info@suwar-magazine.org

أزمة المنطقة وكوارثها «باقية» و«تتمدد»!

أزمة المنطقة وكوارثها «باقية» و«تتمدد»!
Whatsapp
Facebook Share

 

 فريق صور

 

نعيش اليوم في منطقة حبلى بالمفاجآت، ولا أحد يستطيع التكهن بمجريات الأحداث والتغيرات على أرض الواقع، فقد تتبدل الحدود بين ليلة وضحاها ، وقد ترتسم حدود دول أو مناطق نفوذ جديدة، أو تتفكك الدول القائمة إلى كيانات متعددة. 


السوريون ليسوا بعيدين عن كل ما يحدث، بل هم في الواجهة وعلى الخط الأمامي في كل المعارك الدائرة بالمنطقة، وكثيراً ما تصدّر الأزمات السورية إلى دول الجوار، وتؤثر على صنع القرار على المستوى العالمي. وإذا كان هناك من يرسم خرائط جديدة للشرق الأوسط، ويطرح أفكاراً جديدة حوله، فإن ذلك لا يتم إلا بالتفاعل مع كامل التحركات والتغييرات التي تجري على أراضيه، وفي طليعتها الأحداث السورية.

 

وعلى ما يبدو فإن هذه المنطقة التي أنهكتها الحرب باتت اليوم  تغرق في مشاكل مختلفة ومعقدة يصعب حلها أو احتوائها، ولا يمكن التنبؤ بمدى خطورتها على المدى البعيد، حيث باتت المجموعات المتطرفة التي انشقت عن القاعدة أكثر خطراً مما كان يتصور الكثير، بحيث ثبت خطأ وسطحية كل المقولات التي كانت ترى أنه من السهل التخلص من هذه المجموعات بمجرد سقوط النظام، فهي تتحرك على مستوى العالم وتملك إستراتيجية واضحة تعمل وفقاً لها، وقادرة على التغلغل في بنى المجتمع الأهلي، وقد رأينا كيف فشل تحالف دولي واسع أقيم فيما مضى بإنهاء وجودها وسطوتها في بلدان كالعراق وأفغانستان واليمن.

 

في سوريا أيضاً، فشلت المجموعات المسلحة التي توصف بالمعتدلة بإنهاء وجود «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، بل أن هذه المجموعات اليوم باتت مهددة بشكل خطير، وفي قلب مراكز تواجدها ونفوذها، من توسع تلك «الدولة» وتمددها، والأحداث الأخيرة في دير الزور وريف حلب خير شاهد على تآكل قوى المعارضة المسلحة في وجه الدولة الإسلامية.

 

ورغم سخرية الكثيرين منها فيبدو أن صفة «الدولة» التي تصر عليها، قد أصبحت واقعاً متجسداً على الأرض، وتمتد لتشمل  مناطق  مترامية الأطراف، تقع تحت سيطرتها وقوانينها ومنهجها، في كل من سوريا والعراق. وما زالت «الدولة» تسير في تنفيذ مخططها، وهي في طور التمدد والتوسع إلى بقية المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، أو لحكومة المالكي في العرق. وهذا يضع الجميع  في ورطة، ويفرض واقعاً جديداً سيغير ملامح المنطقة، وينسف معه  حدود الكيانات السياسية التي خرجت من عباءة اتفاقية «ساكس بيكو».

 

إذا استمر الحال على ما هو عليه فستتحول المنطقة برمتها إلى بؤرة لاستقطاب كل المتشددين والمتطرفين  حول العالم، وهذا ما قاله «أمير المؤمنين» البغدادي في آخر كلمة صوتية له، إذ دعا بلا مواربة كل «المسلمين الصادقين» للهجرة إلى «دولة الخلافة». إنها دولة «المجاهدين» حول العالم التي طال انتظارها، وهم لن يفوتوا الفرصة.


لا يمكننا أن نعرف الأسلوب الذي تفكر به مراكز صنع القرار في الدول الكبرى، أو مصادر المعلومات التي تملكها والتي تخطط على أساسها، ولكنها بالتأكيد ترتكب خطأ استراتيجياً، وربما تاريخياً، قد لا يمكن إصلاحه، نتيجة أسلوبها السلبي في التعامل مع المخاطر التي  تحدق بالمنطقة، منذ تراخيها في فرض الحل السياسي في سوريا، وإهمالها لنتائج السيطرة الفئوية غير الديمقراطية في العراق، وسكوتها عن الأزمة الإنسانية والاجتماعية والديموغرافية في كامل المنطقة، والتي استفحلت نتيجة استمرار الحرب الوحشية في سوريا وتهجير السوريين إلى دول الجوار.

 

سوريا والعراق ولبنان وتركيا وكل دول المنطقة اليوم على صفيح ساخن، وإذا لم تتحرك القوى الفاعلة على المستوى الدولي والإقليمي فإن المنطقة ستصبح الثقب الأسود الذي يبتلع ما حوله، ويهدد الأمن والاستقرار على مستوى العالم بأسره. 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard