info@suwar-magazine.org

مــاذا بعد فشـل المفــاوضات

مــاذا بعد فشـل المفــاوضات
Whatsapp
Facebook Share

 

 فريق صور

 

فشل جولتي المفاوضات بين النظام السوري والائتلاف المعارض في جنيف ينعكس اليوم بشكل واضح ومباشر فيما يجري على الأرض من معارك مدمرة، ويزيد من هشاشة  الوضع  السوري وانفتاحه على كل إمكانيات الدمار والقتل، وقد تابع كل السوريون بقلق ما يحدث على جبهتي الساحل وحلب اللتين جاءتا كرد فعل على الجمود السياسي واندفاع النظام نحو العنف والحلول العسكرية المنفلتة، هكذا يصبح ارتفاع وتيرة العنف والعنف المضاد هو اسم اللعبة ضمن هذا المشهد السوري الدموي المنقسم، على حساب من يدفع ثمن ذلك يومياً دون أن يكون له اعتبار في ميزان السلطة والمعارضة، وهم من يتم تهجيرهم وتدمير ممتلكاتهم. نعم، هناك من يسقطون بالعشرات كضحايا من دون ذنب.

 

بعد أن تحولت سوريا إلى مسرح لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وبيئة لجذب المقاتلين من كل حدب وصوب، تحول قسم من السوريين على طرفي الصراع إلى مجرد أدوات لتنفيذ مشاريع أو عمليات عابرة للحدود، وفي أحسن الأحوال تحولوا إلى تجار  وسماسرة على رقعة السياسة السورية لإيجاد أدوار ونفوذ لدول إقليمية.

 

في ظل هذا المشهد المريب بات الشعب السوري يعرف جيداً أن أمامه مستقبلاً مجهولاً، وأن دوامة الأزمة ستأخذه في طريق قد يطول لعدة سنوات. كما أنه يعرف جيداً أيضاً، أنه سيعيش في عالم يعج بالدمار والموت، وسيصبح مرهوناً للقمة عيشه، فاقداً للخيارات.

 

كل ما يتم طرحه من مشاريع وخطط للخروج من الأزمة من قبل الأطراف المتصارعة لا يزال بعيداً عن هموم الناس ومشاكلها التي تتمثل في إيجاد بيئة ومناخ آمن تتوفر فيه أدنى متطلبات العيش بكرامة وحرية.

 

لا يزال النظام باقياً على صلفه وعنجهيته في التعامل مع الواقع السوري وحراكه الشعبي، يعتبر  كل من يخالفه إرهابياً مرتزقاً، ويمضي في خططه بتدمير كل منطقة تحتضن ذلك الحراك، مقتنعاً بالحسم العسكري وسيلةً لإنهاء ما يعتبره مجموعات إرهابية، بل ويذهب أبعد من ذلك من خلال إعداده لإجراء انتخابات رئاسية في شهر حزيران المقبل،  وكأن شيئاً لم يكن في هذا البلد المدمر والمنقسم.

 

نجد في الطرف الآخر، المتمثل في الائتلاف والمعارضة المسلحة، استمرار خيار المراهنة على التدخل الخارجي، وفتح سوريا على مصراعيها للدول الإقليمية من أجل تقديم السلاح والعتاد، وعلى الرغم من خيبة الأمل التي منيت بها المعارضة في مطالبها وآمالها هذه، إلا أنها لا تزال تراهن على ذلك، وتؤمن بالحل العسكري في إسقاط النظام. 

 

لم يتحقق ما يريده الطرفان، وكان الخاسر الوحيد في معادلة الصراع السوري هم المدنيون الأكثر تضرراً من كل ما يجري، ولا يبدو في الأفق المنظور أن الطرفين سيقتنعان بعبث خياراتهما، أو سيأخذان معاناة الناس بحساباتهم.

 

وما يزيد الأمور تعقيداً، أن المجتمع الدولي، بكل هيئاته ومؤسساته وأطرافه وقواه، لا يبدوا متحمساً أو مستعجلاً لإيجاد حل سياسي وتفاوضي ينهي معاناة السوريين، بل يفضل أن يأخذ دور المتفرج والمراقب للتطورات العسكرية والميدانية، منتظراً نتيجتها التي قد يتصرف على أساسها فيما بعد، غاضاً بصره على آلام السوريين، ومغلقاً أذنيه عن نداءات استغاثتهم.

 

على السوريين في هذا الظرف الصعب أن يتحركوا للتخفيف من معاناتهم وإجبار الأطراف المتصارعة في الداخل والخارج على أخذ مطالبهم وحاجاتهم بعين الاعتبار، فإذا كان وقف الحرب وإيجاد حل سياسي وتحقيق الأمن في مؤخرة اهتمامات هذا العالم، فهو  على رأس مطالب السوريين، وعلى الهيئات والزعامات المجتمعية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأطراف الحريصة على الشعب في طرفي الصراع أن تعمل لفرض واقع ميداني على الأرض يرفض استمرار الحرب والاستنزاف المستمر للمجتمع والناس، وذلك لن يكون إلا ببذل المزيد من الجهود، والسعي لتنسيق وتوحيد المساعي والمحاولات، وإيجاد صيغ سياسية ومجتمعية واضحة يتم العمل على فرضها على كل الأطراف والقوى المتصارعة، وإلا فإن البلد وأهلها سيغرقان تماماً بالفوضى والضياع.

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard