info@suwar-magazine.org

المجالس المحلية بين الدور الخدمي وتجاذبات السياسة

المجالس المحلية بين الدور الخدمي وتجاذبات السياسة
Whatsapp
Facebook Share

 

*كاروان آرام 

 

هل من دور سياسي مرتقب للمجالس للمحلية؟  


خلّف الصراع الدائر في سوريا وانحسار سلطة النظام عن مناطق واسعة فراغاً إدارياً وسياسياً في العديد من المناطق والقرى والبلدات، مما دفع بالعديد من الناشطين والقيادات المحلية إلى إنشاء مجالس محلية جاهدت وما تزال لتوفير الخدمات الأساسية من ماء و كهرباء وأعمال إغاثة، غير أنها اصطدمت بتحديات كبيرة داخلياً وخارجياً، حيث تعزو دراسة أجرتها مؤسسة مينابوليس الصعوبات والعوائق القائمة أمامها إلى الصراعات الداخلية على السلطة بشان قضايا التمثيل والتي تحدّ من قدرة المجالس على الإدارة المحلية وتحول دون تحويلها إلى هيئات فاعلة في تأمين الخدمات وتسيير النواحي الضرورية للمواطنين.
يقول مروان معلوف ممثل مؤسسة مينابوليس في معرض حديثه عن أهمية المجالس المحلية وضرورة دعمها وتطويرها: "إن المجالس المحلية تجربة فريدة من نوعها في سوريا، ومن أجل ذلك أجرينا دراسة عن هذه المجالس بغية التوصل إلى معرفة واقعها، وأردنا فتح حوار بين السوريين من أجل أن يقرروا بأنفسهم ما هو النموذج الأفضل الذي يمكن لهم العمل عليه في هذا المجال، كما أن الدراسة وضعت توصيات والأمر متروك للمجالس والناشطين".


وقد خلصت الدراسة سابقة الذكر إلى مجموعة من التوصيات والاستنتاجات خص بها الائتلاف المعارض والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، تتضمن تأمين الخدمات الأساسية للبلديات لإيجاد مأسسة لبنى إدارة الحكم المحلية وتوطيد العلاقة بين المعارضة الخارجية وتلك الموجودة داخل البلاد من أجل بسط سلطتها وامتلاكها لعملية صنع القرار.


وفي هذا المجال حاول الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية جذب تلك المجالس من خلال إنشاء وحدة المجالس المحلية ووحدة تنسيق الدعم في بداية 2013 هادفاً من وراء ذلك إلى زيادة تأثيرها وربط عمل المجالس الادارة المحلية بالائتلاف ربطاً مباشراً حسب ما صرح به ممثلوه.


أجرت مجلة صور استطلاعاً للرأي على هامش ندوة نظمتها مينابوليس في مدينة غازي عنتاب بخصوص عمل المجالس المحلية والتحديات التي تواجهها، وأخذت آراء عينة من رؤساء مجالس الإدارة المحلية حول إمكانية أن تؤدي هذه المجالس دوراً سياسياً في المرحلة المقبلة وأن تتجاوز دورها الخدمي وبشكل خاص بعد أن أصدرت العديد من المجموعات المسلحة المقاتلة بياناً ترفض فيها الأعتراف بالائتلاف الوطني ممثلاً لها في الخارج.


وقد تباينت الآراء حول عمل المجالس المحلية وماهية وطبيعة هذه المجالس وما إذا كانت قادرة على لعب أدوار سياسية أم لا في المرحلة الحالية والمقبلة، وحول أبرز المعوقات التي تعترض سبيلها.
يقول مروان عيدي رئيس مجلس مدينة عامودا المحلي في هذا الصدد: " إن المجلس المحلي في عامودا هو مجلس سياسي أساساً، تابع لمجموعة من الأحزاب الكردية وبعض التنسقيات والشخصيات المستقلة التي اتفقت في ما بينها على تشكيل هذا المجلس وهو يلعب دوراً سياسياً" .


ويضيف عيدي شارحاً خصوصية تشكل المجالس التابعة للمجلس الوطني الكردي عن غيرها:"عوّل الشعب على مجالسنا هذه في جميع الجوانب السياسية والخدمية والاجتماعية، إلا أننا لم نكن في المستوى المطلوب بسبب الخلافات السياسية بين أطراف الحركة الكردية في المناطق الكردية، لذلك لم تفعل دورنا بالشكل المطلوب". ويرى عيدي أن قيام الدولة المدنية التعددية الديمقراطية التي نطمح إليها كفيلٌ بتحويل هذه المجالس إلى مجالس خدمية فقط بحيث ينفصل الجانب السياسي عن الخدمي.


يختلف نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة سراقب أسامة الحسين في وجهة نظره مع مروان عيدي في أن تكون هذه المجالس قادرة على تأدية دور سياسي في المرحلة الحالية بقوله: "من المستحيل أن تلعب المجالس المحلية دوراً سياسياً لأن خدمة المجتمعات المحلية في "المناطق المحررة" يتطلب حجم عمل كبير جداً ومجالسنا هي عبارة عن تطوع عدد من الأشخاص في محاولة لمل الفراغ الذي خلفه انسحاب الدولة، وهو ما يزال عمل غير مؤسساتي ولا يوجد جهات رقابية لمتابعة عملها فكيف لها ان تلعب هذا الدور".


لكنه يرى على خلاف عيدي أن هذه المجالس ربما تكون قادرة على لعب هذا الدور مستقبلاً إذا ما أصبحت هناك تأطير للعمل المؤسسات وترابط بين المجالس المحلية والائتلاف ووحدة تنسيق الدعم ACU.
ويبقى وضع المجالس المحلية مختلفاً في المناطق والمحافظات التي لا تزال تحت سيطرة النظام كما الحال في محافظة حماة التي يعمل فيها المجلس المحلي بشكل سري نتيجة الوضع الأمني، وأستطاع أنجاز العديد من المهام مثل التوافق بين الهيئات والقوى الثورية والمجالس العسكرية لتشكيل لجنة عليا للمحافظة وفق ما صرح به صلاح الدين الحموي رئيس مجلس محافظة حماة وعضو الائتلاف الوطني، يقول الحموي: "نحن من خلال عملنا في هذه المجالس نحاول التواصل مع الهيئات العسكرية والقوى الثورية الموجودة من أجل جمعهم في لجنة عليا للمحافظة وفي هذه الحالة يمكن لهذه المجالس ان تلعب دوراً سياسياً". ويرى من الصعوبة بمكان أن تلعب المجالس المحلية بمفردها أدوارأ سياسية وإن كان ممثلوا المجالس المحلية يمارسون هذه الأدوار حتى مع عدم وجود تصور عام أو مرجعية، ويضيف الحموي: "ربما يكون للمجالس نفسها هذا الدور إذا توفرت الإرادة لكن بالتنسيق مع الحراك وبذلك نستطيع ان نؤسس لقيادة عام في سوريا".


تعتبر محافظة حلب أحدى المحافظات التي تشكل فيها مجلس محافظة بعد إجراء انتخابات في مدينة غازي عنتاب التركية، شارك فيها ممثلون عن كافة المناطق المحافظة والتي يعتبرها بعض المعارضين تجربة فريدة من نوعها، غير أن رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب أحمد عزوز يقول: "ان تشكيل هذه المجالس جاء على خلفية الفراغ الذي حدث في المنطقة ولا يمكن لها أن تلعب أدواراً سياسية إلا اذا توفرت لها مظلة سياسية" ويضيف في معرض حديثه: "قد تحدث مشكلة إذا ما قرر كل مجلس أن يلعب دوراً سياسياً مع غياب المرجعية السياسية".


بعد استطلاعنا أراء شريحة من رؤساء المجالس المحلية حول إمكانية أن تلعب هذه المجالس أدواراً سياسية حاولنا أن نتعرف على طبيعة العلاقة القائمة بين هذه المجالس والائتلاف الوطني، المعارض شكري إدريس ممثل وحدة الإدارة المحلية في الائتلاف وضح أن المجالس المحلية هي وحدات خدمية وليست لها علاقة بالتجاذبات السياسية الموجودة.


يقول إدريس: "بعض الأطراف الإسلامية واليسارية تحاول الضغط عبر الورقة الخدمية في (المناطق المحررة) من أجل تسييس الأمور، أما بالنسبة لنا كوحدة دعم الإدارة المحلية في الائتلاف نعمل مع هذه المجالس على تحسين الخدمات المقدمة من قبلهم للمواطن وتحسين أدائهم وتمثيلهم على الأرض فقط ولسنا جهة رقابية على هذه المجالس، لأن هذه المجالس منتخبة من قبل الشعب وهو الوحيد من يحق له مراقبة هذه المجالس".


لكن الناشط عبدالله اللبواني يرى أن الائتلاف نفسه يحاول تسييس الورقة الخدمية والدعم المقدم من قبله للمجالس المحلية، يقول: "ما يحدث اليوم هو محاولة من الائتلاف في التعامل مع المجالس المحلية على أساس أنها قاعدته الشعبية في الداخل والتي يتحدث باسمها ويتم استغلالها سياسياً".


وفي النهاية أجمعت كل الآراء على أن المجالس المحلية غير قادرة على أن تؤدي أية أدوار سياسية في الوضع الراهن لعدة أسباب، منها ما يتعلق بالوضع الأمني ومنها ما يتعلق بتلبية الاحتياجات الأساسية وقد تكون أخطر تلك الاسباب التطرف الحاصل في مناطق عديدة والذي يعادي بضراوة تشكيل بنية حقيقية لدولة مدنية يتأملها الشعب المجتمع السوري بالإضافة الى المال السياسي المرتبط بالأجندات السياسية.

 

 

الكتاب

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ
هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ

تابعنا على الفيسبوك
إعلان
حقوق النشر © 2019 جميع الحقوق محفوظة للمجلة، تم التطوير من قبل شركة Boulevard