حوارمع الناشطةفي الحراك السلمي والنسوي ميادةالخليل
حوار مع الناشطة في الحراك السلمي والنسوي ميادة الخليل
«المال السياسي جر السياسين غير الأكفاء أساساً ومن بعدهم الشباب
إلى أماكن بعيدة عن المصلحة الوطنية»
حاورها: بيروز بريك
- كناشطة اشتركت في بدايات الحراك الثوري أين تجدين مشروع الدولة المدنية الديمقراطية التي كنتي تنشدينها مع زملائك في بواكير هذا الحراك؟ هل نسف هذا المشروع – حسب رأيك - أم أنه ما زال قائماً؟
اشتراكي في السعي لإنجاز مشروع الدولة المدنية سابق على قيام الثورة بسنوات وتمثل بالاشتراك في ببناء حراك طلابي في جامعة حلب بين 2003-2005 كما أن الثورة – لدي - لم تكن إلا توفيراً لحيز أكبر يسع جهوداً أكبر من تلك التي ثبطها النظام في الجامعة.
بناء سوريا مدنية ديمقراطية مشروع يعتمد على إرادة شعبية ولن ينتج عن إرادة أخرى وقضية نسف هذا المشروع تعني نسف إرادة شعبية والذين يعرقلون هذا المشروع عن طريق استغلال الحاجات اليومية للناس والتحكم بمصائرهم عن طريق القوة ستظهر التناقضات الكبيرة معهم عاجلاً أم آجلا فما يهم السوريين هو أنهم خرجوا للشارع مطالبين بأن يكونوا أحراراً في اختيار مستقبلهم ومستقبل الأرض التي يعيشيون عليها وأبدعوا في التعبير عن ذلك وهذه الإرادة لا تتوفر إلا في المشروع المدني والديمقراطي.
أعتقد أن من يطرح نسف مشروع الدولة المدنية من أساسه يمحور المشروع بشخصه غير القادر اليوم على فعل شيء لمشروعه ... هنالك الكثيرون ممن يؤمنون بهذا المشروع ويعملون رغم كل المصاعب وأنا مؤمنة بهم وبقدراتهم وكان لدي حلم البقاء معهم دائماً ولم أستطع تحقيقه.
- ما الذي أدى لعرقلة مسيرة الثورة السورية حسب رأيك؟ وهل تؤيدين تسوية بين أطراف الصراع بما فيها النظام للخروج من منزلق الحرب؟
الذي أدى لعرقلة مسيرة الثورة بشكل رئيسي هو النظام الأمني الذي حكم سوريا لمدة 40 عام، واستطاع الدخول واللعب بجميع المفاصل الاجتماعية والفكرية والسياسية التي يمكن لشعب أن يجتمع عليها. إضافة للمال السياسي الذي جر السياسين غير الأكفاء أساساً ومن بعدهم الشباب إلى أماكن بعيدة عن المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى ومن ثم تم إخضاعهم لمصالح الدول التي تمول .
اليوم الأمل السوري ضعيف بالخروج من الحرب إلا على حساب أبنائه مثلما ما كان دائماً.. أنا أؤيد اي تسوية تقوم على خروج بشار الأسد من سوريا، لست متعنتة لموقف ثوري فالسوريون اليوم يعيشون ألماً أكبر من التفكير ببناء ما كان لهم وهدمه النظام لذلك يبقى خروج رمز الدمار هو الضامن الذي يمكن أن يؤدي إلى بناء ما تهدم.
- كنتِ تنشطين في بعض الأوقات ضمن بيئات الريف الدمشقي المحافظ.. ما مدى تقبل تلك الأوساط لفتاة علمانية وغير محجبة ضمن محيطهم ونطاق عملهم؟ هل تعتقدين أن الأصولية الدينية متجذرة في سوريا؟ أم أن تناميها مرهون بفترة الحرب فقط؟
دائماً عند هذا السؤال أخرج من الحالة الفكرية التي يحملها الى حالة عاطفية بحتة، تجاه إنسانية من تعاملت معهم ومدى صدقهم بالتعبير عن حب معرفة الأخر المخفي عنهم عنوة. لم أواجه بأي لقاء بـ«تشددإسلامي» في المجتمعات التي عايشتها إلا بعادات وطرق عيش هذا المجتمع التي نعرف جميعاً كيف تشكلت. كان هناك استثناءات في بعض من هم يعيشون في صلب الحالة الإسلامية ولكن هؤلاء أيضاً لم تكن ردود افعالهم تخرج عن أدب العادات السورية باستقبال الضيوف. من الذي سبق لم أقتنع ولن أقتنع بأصولية المجتمع السوري كمجتمع إسلامي متعصب.
- مررتِ بتجربة اعتقال قصيرة بعد اقتحام المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومن ثم خضعتي لمراجعات واستجوابات طويلة.. هل أثر هذا الضغط بشكل كبير على خياراتك ورهاناتك على الحراك والنشاط السلمي وكيف؟
التجربة كانت لها تأثيرها على التوازن كناشطة وإنسانة فبعد وقت طويل من حالة فقدان التوازن النفسي الذي وصلنا إليها استطعت أن ادرك خلال مراجعتي الغير قصيرة بالنسبة إلى مركز الأمن، أن النظام أراد وبشكل كبير أن نصل إلى هذه الحالة النفسية باعتقالنا وفرض المراجعات علينا فيما بعد. كنت دائماً أعزي نفسي بأنها فترة ستمر وكانت الممارسة الأشد نفعاً للعلاج هي الذهاب إلى المظاهرة ليلاً في برزة لأقوم بشتم فرع الجوية الذي كنت أراجعه.
- كيف تقيمين الجهود المبذولة في مجال تمكين المرأة ودعم مشاركتها السياسية والاجتماعية؟ وهل تؤيدين مبدأ الكوتا لتمثيل النساء في المحافل والهيئات؟
الجهود التي تبذل لدعم المراة مهمة جداً وأعتقد سيكون لها نتائجها التي لا يستقل بها للمستقبل. يمكن أن لا تكون ملموسة بسبب حالة الشعب السوري الذي يُحارب من جهات لا يمكن إحصائها، المرأة تحارب بالأضافة لهؤلاء ذكورية المجتمع الناجم عن إرث تاريخي طويل والطريق أمامها بطول هذا الإرث. نعم أؤيد الكوتا بشدة لأني أرى ودون شك بأن المرأة يمكن أن ترى زوايا غائبة عن الرجل في كثير من القضايا وهذا يستلزم حضورها في كل المحافل.
- في خضم الحرب القائمة والتجاذبات السياسية والظرف الدولي والإقليمي وتجاوز النزاع الحالة السياسية إلى نزاعات أو بوادر نزاعات أهلية ذات صبغة طائفية أو قومية، ما الطريقة التي ترينها مجدية للحفاظ على السلم الأهلي في سوريا؟
شخصياً ليس لدي أي فكرة نظرية عن السلم الأهلي الممكن، لسبب بسيط كل الأعمال التي كنت أساهم فيها بالثورة، جزء رئيسي منها هو قراءة الواقع ومدى تجاوبه للفكرة التي يمكن أن أطرحها.
أعتقد أن السلم الأهلي مسؤولية مجتمعية خارجة عن التأثر بما هو عام وقابل للتدريب. والعمل عليه يجب أن يكون من داخل المجتمع نفسه، وفي حال وجود أشخاص يريدون القيام بهذا العمل، على أساس تجارب دول سابقة عليهم أن يقتربوا من السوريين ويبدأوا بخطوات عملية بينهم. لأن التدريب المنقوص، نتائجه ليست جيدة على الأرض بل في بعض الأحيان يساهم في زيادة الاحتقان..
- لم يكن للحراك السلمي قائد أو قادة بارزون إنما كان هنالك ناشطون يتميزون ضمن بيئاتهم المحلية وكان لهم دور حقيقي إلا أنه لم يرتق إلى مستوى القيادة، هل تعتقدين أن غياب القائد الجماهيري ضمن الحراك السلمي أسهم في إجهاضه؟
ليس غياب القائد فقط ما ساعد على إجهاضه.. أعتقد أن عدم نضج السياسة الواعية لدور النشاط السلمي، والتي كانت تضع هدف الوصول إلى السلطة بأسرع ما يمكن، لدرجة جرها إلى دعم السلاح بتمويل غير مشروط كان له تأثيره الرجعي المقاوم للعمل السلمي الذي يمكن أن يشكل وعياً في المنطقة يؤثر على دول هذا التمويل. بأي حال لم تكن هنالك فرصة لأن يكون للعمل السلمي وضع أفضل ضمن كل هذه التعقيد والرغبة القوية في العنف.