info@suwar-magazine.org

الآشوريون وقعوا ضحية صراعات وحروب الآخرين على السلطة وعلى من يحكم المنطقة

الآشوريون وقعوا ضحية صراعات وحروب الآخرين على السلطة وعلى من يحكم المنطقة
Whatsapp
Facebook Share

مقابلة مع الكاتب والباحث في شؤون الأقليات سليمان يوسف يوسف

أجرى الحوار- كمال شيخو

 

الباحث سليمان يوسف: سريانيٌّ آشوريٌّ (مسيحيٌّ) من مواليد عام 1957 في مدينة القامشلي التي تبعد نحو 160 كم شمال شرق مدينة الحسكة. حاصلٌ على ليسانسٍ في العلوم الاجتماعية والفلسفية من جامعة دمشق. يكتب في العديد من الدوريات والصحف العربية. كتب الكثير من المقالات والأبحاث عن واقع الأقليات في منطقة الشرق الأوسط، وعن الاضطهاد الممارس بحقّ الأقليات. كما نشر العديد من الدراسات عن السريان الآشوريين.

 

تعرّضت الأقلية السريانية الآشورية لهجومٍ واسعٍ شنّه تنظيم "الدولة الإسلامية"، نهاية شهر شباط (فبراير) الماضي، على القرى والبلدات التي يقطنها السريان الآشوريون، والذين يقدّر عدد المتبقين منهم في سوريا بحوالي ثلاثين ألفاً من بين 1.2 مليون مسيحيٍّ. ويسكن معظمهم القرى المحيطة بنهر الخابور في الحسكة، ومدينة القامشلي (أقصى شمال شرق)، وبلدة تل تمر.

 

ونزح كثيرٌ من المسيحيين والآشوريين خلال الصراع المستمرّ منذ أربعة أعوام. وتشير معظم الدراسات الصادرة حول المسيحيين في سوريا إلى أن عددهم في تناقصٍ؛ ففي بداية القرن العشرين كانت نسبتهم نحو 20% من السكان، وانخفضت في الخمسينات إلى 17%، لتستقرّ حالياً على 10% من التعداد السكانيّ العام.

 

صوَر: امتدّت معارك تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى القرى والبلدات التي تقطنها الأقلية السريانية الآشورية في شمال شرق سوريا، واختطف عناصره حوالي مئتي مسيحيٍّ نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي؛ هل لديكم معلوماتٌ عن مصير المختطفين؟ وهل طالب التنظيم بفديةٍ ماليةٍ أو بمبادلتهم مع أسرى لدى الإدارة الذاتية؟

 

وفق تقديراتنا، ومن خلال متابعتنا لقضية المخطوفين الآشوريين لدى داعش، وتواصلنا مع الناجين منهم ومع النازحين؛ يبلغ عدد المخطوفين نحو 200 شخصٍ، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، نقلوا في اليوم الأوّل إلى قرية تلّ المسامير التابعة لمنطقة جبل عبد العزيز (جنوب شرق تل تمر)، حيث مقرّات وتحصينات داعش، وتمّ نقلهم في اليوم الثاني إلى مدينة الشدّادي (جنوب محافظة الحسكة نحو 50 كم) حيث معسكرات ومقرّات التنظيم أيضاً.

 

حتى تاريخه، لم يعلن التنظيم عن أية شروطٍ سياسيةٍ أو دفع فديةٍ لقاء الإفراج عن المختطفين. ولهذا ثمة قلقٌ كبيرٌ على مصيرهم وحياتهم، خاصةً أن للتنظيم سوابق خطيرةً في تصفية وقتل وذبح الأسرى لديه، ولا سيّما إذا كانوا مسيحيين ومن غير المسلمين. وهنا أناشد المجتمع الدوليّ التدخل سريعاً لإنقاذ حياة هؤلاء الآشوريين المختطفين قبل فوات الأوان.

 

صوَر: ماذا عن الشأن الإنسانيّ للنازحين الآشوريين، ممن فرّوا من قراهم جرّاء اشتداد المعارك؟

 

الوضع الإنسانيّ مقبول. فقد تمّ إيواء جميع النازحين من قبل الأهالي، بمعونة الهيئات والمنظمات الأهلية والمدنية، إضافةً إلى تدخل الكنسية في مدينتي الحسكة والقامشلي. يبلغ عدد العوائل النازحة حوالي ألف عائلة. وقد تمّ تأمين السكن للجميع، وتوفير بقية الحاجات الإغاثية من طعامٍ ومأكلٍ وملبس.

 

صوَر: هل تقتصر حاجات هؤلاء النازحين على تأمين المكان والطعام، أم هناك حاجاتٌ ضروريةٌ ملحّةٌ أكثر؟

 

برأيي يبدو أن نزوح هؤلاء سيطول، وقد يتضاعف العدد مع استمرار المعارك في ريف الحسكة وتل تمر، فالمطلوب مضاعفة الجهود لتأمين ما يلزم للنازحين. وقد ناشدت المنظماتُ الآشورية السريانية والمسيحية في منطقة الجزيرة الجاليات الآشورية السريانية في دول الشتات للقيام بحملةٍ لجمع تبرّعاتٍ عاجلةٍ لمساعدة النازحين. هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ ثانيةٍ يجب التأكيد على أن قضية الآشوريين يجب أن لا تقتصر على النواحي الإنسانية، فهي لا تنتهي بتوفير كيس سكّرٍ أو رزٍّ أو طحين!!

 

إن وجود الآشوريين بات مهدّداً إذا تُركوا من غير حمايةٍ وطنيةٍ، ولا من سندٍ إقليميٍّ أو دوليٍّ لهم، ولا قدرة لهم على توفير الحماية الذاتية لأنفسهم. إنهم يواجهون خطر إرهاب داعش. لهذا نطالب المجتمع الدوليّ بضرورة توفير ملاذٍ آمنٍ لهم داخل سوريا، وحمايتهم كما فعل لأكراد العراق سنة 1991.

 

صوَر: هل باتت الأقلية السريانية الآشورية واحدةً من ضحايا حروب تنظيم (الدولة) في المنطقة؟ كيف يبدو لك المشهد؟

 

بكلّ تأكيدٍ المشهد أليمٌ وقاتمٌ جداً. فالآشوريون خصوصاً، والأقليات عموماً، وقعوا ضحية صراعات وحروب الآخرين على السلطة وعلى من يحكم المنطقة، خاصّةً الصراع (السنيّ-الشيعيّ) في سوريا والعراق والتدخلات الإقليمية والدولية في هذه الصراعات، والأهمّ تنامي دور التنظيمات الإسلامية المتطرّفة والإرهابية في هذه الصراعات، مثل داعش والنصرة والقاعدة، مما زاد الوضع تعقيداً وخطراً على مستقبل ووجود المسيحيين والإيزيديين والأقليات في المنطقة.

 

ومن المتوقّع أن يتفاقم وضع الآشوريين السريان، والمسيحيين عموماً، والإيزيديين، مع احتمالية تفجّر صراعٍ (عربيٍّ- كرديٍّ) في العراق وسوريا على خلفية ما يجري في المنطقة، مترافقةً مع صفقاتٍ سياسيةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ على حساب شعوب المنطقة. كما في كلّ الحروب السابقة؛ وقع الآشوريون ومسيحيو المشرق، وهم السكان الأصليون لهذا المشرق، ضحيّة حروب الغير.

 

 

 

صوَر: هل يشعر المسيحيون أنهم الحلقة الأضعف في المجتمع السوريّ؟

 

ما يخشاه المسيحيون السوريون ليس سقوط النظام ورحيل بشار، كما يظنّ ويعتقد البعض؛ وإنما سقوط (الدولة السورية) التي شكلت عبر تاريخها الطويل ملاذاً آمناً لهم ولجميع الأقليات. فرغم تعدادهم الجيد نسبياً (نحو 10 في المائة من نسبة السكان) ثمة شعورٌ مسيحيٌّ عامٌّ بأنهم الحلقة الأضعف في المجتمع السوريّ. وخلافاً لمعظم الأقليات السورية الأخرى، المسيحيون أقليةٌ غير مسلحةٍ، أي لا (ميليشيات مسلحةً) لهم لتقوم بدور الحماية الذاتية إذا انفلت الوضع الأمنيّ أكثر في البلاد. إضافةً إلى وجود شعورٍ لدى المسيحيين بأنه لو سقط النظام لن يكون وضعهم أفضل مما كان عليه خلال حكم الاستبداد. فالنظام الجديد سيستخدمهم لتجميل صورته لا أكثر، ومهما جرى لن يسمح لهم بالمشاركة في الحكم في سوريا ما بعد الأسد.

 

وتسعى دولٌ عربيةٌ عدّةٌ إلى حماية السنّة، وتقوم إيران بالمستحيل للحفاظ على وجود العلويين والشيعة، بينما تركيا مستعدةٌ للتدخل لحماية التركمان، والأكراد يعتمدون على مسعود البرزاني، أما المسيحيون فليس لديهم أيّ حليفٍ إقليميٍّ أو دوليٍّ يدعم استمرار وجودهم كبقية مكوّنات المجتمع السوريّ. فالمسيحيون قد تُركوا من غير حليفٍ أو حصانةٍ، مما عزّز مخاوفهم، لا سيما بعد التداعيات الخطيرة للأزمة السورية.

 

صوَر: هل الأقليات في الشرق الأوسط مهدّدةٌ بالانقراض؟

 

جميع الأقليات وجودها مهدّدٌ في هذا المشرق الذي دخل في حروبٍ أهليةٍ وداخليةٍ مفتوحةٍ وطويلة، ما لم تستقرّ هذه الدول وتنتقل إلى دولةٍ مدنيةٍ ديمقراطيةٍ تحقّق الأمن والاستقرار والعدالة لمواطنيها. وحصول هذا مستبعدٌ في ضوء الأوضاع الراهنة. لهذا فالمطلوب والمنتظر هو توفير الحماية الدولية لهم وفي الوقت المناسب، وإلا سنرى شرقاً من غير مسيحيين ومن غير إيزيديين، لأنهم سيبحثون عن أوطانٍ بديلةٍ توفّر لهم الأمان والاستقرار والمستقبل لأجيالهم. والوجهة لهؤلاء هي أوربا وأمريكا التي بدأت تقدّم لهم التسهيلات المطلوبة في اللجوء والإقامة.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard