مخيم اليرموك.. جرح فلسطين في قلب دمشق
مخيم اليرموك الذي كان يضم عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب عدة آلاف من السوريين ممن سكنوا المخيم، تحمل من الحصار والجوع ما لم تتحمله أي منطقة أخرى من سوريا. وعلى الرغم من كل المطالبات بتحييده عن الصراع وعدم إقحامه في أتون الحرب السورية، إلا انه يتصدر الآن المشهد في الأزمة السورية بعد اقتحامه من قبل عناصر تنظيم الدولة "داعش".
عانى المخيم من ويلات حصار النظام على مدار عامين كاملين، لاقى خلالهما سكان المخيم الجوع إلى حد الموت وتفشي الأوبئة، واليوم أكمل تنظيم الدولة مسيرة النظام السوري في حصار المدنيين في هذا المخيم المنكوب، وبدأ يمارس طقوسه في التوحش، من ذبحٍ وإعداماتٍ لأبناء المخيم بحجة أنهم من المرتدين.
ورغم تبادل أدوار المسيطرين على المخيم، لم يتغير شيء بالنسبة للمدنيين، الحصار ذاته والمعانة نفسها، والفعل الدولي مقتصر على المناشدات، والجوع والموت مستمران في تهديد حياة المدنيين هناك.
الهدوء النسبي الذي يخيم على المعارك في المخيم، وانسحاب تنظيم الدولة داعش من بعض الأحياء داخله، لا يعني نهاية النكبة، فمازال المخيم بين فكي الكماشة، جبهة النصرة من جهة لا تزال موجودة داخله، والنظام من جهة أخرى في الخارج يفرض حصاره دون رحمة. وداعش تطل برأسها، مع احتمال عودتها في أي لحظة، بتواطؤٍ مباشر أو غير مباشر، مع أحد الطرفين السابقين أو كليهما.
في ظل هذه الاوضاع الصعبة التي يعيشها قرابة عشرين ألف مدني، من الذين ما يزالون هناك تحت القصف والجوع والاشتباكات المتكرّرة بين الجهات المتصارعة، لابد من توفير الحماية والمساعدات اللازمة لإنقاذ من يمكن إنقاذه، ولا بد من العمل على فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات، أو السماح بخروج المدنيين من معمعة المعارك الدائرة هناك.
في ظرف مثل هذا، يكمن دور منظمات المجتمع المدني في محاولة تغيير الواقع المؤلم، عبر محاولة إخراج المدنيين من المخيم وتأمين الملجأ الآمن لهم، أو العمل على خلق نوع من التنسيق مع الجهات المسلحة، بهدف ضمان سلامة المدنيين الأبرياء من رحى الحرب الدائرة هناك.