info@suwar-magazine.org

العمل المدنيّ بين رغبة المانح وحاجة المجتمع

العمل المدنيّ بين رغبة المانح وحاجة المجتمع
Whatsapp
Facebook Share

لا يكاد من يتابع المشهد السوريّ يقع على شيءٍ يذكر فيما يخصّ العمل المدنيّ قبل اندلاع الاحتجاجات في سوريا، فيما عدا عددٍ قليلٍ من الجمعيّات الخيريّة وجمعيّات رعاية المعاقين والأيتام، إلى جانب بعض المنظمات الحقوقية التي كانت تعمل في البلاد بشكلٍ سرّيٍّ لتوثيق انتهاكات السلطات بحقّ المعارضين.

ومع بداية الأزمة ظهر عددٌ كبيرٌ من منظمات المجتمع المدنيّ في كافة الاختصاصات، في محاولةٍ منها لسدّ الفراغ الذي خلّفته عقود الاستبداد التي حكمت سوريا وقمعت العمل المدنيّ فيها.

ولكن، بعد مضيّ أربع سنواتٍ من عمر الثورة السورية، وظهور هذا العدد الكبير من المنظمات، لو سألتَ المواطن السوريّ العاديّ: ماذا تعرف عن منظمات المجتمع المدنيّ؟ سيكون جوابه بالتأكيد: لم أسمع بها.

والسبب هنا هو أنها ما تزال بعيدةً كلّ البعد عن حاجات وضرورات المواطن السوريّ، فهي تدور في فلك التمويل الذي توفّره المنظمات الداعمة والمانحة، التي تأتي على خلفية تصوّراتٍ لا تنسجم بالضرورة مع واقع الحال في سوريا، فيدخل عمل تلك المنظمات في إطار هدر الطاقات والتكرار، كما يظهر جلياً في هرولة المنظمات لتقديم اقتراحاتٍ للمشاريع التي يتوافر لها التمويل دون غيرها.

وهذا ما يؤدّي إلى تشابه الاختصاصات والأدوار التي تلعبها هذه المنظمات، إلى درجةٍ باتت فيها تتزاحم على مجالاتٍ معيّنةٍ دون غيرها، مع تهميش ما هو جوهريٌّ وملحٌّ، مثل التمكين الاقتصاديّ للمواطن السوريّ الذي كان يعيش في ظلّ اقتصاد دولةٍ مركزيةٍ أكلتها الحرب، وبات دون سندٍ اقتصاديٍّ، فيضطرّ مكرهاً إلى حمل السلاح.

بات مطلوباً اليوم من الجميع القيام بمراجعةٍ نقديةٍ لما تمّ إنجازه من مشاريع خلال السنوات الأربع الماضية، ومحاولة تقييم الأثر الذي تركته هذه المشاريع على الأرض، والتخلّص من الأخطاء التي تمّ ارتكابها، ومحاولة استقراء حاجات المواطنين الحقيقية، وتجسير الهوّة بين أهداف الجمعيات والمنظمات المدنية وبين أهداف المواطنين باستعادة الحد الأدنى من الحياة الكريمة، من أجل إحداث تغييرٍ حقيقيٍّ ومستدامٍ تبرز من خلاله قيمة عمل المنظمات في مجتمعٍ يريد الخروج من جحيم الحروب والصراعات.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard