info@suwar-magazine.org

اللاجئون السوريون والتعليم: مبادراتٌ لا تكفي لجيلٍ يتهدّده الجهل

اللاجئون السوريون والتعليم: مبادراتٌ لا تكفي لجيلٍ يتهدّده الجهل
Whatsapp
Facebook Share

 

 

 

نبال أحمد

 

لا يبدو أن إقامة اللاجئين السوريين في دول الجوار ستكون خاطفةً أو بالغة القصر، فقد أنهى بعض السوريين عامهم الثالث في ظلّ اللجوء، مما يرتّب الكثير من التحديات والمصاعب على الناس لمواصلة حياتهم وتسيير شؤونها. فقضايا اللجوء لم تعد مقتصرةً على الإغاثة وتأمين الطعام والشراب للاجئين، بل لا بدّ من العناية بأولويات الحياة الاجتماعية لديهم، وفي مقدمتها التعليم.

 

ترك آلاف الأطفال السوريين مدارسهم وهربوا إلى دول الجوار، وبقاؤهم بلا تعليمٍ جريمةٌ ستؤثر على مستقبل البلاد، فما هي الجهود المبذولة لتجنيب هؤلاء الأطفال مأساة الجهل والأمية؟!

 

90 ألف طفلٍ خارج المدارس في الأردن

 

ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف"، في تقريرها الصادر في الثاني من أيار عام 2014، أن "حوالي ستين ألف طفلٍ سوريٍّ في الأردن باتوا غير مؤهلين للعودة للتعليم بعد انقطاعهم عنه لسنوات، من بين نحو تسعين ألف طالبٍ سوريٍّ فاتهم التعليم بسبب اللجوء إلى الأردن".

 

وقال التقرير: "التحق نحو 110 آلاف طالبٍ من أصل 200 ألف طالبٍ لجأوا إلى الأردن بالمدارس الحكومية. الأطفال يشكلون نحو ثلث اللاجئين السوريين في الأردن البالغ عددهم 600 ألف لاجئٍ توافدوا إلى البلد منذ آذار 2011، حسب إحصائيات الأمم المتحدة".

 

 وأضاف التقرير: "نحو 60 ألف طفلٍ سوريٍّ تُفضِّل عائلاتهم إبقاءهم في المنازل لأسبابٍ متنوّعة، ومعظم هؤلاء الأطفال لم يعودوا مؤهّلين للالتحاق بالمدارس لانقطاعهم الطويل عن العملية التعليمية، وهم بحاجةٍ لإعادة التأهيل بشكلٍ عاجلٍ قبل دخولهم للمدرسة".

 

ونبّه التقرير إلى وجود أكثر من 28 ألف طفلٍ سوريٍّ لا يذهبون إلى المدارس إلا أنهم مؤهلون للالتحاق بالمدارس فوراً، ولكن عائلاتهم ترفض إلحاقهم بها لأسبابٍ منها الخوف عليهم، أو عدم استقرار العائلة في مكان سكنٍ محدّدٍ، أو انشغالهم بمصاعب اللجوء وعدم معرفتهم بالطرق وكيفية الوصول إلى المدارس.

 

 

وتخطّط اليونسيف هذا العام، مع شركائها، إلى الوصول إلى 30 ألف طفلٍ سوريٍّ في الأردن ممن هم موجودون في البيوت، من خلال برامج التعليم غير الرسميّ ودورات التقوية الدراسية.

 

المدارس في لبنان

 

تشير الإحصائيات غير الرسمية إلى أن عدد الأطفال السوريين في لبنان بات أكثر من عدد الأطفال اللبنانيين. ويقوم نظام التعليم في لبنان على التعليم الخاصّ، وعدد المدارس الحكومية قليل. وأغلب اللاجئين لا يستطيعون تسجيل أطفالهم في المدارس الخاصّة، بسبب ارتفاع أجورها التي تصل إلى 70 دولاراً شهرياً.

 

وتواجه الطلاب السوريين مشكلةٌ أساسيةٌ أخرى، وهي أن المواد العلمية، كالرياضيات والعلوم،  تدرَّس باللغتين الإنكليزية والفرنسية في المدارس اللبنانية. 

 

تبذل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR جهوداً لدفع الأقساط الدراسية للطلاب اللاجئين في المدارس اللبنانية، ومع ذلك فهي لا تغطّي إلا نسبةً قليلةً، بسبب القدرة الاستيعابية القليلة للمدارس.

 

وكانت الحكومة اللبنانية وعدت سابقاً بمعاملة الطالب السوريّ كالطالب اللبنانيّ، ولكن قلة المدارس تمنع ذلك.

وتواجه الطالب السوريّ مشاكل إضافيةٌ أخرى، كاجتياز امتحانات القبول في المدارس. فهذه الامتحانات تُجرى باللغة الإنكليزية، والتعليم في سوريا بالعربية، الأمر الذي منع الكثير من الطلاب من اجتياز الامتحان والدخول إلى المدرسة.

 

وقد قامت بعض قوى المعارضة بإنشاء "المجلس التربويّ السوريّ في لبنان"، الذي حدّد منطلقاته بما يلي: "حقّ التعليم حقٌّ مقدّسٌ وأساسيٌّ للطالب السوريّ أينما كان. وبالتالي يجب السعي لتأمين التعليم المجانيّ للطلاب السوريين في لبنان، والإشراف على تعليمهم ليكون على مستوى التحديات المرحلية، ولكافة المستويات التعليمية".

 

 

أما الأهداف التي يسعى المجلس إليها فهي: "السعي لتأمين التعليم للطلاب السوريين في لبنان مجاناً، والإشراف على العملية التربوية والتعليمية، وتنقيح المناهج من شوائب النظام،  واعتماد مناهج عصريةٍ متطوّرةٍ ترتكز على مفاهيم الوعي والتربية والأخلاق والعلم، وتأمين كادرٍ تعليميٍّ متخصّصٍ من السوريين للقيام بهذه المهمة، وتأمين الدعم النفسيّ والاجتماعيّ للطلاب السوريين، والسعي لتأمين متابعة التحصيل العلميّ للطلاب الجامعيين السوريين في لبنان، والاهتمام بالطلاب المعوقين والعمل على إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع" .

 

كما قام عددٌ من المنظمات الإنسانية الدولية بافتتاح مدارس جديدةٍ تدرّس المنهاج السوريّ، وحتى اللحظة لم تعترف الحكومة اللبنانية بهذه المدارس بسبب الاختلاف الكبير بين المنهاجين.

 

نجدة ناو وتجارب التعليم

 

تعمل منظمة نجدة ناو الإغاثية مع اللاجئين السوريين في منطقة مخيم شاتيلا. يقول الأستاذ علي الشيخ، أحد العاملين في المنظمة، لمجلة "صور": "افتتحنا مركزاً للتعليم بتمويلٍ من الحكومة النرويجية. لدينا 200 طفلٍ في المدرسة وخمسة آلاف طفلٍ لاجئٍ في المنطقة. للأسف لا نستطيع استيعاب جميع الطلاب. نحاول عبر الجمعيات الخيرية والإغاثية تغطية العجز، فمثلاً قامت مؤخراً مؤسسة "رضا سعيد" التعليمية الخيرية بتمويل مدرسةٍ في سهل البقاع".

 

وعن وضع الطلاب يقول الشيخ: "للأسف، عدا عن الظروف المادية السيئة للاجئين، هناك ظروفٌ نفسيةٌ صعبةٌ يعاني منها الطلاب، كعدم الاستقرار في مكانٍ واحد، وعدم المرونة في التكيّف مع الظروف المعاشية الجديدة في مخيمات اللجوء".

 

الحكومة السورية المؤقتة والتعليم

 

عانى الطلاب من حملة الشهادة الثانوية السورية التي أصدرتها هيئة التعليم التابعة للائتلاف، في العام الدراسيّ الماضي، نتيجة الامتحانات التي أجرتها في الداخل السوريّ وفي بعض دول اللجوء، من صعوباتٍ كبيرةٍ في تعديل شهاداتهم تمهيداً للتسجيل في الجامعات، إضافة إلى مشاكل أخرى تتعلق بالمناهج والتعليم الجامعيّ.

وترتب على عدم تعديل هذه الشهادات عدم اعتراف أية دولةٍ بها، باستثناء ليبيا، التي اقتصرت في ذلك على الطلاب الذين درسوا منهاجها الدراسيّ.

 

وسبق للحكومة التركية أن أصدرت قراراً يقضي بالاعتراف بالشهادات السورية، لكن بعض المؤسسات التعليمية في المدن التركية أوقفت العمل بالقرار، وكان نتيجة ذلك عدم تمكن أغلبية الطلاب من الدراسة في الجامعات.

 

وبشأن هذا الموضوع، قال وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، محي الدين بنانة، في تصريحٍ لـ"لجزيرة نت": "إن الوزارة، التي بدأت عملها حديثاً، تلقت وعوداً من وزارة التربية التركية بإعادة تفعيل قرار الاعتراف بالشهادة الثانوية التي درس حاملوها المنهج السوريّ المعدّل".

 

وإضافةً إلى ذلك، أكد الوزير أن وزارته بذلت جهوداً لكي تنال اعتراف فرنسا بالشهادات الثانوية للطلاب السوريين، مما يفتح المجال لاعتراف دول الاتحاد الأوروبيّ بها، وبالتالي فتح المجال أمام الطلاب للدراسة في الجامعات الأوروبية، بعد تلبية الشروط الخاصة بالتسجيل في كل جامعة.

 

وردّاً على سؤالٍ بشأن توحيد مناهج التدريس في مدارس الداخل الخاضعة لسيطرة المعارضة ومدارس السوريين في دول اللجوء، أكد الوزير أن العام القادم سيشهد اعتماد المنهج السوريّ المعدّل برنامجاً موحّداً لكلّ الطلاب في كلّ المدارس.

 

ويعلّق الأستاذ بلال، مدرّس الفيزياء اللاجئ من مدينة الرقة إلى مدينة أورفا التركية، على هذه التصريحات بالقول: "حتى اليوم، تبدو الجهود المبذولة من قبل وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة ضعيفةً، نتيجة ضعف التمويل والبيروقراطية التي تعاني منها الحكومة. هناك أخطاءٌ فادحةٌ ارتكبت، وخصوصاً قرار تغيير المنهاج".

 

ويضيف: "لا أرى أيّ مبرّرٍ لطباعة 4 مليون كتابٍ مدرسيٍّ جديدٍ وتحميل الحكومة المؤقتة أعباءً ماديةً عالية. المنهاج السوريّ أيام النظام على سويةٍ علميةٍ مرتفعة. كان حريّاً بالحكومة أن تحافظ عليه وتحذف منه مادة التربية القومية فقط".

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard