام تقنيات الطاقة المتجددة وإدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام، ما يعزز مرونة النساء في مواجهة التحديات البيئية.

هذه التجارب تؤكد أن إشراك النساء في صناعة القرار البيئي وتنفيذ برامج مبنية على احتياجاتهن المحلية يُعد ركيزة أساسية لتخفيف تأثيرات التغيرات البيئية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في ظل الظروف المناخية المتغيرة.

 

 

التوصيات

  • تعزيز الوعي البيئي والتثقيف الصحي
  • إجراء دراسات وأبحاث علمية حول التأثيرات السلبية للتغيرات البيئية على النساء
  • توفير خدمات صحية متكاملة للنساء ودعم الصحة الإنجابية
  • مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي
  • تأمين المياه النظيفة للنساء
  • تشجيع مشاركة النساء في لجان إدارة الموارد المائية
  • تدريب النساء على تقنيات الزراعة الموفرة للمياه
  • تطوير المهارات الزراعية والتسويقية للنساء
  • زراعة الأشجار، وإنشاء غابات اصطناعية
  • تأمين المواد والمستلزمات الزراعية للنساء من قبل السلطات المحلية والمنظمات
  • دعم إنشاء التعاونيات النسائية الزراعية
  • تأمين مصافي نفط نظامية بدلاً من الحراقات البدائية
  • استخدام ألواح الطاقة الشمسية لتشغيل الآبار الزراعية بدلاً من الوقود
  • الابتعاد عن الاستخدام الجائر للأسمدة والمبيدات الكيميائية
  • استخدام الأسمدة العضوية
  • استخدام أساليب المكافحة الوقائية والحيوية
  • توفير الدعم المالي والائتماني للنساء
  • رفع الوعي المجتمعي، ودعم النساء مجتمعياً
  • تحسين الخدمات الاجتماعية، وتوفير الدعم النفسي للنساء

 

 

الخاتمة

تشكّل التغيرات البيئية في شمال شرقي سوريا تحديًا وجوديًا لا يمكن تجاهله، خاصة في ظل استمرار النزاعات المسلحة وتأثيراتها على البنية التحتية والموارد الطبيعية. ومع تزايد المخاطر البيئية مثل الجفاف والتلوث ونقص المياه، تصبح النساء الحلقة الأضعف، حيث يتحملن العبء الأكبر من هذه التغيرات على المستوى الصحي والاجتماعي والاقتصادي.

ومع ذلك، فإن هذه الأزمات تُعدّ أيضًا فرصةً للتحرك نحو حلول مستدامة تُشرك النساء في عملية التكيف البيئي، بدلاً من حصرهن في دور الضحايا. ومن هنا، يبرز دور المنظمات غير الحكومية والسلطات المحلية والمجتمع الدولي في دعم مشاريع بيئية مستدامة تُمكّن النساء من المشاركة الفعالة في إدارة الموارد الطبيعية وتطوير حلول مبتكرة تخفف من آثار الكوارث البيئية عليهن.

ومع أن هذا البحث يسلط الضوء على التأثيرات السلبية للتغيرات البيئية على النساء، فإنه يدعو أيضًا إلى ضرورة تبني سياسات وإجراءات تعزز من صمود النساء في مواجهة هذه الأزمات، وتجعل منهن شريكات رئيسيات في بناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة بيئية.

 

 

المراجع (المصادر)

  • آلان رمو، 2019، مسح حقلي لأمراض أصداء القمح في محافظة الحسكة، المجلة السورية للبحوث الزراعية، العدد 2، المجلد 3، أيلول 2019.
  • ألمى حسون، 2021، كيف تتأثر النساء والفتيات بالتغير المناخي في الدول العربية، BBC عربي.
  • برنامج الأمم المتحدة للبيئة،2022، تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم العنف ضد النساء والفتيات.
  • كحال، 2023. التغيرات المناخية والتدهور البيئي نحو حوكمة مناخية لسياسات التكيف والتخفيف، مجلة أبحاث قانونية وسياسية، المجلد 8، العدد 1، 17 ص.
  • رقية العبادي، درج، 2023، جفاف وألغام وحرمان النساء من الحقوق… الأمل بعدالة مناخيّة شرق سوريا.
  • إرادة الجبوري، 2024، تأثير تغير المناخ على النساء العراقيات: أزمة متفاقمة، صحفيات من أجل المناخ.
  • خمس طرق يؤثر بها تغير المناخ على الأمن البشري، الأمم المتحدة، 2021.
  • مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان. دراسة تحليلية بشأن الإجراءات المناخية المراعية للاعتبارات الجنسانية من أجل التمتع الكامل والفعلي بحقوق الإنسان.
  • - Camey et al. 2021. Gender-based violence and environment linkages. USAID. 272P.

 

* تم انجاز هذا البحث من قبل منظمة GAV للإغاثة والتنمية ونشره بالتعاون مع مجلة صور

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard